المحتوى الرئيسى

نور الملاح تكتب: كيف تنقذ نفسك من رحلة مجانية إلى الدرك الأسفل!؟ | ساسة بوست

06/18 05:26

منذ 18 دقيقه، 18 يونيو,2015

خلال العطله الصيفيه وككل عام، وضعت لاطفالي خطه للانجاز خلال الاجازه حتي لا تذهب ايامها التي تكاد تجاوز المائه هباء. ولانني فقدت الثقه بكثير ممن يدعي اشغال فراغ الاطفال بنواد صيفيه فقد قررت ان اباشر بنفسي وبتشجيع وتعاون من زوجي بتطبيق الخطه يوما بيوم مع المكافاه الاسبوعيه.

طبعا راس الخطه حفظ القران والحديث، وقد كان موعدهم البارحه مع حديث طويل جدا؛ لذلك قررت الاكتفاء بقراءته لهم دون مطالبتهم بحفظه.

الحديث الشريف: كان روايه كعب بن مالك لقصته حين تخلف عن غزوة تبوك. تاثر الصغار كثيرا بالحديث وفرحوا حين جاءته توبه الله: ولكنهم وعلي تعدد اعمارهم جميعا قد عرفوا اهم درس يمكن لهم ان يتعلموه في حياتهم: (يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).

تلك القاعده بسيطه جدا وتنسجم مع الفطره السويه: الا انها ايضا هامه جدا واساسيه يُبني عليها كل خير، ويبني بهدمها كل شر. فقد تكون فعلا مخلصا ومؤمنا وصادق النيه، ولكنك تخطئ، تتعثر، تذنب، تتهاون: فبالمحصله انت بشر ولست ملاكا؛ والله خالقك يعرف هذا منك، ويعرف انك خطاء؛ ولذلك فانه جل وعلا يسره سرورا عظيما ان تعود لتتوب وتستغفر ليمنحك عفوه ومغفرته، وهكذا بلا نهايه. ولكن ما يحول بين المرء والحصول علي توبه الله هو الكذب والنفاق: فانك ان لم تصدق في مواجهه نفسك، وصدقت مع الله ومع من له علاقه بذنبك هذا، فلا توبه لك. وكيف تتوب عن امر انت لم تعترف اساسا باقترافه؟ بل تقترف كذبا واعذارا واهيه لتهرب من المسئوليه والعقوبه!

كعب بن مالك رضي الله عنه: ادرك فداحه جرمه وعرف انه لا ينجيه منه الا ان يصدق مع الله ومع رسول الله عليه السلام، وهذا ما ادركه الرسول عليه السلام ساعه كلمه كعب فعلق علي كلام كعب بالقول: (اما هذا فقد صدق). ليتلقي عقوبه الله ورسوله له خمسين يوما، وياتيه بعدها الفرج من مدخل الصدق الذي دخل به: (يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).

في الوقت ذاته نزلت اللعنه الابديه والفضيحه الازليه لقرابه ثمانين منافقا كذبوا واختلقوا الاعذار خوفا من العقوبه، في مقابل ثلاثه صادقين اعترفوا وتابوا: (ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار).

قد فازوا بالدرك الاسفل في قعر الجحيم وهم احياء، كما بشر قبلهم من الصحابه بالجنه وهم احياء؛ ليصبحوا سكانا للدرك الاسفل من الجحيم يمشون علي الارض، هنيئا لهم كذبهم ونفاقهم وما جره عليهم من نقمه ولعنه ابديه!

المشكله ان كثيرا من الناس لا يتعظون: وكثيرًا منهم عن القران والسنه لغافلون، وان قرؤوها فانها لا تجاوز حلوقهم، لتدخل الي قلوبهم وعقولهم لعلهم يعقلون، فتغير سلوكهم، وتعلمهم بالقدوه وبالقصه وترشدهم الي طريق الفوز المودي لرضا الله والجنه، وليس طريق الهلاك المودي لسخط الله والنار.

مجتمعاتنا اليوم وفي كثير من مناحيها الا من رحم ربي، تشهد كذبا ونفاقا لا مثيل له علي كافه الصعد، وربما لا يدرك اصحابها كم هم متناقضون وكم هم متلونون ومنافقون!

