المحتوى الرئيسى

الحكمة من تشريع الصيام

06/20 13:20

لم يفرض علينا الله تعالي الصيام في شهر رمضان من اجل ان نجوع ونعطش ونتعب، وانما هناك مقاصد واهداف وحِكَم كثيره لهذه العباده، ولا تدرك عقولنا المحدوده الا بعض هذه المقاصد والاهداف والحكم، ومنها:

1- الصيام وسيلهٌ لتحقيق تقوي الله عز وجل:

ان اهم مقصد من مقاصد الصيام تحصيل تقوي الله عز وجل، قال تعالي:{ يَا اَيُّهَا الَّذِينَ امَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَي الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}..[البقره:183].

فالصائم الذي يمتنع عن المباحات اثناء صيامه من طعام وشراب وجماع، تتربي نفسه علي الامتناع عن المحرمات في كل وقت وحين من باب اولي.

وكذلك يحقق الصيام للمسلم تقوي الله تعالي من خلال تعويده علي الاكثار من الطاعات، فالصائم خصوصاً في رمضان يجتهد في القيام وقراءه القران والذكر وصله الارحام وغيرها من الطاعات، فبذلك تتعود النفس علي الطاعات ويسهل الاستمرار عليها بعد رمضان، ولكن ذلك يحتاج الي عزيمه وصدق.

2- اشعار الصائم بنعمه الله تعالي عليه:

فعندما يصوم المسلم يمتنع عن الطعام والشراب والجماع وسائر المفطرات، وحينئذ يتذكر نعمه الله تعالي عليه بوجود هذه النعم وتيسيرها له حال الفطر، فيشكر الله تعالي علي نعمه التي لا تحصي، قال تعالي: { وَاِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا اِنَّ الاِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}..[ابراهيم:34].

3- تذكير الصائم باخوانه الفقراء والمساكين:

فان الصائم اذا شعر الم الجوع والعطش يتذكر اخوانه الفقراء والمساكين، فيرحمهم ويعطف عليهم ويمد يده بالعون والاحسان اليهم، قال تعالي: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ اِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَي وَالْيَتَامَي وَالْمَسَاكِينِ }..[النساء:36].

قال الامام الكمال بن الهمام رحمه الله في كتابه فتح القدير: " الصوم ثالث اركان الاسلام بعد «لا اله الا الله، محمد رسول الله» والصلاه، شرعه سبحانه لفوائد اعظمها كونه موجباً اشياء:

... ومنها: كونه موجباً للرحمه والعطف علي المساكين، انَّه لما ذاق الم الجوع في بعض الاوقات، ذكر مَنْ هذا حالُه في عموم الاوقات، فتسارع الرقه عليه ".

وقال الامام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه لطائف المعارف: " وسئل بعض السلف: لِمَ شُرِع الصيام؟ ، قال: ليذوق الغني طعم الجوع فلا ينسي الجائع ".

4- الصيام فيه قهر للشيطان:

ذلك ان وسيله الشيطان لاغواء بني ادم هي الشهوات، وتقوي هذه الشهوات بالاكل والشرب، والصيام يضيِّق مجاري الدم، فتضيق مجاري الشيطان، فتسكن وساوسه ويُقهر بذلك، فعن صفيه رضي الله عنها ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: " الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ ادَمَ مَجْرَي الدَّمِ " (رواه البخاري).

قال شيخ الاسلام ابن تيميه في كتابه مجموع الفتاوي: " ولا ريب ان الدم يتولد من الطعام والشراب، واذا اكل او شرب اتسعت مجاري الشياطين -الذي هو الدم- واذا صام ضاقت مجاري الشياطين، فتنبعث القلوب الي فعل الخيرات، وترك المنكرات".

وقال ابن رجب الحنبلي في كتابه لطائف المعارف: " الصيام يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن ادم، فان الشيطان يجري من ابن ادم مجري الدم، فتسكن بالصيام وساوس الشيطان ".

5- الصيام يكسر حده الشهوه:

ان الصيام يكسر حده الشهوه، وبالمداومه عليه تحصل لدي المسلم الاستقامه وغض البصر والبعد عن المحرمات ومجاهده النفس، ولذا اوصي النبي  الشاب الاعزب الذي لا يستطيع الزواج بالصيام، فعن عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال: " كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَهَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَاِنَّهُ اَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَاَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَاِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ " (رواه البخاري ومسلم).

وان اثر الصيام في كسر حده الشهوه قد لا يحدث في باديء الامر، بل بعد مده من الصيام، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري: " الصَّوْمَ قَامِع لِشَهْوَه النِّكَاح. وَاسْتُشْكِلَ بِاَنَّ الصَّوْمَ يَزِيدُ فِي تَهْيِيجِ الْحَرَارَهِ وَذَلِكَ مِمَّا يُثِيرُ الشَّهْوَهَ، لَكِنَّ ذَلِكَ اِنَّمَا يَقَعُ فِي مَبْدَاِ الْاَمْرِ فَاِذَا تَمَادَي عَلَيْهِ وَاعْتَادَهُ سَكَن ذَلِكَ. وَاللَّه اَعْلَمُ ".

ويقول الشيخ ابن جبرين رحمه الله في شرحه لعمده الاحكام: " وقد ذكر لنا كثير من الشباب انهم يكثرون الصوم ومع ذلك لم يجدوا خفه في الشهوه، بل الشهوه لا تزال عندهم قويه. وسبب ذلك اولاً: قوه الشهوه في بعض الشباب، حيث تكون الشهوه عندهم قويه جداً.

ثانياً: ان هناك مقويات لها، فلا شك ان كثره الماكل وتنوع الاطعمه وكثره اللحوم واكل الفواكه وما اشبهها مما يقوي الشهوه، والذي يريد ان تنكسر حده الشهوه عليه ان يقلل من الاكل عند الافطار وفي السحور وفي الليل ".

ان الصيام مدرسه خلقيه كبري يتدرب فيها المؤمن علي خصال كثيره، فهو جهاد للنفس، ومقاومه للاهواء ونزغات الشيطان التي قد تلوح له، ويعود المسلم علي خلق الصبر، ويعلمه النظام والانضباط، ويدربه علي الامانه، ومراقبه الله في ظاهره وباطنه، اذ لا رقيب علي الصائم الا الله، وينمي عاطفه الرحمه والاخوه والشعور بالتضامن والتعاون بين المسلمين.

اضافه الي ان الصيام يكسب المسلم عفه اللسان؛ لان الصائم يُمسك عن الرفث والصخب، ومجازاه من سبه، ومجاراه من سفه عليه، فعن ابي هُرَيْرَهَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ... وَالصِّيَامُ جُنَّهٌ، وَاِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ اَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَاِنْ سَابَّهُ اَحَدٌ اَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ اِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ " (رواه البخاري ومسلم). وفي روايه اخري: " الصِّيَامُ جُنَّهٌ، فَلَا يَرْفُثْ، وَلَا يَجْهَلْ، وَاِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ اَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ: اِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ " (رواه البخاري ومسلم).

فائده: جاء في الحديث النهي عن الرفث والصخب والجهل، والرفث في الحديث يعني الكلام الفاحش وتاتي الرفث بمعني الجماع، واما الصخب فهو الخصام والصيام، واما الجهل فهو فعل افعال الجهال من السفه او الاعتداء علي الغير بالقول او بالفعل.

7- الصيام يوحد مشاعر المسلمين:

ان الصيام يوحد مشاعر المسلمين، فالكل صائم وفق منهج تربوي واحد، من اقصي الارض الي ادناها، غنيها وفقيرها، ابيضها واسودها، عربها وعجمها، الكل ممتثل لامر الله تعالي.

8- الصيام يكسب البدن الصحه والقوه:

نرشح لك

أهم أخبار رمضان

Comments

عاجل