المحتوى الرئيسى

رمضان دورة صيانة إيمانية وصحية

06/14 21:08

رحم الله اديب العربيه والاسلام (مصطفى صادق الرافعى) الذي قال: "لو انصفك الناس يا رمضان لسمَّوك (مدرسه الثلاثين يومًا)"! لكن المميز فيها انها مدرسه شامله متكامله، تلتقي فيها صحه الايمان مع صحه الابدان، لتحقق متطلبات الروح والجسد، وتستوفي حاجات المؤمن المزدوجه، لانه خُلق ليعيش في عالمين: (عالم الماده، وعالم الروح)، وله تعامل مع الارض وتواصل مع السماء.

الصوم اعظم ميادين الجهاد الروحي للمسلم، فيه تتقوي الاراده الذاتيه للمؤمن علي الكف عن المستطابات والمشتهيات لسويعات، دون رقيب ولا حسيب سوي ضميره الايماني، وخشيته من الله تعالي رغبه في رضوانه، وطمعًا في جنانه، وهربًا من نيرانه.

ان الصوم ساحه تملك النفس، وضبط لغرائزها، وتقييد لجموحها وجنوحها، فضلاً عن شعور جماعي بمعاناه الفقير والمعوذ، واحساس عملي بالام المحرومين وجوع الجائعين ومعاناه المحتاجين، ففي الصوم يترفع المسلم عن شهواته ونزواته، وان لا يري في الحياه سوي متطلباته ورغباته، ولذلك شرفه الله تعالي بنسبته الي نفسه من بين سائر العبادات، ووعد باجزال الثواب الفريد لصاحبه، ففي الحديث الشريف: «كل عمل ابن ادم يضاعف الحسنه بعشر امثالها الي سبعمائه ضعف الي ما شاء الله، قال الله عز وجل: الا الصوم فانه لي وانا اجزي به، يدع شهوته وطعامه من اجلي، للصائم فرحتان: فرحه عند فطره، وفرحه عند لقاء ربه، ولخلوف فمه اطيب عند الله من ريح المسك» (رواه مسلم:2763).

ان شهر رمضان بمثابه حمام روحي ومغتسل سنوي، يتطهر فيه المسلم من اوضار الذنوب والخطايا، نهاره صائم، وليله قائم، وعمله دائم: فهو بين تلاوه للقران، وذكر للرحمن، وشتي مظاهر الجود والاحسان.

الا ما احوج امتنا الي ان تستفيد من هذا الشهر الفضيل، فهو موسم المتَّقين، ومتّجر الصالحين، وميدان المتسابقين، ومغتسل التائبين؛ ولهذا كان السلف اذا جاء رمضان يقولون: "مرحبًا بالمُطهِّر"! فهو فرصه للتطهر من الذنوب والسيئات، كما انه فرصه للتزود من الصالحات والحسنات.

يعتبر العلماء الصوم ظاهره حيويه فطريه لا تستمر الحياه السويه والصحه الكامله بدونها، فالصوم بالنسبه للجسد فتره راحه واسترخاء ومراجعه وترتيب نشاطات واستعاده كفاءات، وفرصه للتخلص من الفضلات. كما ان العلوم الطبيه العصريه اثبتت ان الصوم وقايه وشفاء لكثير من امراض خطيره، وفرصه عظيمه للجسد لاستعاده توازنه الحيوي.

وقد اكد البروفيسور الروسي (نيكولايف بيلوي) في كتابه (الجوع من اجل الصحه): ان علي كل انسان -وخاصه سكان المدن الكبري- ان يمارس الصوم بالامتناع عن الطعام لمده 3-4 اسابيع كل سنه كي يتمتع بالصحه الكامله طيله حياته.

اما (ماك فادون) احد علماء الصحة الأمريكيين، فيقول: "ان كل انسان يحتاج الي الصوم وان لم يكن مريضًا؛ لان سموم الاغذيه تجتمع في الجسم فتجعله كالمريض فتثقله ويقل نشاطه، فاذا صام خف وزنه وتحللت هذه السموم من جسمه، وتذهب عنه حتي يصفو صفاءً تامًا، ويستطيع ان يسترد وزنه ويجدد خلاياه في مده لا تزيد عن 20 يوماً بعد الافطار، لكنه يحس بنشاط وقوه لا عهد له بهما من قبل"، وقد كان (ماك فادون) يعالج مرضاه بالصوم، وخاصه المصابين بامراض المعده، وكان يقول: "الصوم لها مثل العصا السحريه، يسارع في شفائها، وتليها امراض الدم والعروق فالروماتيزم".

• الجسم البشري في عمليه احلال وتغيير مستمره للخلايا العاطبه والهرمه، ويقدر عدد الخلايا التي تموت في الثانيه الواحده في جسم الانسان بـ125 مليون خليه، واللبنه الاساسيه في عمليه الهدم والبناء الخلوي هي (الاحماض الامينيه)، وفي الصيام تتجمع هذه الاحماض القادمه من الغذاء (البروتينات) مع الاحماض الناتجه من عمليه الهدم، في مجمع الاحماض الامينيه في الكبد (AminoAcid pool)، ويحدث فيها تحوُّل داخلي واسع النطاق، وتدخل في دوره السترات، حيث يعاد توزيعها ودمجها في جزئيات اخري يُصنًّع منها كل انواع البروتينيات الخلويه، وبروتين البلازما والهرمونات، وغير ذلك من المركبات الحيويه.

وهذا بخلاف (التجويع الطبي) حيث تحول خلاله معظم الاحماض الامينيه القادمه من العضلات الي جلوكوز الدم، وقد يُستعمل جزء منها لتركيب البروتين، او يتم اكسدته لانتاج الطاقه بعد ان تتحول الي احماض اكسجينيه، اي ان الصوم يوفر لبنات جديده للخلايا ترمم بناءها، وترفع كفاءتها الوظيفيه؛ وهو ما يعود علي الجسم البشري بالصحه والنماء والعافيه، وهذا لا يحدث في التجويع الطبي؛ حيث الهدم المستمر لمكونات الخلايا.

ويضيف المختصون مميزات اخري لنظام (الصوم الاسلامي)، منها: توازن دورتي البناء والهدم في اثناء فتره الصيام، وجود كميه مخزونه من البروتين في خلايا الكبد، زياده انتاج اليوريا من الامونيا المتكونه من الاحماض الامينيه، تخلص الجسم من الدهون بطريقه طبيعيه امنه، تنشيط عمليات الكبد الحيويه، تاكسد الاحماض الدهنيه ببطء، وعدم تجمع الاجسام الكيتونيه في الدم، بينما تحدث حموضه خطره في الدم في حاله التجويع الطبي.

• الصوم خير ترياق للعديد من مشاكل الجهاز الهضمي (زياده الحموضه، الانتفاخات، عسر الهضم..)، وهذا بالطبع نتيجه فترات الراحه التي يتمتع بها هذا الجهاز الحيوي خلال فترات الصوم مما يعزز فرصه التغلب علي كثير من الالتهابات والتقرحات التي تصيب اجزاءه المتعدده، فضلاً عن ان شهر رمضان يمثل نظام غذائي فريد يطرح العناء السنوي عن هذا الجهاز الدءوب، لكن من الاهميه بمكان ان لا نعتبر ساعات الصوم (ساعات حرمان) يجب ان نعوضها عند الافطار بلا هواده، فنثقل كاهل جهازنا الهضمي خاصه واجهزتنا الجسديه عامه بالاطعمه الدسمه والعادات الغذائيه الخاطئه، التي تفوت علي اجسامنا فرصه الراحه والتجديد، والصيانه السنويه خلال شهر رمضان المعظم.

• هناك علاقه وطيده بين الصيام وصحه الكبد، فالصيام يتيح للكبد فتره راحه كافيه من عناء التفاعلات البيولوجيه التي تتم داخله طيله العام، مما يعيد النشاط والحيويه الي خلاياه ويجددها، ويعزز من قدره الكبد علي تخزين سكر الجلوكوز، والتخلص من نواتج التمثيل الغذائي وفضلاته التي تتراكم في خلاياه، كما ان دور الكبد اشهر من ان يذكر في التخلص من سموم الجسم المتراكمه، حيث يقوم الكبد بتحويل مجموعه واسعه من الجزئيات السميه -والتي غالبًا ما تقبل الذوبان في الشحوم- الي جزيئات تذوب في الماء غير سامه، يمكن ان يفرزها الكبد عن طريق الجهاز الهضمي، او تخرج عن طريق الكلي.

كما يؤدي الصيام خدمه جليله للخلايا الكبديه، باكسدته للاحماض الدهنيه، فتتخلص هذه الخلايا من مخزونها الدهني (الكبد الدهني)، مما يؤثر ايجابًا علي نشاطها وحيويتها، كما ان الصيام يسرع من تحول كميات هائله من الشحوم المختزنه في الجسم الي الكبد حتي تؤكسَد، ويُنتفع بها، وتستخرج منها السموم الذائبه فيها، وتزال سميتها ويتخلص منها مع نفايات الجسد.

كما يقوم الكبد بالتهام ايه مواد دقيقه، كدقائق الكربون التي تصل الي الدم، ويتم ذلك بواسطه خلايا خاصه تسمي خلايا (كوبفر)، والتي تبطن الجيوب الكبديه، ليتم افرازها مع الصفراء، وفي اثناء الصيام يكون نشاط هذه الخلايا في اعلي معدلات كفاءتها للقيام بوظائفها؛ فتقوم بالتهام البكتريا، بعد ان تهاجمها الاجسام المضاده المتراصه.

• اثبتت دراسات غربيه اجريت علي مجموعه من الصائمين ان كفاءه الاداء العضلي لهم تحسنت بنسبه 20% والام الساقين بنسبه 11% وسرعه دقات القلب بنسبه 20%، وهذا راجع بالطبع الي انتظام الدوره الدمويه، وسهوله تدفق الدم الي كافه اجزاء الجسم، وذلك لان القلب يضخ الدم الي مختلف اعضاء الجسم، ويستفيد الجهاز الهضمي من 10% من هذه الكميه، واثناء الصوم يرتاح الجهاز الهضمي، وبالتالي يخف العبء علي الدوره الدمويه مما يؤمن سلاستها وتدفقها الي كافه اجزاء الجسم، وخاصه المخ البشري الذي يحتوي علي 15 الف مليون خليه الهمتها القدره الالهيه امكانات خارقه علي التفكير والتعمق في المسائل المعقده وحلها، وتزداد هذه الامكانات مع زياده ورود الدم اليها، الامر الذي يحسن من القدرات الذهنيه والفكريه للصائمين.

نرشح لك

أهم أخبار رمضان

Comments

عاجل