حافظوا علي قشور كاذبه لعبادات تحولت عادات وافرغوها من مضمونها، تشدقوا بشعارات هم في الحقيقه اول من يقوم بخرقها.

ادعياء الدين وما اكثرهم: الذين حولوه من انتماء لله لانتماء لاحزاب وتيارات وكتائب وفرق، الغرض الاساسي منها استخدام الدين لمصالحهم واهوائهم؛ فئتلك الدوله التي تدعي انها اسلاميه تستحل سفك الدماء وقطع الرؤوس وسبي الاعرض باسم الله والله عز وجل منهم براء!

وذلك الكاذب الذي يدعي انه يعمل مع الله يستغل كل من يعمل تحت يده وخصوصا ان كانت امراه؛ فيغمطها حقها ويبخسها اجرها ويستغلها، وباسم الله، والله ورسوله منه براء، فان اعترضت فالهجوم عليها ايضا بحجه انها تعمل لله، ولذلك فعليها ان تصمت عن الظلم والبخس والاساءه للابد. وهنا يحق لنا التساؤل: هل يعمل هو مع الله، ام مع الشيطان الرجيم؟

وعن المعارضين وما ادراك؟ اولئك الذين ظنناهم ثوارا! ثم تفاجانا انهم كغيرهم من الطغاه؛ يظنون البشر عبيدا لهم، من حقهم المتاجره بدمائهم، ومن حقهم استغلال حاجتهم، ولا حق لهم ان يعترضوا علي ما يرونه من فساد وافساد في كل ما يمدون له ايديهم من مؤسسات او اعمال اغاثيه او اعلاميه او سياسيه او وتعليميه وغيرها! وهل قمنا بالثورات لنستبدل مستبدا باخر، وكل ما فعلناه بعد تلك الدماء والتضحيات المهوله اننا غيرنا الاسم فقط، اما تلك العقليه المستبده الانانيه الظالمه المستغله فمازالت بالحفظ والصون؟

اي نفاق هذا واي كذب دفع ثمنه الملايين، ليكتشف كثير من الناس انهم صدقوا كذبه كبيره، وانهم خرجوا من تحت الدلف الي تحت المزراب، ولا عجب بعدها ان يلقي زهره شبابنا انفسهم في قوراب الموت، بحثا عن حياه لا نفاق فيها ولا كذب ولو سلموا رقابهم لتجار البشر لايام او اسابيع، ولكن ليس للابد في حال رضوخهم للاستبداد. او ليس هذا نفاقا قاتلا مدمرا للمجتمعات، موديا بها الي جحيم التهلكه؟

اما نفاق الشبان فهو من نوع اخر؛ فالشاب الذي يدعي انه شريف مكه بينما نظره صغيره علي انبوكس الفيس بوك تخبرك كم هو شريف وصادق!

و الفتاه التي تحافظ ظاهرا علي العفه ولا تسمح لعلاقه قبل الزواج ان تتم: فانها وبالخفاء تفعل كل ما يهدم عفتها، ولكنها تبقي علي تلك العلامه الداله علي عذريتها خوفا من كلام الناس، وهي في الحقيقه ابعد النساء عن العفه. في حين قد يغرر بغيرها فتخطئ وتتوب وتستغفر وتعف حقيقه، ولكن في مجتمع لا تهمه الا الشكليات فلا امل يرجي لفتاه مثلها، الا ان لجات لاساليب الدجل والتدليس.هل العفه غشاء، ام سلوك وحياء من الله، وخوف من الوقوع في المعصيه ورجوع عنها الي السلوك القويم؟

او ليس هذا تناقضا مع مفهوم العفه، ونفاقا ورياء وكذبا؟ لماذا لا نقبل ممن صدق توبته، في حين نتقبل الكاذب المرائي المنافق؟

وكذلك الحجاب: فهو عباده خاصه بالمراه الغايه منها حمايتها وحمايه المجتمع من الفتنه وحمايه الاسر من التفكك، فهل يا تري ظاهر الحجاب اليوم في كثير من الحالات يؤدي هذا الغرض منه؟

هل هو فقط قطعه توضع علي الراس؟ ليظهر الشعر ويجسم البدن وتفوح العطور والزينه ويتكسر السلوك ويلان القول. ام هو سلوك اصلا قبل ان يكون لباسا؟ والغرض منه هو: الحشمه والعفه، وهذا ما لا يحققه حجاب الكثيرات اليوم، او ليس هذا تناقضا صارخا مع الغرض الاساسي للعباده؟ ونفاقا وكذبا وضحكا علي اللحي؟ او لسنا نتمني من كثيرات ممن تناقض سلوكهن ومظهرهن مع حجابهن ان يخلعن ذلك الحجاب الذي يهينونه ويسيئون اليه؟

وذلك الرجل المنفتح المؤيد لحقوق المراه المتحرر والمتعاطف مع النساء: تري كيف هو مع اهل بيته ونسائه؟ وتلك الابتسامه واللطف والذوق التي تظهر جليه خارج منزله، ليظهر في شخصيه الجنتلمان، هل هي موجوده ايضا مع زوجته وبنته واخته؟ ام انه يتحول الي رجل ببوز شبرين امامه, متسلط غاضب متفرد بقراراته ومتعسف، يحرم امراته في السر من كل الحقوق التي يتشدق بها في العلن، نسخه مكرره بقشره مختلفه من سي السيد! او ليس هذا هدما لكل ما يدعيه بالنهار؟ ونفاقا وكذبا وانفصاما من اثقل عيار؟

وذلك الرجل والمراه القارئان لكتاب الله، الصائمان المصليان، حسنا الخلق، حين يصل اداء الواجب وحسن المعامله الي كنتهما زوجه ابنهما، فان كل هذا يختفي ليتحول اداء الحقوق لبناتهما الذي هو فرض علي الصهر، الي سلب لحقوق كنتهما التي لا تستحق، ويتحول الاحترام للصهر الموقر لازدارء واهمال للكنه وغيره قاتله من اي تقدم تحرزه في حياتها او حب ورعايه ودلال ودعم تحصل عليه من زوجها، حتي يشكوا بانها قد سحرت ابنهم، اما ابنتهم فحلال عليها كل هذا وهذا اساسا من واجب صهرهم.

فاي فهم للدين هذا واي مرض واي تناقض ونفاق وفي ذات القضيه وعلي ذات المحور، كيف يكون حسن المعامله واكرام الزوج لزوجته واحسان اهله اليها واجبا علي زوج ابنتك حقا لها، مسلوبا بالكامل من زوجه ابنك؟ ولكن الهوي اعمي الابصار قبل القلوب التي امتلات نفاقا وكذبا وتلاعبا بالقيم.

اكتفي بهذا القدر من امثله النفاق والكذب والرياء، والحقيقه ان مجتمعاتنا كنز لا يفني من التناقضات القاتله بين القول والعمل، والله جل وعلا يقول: (يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون). وان التناقض بين الظاهر والباطن والقول والفعل لهو النفاق والنفاق يعني تذكره دخول مجانيه للدرك الاسفل من النار، فهو خساره الدنيا والاخره.

ولو ان هذا السلوك يعطي صاحبه راحه في الدنيا لكان معقولا، ولكن راحته انيه لا تتجاوز دقائق وعلي الاكثر اياما؛ فالكاذب والمنافق والمرائي يعيش في حاله تناقض مع ذاته، وقلق دائم من افتضاح امره وخوف من عاقبه كذبه علي نفسه وعلي الناس، وليس بعيدا ان يصاب بالمرض نتيجه ذلك القلق، فالنفس المريضه تمرض الجسد، وقد خسر المنافق نفسه، فهو لا يكن لها اي احترام في سريرته ولا عجب ان يعاقب الجسد ذاته بالمرض، فهم ممن قال الله تعالي عنهم: (ان الخاسرين الذين خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامه ذلك الخسران المبين). ونتساءل مقابل ماذا هذه التذكره المجانيه لخساره الدنيا والاخره؟ فكيف الخلاص وكيف ننقذ النفس منها؟

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل