المحتوى الرئيسى

حسام جابر يكتب: يا باغي الخير أقبل [2-2] | ساسة بوست

06/20 17:01

منذ 50 دقيقه، 20 يونيو,2015

بعد ان تحدَّثنا عن فرصه العام في رمضان، وفضلِ الاجتهاد في شَهر رمضان المبارك بالعباده، وفضائل المسلِم في شهر رمضان المبارك[1] نتحدَّث اليوم بحولِ الله وقوَّته عن بعضِ فضائل شهر رمضان المبارك.

1- هدايه البشريه كانت في شهر رمضان

قال تعالي: ﴿ اِنَّ هَذَا الْقُرْانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ اَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ اَنَّ لَهُمْ اَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الاسراء: 9]، قال صاحب الظلال: “﴿ اِنَّ هَذَا الْقُرْانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ اَقْوَمُ ﴾ [الاسراء: 9] هكذا علي وَجه الاِطلاق فيمن يهديهم وفيم يهديهم، فيشمل الهدَي اقوامًا واجيالًا بلا حدودٍ من زمان او مكان، ويشمل ما يهديهم اليه كلُّ منهج وكل طريق، وكلُّ خير يهتدي اليه البشرُ في كلِّ زمان ومكان”[2].

فالقرأن الكريم هو هِدايه الله للانسان في كلِّ زمان ومكان، فمتي نزلَ هذا الكتاب الهادي علي خاتم الانبياء؟

قال تعالي: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي اُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْانُ هُدًي لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَي وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقره: 185].

وشرَّف الله هذا القران بان جعل له ثلاثه انزالات:

الانزال الاول: الي اللَّوح المحفوظ، ودليله قول الله سبحانه: ﴿ بَلْ هُوَ قُرْانٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [البروج: 21، 22].

الانزال الثاني: كان الي بيتِ العِزَّه في السماء الدنيا، والدليل عليه قول الله سبحانه: ﴿ اِنَّا اَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَهٍ مُبَارَكَهٍ ﴾ [الدخان: 3]، وقوله: ﴿ اِنَّا اَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَهِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1]، وقوله: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي اُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْانُ ﴾ [البقره: 185]، دلَّت هذه الايات علي انَّ القران اُنزل في ليلهٍ واحده توصَف بانَّها مبارَكه اخذًا من ايه الدُّخان، وتسمَّي ليله القَدْر اخذًا من ايه سوره القَدْر، وهي من ليالي شهر رمضان اخذًا من ايه البقره، وانَّما قلنا ذلك جمعًا بين هذه النُّصوص في العمل بها، ودفعًا للتَّعارض فيما بينها.

الانزال الثالث: كان علي قلبِ النبي صلي الله عليه وسلم بواسطه جبريل عليه السلام: وهو المرحلهُ الاخيره التي منها شعَّ النُّور علي العالَم، ووصلَت هدايه الله الي الخَلْق، وكان هذا النزول بوساطه اَمين الوَحْي جبريل يَهبط به علي قلبِ النبي صلَّي الله عليه وسلم، ودليله قول الله تعالي مخاطِبًا رسوله صلَّي الله عليه وسلم: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْاَمِينُ * عَلَي قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 193 – 195] [3].

وكما اصطفي الله تعالي شهرَ رمضان لانزال القران فيه، اصطفاه ايضًا لانزال غيرِه من الكتب السماويَّه؛ روي اَحمد عن واثِلَه بن الاَسْقع انَّ رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: ((اُنزلَت صُحُفُ ابراهيم عليه السَّلام في اول ليلهٍ من رمضان، واُنزلَت التَّوراهُ لستٍّ مَضين من رمضان، والانجيلُ لثلاث عشره خلَت من رمضان، واُنزل الفُرقانُ لاربعٍ وعشرين خلَت من رمضان))[4]، قال المناوي: “انَّ ما ذَكر مِن انزاله في تِلك الليله اراد به انزاله الي اللَّوح المحفوظ؛ فانَّه نزل عليه فيها جُملَه، ثمَّ انزل منه منجَّمًا في نيِّف وعشرين سَنَه، وسرُّه – كما قال الفخر الرازي – انَّه لو نزلَ جمله واحده لضلَّت فيه الافهام وتاهَت فيه الاوهام: ﴿ لَوْ اَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْانَ عَلَي جَبَلٍ لَرَاَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَهِ اللَّهِ ﴾ [الحشر: 21]، فهو كالمطَر لو نزلَ دفعهً لقلع الاشجارَ وخرَّب الدِّيار”[5].

يهتم الكثيرون مِنَّا بمتابعه التغيِيرات والتحوُّلات التي تَجري من حولنا، فمنَّا مَن يهتم بالتغيُّرات الاقليميه، ومنَّا من يهتم بالتغيُّرات العالميَّه، ولكن التغيرُّات الكونيَّه لا يرقبها الاَّ المؤمنون.

روي الترمذي عن ابي هريره قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((اذا كان اوَّلُ ليلهٍ من شهر رمضان صُفِّدَت الشَّياطينُ، ومرَدَهُ الجنِّ، وغُلِّقَت ابوابُ النَّار، فلم يُفتح منها بابٌ، وفُتِّحت ابوابُ الجنَّه، فلم يُغلَق منها بابٌ، ويُنادي مُنادٍ: يا باغِي الخير اَقبل، ويا باغِي الشَّرِّ اَقصر، ولله عُتَقاءُ من النار، وذلك كُلَّ ليلهٍ))[6].

ا – صُفِّدَت الشياطين ومَرَدَه الجن

قال القرطبي: “فان قيل: كيف نري الشرورَ والمعاصي واقعه في رمضان كثيرًا؟ فلو صُفِّدت الشياطين لم يقع ذلك، فالجواب: انها انَّما تقلُّ عن الصائمين الصَّومَ الذي حوفِظ علي شروطه وروعِيَت ادابه، او المصفَّد بعضُ الشياطين كما تقدَّم في بعض الروايات؛ يعني: روايه الترمذي والنسائي؛ وهم المرَدَه لا كلهم، او المقصود تقلِيل الشرور فيه، وهذا امرٌ محسوس؛ فانَّ وقوع ذلك فيه اقل من غيره؛ اذ لا يلزم من تصفيد جميعِهم ان لا يقع شرٌّ ولا معصيه لان لذلك اسبابًا غير الشياطين كالنفوسِ الخبيثه والعادات القبيحه والشياطين الانسيَّه”[7].

ولئن صُفِّدت شياطين الجنِّ فشياطين الانس مطلَقه! وقد اعدُّوا العدَّه لنا في رمضان حتي جعلوه الشهرَ الذي تُعرض فيه المسلسلات!

ب – ((وغُلِّقت ابواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت ابواب الجنه فلم يغلق منها باب)):

ما فائده ان يَذكر لنا النبيُّ صلي الله عليه وسلم انَّ ابواب الجنه تُفتح في رمضان وابواب النار تُغلق في رمضان؟

اقول – والله اعلم -: في هذا فائدتان:

الاولي: تجديد الايمان في القلوب بالجنه والنار، وانهما مخلوقتان الان؛ قال تعالي عن الجنه: ﴿ وَجَنَّهٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْاَرْضُ اُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [ال عمران: 133]، وقال تعالي عن النار: ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي اُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [ال عمران: 131]، فهما موجودتان الان ومعدَّتان.

والاخري: انَّ غايه الانسان في هذه الحياه الدنيا ان يُدخله الله الجنهَ ولا يدخله النار، ورُوي انَّ النبي صلي الله عليه وسلم كان يخطب في اصحابه قائلًا: ((لا تَنْسَوا العَظيمَتينِ: الجنَّهَ والنارَ))[8]، فغايه المسلم هي ان يَدخل الجنَّه وان ينجو من النار، فكانَّ شهر رمضان المبارك يختصر لك الطريقَ نحو الغايه، فالجنه التي تَرغب في دخولها مفتحه الان في رمضان، والنار التي تريد ان تنجو منها مغلقه الان في رمضان، ومرده الجن في الاغلال مقيدون! فنحن نعمل في هذه الدنيا واعيننا هناك، وما ادراك ما هناك؟! هناك ما لا عينٌ راَت، ولا اذن سمعَت، ولا خطر علي قلب بشَر.

ج- ((وينادي منادٍ: يا باغِي الخير اقبل، ويا باغِي الشرِّ اَقْصر)):

قال المناوي: “((وينادي مناد))؛ اي: ملَك، او المراد انه يلقي ذلك في قلوب من يريد الله اقباله علي الخير، ((كلَّ ليله: يا باغي الخير هلمَّ))؛ اي: يا طالبَه اقبِل؛ فهذا وقت تيسُّر العباده وحبس الشياطين، او يا طالب الثواب اقبِل؛ فهذا اوانك فانَّك تعطي ثوابًا كثيرًا بعمل قليل لشرف الشهر، ((ويا باغِي الشرِّ اقصر))؛ فهذا زمن قبول التَّوبه والتوفيق للعمل الصالح، ((ولله عتقاء من النار)) لعلك تكون من زمرتهم”[9].

يا باغِي التوبه اقبِل جاء رمضان

يا باغِي الرحمه اقبِل جاء رمضان

يا باغي الزوجه اقبِل جاء رمضان

يا باغي الذرِّيه اقبِل جاء رمضان

يا باغي الرزق اقبِل جاء رمضان

يا باغي الخير اقبِل جاء رمضان

من لم يتب في رمضان، متي سيتوب؟!

من لم يتغيَّر في رمضان، متي سيتغير؟! اقبِل جاء رمضان!

د – ((ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليله)):

اي: ولله عتقاء كثيرون من النار، فلعلَّك تكون منهم، ((وذلك)) قال الطيبي: اشار بقوله: “ذلك” امَّا للبعيدِ وهو النداء، وامَّا للقريب وهو لله عتقاء، ((كل ليله))؛ اي: في كلِّ ليله من ليالي رمضان[10].

2- ثلاثون دعوه مستجابه او ثلاثون يومًا للاجابه!

روي الترمذيُّ عن ابي هريره، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((ثلاثٌ لا تُردُّ دعوتُهم: الامامُ العادِل، والصائمُ حين يُفطر، ودعوهُ المظلُوم؛ يرفعُها فوقَ الغمام، وتُفتح لها ابوابُ السماء، ويقولُ الرَّبُّ عز وجل: وعزَّتي لانصُرنَّكِ ولو بعد حينٍ))[11]، وفي بعض الروايات ((الصائمُ حتَّي يُفطر)).

قال الدميري: يستحبُّ للصائم ان يدعو في حال صومِه بمهمَّات الاخره والدنيا، له ولمَن يحب وللمسلمين؛ لهذا الحديث…، فيقتضي استحباب دعاء الصائم من اولِ يومه الي اخره؛ لانَّه يسمي صائمًا في كل ذلك[12].

عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((انَّ لله تبارك وتعالي عُتقاء في كُلِّ يومٍ وليلهٍ – يعني: في رمضان – وانَّ لكلِّ مسلمٍ في كلِّ يومٍ وليلهٍ دعوهً مُستجابهً))[13].

فقد يحدث ان يهتمَّ البعض بالاجتهاد في ليالي رمضان فقط بالعباده دون النَّهار، بحيث ينشَط في العباده ليلًا ويفتر عنها نهارًا، او قد يحدث العكس! ولكن هذا الحديث يبيِّن لنا انَّ اوقات العتق من النَّار واجابه الدعوات تشمل ايام وليالِي رمضان علي حدٍّ سواء، فكل لحظه في رمضان لها ثَمَن.

قال الاستاذ: خير الدين وانلي رحمه الله تعالي:

رمضانُ اقبلَ يا اُولي الالبابِ

عامٌ مضي من عمْرِنا في غفْلهٍ

فاجورُ من صَبَروا بغير حسابِ

مِنْ اَجلِهِ سَخِروا بكلِّ صعابِ

روي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان النَّبي صلي الله عليه وسلَّم اجود النَّاس بالخير، واجودُ ما يكُونُ في شهر رمضان؛ لانَّ جبريل كان يلقاه في كُلِّ ليلهٍ في شهر رمضان حتي ينسلخ، يعرضُ عليه رسُولُ الله صلي الله عليه وسلَّم القُرانَ، فاذا لقيه جبريلُ كان اجودَ بالخير من الرِّيح المُرسَله”[14]، والمراد بـ “الريح المرسَله” كالريح في اسراعها وعمومها.

قال النووي: “وفي هذا الحديث فوائد، منها: بيان عظم جودِه صلي الله عليه وسلم، ومنها: استحباب اكثار الجود في رمضان، ومنها: زياده الجود والخير عند ملاقاه الصالحين وعقب فراقهم للتاثُّر بلقائهم، ومنها: استحباب مدارسه القران”[15].

روي احمد عن عبد الله بن عمرو، انَّ رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: ((الصيامُ والقُرانُ يشفعان للعبد يوم القيامه؛ يقولُ الصيامُ: اي ربِّ منعتُه الطعامَ والشهوات بالنهار فشفِّعني فيه، ويقُولُ القُرانُ: منعتُه النومَ بالليل فشفِّعني فيه، قال: فيُشفَّعان))[16].

قال المناوي: “وهذا القول يحتمل انَّه حقيقه بان يجسَّد ثوابهما ويخلق الله فيه النُّطق: ﴿ وَاللَّهُ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقره: 284]، ويحتمل انَّه يوكِّل ملَكًا يقول عنهما، ويحتمل انه علي ضرب من المجاز والتمثيل”[17].

فللمسلم في رمضان صَديقان؛ صديق بالنهار يساعده علي مخالفَه نفسه وهواه، وتزكو به نفسُه؛ الا وهو الصيام، وصديق اخر بالليل – بعد ان هيَّا له الصديقُ الاول الامرَ – يقوده الي ربِّ العالمين؛ الا وهو القران الكريم.

6- كم مرهً ستصوم في رمضان هذا العام؟

روي الترمذي عن زيد بن خالد الجُهني قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((من فطَّر صائمًا كان له مثلُ اجره، غير انَّه لا ينقص من اجر الصَّائم شيئًا))[18]. فينبغي لكلِّ واحدٍ منَّا ان يسال نفسه: كم مره سنصوم في رمضان هذا العام؟

7- عمره في رمضان = حجَّه مع الرسول

روي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لامِّ سنان الانصاريه: ((فانَّ عُمرهً في رمضان تقضِي حجَّهً))، او ((حجَّهً معِي))[19].

قال النووي: “((تقضي حجَّه))؛ اي: تقوم مقامها في الثواب، لا انَّها تعدلها في كلِّ شيء؛ فانَّه لو كان عليه حجَّه فاعتمر في رمضان لا تُجزئه عن الحجَّه”[20].

روي البخاري عن ابي هريره رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((قال الله: كُلُّ عمل ابن ادم له، الا الصيام؛ فانَّه لي وانا اجزي به، والصِّيامُ جُنَّهٌ، واذا كان يومُ صوم احدكُم فلا يرفُث ولا يصخب؛ فان سابَّه احدٌ او قاتلَه، فليقُل: انِّي امرُؤٌ صائمٌ))[21].

ا- ((كل عمل ابن ادم له الاَّ الصيام فانه لي وانا اجزي به))

قال الشيخ ابن عثيمين: “والمعني: انَّ الصيام يختصه الله سبحانه وتعالي من بين سائر الاعمال؛ لانَّه – اي: الصيام – اعظم العبادات اطلاقًا؛ فانه سرٌّ بين الانسان وربِّه؛ لان الانسان لا يُعلم اذا كان صائمًا او مفطرًا، فهو مع الناس ولا يُعلم به؛ لان نيته باطنه، فلذلك كان اعظم اخلاصًا، فاختصَّه الله من بين سائر الاعمال، قال بعض العلماء: ومعناه اذا كان الله سبحانه وتعالي يوم القيامه وكان علي الانسان مَظالم للعباد، فانَّه يُؤخذ للعباد من حسناته الاَّ الصيام فانَّه لا يُؤخذ منه شيء؛ لانَّه لله عز وجل وليس للانسان؛ وهذا معنًي جيد انَّ الصيام يتوفر اجرُه لصاحبه ولا يُؤخذ منه لمظالم الخَلق شيئًا، ومنها انَّ عمل ابن ادم يزاد من حسنه الي عشره امثالها الاَّ الصوم؛ فانَّه يعطي اجرُه بغير حساب؛ يعني: انَّه يضاعَف اضعافًا كثيره، قال اهل العلم: ولانَّ الصوم اشتمل علي انواع الصبر الثلاثه: ففيه صبرٌ علي طاعه الله، وصبر عن معصيه الله، وصبر علي اقدار الله.

امَّا الصبر علي طاعه الله، فلانَّ الانسان يحمل نفسَه علي الصيام مع كراهته له احيانًا، يكرهه لمشقَّته…، والنوع الثاني من انواع الصبر: الصبر عن معصيه الله، وهذا حاصِل للصائم؛ فانَّه يصبِّر نفسه عن معصيه الله عز وجل، فيتجنَّب اللَّغو والرفث والزور وغير ذلك من محارم الله، الثالث: الصبر علي اقدار الله؛ وذلك انَّ الانسان يصيبه في ايام الصوم، ولا سيما في الايام الحارَّه والطويله من الكسَل والملَل والعطش ما يتالَّم ويتاذَّي به، ولكنَّه صابر؛ لانَّ ذلك في مرضاه الله.

فلمَّا اشتمل علي انواع الصَّبر الثلاثه كان اجره بغيرِ حِساب؛ قال الله تعالي: ﴿ اِنَّمَا يُوَفَّي الصَّابِرُونَ اَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]”[22].

ب- ((والصيام جُنَّهٌ – اي: ترس – فاذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث ولا يصخَب، فان سابَّه احد او قاتلَه فليقل اني صائم))

فيكون الصيام مانعًا من النار او من المعاصي كما يمنع الترس من اصابه السَّهم؛ لانه يكسر الشهوهَ، قال ابن عثيمين: “يقول ذلك لئلا يتعالي عليه الذي سابَّه كانه يقول: انا لستُ عاجزًا عن ان اقابلك بما سبَبْتَني، ولكني صائِم يمنعني صومي من الردِّ عليك، وعلي هذا فيقوله جهرًا، كذلك ايضًا اذا قال: ((انِّي صائم)) يردَع نفسَه عن مقابله هذا الذي سابَّه كانه يقول لنفسه: “اني صائم فلا تردِّي علي هذا الذي سبَّ”، وهذا ايضا معنًي جليل عظيم، ولهذا كان النبي صلي الله عليه وسلم اذا راي من الدنيا ما يعجبه وخاف ان تتعلَّق نفسُه بذلك قال: ((لبَّيك، انَّ العيش عيش الاخره))”[23].

نرشح لك

أهم أخبار رمضان

Comments

عاجل