المحتوى الرئيسى

«الملك لير» في دمشق.. تصفيق للملل

06/15 01:25

مرات عديده فقد بعض الحاضرين اعصابهم وهم يتابعون مسرحيه «الملك لير ـ مسرح الحمراء ـ 13 ـ 17 حزيران»؛ اذ انبري مخرج معروف الي الصراخ علي الجمهورـ اغلبيته من زملاء واهالي الممثلين والطلاب: «يك في.. اصمتوا.. اصمتوا.. لماذا تصفقّون، للملل؟». حيث درجت العاده في عروض التخرج لطلاب التمثيل؛ ان يكون عرضاً مفتوحاً لمختلف شرائح الجمهور والمهتمين؛ فلا يقتصر علي حضور اساتذه المعهد وطلابه، كما هو الحال في عروض طلاب السنه الاولي والثانيه والثالثه في معهد المسرح الدمشقي.

ربما فقدان المخرج المعروف لاعصابه بهذه الطريقه؛ لم ياتِ من فراغ؛ فصاله الحمراء امتلات عن اخرها بما يشبه «الوشيشه» ومجموعات التصفيق المصنّع؛ والتي عملت طيله فتره العرض الذي اخرجه الفنان فؤاد حسن؛ علي كيل رشقات التصفير والتصفيق وصيحات الـ»برافو» مستمره لكل ممثل باسمه؛ علي نحو: «برافو لجين اسماعيل ـ لعب دور لير» و «برافو توليب حموده - لعبت دور كورديليا».

الى آخره من الصيحات التي لم تنقطع طيله فتره العرض الذي استمر لساعتين من الزمن؛ بطيئاً ثقيلاً وفق ايقاع رتيب وممل؛ فلا قوه الماساه الشكسبيريه التي كتبها الشاعر الانكليزي عام 1608 كانت اختياراً صحيحاً لمجموعه من طلاب متواضعي الامكانيات والقدرات الصوتيه والجسمانيه؛ ولا هي ساهمت في اعاده الالق لعروض تخرج المسرحيين الجدد؛ والتي طارت سمعتها منذ تاسيس المعهد العالي للفنون المسرحيه عام 1976؛ فكانت مع الزمن موعداً سنوياً لاكتشاف مواهب فذه؛ وفرصه لمخرجي السينما والتلفزيون لانتقاء وجوه جديده واطلاقها في عالم الشهره؛ لاسيما تلك العروض التي اشرف عليها كل من نائله الاطرش ومانويل جيجي وغسان مسعود وفايز قزق وسامر عمران واخرين.

«الملك لير» سقط هو الاخر في امتحان التمثيل السوري؛ جاعلاً من فجيعته بابنتيه الوسطي والكبري وتنكرهما له وصهريه، ماده لمسخره شخصيات شكسبير الشعريه التي نحت هنا وبشكل نهائي الي اسلوب « الغروتيسك»؛ فذهبت الي التواطؤ بين الشخصيات بعضها البعض مع القسوه والمرح وتسويغهما كشكل نهائي للعرض؛ مبتعدهً بذلك عن شعريه النص المكتوب؛ ومهمله علي هذا النحو العالم الداخلي لكل شخصيه من شخصيات التراجيديا المعروفه؛ تاركهً البون واسعاً بين «انا الممثل الخالقه» و «انا الشخصيه» التي يبتكرها ويعيشها هذا الممثل علي الخشبه. بدا ذلك بجلاء من انعدام التلوين في اداء الممثلين ـ الطلبه؛ وافتقارهم الي تبني شخصيات بدت هي الاخري اكبر بكثير من قدرتهم علي تجسيدها؛ الا ان ما يشفع لهؤلاء هي شجاعتهم واستاذهم المشرف؛ علي التصدي لهذا النوع من النصوص المعقّده، والتي اقر الكثيرون بصعوبه تطويعها علي الخشبه؛ لما فيها من طاقه شعريه في تركيبه شخصياتها؛ وكثافتها كمسرحيه اخلاقيه وغموض مراميها الوجوديه ومقاصدها عن عبثيه حياه الانسان وعلاقته اللاهيه مع السُلطه والكون وتقرير المصير.

مغامره حدثت علي مستوي اخر من العمل تجسدت في الديكور الذي صممه مخرج العرض بنفسه؛ فيما نفّذه الفنان محمد وحيد قزق عبر كتله كبيره من الاقمشه البيضاء المرفوعه بالاسلاك؛ مراهناً بذلك علي تمويه المكان والزمان لاحداث المسرحيه الاسطوريه. بياض ابدي جعل من شخصيات العرض مثالاً دامغاً علي خلود مشاعر الانسان وازليه مطامعه وتشابهها في كل زمان ومكان يقيض له ان يوجد فيهما؛ عليلاً بالشر وحب العنف؛ متمرغاً ابداً بالخطيئه وحب السطوه، والنفاق الاجتماعي والجحود والخيانه حتي لاقرب الناس اليه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل