المحتوى الرئيسى

في البو ناهض العراقية....الدين "بينك وبين الله"

06/18 15:29

يُعدّ التدخين واطلاق العنان لابواق السيارات والجدل في المسائل السياسيه جزءا لا يتجزا من يوميات العراقيين. الا انه في قريه البو ناهض الجنوبيه الواقعه علي ضفاف نهر في الاراضي الخصبه "التدخين ممنوع وكذلك الحديث في الدين والسياسة"، وذلك لتقديم صوره صحيّه مشرقه مناقضه.

ويقول كاظم حسون: "التدخين مضر جدا لكم"، وهو واقف الي جانب اشاره حمراء وبيضاء لمنع التدخين عند مدخل القريه. ويقود حسون عمليه التحوّل في القريه وقوانينها غير المالوفه، مستكملاً اسساً وضعها والده جبر حسون قبل اعوام.

ويُعدّ منع التدخين في القريه خطوه جريئه في بلد ليس مستغرباً فيه ان يُدخّن الناس في المصاعد ومحطات الوقود وحتي اروقه المستشفيات.

في العراق ايضاً، منع تنظيم "الدوله الاسلاميه في العراق والشام"-"داعش" التدخين في المناطق التي يسيطر عليها منذ نحو عام. الا ان هذا هو الامر الوحيد الذي تتشارك به القريه مع مناطق سيطره التنظيم الذي ارتكب فظاعات بذريعه الدين.

ويقول حسون: "غيّر الدين كل شيء في هذا البلد، لذا احد قوانيننا هو منع التحدّث بالدين. الدين يجب ان يكون في قلبك، بينك وبين الله".

واجه العراق موجات داميه من العنف الطائفي خلال الاعوام الماضيه. وفي حين بقيت المناطق الجنوبيه في مناي الي حد كبير عن هجمات الجهاديين، الا ان العديد من ابنائها تطوّعوا للقتال الي جانب القوات الامنيه ضدّ التنظيم، وقضي كثيرون منهم في الميدان.

ويقول فرحان حسين علي، وهو طبيب واستاذ جامعي، ان والد حسون الذي كان ابرز وجهاء القريه، هو الذي شرع في "سن" قوانينها اللافته.

ويقول خلال جلسه علي سجاده حمراء في مضيف البو ناهض: "في زمن (الرئيس الاسبق) صدام (حسين)، كان الناس صامتين. لكن بعد سقوط النظام (2003)، عاود الجميع التحدث في السياسه".

ويوضح ان جبر حسون، والد كاظم، والذي "لم يكن يرغب في حصول اي نقاشات اقرّ المنع... للحفاظ علي السلم في مجتمعنا".

الا ان كاظم طوّر افكار والده، ويشرف حالياً علي محاوله جعل القريه اشبه بمكان نموذجي يمتنع فيه الناس عما يضرّهم.

وتشمل قائمه الممنوعات بيع المشروبات الغازيه للاطفال واستخدام ابواق السيارات، علي الرغم من ان اي عقوبه لا تفرض علي المخالفين.

ويؤكد كاظم (46 عاماً) ان مشروعه هو محاوله لجعل القريه صديقه للبيئه تتبع ممارسات صحيه، اكثر منها مجتمعاً مغلقاً ذا قوانين غريبه.

ويقول: "اريد ان يصبح هذا الشارع شبيهاً بقطعه من اوروبا".

يضيف، وهو يشير بيده الي صفّ من اشجار النخيل المزروعه حديثاً الي جانب الطريق: "في الخامس من حزيران الحالي قمنا بزرع 300 شجره"، سائلاً: "كم من الاماكن الاخري في العراق احيت يوم البيئه العالمي في 2015؟"، في اشاره الي المناسبه السنويه التي تُحييها الامم المتحده.

ويعتبر حسون ان احياء يوم البيئه "كان ناجحاً. قد يبدو الامر غير مهم، لكن يمكن ان اكون من قريه صغيره وجزءاً من العالم في الوقت نفسه. لا يقل لي احد ان قريتي لا تُحدث فارقاً".

وانعكست خطوات حسون ايجاباً علي سكان القريه، ومنهم مصطفي جبر (28 عاماً)، الرياضي والمدرّب البالغ من العمر 28 عاماً، والذي وجد ضالته عندما بدا حسون بتنظيم منافسات رياضه بدنيه محليه.

ويقول حسون: "رياضه الجري ليست موجوده في ثقافتنا. عندما اخرج من المنزل لاجراء تماريني اليوميه، يتوقّف الناس حتي الذين لا اعرفهم، ويعرضون علي ان يُقلّوني بسيارتهم".

حتي جبر اعتقد بدايه ان الفكره غريبه، الا ان حسون اقنعه بالركض معه ومع شبان اخرين. وفي فتره قصيره ظهرت مهارات جبر الرياضيه.

وحاز الشاب جوائز في منافسات عراقيه للجري وركوب الدراجات الهوائيه، كما ان مجموعه الشبّان الذين يزاولون رياضه الجري مساء في القريه تكبر.

ويقول جبر الذي فرغ من ممارسه السباحه اليوميه: "هذه القريه لها خصوصيه لانك تحصل علي دعم لا تجده في اي مكان اخر في العراق".

في وقت سابق من هذه السنه، شارك ثلاثه الاف شخص في سباق سنوي يقام في القريه، ويشمل الركض لمسافات مختلفه بحسب الفئات العمريه.

ويقول حسون، الذي عاد قبل ثلاثه اعوام من الامارات العربيه المتحده حيث امضي قرابه عقدين من الزمن، "فوجئنا برؤيه هذا العدد الكبير من المهتمين بالصحه والبيئه"، مشيراً الي انه ينوي تنظيم سباق ماراتون في القريه، والبحث عن سبل لاشراك النساء بشكل اكبر في تطوير القريه.

ويوضح: "الناس محافظون هنا... اعتادوا علي التفكير بان علي النساء تمضيه الوقت في المنزل. لقد كسرنا حواجز عده، الا ان هذا الحاجز سيتطلّب وقتاً".

احد الحلول التي ينوي حسون اختبارها هو "مركز ثقافي" في طور البناء، حيث سيتاح للاناث اللقاء مرتين اسبوعياً والمشاركه في ندوات واستعاره كتب ستكون عن "الادب والفلسفه والتاريخ. بالتاكيد لا كتب دينيه".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل