المحتوى الرئيسى

القواعد الأمريكية.. تتقلَّص في الخليج لصالح المحيط الهادئ - ساسة بوست

06/09 21:42

منذ 28 دقيقه، 9 يونيو,2015

لسبعه عقود، بسطت الولايات المتحده هيمنتها علي المحيط الهادئ، بحيث تهزم اي قوه بحريه او جويه في هذه المنطقه، كما تحمي تجارتها واراضيها ايضا. لكن الصين باتت تهدد هذه الهيمنه بعد ان قامت بتوسيع انتشارها، ونطاق ضرباتها في المنطقه، بالاضافه لسعيها ان تحل محل الولايات المتحده بوصفها القوه العسكريه الاولي في المنطقه.

الرد الامريكي علي هذا التهديد جاء من خلال وزاره الدفاع التي اعلنت الاعتماد علي “استراتيجيه المعادله”، حيث تسعي الي التفوق في نشر القوه العسكريه التقليديه والحفاظ علي هامش تفوق ولو جزئي، ضد الصين.

في حين لا تزال لدي الولايات المتحده مزايا عسكريه كبيره، الا ان تفوقها في بعض المجالات الحربيه الرئيسيه في خطر؛ السفن التابعه للبحريه الامريكيه والقواعد الغربيه في المحيط الهادئ معرضه لهجمات صاروخيه من صواريخ هي الان بالفعل جزء من المخزون الصيني.النتيجه النهائيه هي ان الصين تعمل علي تطوير قدرتها علي دفع مناطق عملنا ابعد عن معركه محتمله، وبالتالي الحد من قدرتنا الهجوميه والدفاعيه، يطور الصينيون نظاما متكاملا للدفاع الجوي يضع السيطره الجويه للولايات المتحدة موضع شك، وسيمكّن من تحدي التفوق الجوي في بعض المناطق بحلول عام 2020. فرانك كندال، المسؤول الرئيسي عن تطوير وامتلاك الانظمه العسكريه الجديده في البنتاجون.

انني هنا اليوم لاقول ان القياده الامريكيه في منطقه اسيا والمحيط الهادئ ستكون دائما نقطه تركيز اساسيه لسياستي الخارجيه.

هذا ما قاله الرئيس الأمريكي باراك اوباما في نوفمبر عام 2014. كان اوباما يُطمئن المخاوف التي تعتري حلفاءه الاسويين من تعزيز الجيش الصيني، والنزاعات البحريه التي وقعت بين الصين وجيرانها. اتت هذه التصريحات في اطار تحويل واشنطن اهتمامها بالشرق الاوسط لصالح مناطق اكثر اهميه، فالولايات المتحده بدات في التراجع عن الاهتمام بالانخراط في المنطقه.

هذه السياسه عبرت عنها وزيره الخارجية الأمريكية السابقه هيلاري كلينتون ايضا، التي اشارت لضروره التحول الاستراتيجي الامريكي من الشرق الاوسط الي منطقه اسيا والمحيط الهادئ، بالاضافه الي تنويع مصادر حصولها علي النفط. وانخفضت واردات امريكا من نفط الشرق الاوسط، من 1.007 مليون برميل سنه 2001 الي 789.082 برميل سنه 2013، وراحت تحصل علي نفط بديل من وسط وجنوب امريكا، بالاضافه الي كندا. حسب مقال لاحمد الكاتب نشرته مجله السياسه الدوليه.

ليس بمقدورنا ان يستغرق اقليم واحد وقتنا كله، ايا كانت اهميته، ويري الرئيس ان الوقت مناسب لخطوه للوراء، واعاده التقييم، بطريقه نقديه وغير متزمته، لكيفيه ادراكنا لمكانه اقليم معين. وان هدف الرئيس هو تجنب ان تبتلع الاحداث في الشرق الاوسط كل اجنده اعمالنا، كما كانت عليه الحال مع الرؤساء قبله”، مستشاره الامن القومي الامريكي سوزان رايس.

لكن لماذا نشرت الولايات المتحده قواتها عبر العالم؟

القواعد الامريكيه تشكل “مجال نفوذ” لاميركا، علي حد تعبير “زولتان غروسمان” الجغرافي الاميركي بكليه ايفرغرين في اوليمبيا بواشنطن، الذي يقول ان امريكيا انشات حوالي 35 قاعده بعد عام 1989، بين بولندا وباكستان.

وتوجد القوات الأمريكية في 130 دوله حول العالم، ويزيد عدد قواعدها علي الالف حسب ما نقلت “الجزيره نت” عن مصادر عسكريه. مهمه هذه القواعد هي تدريب قوات الدول المتواجده بها، بالاضافه الي المشاركه في”حفظ السلام”، و”الحرب ضد الارهاب”.

بدات الولايات المتحده التواجد بقواتها ابان حرب الخليج عام 1991، واقامت قواعد عسكرية ثم زادت هذه القوات اعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2011، وهي التي شاركت في غزو العراق والحرب في افغانستان.

توجد الولايات المتحده في هذه المنطقه بهدف تامين المنشات النفطيه الخليجيه من اي اعتداء خارجي محتمل، كما تضمن تدفق النفط عبر الخليج ومضيق هرمز، الي المحيط وصولا اليها دون مخاطر.

وحسب تقرير لGlobal Research News، فان 686 هو القواعد الذي اعلنت عنه وزارة الدفاع الأمريكية لا يشتمل علي القواعد المعروفه في قطر والكويت، وبطبيعه الحال لم تشر الوزاره الي القواعد السريه التي يقال انها موجوده في السعوديه واسرائيل. لكن الوجود الامريكي هنا ليس كبيرا من حيث القواعد، بالمقارنه مع البلدان التي غزتها امريكا في الحرب العالميه الثانيه.

للتوسع حول القواعد الامريكيه في الخليج اقرا: اهمّ القواعد العسكريه الامريكيه في الخليج.

كيف تقلل امريكا اعداد قواتها في المنطقه؟

قبل خمس سنوات، بدات الولايات المتحده تقليل عدد قواتها في الخليج العربي، حيث كان عددهم الاجمالي اكثر من 230 الفًا. والان، يصل هذا العددالي نحو 50 الفا.

يعتقد المسئولون الامريكيون ان القوات الموجوده اكثر بكثير من المطلوب، اذ ان المخاطر التي قد تواجه امريكا في المنطقه لا تحتاج كل هذا العدد. ويستشهدون علي امكانيه ترحيل القوات بما حدث مع القوات البريطانية التي كانت في المنطقه نفسها في خمسينيات القرن الماضي، الي ان انسحبت عام 1971.

نشرت جامعه جورج واشنطن دراسه بعنوان “مستقبل العسكريه الامريكيه في الخليج العربي”، تحدثت فيها عن كيفيه تفكير المسئولين الامريكيين في تقليل القوات في الخليج، وكيف يخططون لهذه العمليه ان تتم؟ فاشارت الي النقاط التاليه:

في الخمسينيات والستينيات، لم يكن بوسع الخليج ان يستخدم اداه النفط بشكل فعال، لان الاسعار كانت منخفضه، والطلب العالمي لم يكن كبيرًا، ولم تجد دول الخليج من المال ما يكفي للتوسع الخارجي. وبهذا كانت كل دوله منكفئه علي شؤونها الداخليه، مما هيا لبريطانيا ان تحتفظ بقوه صغيره الحجم مدعومه استخباراتيا بشكل جيد، وتمكنت بها من الحفاظ علي امن المنطقه.

كان الوجود البريطاني اكثر من كافٍ، فلم يسمح هذا الوضع للدول بمهاجمه البنيه التحتيه لمنافسيها، او الاستيلاء علي موارد بعضها البعض، بالاضافه الي ان النفط كان يتدفق بشكل طبيعي دون عرقله. وهذا يعني ان بريطانيا استطاعت القيام بدورها من خلال مزيج من “الذكاء”، والبنيه التحتيه التي تستطيع استيعاب قوات اضافيه حسب الحاجه.

لكن ما حدث، ان بريطانيا لم تر لها مستقبلا في الخليج، ففضلت الانسحاب. في الوقت الذي كان عليها ضخ قوات اكبر لو ارادت الاستمرار في الهيمنه علي المنطقه. فزياده الطلب علي النفط، وارتفاع الاسعار، انعش ميزانيات الدول، وجعلها تهتم ببناء قوي عسكريه تساعدها علي التطور لتصبح قوه اقليميه.

عندها ضاعفت ايران ميزانيتها العسكريه اكثر من مره، فيشير التقرير الي انها انفقت1.5 مليار دولار علي المشتريات من 1950 الي 1972، بينما زاد الانفاق الي اكثر من الضعف في عام 1973 وحده. وزادت ميزانيه الدفاع من 900 مليون دولار في 1970 الي 9.4 مليار دولار في عام 1977. ادي تضاعف اسعار النفط اربع مرات بعد عام 1973 الي تضاعف واردات السلاح اربع مرات ايضا.

لم تجلس العراق علي دكه المشاهدين، فكانت لها طموحات توسعيه ايضا، فزادت النفقات العسكريه بالقيمه الحاليه للدولار، من 252 مليون الي 1.66 مليار في الفتره من 1969 الي 1979، وتضاعفت القوه البشريه للجيش 3 مرات.

هل الوضع اقرب الي الخمسينيات ام السبعينيات؟

الوضع الان بالنسبه للولايات المتحده اقرب للخمسينيات كما تشير الدراسه، فايران منهكه من العقوبات التي وقعت عليها خلال السنوات الماضيه، ويركز العراق علي مشكلاته الداخليه، اما المملكه العربيه السعوديه فانها تعتمد علي غيرها، ولا تبدو مهتمه ببناء قوه ذاتيه.

ليست هناك مخاوف من الطموحات الاقليميه لدوله ما علي حساب الاخري، لكن ماذا عن الاضطرابات الداخليه للسعوديه علي سبيل المثال؟

المملكه العربيه السعوديه قادره علي ضخ كميات ضخمه من النفط، بحيث تعوض النقص في السوق العالمي في اي وقت، كما حدث اثناء حرب العراق وليبيا. وماذا لو حدثت حرب اقليميه بين وكلاء ايران والسعوديه في العراق وسوريا، ثم سعت ايران الي تاجيج ثوره شيعيه في المنطقة الشرقية التي يتركز بها النفط السعودي؟ ماذا لو سعت داعش كذلك الي شن هجمات علي السعوديه؟ وهل ثمه خطر علي شحن النفط؟

والاجابه: انه ليس بوسع امريكا ان تفعل الكثير حيال هذه المخاطر، بل ان وجودها قد يعمق الازمه اكثر من حلها، وكلما اقحمت نفسها في الصراع كلما زادت الامور تعقيدا. الوجود الامريكي لا يمكنه تخفيف الظروف السياسيه التي تساعد علي ظهور جماعات كداعش، بل يؤدي في كثير من الاحيان الي تفاقمها.

ثم تعود الدراسه للتاكيد ان اسوا فتره من العنف الطائفي، حدثت في العقد الماضي في حضور مئات الالاف من القوات الامريكيه علي الارض.

اما التهديدات التي تواجه انتاج النفط وشحنه لن تختفي

– حسب الدراسه -. بل انها ليست جديده، وتبذل المملكه جهدا كبيرا في تامين النفط وتلافي هذه الاخطار.

التعامل مع هذه المخاطر الموجوده في الخليج بوجود اصغر حجما، اقتداءً بالنموذج البريطاني، يمكن ان يوفر فوائد الهيمنه دون الحاجه لدفع تكلفه باهظه. الفوائد الاخري للوضع الجديد، تتمثل في ان القوه الامريكيه توفر حمايه لتدفق النفط، وتوفر الطمانينه دون التشجيع علي اي اخطار اخلاقيه، والاستقرار دون التسبب في ازمات محليه – حسب الدراسه -.

تقدم النهايه المرتقبه للحرب في افغانستان فرصه مثاليه للولايات المتحده لاعاده تقييم التزاماتها في المنطقه وللاستمرار في التخفيف من الوجود الامريكي. ورغم ان كلا من صناع السياسات الامريكيين ونظرائهم في الخليج قد اعتادوا علي بصمه امريكيه ثقيله وواضحه للغايه في الاقليم خلال ما يزيد علي العشرين سنه الماضيه، لم يعد هذا المستوي من الظهور ضروريا، بل اصبح شاذا اذا وضع في

سياقه التاريخي، دراسه “مستقبل العسكريه الامريكيه في الخليج العربي”.

ما الذي علي امريكا ان تبقيه؟

تشير الدراسه السابقه الي ان امريكا عليها ابقاء بينه تحتيه تسمح لها بزياده القوات لو لزم الامر، ويفضل ان تكون غير ظاهره، حتي لا يكون ذلك مكلفا دبلوماسيا. وتذكر تفاصيل هذه القوات علي النحو التالي:

يفضل ان تكون الطائرات الموجوده وقت السلم ليست طائرات قاذفه او مقاتله، فهذا النوع يمكن ان يتدفق بسرعه الي مسرح الاحداث، لكن المطلوب هو الطائرات التي تحلق عاليا، وتتمكن من المراقبه باستمرار.

الطائرات بدون طيار قد تكون مناسبه، وخاصه “ار كيو170″، القادره علي التسكع علي ارتفاعات عاليه لفترات طويله. لقد عملت هذه الطائره فوق ايران لسنوات دون كشفها الي ان تحطمت واحده منها هناك في عام 2011. هذا الطائره مناسبه لاكتشاف اي استعدادات لحمله كبيره ضد النفط في الخليج، بالاضافه الي انها تحتاج الي هيكل دعم صغير نسبيا وغير واضح.

صارت القدره علي جمع الاشارات الاستخباراتيه عاليه في الوقت الحالي، وتسمح للمحللين بالجمع بين المعلومات القادمه من البر والجو والمجسات الفضائيه.

اما عن السفن والمعدات البحريه، فتقترح الدراسه ان تُبقي امريكا علي استمرار انتشار السفن المضاده للالغام تحسبا لاي محاوله ايرانيه اغلاق مضيق هرمز. كذلك السفن التي يعد التخابر مهمتها الرئيسيه، والطائرات الساحليه الدوريه والمدمرات والطرادات يجب ان يكون مفيدا لتحقيق الردع.

بطء حركه السفن يجعل وجودها خارج الخليج لا معني له. وليس هناك سبب وجيه لوجود حاملات الطائرات بشكل منتظم في مياه الخليج، فالناقلات مصممه للمياه العميقه، وليس للمياه الضحله المغلقه. وبالرغم من نيرانها الهائله، الا انها لا تملك الكثير من الدفاعات الذاتيه، ويجب ان تعتمد علي العناصر القتاليه الاخري لتامين سفرها عبر المناطق المتنازع عليها. سيكون من الافضل ان تبقي في المحيط الهندي.

ولا مانع – حسب الدراسه – من الابقاء علي الاسطول الخامس الذي يوجد مقره في المنامه عاصمه البحرين، لان وجوده لا يكلف الكثير سياسيا، حتي في خضم الاحداث الساخنه بعد 2011، كانت بعيده نسبيا عن الاضواء. ولا تُلاقي ضجرا من السكان الذين يتسوق افراد القاعده بينهم ويعيشون وسطهم، كما ان الحكومه البحرينيه لا تبدي اعتراضا علي وجودها، بل انها وافقت علي زياده عدد طائرتي دوريه بها مؤخرا.

يمكن للولايات المتحده ان تخفض عدد قواتها البريه لانها لا ترتبط بحمايه النفط، لكنها تحتفظ بـ”اللوء الزائد” في الكويت، الذي يتراوح عدد جنوده بين 7000 الي 13500 جندي، ويؤدي مهاما بين مصر وباكستان، ولا تتصل طبيعه عمله بامن النفط، بل له ادوار اخري كالحرب علي الارهاب.

الوجود الدائم للجيش الأمريكي في الكويت لا يسبب ازمه ولا مانع من بقائه، فالعديد من الكويتيين يعتبرونه حصنا ضد العنف، ووقايه من الخطر الايراني. واذا كان الوجود في الكويت لا يحقق سوي حدًا ادني من الفائده، فانه لا يكلف سوي الحد الادني من المصاريف ايضا، لان الكويت تغطي نفقات القاعده العسكريه.

وفي المجمل، تري الدراسه انه يمكن ان يصل عدد القوات الي بضعه عشرات من الالاف، اقل بكثير من العدد الموجود حاليا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل