المحتوى الرئيسى

الفيفا: اهتز العرش فطار القرش !

06/09 11:36

في يوم الاربعاء بتاريخ الـ 27 من مايو/ايار الماضي، انشد العالم باسره الي مشهد اعتقال 7 من كبار مسئولي الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» من داخل اجتماع جمعهم بمدينه زيوريخ السويسريه بتهمه الفساد.

كان مشهد الاعتقال مهيناً جداً، حيث ظهر افراد الشرطه السريه السويسريه، وهم يقتادون المسئولين السبعه واحداً بعد الاخر، الي سيارات سوداء مظلله النوافذ، وقد قامو باستخدام شراشف بيضاء لحجب المعتقلين عن كاميرات المصورين الصحفيين وعن كاميرات المصورين التلفزيونيين. عمليه الاعتقال تمت بطلب من سلطات الولايات المتحدة الامريكية، ووفقا لتهم فساد صادره عن القضاء الاميركي. وبهذا الصدد قالت السلطات السويسريه (وزارة العدل) ان «ممثلين لوسائل اعلام رياضيه او شركات للتسويق الرياضي، متورطون علي ما يبدو، في دفع اموال لموظفين كبار في منظمات لاتحاد كرة القدم (مندوبون وغيرهم من العاملين في منظمات فرعيه للفيفا) مقابل حقوق في وسائل الاعلامن وحقوق للتسويق للمباريات التي تقام في الولايات المتحده واميركا الجنوبيه». واوضحت وزاره العدل السويسريه انها تتحرك بطلب من نيابه منطقه شرق نيويورك.

كان متوقعاً لتبعات هذه الفضيحه ان تزلزل عالم كره القدم، خاصه وان تهم الفساد لاولئك المسئولين هي شبه مؤكده وموثقه كما قال المسئولون الامريكيون والسويسريون، الذين اكدو ان لديهم معلومات موثقه موجوده علي اجهزه الحاسوب، وفي ايدي الشرطه الامريكيه والسويسريه. ولقد كان متوقعا لهذا الزلزال ان يودي براس المنظمه اي جوزيف بلاتر "سيب" الذي تحدث مرارا عن الفساد داخل الفيفا والذي توعد اكثر من مره بمحاربته واستئصاله ، غير ان«الثعلب العجوز» كما يطلق عليه البعض اي بلاتر سرعان ما عاد الي سده الرئاسه ، التي تربع علي عرشها 16 عاماً حتي الان، لولايه خامسه من 4 سنوات جديده، قبل ان يضطر بفعل الضغوط من كل حدب وصوب للاستقاله بتاريخ 2 يونيو/حزيران الجاري.

علي ايه حال فان اتهامات الفساد في الفيفا، ليست جديده، بل هي تحوم حول الفيفا منذ سنوات وسنوات، وقد حدثت استقالات عده في الفيفا كان ابرزها استقاله عيسي حياتو رئيس الاتحاد الافريقي، المعروف اختصاراً باسم الـ«كاف» حيث كشفت تقارير اعلاميه عام 2010 عن وثائق مهمه تثبت تورط 3 اعضاء من «الفيفا» من بينهم عيسي حياتو، في قضيه فساد واستلام رشاوي، اضافه الي ريكاردو تيكسيرا، رئيس الاتحاد البرازيلي لكره القدم وعضو في لجنه التنظيم لكاس العام، وكذلك البراغوياني نيكولا ليوز رئيس كونفديراليه اميركا الجنوبيه لكره القدم.

وحسبما ذكر فقد تلقي هؤلاء الاعضاء الثلاثه الرشاوي من طرف وكاله الاتصالات المتخصصه في التسويق الرياضي، لتقوم ببيع الحقوق الحصريه لكاس العالم، وتتعلق هذه الوثائق الخاصه بالمؤسسه بـ157 دفعه غير قانونيه في الفتره الممتده بين 1989-1999 بقيمه 100 مليون دولار.

وقبل ايام، تواصلت تداعيات فضائح الفساد في اروقه الاتحاد الدولي لكره القدم مع الزج باسم امينه العام الفرنسي جيروم فالك في تحويل 10 ملايين دولار لحسابات مصرفيه يملكها نائب رئيس فيفا السابق الترينيدادي الموقوف جاك وارنر، وقد سارعت الفيفا بالاقرار بها ، لكنها نفت تورط فالك. وبعدما وعد القضاء الاميركي ان اتهاماته لمسؤولي الاتحاد الدولي بالفساد لا تزال في بداياتها، ذكرت صحيفه «نيويورك تايمز» ان فالك قام بتحويل 10 ملايين دولار لوارنر.

واقر الاتحاد الدولي بتحويل الملايين العشره لكنه نفي تورط فالك، وقال في بيان ان فالك «او اي عضو اداري رفيع المستوي في فيفا، لم يكن متورطا في اقرار وتنفيذ» حواله لوارنر الذي كان انذاك رئيسا لاتحاد كونكاكاف (اميركا الشماليه والوسطي والكاريبي)، من قبل جنوب افريقيا.مهما يكن، فقد كان واضحاً ان فساد الفيفا تجاوز الحدود ويبدو ان الامر مرتبط بمافيا رهيبه لا تتحكم بالكره وبالمباريات بل ببيع التذاكر (تذاكر المباريات التمهيديه والنهائيه للمونديالات والبطولات القاريه) في السوق السوداء، وكذلك ببيع حقوق البث التلفزيوني وصولا الي بيع الاعلانات وحتي المونديالات. وغني عن القول ان كل هذا يدر ارباحاً تصل الي مئات المليارات من الدولارات، وتفوق مداخيل عدد كبير من الدول. لا بل ان اخر الارقام التي اعلن عنها عن حجم الفساد في هذا الملف، يبلغ ‬350 مليار دولار سنويا.

ومن اشهر اتهامات الفساد ضد بلاتر، كانت عام 2011 حينما خصص 20 مليون يورو من اموال الـ«فيفا» لفريق العمل لمكافحه الفساد بالتعاون مع المنظمه الدوليه للشرطه الجنائيه «الانتربول» وهو ما سمي بـ«الملف الاسود». ودفع بلاتر تلك الاموال حسبما تقول الصحف البريطانيه للتحقيق بقضيه التلاعب بنتائج حوالي 300 مباراه، في 3 قارات مختلفه، وذلك في محاوله لغسل يديه من القضيه. وحينها اتهم بلاتر بتجاوز حدوده التنفيذيه فلا يعقل ان تمول الـفيفا نشاطات الانتربول.

وهناك الكثير من الامور التي تثير حفيظه المتتبعين لكره القدم التي اصبحت تدار كما يدار العالم من قوه عظمي مدعومه من شركات كبري (مثل نايكي واديداس وبوما وكوكاكولا وبيبسي وغيرهم). كما اثير الكثير من الجدل في كاس العالم 2006 بسبب قرعه كاس العالم التي كانت تحتوي علي الكثير من الظلم للبعض والكثير من التساهل للبعض الاخر.

وحينها فضح اللاعب الارجنتيني دييغو مارادونا الفيفا بقصه التلاعب في القرعه من اجل عيون بعض الفرق العالميه، لضمان مشاركاتها وتاهلها، مما احدث ثوره ضده في ذلك الوقت وشنت عليه حربا لا هواده فيها، واوقف وقتها مارادونا مرتين بتهمه تعاطي المخدرات. لقد فعل الانجليز الكثير من اجل ابعاد بلاتر عن رئاسه الفيفا، وشن الشارع الانجليزي ضده هجوما لاذعا بعد خساره انجلترا لشرف تنظيم كاس العالم 2018، حيث تم اتهامه بالرشوه وبداوا في البحث والكشف عن حالات الفساد المحتمله في ادارته.

واتهمت انجلترا بلاتر ومعاونيه بتلقي رشوه لانجاح الملف الروسي، اذ نشرت صحيفه الغارديان تقريرا بشان الاحداث، مؤكده ان رئيس الاتحاد الدولي اجتمع مع شخصيات روسيه مطلوبه من الشرطة الدولية انتربول قبل عمليه التصويت لاختيار البلد المنظم.

ورغم نفي بلاتر الشديد لتلك الاتهامات، الا ان الانجليز الذين يتمتعون باعلام يعد من الاقوي تاثيرا علي الساحه، ردوا عليه بطريقه لم يكن يتوقعها حين بث صورا له مع واحد من اشهر شخصيات المافيا الروسيه ويدعي اليمزان توختاخينوف، ويعد من المطلوبين لدي الشرطه الدوليه لتورطه بجرائم عده ويصنف من ضمن اخطر الرجال في روسيا. لكن وعلي الرغم من اهتزاز عرش جوزيف بلاتر اكثر من مره، فان هذا الداهيه السويسري، كان يعاود الوقوف علي قدميه في كل مره. "لكن الجره لم تسلم هذه المره" كما يقول المثل الشعبي.

وعقب احدث تجليات قضايا الفساد في الفيفا، واعتقال مسئوليها، جددت الصحف الالمانيه مطالبه بلاتر بالرحيل واضعه علامات استفهام كبري حول وضعه وحول تنظيم كاس العالم في روسيا وقطر. وشكل هذا الموضوع ماده رئيسيه للصحافه الالمانيه حيث رات معظم الصحف الالمانيه ان الوقت حان لاستئصال الفساد من الاتحاد الدولي لكره القدم، واعاده النظر في ملف تنظيم نهائيات كاس العالم في روسيا وقطر عامي 2018 و2022. وقالت صحيفه «دير تاغسشبيغل» البرلينيه «مهما كان الثمن غاليا، فينبغي للمرء اولا وقبل اي شيء ان يحاول اعاده اختيار البلد المنظم لبطوله العالم وسحب الثقه من قياده الاتحاد الدولي لكره القدم. والا بقي الفساد متجذرا في الفيفا، والي ان يتم ذلك لن يساعدنا سوي حلم ان تحتل قوات حفظ السلام المقر الرئيسي للفيفا.»

اما صحيفه فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ فالقت نظره علي دور بلاتر بالقول: «مره اخري يتمسك الرئيس بدور البريء بعد موجه الاعتقالات التي شهدتها زيوريخ (...) لكن لا يهم اذا كان قد سمح لزملائه المشتبه فيهم بالفساد او لم يتمكن من اثنائهم عن ذلك. فبصفته رئيسا للاتحاد كانت مهمته تقتضي ان يخلص الاتحاد من شله المسؤولين الفاسدين. اذن فهو يتحمل المسؤوليه السياسيه لهذه الكارثه، التي تتجاوز كره القدم بكثير».

اما صحيفه «دي فيلت» فقالت انه «الي جانب المعلومات واجهزه الحاسوب، التي هي تحت ايدي الشرطه السويسريه، فمن المنتظر كذلك ان يعترف المسؤولون المعتقلون بالحقيقه - يمكن ان يبدو الامر غريبا. ولكن مع خطوره الادعاءات والعقوبات المتوقعه، سيكون من الصعب علي متهم ان يرفض عرضا يتحول بموجبه الي شاهد ملك يستطيع من خلاله ان يحسن وضعه.»

وبدورها فقد عالجت صحيفه «بيلد» الشعبيه الواسعه الانتشار في المانيا، موضوع فضيحه الفيفا بنشر صوره كبيره لبلاتر علي الصفحه الاولي وعنونتها بالعنوان العريض:«ارحل!». اما عن اوجه الفساد فهناك علي سبيل المثال لا الحصر، ان كل واحده من مباريات كاس العالم التي ينظمها الفيفا تشهد بيع الاف التذاكر في السوق السوداء باسعار عاليه تتراوح بين 3000 دولار لبطاقه مباراه الدوري الاول و 20000 لبطاقه مباراه الدورين النهائي وما قبل النهائي. وهنا قالت تقارير اعلاميه كثيره عن شركات مقرّبه من اعضاء بارزين في الفيفا باعت هذه التذاكر في مونديال البرازيل 2014 وقبله في مونديال جنوب افريقيا 2010. 

وفي مجال حقوق بث المباريات عبر شاشات التلفزه فان علي الفيفا منحها لاكبر عدد من القنوات التلفزيونيه الوطنيه لتمكين مختلف الشرائح الاجتماعيه من متابعه مبارياتها كحدث رياضي عالمي يتشوق لمتابعته غالبيه الناس، لكن الوقائع تشير الي التوجه وبشكل متزايد الي بيع هذا الحق للمحطات التي تدفع مبالغ اعلي وجني مئات ملايين الدولارات من هذه العمليه، مع ان نظام الاتحاد الدولي لكره القدم، ينصّ علي انه منظمه غير ربحيه.

1 من 2 مليار دولار

ينظر الي الفيفا علي انها منظمه غير ربحيه ملزمه باعاده استثمار اموالها في نشر كره القدم من خلال مشاريع تنمويه ورياضيه. لكن عائدات الفيفا من مونديال 2014 لوحده قدرت بحوالي 2 مليار دولار امريكي انفق منها اقل من مليار واحد. من الواضح ان الفساد بات مستشريا في تلك المؤسسه لدرجه ان حتي حمله الاعتقالات الاخيره التي طالت عددا من رموز الفساد في المؤسسه، والتي توقع الكثيرون ان تقلب المعادله، لم تؤثر في النتيجه بشيء. لكن ومع ذلك فان «العجوز المحنك» اي بلاتر كما يصحلو للبعض وصفه، نجح في التربع علي عرش الفيفا لولايه خامسه، بعد انسحاب منافسه الامير الاردني علي بن الحسين من انتخابات رئلسه الفيفا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل