المحتوى الرئيسى

"زرابي" أزلغ الأمازيغية..احتفالية قبائلية لغزل الصوف في المغرب

06/12 16:09

تازناخت (جنوب)/ ساره ايت خرصه / الاناضول - 

علي مشارف الصحراء، وبين سفوح الجبال، تمتد البيوت الطينيه مظلله بسواعف النخل والمصقوله حوافها بايادي القرويين، من ابناء القبائل الامازيغيه المقيمه منذ الالاف السنين بمنطقه تازناخت، الواقعه جنوب مدينه ورزازات المغربيه (جنوب)، المعروفه بجوده "الزرابي" (السجاد).

اجمل انواع الزرابي التي تحبكها نساء "ورزازات" في الاماسي الدافئه ممززجه باهازيج الامازيغ القديمه، تلك الملقبه بـ"الزربيه الواوزكيتيه" (نسبه لقبائل ومنطقه زكيت قرب تازناخت).

قبيله "ازلغ" احدي القبائل التي ابدعت نساؤها في نسج الزرابي وحياكتها، وتفننت في تلوينها وصباغتها محليا بواسطه الاعشاب، وبعض الاحجار الخاصه، وتزينها برسوم "اكلان" (رموز امازيغيه).

كما تشتهر قبائل "تلاوين"، و"زكيت"، و"جبل سروه" الامازيغيه بجوده الزرابي التي تنتجها نساؤها وتتنافس في تجويد صناعتها.

روائح الحناء، والزغفران، والرمان تزكم الانوف، وتضجّ بها  بيوت قبيله "ازلغ" حين تتاهب النسوه لصباغه الصوف وتلوينه، اياماً واسابيع قبل البدء في نسج الزرابي.

وتقول رئيسه احدي التعاونيات النسويه لصناعه الزرابي، في منطقه تزناخت، فطومه محماد (38سنه)، انه "بعد جلب الصوف وغسله وتجفيفه وتنقيته من كل الشوائب، ننتقل الي عمليه الصباغه، حيث تعد النساء بواسطه مواد طبيعيه كالحناء والزعفران وماء الورد، وتضعها في خلطات مع الماء المغلي في قدور نحاسيه، ويترك الصوف في حمامات الالوان لمُدد مختلفه، حسب طبيعه كل لون، فاللون الازرق يتطلب مثلا مكوث الصوف لـ3 ايام في القدر المخصص له، فيما يتطلب الحصول علي اللون الاسود مكوثه لازيد من شهر".

قبل استقرار المراه علي  شكل الزربيه التي ستقوم بنسجها، تعد مساعداتها من بنات القريه او العائله كميات الصوف التي ستحتاجها، وبعد تجفيف الصوف المصبوغ وتشربه للالوان، تصطف ثلاث نسوه لجمعه في "كبب" (صناديق) خشبيه خاصه، امراتان تمسكان ما يدعي بـ"الوتاد" (قطعه خشبيه تبث عليها الصوف)، واخري تتنقل ذهاباً واياباً بين طرف "الوتاد" ناقله خيوط الصوف، ولا يكسر رتابه هذه العمليه الا الاهازيج التي تتصاعد من جنبات البيت الطيبيه صادحه بانتمائهن وتاريخهن العتيق.

فاظمه لحسن (43 سنه) ام وربه بيت، بلباسها الامازيغي المميز، وحُليها  الفضيه المسبوله علي جبهتها، تحمل "منكشها" (اله حياكه) الحديدي، وتضم به خيوط الصوف بخفه وببراعه، تقول انها اكتسبتها من سنوات الطفوله المبكره، ففاظمه تعلمت كسائر بنات القريه فن نسج الزرابي من امها وجدتها، وانجزت اول زربيه من صنعها وعمرها لا يتجاوز 15 سنه.

وتضيف "الزربيه بالنسبه لي ليست فقط مجرد قطعه من الصوف الملون، اضطر لنسجها والجلوس ساعات طويله للتفكير في مزج الوانها، وصياغه اشكال زخرفتها المستوحاه من ثراتنا الامازيغيه القديم، بل هي متنفس اعبّر من خلاله عن دواخلي وما يعتمل صدري، واجلس بمحاذاه منسج الصوف في اوقات حزني وكدري، فكلما اسرفت في خلط الالوان وحياكه الخيوط وتصفيفها احسست براحه نفسيه عارمه".

نسج الزربيه الواوزكيتيه لدي قبيله "ازلغ" له عادات خاصه، كسائر قبائل الجنوب المغربي، فنسجها لا يتم الا في اطار حلقات جماعيه، تجتمع فيها نساء القبيله في فناء احدي البيوت، ويحضرن مناسجهن ويوزعن الادوار فيما بينهن، بين من تفك خيوط الصوف، واخريات يبرمنه في كُبب، ومن يضعن الالوان المطلوبه منه في المناسج، واخريات يحضرن طبقاً للجمع المنهمك في النسج، غالباً ما يتالف من بعض الفواكه الجافه، وكؤوس الشاي المغربي مع النعناع.

ولغزل الزرابي ايضاً مواقيت خاصه، تنضبط لعادات القبيله واعرافها، وتطير نسائها من بعض التواريخ التي تقول الروايه الشعبيه انها "فال سوء" علي المراه واسرتها، ففي مدينه تازناخت ، تعتزل النساء عزل الصوف وحياكه الاثواب والزرابي طوال الايام العشر الاولي من شهر محرم، وتبتعدن ما امكن عن الجلوس امام المناسج خلال ايام الاثنين والخميس، وتضج الذاكره العبيه للمنطقه باقاصيص واحاجي عن الحوائح والمصائب التي المت ببعض النساء اللائي تجاسرن وكسرن القواعد واوين لمناسجهن خلال "الايام المحرم".

نرشح لك

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل