بذكراها الثمانمئة.. "الإرهاب" يحاصر الماغنا كارتا

حاولت الشرطه البريطانيه الاثنين الماضي فض "مهرجان للديمقراطيه" اقيم في قريه صديقه للبيئه حيث سيجتمع عليه القوم من ضمنهم الملكة اليزابيث للاحتفال بمرور ثمانيه قرون علي توقيع وثيقه الماغنا كارتا.

وقد حرص منظمو الحدث علي اقامته علي تخوم لندن في موقع يبعد مئات الامتار فقط عن مكان توقيع الوثيقه الحقيقي عام 1215، والتي يعتبرها الكثيرون رمزا للحريه المدنيه ومبدا المساواه باسم القانون.

يذكر ان بريطانيا ليس بها دستور بالمعني الحديث حيث ظلت الماغنا كارتا -التي تعني باللاتينيه الميثاق الاعظم- طوال القرون الماضيه بمثابه دستور ملزم واصبحت بريطانيا بفضلها من اعمده الديمقراطيه في العالم.

لكن قسما من البريطانيين يري ان هذه الوثيقه التي قادت البلاد لمناخ ديمقراطي نتج عنه تفوق بريطاني في كافه المجالات، اصبحت مهدده بقيم ومفاهيم جديده مثل ما تسمي "الحرب علي الارهاب".

لقد شهدنا تاكلا في الحريات خلال السنوات العشر الماضيه وحرمنا من العديد من حقوقنا في التجمع والاحتجاج والتظاهر وكذلك حقنا في حريه التعبير والمحاكمه العادله

وفي هذا السياق قال الناشط البريطاني في مجال حريه تملك الاراضي والبيئه بيتر فونيكس للجزيره "لقد شهدنا تاكلا في الحريات خلال السنوات العشر الماضيه وحرمنا من العديد من حقوقنا في التجمع والاحتجاج والتظاهر وكذلك حقنا في حريه التعبير والمحاكمه العادله".

واستطرد "لقد سلبت منا حقوقنا في الحرب علي الارهاب وحرمنا من حقوقنا في التجمع، ونحن بحاجه الي شيء من العداله، والماغنا كارتا كانت البدايه لكل هذا، ولكنا اليوم بحاجه الي ميثاق حريات جديد".

وقد تضمنت فعاليات الحفل اقامه تمثال من البرونز للملكه بارتفاع اربعه امتار، الا ان الناشطه في مجال الديمقراطيه ماريا ساندرز وصفت اقامه التمثال في مناسبه لاحياء ذكري وثيقه حدّت من سلطات العائله المالكه اصلا بانها "نفاق".

وقالت ساندرز للجزيره ان من اسباب اقامه هذا الاحتفال هو الاشاره الي ان النضال الذي بدا منذ ثمانمئه عام لم ينته بعد، وعلي الشعب الاستمرار في النضال للحصول علي الديمقراطيه لاننا لا نمتلكها رغم تحقيقنا بعض المكاسب.

وقد شاهدت الجزيره موسيقيين واشخاصا يحملون معدات تقديم الطعام يمنعون من الدخول الي موقع المهرجان، بينما نشر فيديو علي الانترنت يظهر اعتقال احد الصحافيين لانه رفض الامتثال لامر الشرطه بمغادره المكان.

وقال ناطق باسم شرطه محليه ان الاجراءات اتخذت بعد وقوع اعتداء وللحؤول دون حدوث اعتداء اخر، وان الشرطه ستتعامل بحزم لابعاد من يخطط للحضور.

وقد ادعت الشرطه ان المهرجان تخلله عزف الموسيقي الصاخبه وهناك قلق علي السلامه العامه والخشيه من ازعاج السكان. الا ان المنظمين انكروا ما قالته الشرطه ووصفوا المهرجان بانه نقاش ديمقراطي مع قليل من الموسيقي حسب البرنامج المعلن.

ويري فونيكس ان الاحتفال تعرض للقمع، وقال بلهجه تحدٍ "لنا الحق في الاحتجاج والتجمع وابداء اراءنا. ربما الحكومه غير راضيه لكن هذا من صميم الاحتفال بالماغنا كارتا بمفهومها الاصدق، وهذا من حقوق الافراد ضد الحكومه وعليهم السماح به بدلا من قمعه".

من جهه اخري، كان اختيار القريه البيئيه في الغابه القريبه من مكان توقيع الماغنا كارتا له معني محدد في ذهن المنظمين، فمالكو الارض رفعوا قضيه لاخلاء المكان.

المنظمون وسكان القريه الثلاثون يرون ان لهم الحق بالعيش علي تلك الارض وفقا للقانون البريطاني، في اشاره الي ميثاق الغابات، وهو وثيقه ملحقه بالماغنا كارتا التي وقعت واقرت عام 1217.

وقد منحت الوثيقه المواطن العادي حق الدخول الي اراضي الغابات فضلا عن قوانين حقوق الانسان الاوروبيه الحديثه، ووصفوا انفسهم بالحفارين، وان قدوتهم مجموعه تحمل نفس الاسم احتلت اراضي عامه خلال الاضطرابات التي تلت الحرب الاهليه في اربعينيات القرن السابع عشر.

ويقول ليوان ديفيس (50 عاما) احد السكان الاصليين للقريه "نحن لا نقوم باي عمل غير قانوني، فبموجب القانون البريطاني يحق لنا استخدام الارض غير المستعمله والجزء غير المستغل من الغابه، وهذا ما قمنا به".

يذكر ان ديفيس وغيره من المؤسسين هم من حركه "احتلوا لندن" التي اقامت معسكرا خارج كاتدرائيه سانت بول في عام 2011، كجزء من الاحتجاجات ضد الراسماليه التي فجرتها حركه "احتلوا وول ستريت" الاميركيه.

ويوضح فونيكس ان القريه البيئيه ومهرجان الماغنا كارتا يهدفان الي اطلاق نداء باعاده النظر في الانظمه الحاليه.

يذكر ان القريه البيئيه تسعي لتشجيع استغلال الاراضي المتروكه لانتاج الطعام وتخفيف اثار العمران الجائر واعاده النظر في النظام.

وتساءل فونيكس "لماذا نستقدم الطعام من استراليا ونيوزيلندا بينما يمكن انتاجه في الحديقه الخلفيه للمنزل؟".

اما فيني ابن الثامنه والاربعين والذي يسكن المنطقه منذ 2012 فيقول انه اسس ذات مره شركه لتنظيف النوافذ ولكنه اغلقها وانتابه نوع من الرغبه الجامحه في اعاده التفكير بكل شيء.