المحتوى الرئيسى

مصر وأيرلندا .. التعادل علي الطريقة الطنطاوية (3/5)

06/20 12:34

حينما سئل محمود الجوهري اي المباراتين ستكون الاصعب لمصر في كاس العالم هولندا ام انجلترا؟ ابتسم وقال بلاشك ايرلندا.

كانت وسائل الاعلام المصريه واثقه ان ايرلندا هي بوابه التاهل المصري لدور السته عشر، وانها اضعف فرق المجموعه – مقارنه بانجلترا وهولندا- وان الفريق المصرى لا بد وان يلعب بشكل هجومي لحسم المباراه، لكن الجوهري لم يلتفت الي ذلك مطلقا.

كانت الخطه التي وضعها الجوهري لتحقيق حلم التاهل للدور الثاني من كاس العالم تعتمد علي جمع ثلاث نقاط من ثلاث تعادلات، ومن ثم التاهل كواحد من احسن ثوالث كما كانت القواعد المعمول بها في كاس العالم حينذاك. ولقد نجحت الخطوه الاولي بالتعادل مع هولندا، لكن مواجهه فريق ايرلندا كانت تختلف تماما، ولذا فقد كان علي الجوهري البحث عن الاسلوب المناسب لتحقيق هدفه.

لذا دعونا بدايه نتعرف من هو منتخب جمهورية أيرلندا ؟

في عام 1987 نجحت جمهوريه ايرلندا في التاهل لكأس الأمم الأوروبية لاول مره في تاريخها، بفضل رجل انجليزي يدعي جاكي تشارلتون هو شقيق بوبي تشارلتون احد اعظم لاعبي الكره في انجلترا والعالم.

نجح جاكي في جمع تشكيله من اللاعبين البارعين من الدوري الانجليزي والذين ينحدرون من اصول ايرلنديه وكون بهم فريقاً شاباً يعتمد علي الاداء البدني القوي، وفنياً علي الاسلوب البريطاني العتيق المتلخص في ارسال كرات راسيه الي منطقه جزاء الخصم حيث ينتظرها مهاجمون طوإل آلقامه وخلفهم لاعبو وسط يتمتعون بتسديدات قويه، وفي الدفاع هناك مجموعه من اللاعبين الاشداء او كلاب الحراسه المفترسه الكفيله بابطال فعاليه اخطر المهاجمين

ضم الفريق نجوماً كبار امثال لاعبو ليفربول المهاجم ( جون اولدريدج)، ولاعبو الوسط روني ويلان وراي هاوتون، وستيف ساونتون، ومدافع مانشستر يونايتد بول ماجراث، وديفيد اوليري قائد الارسنال، والمهاجمان العملاقان توني كاسكارينو (استون فيلا)، ونيال كوين ( مانشستر سيتي)

وفي يورو 88 كانت ايرلندا هي الحصان الاسود، فقد بدات لقاءاتها بمواجهه الخصم التقليدي انجلترا ، وفي مباراه هي الاهم في تاريخ الجمهوريه الايرلنديه نجحت في الفوز علي ( مهد الكره في العالم) ، ومن ثم اصطدمت بفريق الاتحاد السوفيتي الرهيب وتقدمت عليه بهدف عالمي قبل ان يخطف هدف التعادل، وفي المباراه الاخيره التقت بهولندا – التي ستفوز لاحقاً بالبطوله- ونجحت في الصمود امامها حتي الدقيقه 83 قبل ان ينجح فيم كيفت – صاحب هدف هولندا في مصر – في خطف هدف الفوز الذي اوقف مسيره جمهوريه ايرلندا في البطوله.

واصلت جمهوريه ايرلندا صحوتها الكرويه في تصفيات كاس العالم 90 في مجموعه قويه ضمتها مع اسبانيا والمجر وغريمتها اللدوده إيرلندا الشمالية – الاقوي كرويا- ومالطه، وبفضل خطط جاكي تشارلتون الماكره، والاداء المتميز للاعبين تاهلت جمهوريه ايرلندا لكأس العالم لاول مره بعد ان احتلت المركز الثاني خلف اسبانيا بفارق نقطه واحده وبفضل دفاع قوي لم يستقبل الا هدفين في ثماني مباريات.

عندما تم سحب قرعه كاس العالم 90 كانت المفاجاه ان جمهوريه ايرلندا قد عادت لمواجهه نفس خصوم يورو 88 مع استبدال الاتحاد السوفيتي بالمنتخب المصري.

ولان الايرلنديين معروفون بالثقه بالنفس، والاعتداد بالذات، فقد اعربوا عن سعادتهم بتلك القرعه وبمواجهه هذه الفرق مره ثانيه لاثبات ان فوزهم علي انجلترا لم يكن ضربه حظ، ورغبتهم في الثار من الفريق الهولندي، ولم يكن هناك اي التفات للفريق القادم من شمال افريقيا الذي اعتبر انذاك ( حصاله ) اهداف المجموعه.

استغل الجوهري تركيز الايرلنديين علي خصومهم الرئيسيين متوقعا ان مدرب ايرلندا سيبني خطته في مواجهه مصر بناء علي مشاهدته للمباراه الافتتاحيه بين مصر وهولندا ، لذا فقد بدل الجوهري كل شئ في مواجهه ايرلندا.

فالمنتخب الذي لعب باسلوب متوازن بين الدفاع والهجوم امام هولندا، وكشر عن انيابه الهجوميه سعياً وراء التعادل، تحول الي ( الطريقه الطنطاويه) المتمثله في رص اللاعبين داخل منطقه الجزاء، والابتعاد عن الهجوم، والاكتفاء بالتمترس امام الخصوم، وهي الطريقه التي اشتهر بها فريق طنطا في الستينات وعاني منها الجوهري - مهاجم الاهلي وقتها – الا انه وهو مدرب المنتخب قرر اعاده اكتشاف ( الطريقه الطنطاويه) والخروج بها للعالميه.

كانت مفاجاه المشاهد المصري كبيره عندما نزل المنتخب الي ملعب باليرمو في عصر يوم 17-6-1990 يتقدمه مدافع الاهلي ربيع ياسين، بما يعني ان قائد المنتخب جمال عبد الحميد سيكون علي مقاعد البدلاء، ولم يكتفي الجوهري بذلك بل دفع بلاعب الاهلي اسامه عرابي في مركز الظهير الايسر علي حساب احمد رمزي المعروف بنزعته الهجوميه، كما دفع بمجدي طلبه – البديل في مباراه هولندا- منذ البدايه.

كان هذا هو الاسلوب الذي وجده الجوهري مناسبا لمجابهه الطموح ااايرلندي : طريقه 5/4/1 بوجود حسام حسن وحده في المقدمه، والحقيقه انه بمرور الوقت تحورت الطريقه لتصبح 10/0 ، من خلال التراجع والتمركز حول منطقه الجزاء، وخلق كثافات علي المحاور الجانبيه، ومن ثم التصدي للكرات الطويله التي يطلقها لاعبو ايرلندا من كافه الاتجاهات، وبالرغم من الضغط الايرلندي المستمر الا ان فرص التهديف الحقيقيه لم تتعد الفرصتين وقد تكفل بهما الحارس احمد شوبير بمعاونه زملائه في الدفاع وعلي راسهم الصاعد هاني رمزي.

اثار الاداء المصري شديد الدفاعيه استياء المدير الفني لايرلندا الذي صب لعناته طوال المباراه علي طريقه اللعب المصريه، وهو ما انعكس علي لاعبيه الذين حاولوا استفزاز لاعبي مصر في اكثر من مناسبه.

وما زاد الطين بله افراط لاعبو مصر في اضاعه الوقت بطرق مختلفه كان ابرزها اسلوب جديد في اداء ضربه المرمي يتمثل في عوده احد المدافعين من مركزه ليسدد ضربه المرمي وقيامه بوضع الكره وتحريكها بيديه وتثبيتها، ثم التراجع عده امتار استعدادا للتسديد، وفجاه يركض المدافع في بعيدا عن الكره صوب اليمين، ليفاجئنا حارس المرمي بتمريره الكره الي ذات المدافع، الذي ينتظر حتي تخرج الكره خارج منطقه الجزاء، ومن ثم يقوم باعادتها للحارس مره اخري، الذي يمسك الكره ويقذفها للمدافع علي الجانب الاخر.

ووصل عدد مرات اعاده لاعبي مصر الكره للحارس اكثر من ثلاثين مره في هذه المباراه، منها اعاده من بعد منتصف الملعب، وهو ما اثار استياء الجماهيرالمصريه قبل الايرلنديه.

ونتيجه للاسلوب المصري اضطر الاتحاد الدولي ( لتجريم ) اعاده الكره للحارس، ومنعه من الامساك بها بيده، ومعاقبته علي ذلك بضربه حره من داخل منطقه الجزاء ان فعلها، لتكون هذه هي المساهمه الابرز لمصر في قانون كره القدم، اضافه الي قوس منطقه الجزاء الذي افترحه الحكم المصري عثمان نوري عام 1937.

طوال المباراه لم تسدد مصر سوي كره واحده فقط في تجاه مرمي الفريق الايرلندي خرجت من قدم مجدي عبد الغني وعلت المرمي بكثير.

وفي الدقيقه 71 جاءت اللحظه التي انتظرتها الجماهير المصريه حينما رفع الحكم الرابع الرقم (12) معلناً عن نزول (مارادونا النيل) النجم (طاهر ابوزيد) الي ارض الملعب.

كانت ضربه معلم جديده من ( الجوهري)، فبفضل النتيجه الرائعه امام هولندا خفتت الاصوات الداعمه لطاهر ابوزيد في مواجهه الجوهري، وكان علي الجوهري ان يستبق ارتفاع هذه الاصوات من خلال الدفع بطاهر ابوزيد – المنتقد دائما علي ضعف مشاركته في الدفاع – للمشاركه امام ايرلندا في اطار عمليه التحنيط.

بالطبع لم يلمس طاهر الكره اكثر من مرتين، وتواجد علي اطراف منطقه الجزاء – المصريه – معظم الوقت، في ظل تواجد الفريق باكمله داخل المنطقه. وحينما سئل (الجوهري) عن سبب الدفع بطاهر، ابتسم بمكر وقال ان الاعلام ينتقده دوما لعدم الدفع بطاهر، وها هو ينتقده بعد مشاركه طاهر.

وجدير بالذكر ان هذه الدقائق القليله هي المشاركه الوحيده لطاهر ابوزيد في كاس العالم، حيث تم استبعاده من قائمه مباراه انجلترا تماما، ولذلك قصه سنحكيها في المقال التالي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل