المحتوى الرئيسى

أحمد عبد ربه يكتب لـCNN عن ملامح مصر في العام الثاني من حكم السيسي

06/07 14:51

هذا المقال بقلم احمد عبد ربه، وهو ضمن مقالات ينشرها موقع CNN بالعربية بالتعاون مع صحيفة الشروق المصرية، كما انه لا يعبر بالضروره عن راي شبكه CNN .

ساعات قليله وينتهي العام الاول من حكم الرئيس وتدخل مصر العام الثاني تحت قياداته كراس للسلطه التنفيذيه وراس للدوله ايضا. يري بعض الزملاء ان العام الاول من حكمه لا يجب القياس عليه باعتباره مؤشرا لما هو قادم علي اعتبار انه عام "التسليم والتسلم" وان العام الثاني سيكون مختلفا بشكل اكثر ايجابيه، لان الرئيس حتما حصل علي خبره في الحكم لم يكن يمتلكها قبل ذلك، بينما يعتقد البعض الاخر ان العام الاول هو مجرد مؤشر لما هو قادم وان الامور ستتجه لمزيد من التصاعد خلال الفتره القادمه.

في تقديري، ان خبره السنوات القليله الماضيه علمتنا درسا هاما وهو ان بناء سيناريوهات طويله الاجل في اوضاع سياسيه رخوه كتلك التي تعيشها مصر هو اضاعه للوقت والجهد فيما لا يفيد. فمساحه عدم التاكد والغموض والسيوله في المشهد المصري تجعل كل السيناريوهات ممكنه بالفعل. وبالتالي فبدلا من رسم سيناريوهات للعام الثاني من حكم الرئيس ساحاول رسم ملامح عامه لشكل مصر خلال العام القادم من خلال تحديد الاجابه علي ثمان اسئله رئيسيه علي النحو التالي:

اولا: هل سيعتمد الرئيس علي ظهير سياسي؟ اجابه هذا السؤال ستساهم في تحديد ملامح هذا العام الثاني، فهو اول رئيس منذ عهد الجمهوريه لا يعتمد علي ظهير سياسي يساعده في الحكم وفي ربط سياسات الدوله العليا بالسياسات المحليه وجماعات الضغط القبليه او الفئويه. كان الاتحاد الاشتراكي ومن بعده الحزب الوطني يقومان بهذه المهمه وكان دورهما مزدوجا، فمن ناحيه عملا كادوات للضبط والتحكم في جموع الشعب من خلال ايجاد صيغ زبائنيه (تقديم خدمات وفرص توظيف وعقود اسثتماريه مقابل الولاء وطاعه النظام السياسي)، ومن ناحيه اخري فقد ساهما ايضا في العمل كقناه تواصل بين الرئيس والجماهير. السيسي خلال العام الاول لم يبدو انه مكترثا باهميه هذا الظهير ومن هنا فقد فقد واحده من اهم وسائل الضبط والتحكم والتواصل مع الجماهير.

ثانيا: هل سيعين الرئيس سياسيين مدنيين في القصر؟ الاجابه علي هذا السؤال ايضا ستحدد بشكل كبير ملامح البيئه السياسيه المصريه. فوجود اشخاص مدنيين ذوي خبره سياسيه في الاتحاديه سواء ضمن سكرتاريه المعلومات او في الدائره الضيقه لصنع القرار من شانه تغيير طريقه واداء وخطب السيسي وجعله اكثر مرونه في التفاوض والحوار وفهم ان مصر الان في القرن الحادي والعشرين مع بيئه داخليه واقليميه مليئه بالتهديدات والتغيرات لا يمكن ان تدار باسلوب الفرق العسكريه حيث الهيراركيه الشديده والطاعه والولاء غير المشروطين، وان النجاح السياسي هو في اداره الصراعات والاختلافات لا بالقضاء عليها.

ثالثا: هل سنري اخيرا برلمانا؟ خلال هذا العام الثاني نحن امام ثلاث احتمالات بخصوص البرلمان. اما الاول فهو ان يتم تعديل القوانين الانتخابيه بشكل يسمح بالتعدديه مع انفراج نسبي في البيئه السياسيه تسمح بمنافسه حقيقيه تنتهي بائتلاف حكومي محدود (بين حزبين او ثلاثه علي الاكثر) يشتركون مع الرئيس في تشكيل حكومه ائتلافيه هي خليط من سياسيين وبيروقراطيين. او ان تبقي القوانين علي حالها فيظهر برلمانا ضعيفا مفتتا ويتم تشكيل حكومه ائتلافيه مهترئه بمشاركه عشرات الاحزاب والمستقلين. اما ان تتحول لحامل اختام السلطة التنفيذية او تساهم في المزيد من الانسداد السياسي وتقف عقبه عصيه علي الحل امام السلطه التنفيذيه فيكون مصيره الحل. او الا نري هذا البرلمان اطلاقا خلال العام الثاني وتستمر السلطه التنفيذيه وتحديدا مؤسسه الرئاسه في الهيمنه علي عمليه التشريع.

رابعا: هل يقدم الرئيس علي تهدئه سياسيه تسمح بانفراجه في المشهد؟ هذا ايضا سؤال هام ستحدد الاجابه عليه شكل مصر في العام الثاني من حكمه. والحقيقه ان الاجابه علي هذا السؤال ليست سهله لان السؤال يفترض ابتداء ان السيسي وحده هو صاحب قرار التهدئه السياسيه او الانفراجه في المشهد، وهناك مؤشرات تقول ان القرار ليس قراره وحده وانه مرتبط باخرين ربما وراء الستار او انه مرتبط بقرار مؤسسات سياديه كالقضاء والاجهزه الامنيه او خليط من الاثنين بحيث هو وحده ليس صاحب القرار حتي لو اراد. وانه في بعض التقديرات رمانه ميزان بين هذه الاجهزه والشبكات السياديه جميعا، يحاول الموازنه بينهم لكن لا يملك توجيههم وحده. في كل الاحوال تبقي الاجابه عن هذا السؤال هامه لتحديد ملامح المستقبل.

خامسا: هل تصعد الجماعه والتيارات الاسلاميه المتمترسه وراءها؟ والمقصود بذلك انه وبعد تاييد الجماعه (او قطاع منها علي الاقل) لبيان "نداء الكنانه"، فهل تملك بالفعل الجماعه تحويل هذا التبني الصريح للعنف للمزيد من العمليات علي الارض؟ وهل ستكون هذه العمليات الارهابيه العنيفه مؤثره علي صانع القرار الرسمي فيحاول احتوائها او انها ستواجه بمزيد من القسوه وتستمر دائره العنف مفرغه وبلا نهايه؟

سادسا: كيف سيكون الاداء الاقتصادي للنظام خلال هذا العام؟ حتي الان يميل الرئيس الي سياسه المشروعات الكبري والارقام التجميعيه المبهره وهو ما ثبت محدوديه تاثيره النفسي والمعنوي والذي يستمر عاده لايام قليله ثم تنتهي الاحتفالات بمزيد من الاسئله التي لا تجد اجابات محدده. فهل سيتمكن النظام بالفعل من اشعار المواطن بتحسن نسبي تدريجي في حياته الاجتماعيه والاقتصاديه؟ ام ستستمر المعاناه علي الارض مع ارقام مبهره علي المستوي الرسمي؟ وكيف سيكون رد فعل الشارع حين اذ؟

سابعا:هل تتمكن القوي المدنيه من تحقيق تحالفات تكسر بها معادله محاصراتها واستبعادها؟ حتي الان التيارات الثوريه والليبراليه واليساريه محاصره بقوه بسبب ضعف تنظيماتها ومحاصرتها بكل السبل من ناحيه السلطه. فهل تتمكن هذه القوي من تحقيق تكتل ضاغط علي السلطه لاجبارها تقديم تنازلات ام تستمر في تشرذمها؟ هل تاخد موقفا موحدا من الانتخابات ومن قضايا حقوق الانسان والحريات والمجتمع المدني؟ قدره هذه التيارات علي اجبار السلطه علي تقديم تنازلات او استسلامها للاوضاع الراهنه سيكون محددا لملامح العام الثاني ايضا.

ثامنا: هل يستمر دعم البيئه الاقليميه والدوليه لنظام الحكم المصري؟ يحصل النظام المصري حتي الان علي ثلاث دعائم كبري من المحيط الاقليمي والدولي، الدعامه الاولي من وجود داعش وغيرها من عصابات الارهاب التي تؤكد من ناحيه اهيمه دور الجيش المصري في حمايه البلاد من التفكك كما حدث لبعض دول الجوار، ومن ناحيه ثانيه فهي تؤكد دور مصر في محاربه الارهاب بالنيابه عن القوي الاقليميه بل والدوليه كما يروج النظام، اما الدعامه الثانيه فتاتي من الدعم الخليجي غير المسبوق لمصر والذي ساهم بقوه في استقرار مصر بعد ٣٠ يونيو حتي لو كان هذا الاستقرار في حده الادني. ثم تاتي الدعامه الثالثه والمتمثله في رهان القوي الدوليه علي مصر باعتبارها رمانه ميزان الاستقرار في المنطقه ومن هنا دعم نظامها اقتصاديا حتي لو علي حساب الديموقراطيه وحقوق الانسان. فهل تستمر هذه الدعائم ام ستتغير بعضها او كلها نتيجه لتغيرات مفاجئه في الحسابات الاقليميه او الدوليه؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل