النمل يعرف مسالكه رغم دماغه الصغير - BBC Arabic

يملك نمل الصحراء قدرات عجيبه علي التنقل ومعرفه الطرق التي يسكلها. ويمكن للعلماء حالياً ان يفهموا بشكل افضل كيف يعمل دماغ هذا النمل من خلال وضع نموذج له علي روبوت.

فتضع انواع من النمل مواد كيمياويه علي المسارات التي تسلكها اينما ذهبت، وهي تستخدم هذه المواد لتستدل بها علي طرقها بحثاً عن الغذاء وللعوده الي موطنها بسهوله.

ولكن احد انواعها، وهو نمل الصحراء، لا يفعل ذلك. فبدلا من ان يتبع مسارات وضعها اخرون، فانه يغادر موطنه ويتنقل علي ما يبدو بشكل عشوائي، ومع ذلك فانه يجد طريقه للعوده الي موطنه علي الدوام.

يعود الفضل في ذلك الي استخدام هذا النوع من النمل طريقه تدعي تكامل المسار، وهو نظام داخلي لتحديد المواقع اشبه بنظام "جي بي اس".

كما يستطيع هذا النوع من النمل ان يتذكر طريقه للعوده الي موطنه من خلال تذكر المسلك الذي سار فيه اعتمادا علي علامات مرئيه يحفظها في ذاكره عقله الدقيق.

ويشبه ذلك ما يستخدمه الانسان ذهنياً باستعمال مسار مالوف: فاذا ضللنا الطريق في ايه نقطه في ذلك المسار، فاننا علي الارجح نتذكر المكان الذي كنا فيه.

تضمن هذه المنظومه الفعاله للغايه انه اذا ما ضل النمل طريقه ولو قليلاً عن دربه المعتاد، فانه بمقدوره الاستعانه بتلك العلامات المرئيه لاعاده توجيه مساره.

وقد سعي فريق من الباحثين بجامعه ادنبره بالمملكه المتحده تحت اشراف "باربرا ويب" الي التعرف علي طريقه انجاز هذه العمليه بالضبط في دماغ نمله. وصمم فريق البحث نموذجا للتعرف بشكل افضل علي خطوات هذه العمليه.

وتقول "ويب"، التي عرضت رؤيه فريقها في اجتماع "جمعيه علم النفس" لعام 2015 في نيويورك، : "لهذا النمل دماغ يمكنك ان تضعه علي راس دبوس. ما يهمنا ان نفهمه هو المسار المتبع في دماغه".

ودرس الفريق بعنايه منطقه تسمي الاجسام الفطريه، ثم استنسخوا بنجاح هذه "الشبكه العصبيه" علي روبوت صغير حيث تمثل كل نقطه التقاء في هذا النموذج خليه من خلايا الدماغ.

والروبوت في الاساس عباره عن هاتف نقال علي عجلات. ومثل النمله، يمكنه ان "يري"، وان كان عن طريق كاميرا.

كما انه يتحرك وفق تطبيق معين يتيح له التنقل في المجإل ألقريب. واضافه لذلك، فان لديه عدسه متعدده الاتجاهات تشبه قدره النمل علي الرؤيه بجميع الاتجاهات، اي بزاويه 360 درجه.

واخيراً، يمكن للروبوت ان يتذكر (يخزن) ما يصل الي 400 صوره ليستخدمها في التعرف علي الاماكن المالوفه.

استطاع الروبوت ان يتبع مسارات بنفس الطريقه التي يقوم بها النمل، وفي نفس البيئه الصحراويه.

وتقول "ويب" ان ذلك يؤكد ان النمل يستعين حقا بمجموعه محدده من الاشكال المرئيه ليساعده في التنقل واستدلال طريقه. وتضيف: "اذا كان بمقدورنا اعاده انتاج ذلك السلوك في هذا النظام المصطنع، فذلك يدل علي اننا حصلنا علي تفسير جيد".

وتابعت "ويب" القول ان دماغ النمله المصطنع له ايضاً تطبيقات عديده. واوضحت: "توجد امكانيه لصناعه روبوتات متنقله خاصه في مواقف لا يريد الشخص ان يستخدم فيها اجهزه استشعار معقده جداً."

تتمتع عين النمل، وبالتالي الروبوت ايضا في هذه الحاله التجريبيه، بفاعليه كبيره، ومع ذلك فانها لا تستوعب سوي قدر قليل جدا من الذاكره. ولذا، فان بناء جهاز صغير لا يحتاج الي الكثير من الطاقه سيستخدم علي نطاق واسع.

ويعرف عن مجتمع النمل قدراته المدهشه للعمل مثل كائن حي جبار، وبناء ما يشبه دماغ نمله ما هو الا دليل اخر علي كيف يمكن الاستفاده من العمليات الطبيعيه في استلهام ابتكارات تكنولوجيه.

علي سبيل المثال، جرت الاستفاده من قدرات الحفر المذهله لانواع النمل الغازيه في تصميم روبوتات البحث والانقاذ.