المحتوى الرئيسى

أسامة عبد الحميد يكتب: المرأة قبل الإسلام وبعده | ساسة بوست

06/06 18:31

منذ 3 دقائق، 6 يونيو,2015

تُعتبر مكانه المراه في الاسلام من اهم الموضوعات التي يهتم بها الغرب، ولا يخفي علينا انهم يتخذونها ذريعه للنيل من دين الاسلام والطعن فيه، ولكن ايضًا لا نغض الطرف عن ان هناك بعض المنصفين الذين قراوا عن الاسلام بانصاف وعبّروا عن ارائهم مثل مارسيل بوازار (مفكر وقانوني فرنسي معاصر).

حيث يقول: “ان الاسلام يخاطب الرجال والنساء علي السواء ويعاملهم بطريقه (شبه متساويه) وتهدف الشريعة الإسلامية بشكل عام الي غايه متميزه هي الحمايه، ويقدم التشريع للمراه تعريفات دقيقه عما لها من حقوق، ويبدي اهتمامًا شديدًا بضمانها. فالقران والسنه يحضان علي معامله المراه بعدل ورفق وعطف، وقد ادخلا مفهومًا اشد خلقيه عن الزواج، وسعيًا اخيرًا الي رفع وضع المؤمنه بمنحها عددًا من الطموحات القانونيه امام القانون والملكيه الخاصه الشخصيه، والارث”.

وكذلك المستشرق اميل درمنغم (مستشرق فرنسي، عمل مديرًا لمكتبه الجزائر) الذي يقول: “مما لاريب فيه ان الاسلام رفع شان المراه في بلاد العرب وحسن حالها”.

ويقول ايضًا: “من الخطا الفاضح والغلو الفادح قولهم ان عقد الزواج عند المسلمين عباره عن عقد تباع فيه المراه فتصير شيئًا مملوكًا لزوجها، لان ذلك العقد يخول للمراه حقوقًا ادبيه وحقوقًا ماديه من شانها اعلاء منزلتها في الهيئه الاجتماعيه”، ونحن – المسلمون – نؤمن ان شريعه الاسلام شريعه عالميه عادله تحقق المصالح للعالم، ولقد ارتقي الاسلام بمكانه المراه واولاها عنايه فائقه، حيث جاء الاسلام ليقول {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف}، {وَعَاشِرُوهُــنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، {وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضيِّقُوا عَلَيْهِنَّ}، وتسميه بعض سور القران باسم المراه كسوره “مريم”، بل وهناك سوره تسمي سوره “النساء”.

وبما ان المراه في الاسلام لها مكانه متميزه، وبما ان الاسلام سنّ التشريعات التي تصون كرامه المراه وتمنع استغلالها، فاننا اذن سنعقد مقارنه تستحضر حال المراه قبل الاسلام عند العرب وغيرهم.

المراه عند العرب قبل الاسلام

– لم يكن للمراه حق الارث، وكانوا يقولون في ذلك “لا يرثنا الا من يحمل السيف، ويحمي البيضه”.

– لم يكن للمراه علي زوجها اي حق، وليس للطلاق عدد محدود، وليس لتعدد الزوجات عدد معين، واذا مات الرجل، وله زوجه واولاد من غيرها؛ كان الولد الاكبر احق بزوجه ابيه من غيره، فهو يعتبرها ارثًا كبقيه اموال ابيه!

– وكان عند العرب في الجاهليه انواع من الزواج الفاسد الذي ابطله الاسلام.

– كان العرب في الجاهليه يكرهون البنات علي البغاء ويدفنونهن في التراب احياء (واد البنات) خشيه العار، وقد حرم الاسلام هذه العاده البشعه.

المراه في الديانه اليهوديه والمسيحيه

ان الاديان السماويه الثلاثه تتفق علي حقيقه واحده، وهي ان الله خلق الرجل والمراه، وهو خالق الكون باكمله، لكن يبدا التعارض بين الاديان – كما استقر وضعها بعد تحريف الاديان السابقه للاسلام – بعد خلق اول رجل واول امراه، فكما في العقيده اليهوديه والمسيحيه حرم الله علي ادم وحواء الاكل من الشجره المحرمه، لكن الحيه وسوست لحواء ان تاكل من الشجره، وحواء وسوست لادم ان ياكل معها عندما لام الله ادم علي ما فعله؛ القي كل الذنب علي حواء (التكوين 3: 12).

ثم اتبع ذلك ان قال الاله للمراه: تكثيرًا اكثر اتعاب حبلك، بالوجع تلدين، لكن الاسلام جاءت فيه الصوره مخالفه لهذا، حيث قال الله تعالي: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَهِ اِلاَّ اَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ اَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ}(الاعراف: ٢٠)،

فالقران جعل ذنب الاكل علي ادم وحواء معًا، فحواء لم تغوِ ادم او تخدعه، والحمل ليس عقابًا من الله.

ان صوره حواء (المراه) في الانجيل تقوم علي انها هي التي اغوت ادم، ولقد اثرت هذه الصوره الشائهه علي وجود المراه في المجتمع، فالمراه يعتقد انها ورثت الذنب من امها حواء، بالتالي فالمراه لا يوثق بها وليست علي خلق، ففي الانجيل الكاثوليكي “لا يوجد خطيئه يمكن مقارنتها بخطيئه المراه، فايه خطيئه تكون وراءها امراه وبسبب المراه سنموت جميعًا”.

وقد عدد حاخام يهودي تسع لعنات علي المراه بسبب السقوط من الفردوس: “علي المراه تسع لعنات ثم الموت: الطمث ودم العذريه وتعب الحمل والولاده وتربيه الاطفال وتغطيه راسها كانها في حداد، وتخرم اذنها مثل الجاريه ولا يؤخذ بشهادتها، وبعد كل هذا الموت”.

وحتي الان، اليهود الارثوذكس يقولون في صلاتهم: “نحمد الله اننا لم نخلق نساء”. ودعاء اخر يوجد في كتاب الصلاه عند اليهود “الحمد لله انه لم يخلقني وثنيًا، الحمد لله انه لم يخلقني امراه، والحمد لله انه لم يخلقني جاهلًا”.

والمصلح المشهور مارتن لوثر لا يري فائده للمراه سوي انجاب كثير من الابناء “اذا تعبن او متن الامر لا يهم، فليمتن بعد الولاده، فهذه هي وظيفتهن”.

بل في الانجيل الكاثوليكي يقول بكل وضوح “ان ميلاد الفتاه خساره”.

وقد ذكر في التوراه “المراه لا يحق لها ان تدرس التوراه”.

وقد صرح حاخام يهودي “انه من الافضل ان يحترق كتاب التوراه عن ان تقراه امراه”.

“وانه لا يحق للرجل ان يعلم ابنته التوراه” وقال القديس بول في العهد الجديد: “لتصمت نساؤكم في الكنائس لانه ليس ماذونًا لهن ان يتكلمن، بل يخضعن كما يقول الناموس ايضًا، ولكن ان كن يردن ان يتعلمن شيئًا فليسالن رجالهن في البيت، لانه قبيح بالنساء ان تتكلم في كنيسه”(كورنثوس 14: 34-35).

فكيف تتعلم المراه اذا كان غير مسموح لها ان تتحدث؟

كيف تنمو فكريًا اذا كانت يجب ان تكون خاضعه تمامًا؟ كيف توسع افقها؟! كل هذا التحقير يقابله صوره مشرقه لموقف الاسلام من المراه، فها هي تجادل رسول الله وتعارض خليفه المسلمين، ولها ذمتها الماليه، وتقوم بممارسه تجارتها، ووصفهن الرسول صلي الله عليه وسلم بشقائق الرجال، والمراه الحائض ايضًا في الكتاب المقدس مدنسه وتدنس كل ما حولها، اي شيء او اي احد تلمسه يظل مدنسًا يوما باكمله (لاويين 15: 19-23).

وبسبب هذا كانت المراه الحائض تنفي احيانًا لتجنب اي تعامل معها، فكانت ترسل الي بيت يسمي بيت الدناسه.

والتلمود يعتبر المراه الحائض قاتله، حتي بدون ان تلمس احدًا.

وقد ورد في التلمود ما يشبهها بالغائط.

كانت المراه مظلومه علي الدوام، بل كانت كما يقول عنها د.عبدالسلام الترمانيني في كتابه “الوسيط في تاريخ القانون والنظم القانونيه”: انها لا تمثل الاسلاف؛ فهي ان كانت زوجه لا تنحدر منهم؛ وان كانت ابنه لا ينحدر الاسلاف منها؛ وليس عند موتها عباده خاصه.

فهذه كانت حياه المراه عندهم؛ فلا يليق بالكاهن ان يصلي علي امراه؛ ولا يجوز اشعال المجامر واضرام النار في مواقد المعابد من اجل موت الانثي؛ بل قضت شرائع الهند القديمه “ان الوباء والموت والجحيم والافاعي خير من المراه”، وكان حق الانثي في الحياه ينتهي بانتهاء حياه زوجها الذي هو مالكها قبل ان يكون زوجها؛ وما عليها – من باب الواجب – بعد موت واحراق جثه زوجها الا ان تلقي بنفسها في النار اسوه بمالكها؛ والا فان اللعنه الابديه ستحيق بها الي نهايه الزمان.

وكانت مسلوبه الحريه والحقوق بكل انواعها، وقد ورد في بعض النصوص في شرعهم انه “لا تليق الحريه المطلقه بالمراه قط، بل يجب ان يرعاها ابوها في صغرها وزوجها بعد ذلك وابنها في كبرها”.

والمراه لا تتاح لها فرصه التحصيل العلمي خاصه، لانَّها لا تطيق ذلك، ويقودها الي الجنون.

وكذلك يحرمونها دراسه كتب الفيدا والويدا المقدسه عندهم.

ينقل “ديورانت” في هذا: “ففي المهابهاراثا اذا درست المراه كتب الفيدا كانت هذه علامه الفساد في المملكه”. ويروي “المجسطي” عن ايام شاندرا جوبتا “انَّ البراهمه يحولون بين زوجاتهم وبين دراسه الفلسفه؛ لانَّ النساء ان عرفن كيف ينظرن الي اللذّه والالـم، والحياه والموت، نظره فلسفيه، اصابهن مسّ من جنون، او ابَيْنَ بعد ذلك ان يظللن علي خضوعهن”، والهندوس – كما جاء في منوسمرتي – يشجعون علي الزواج المبكر، ويعتبرون عدم الزواج عارًا، ومنذ الصغر يهتم الاهل باتمام زواج اولادهم. والزواج يربط المراه بزوجها رباطًا ابديًا، لذلك انتشر عندهم اذا مات الزوج قبل الزوجه ان تحرق الارمله مع جثمان زوجها لانَّه خير لها ان لا تبقي بعده.

لكن الهند الحديثه اوقفت هذه العاده لانها امتهان للمراه الهنديه.

بنظره عابره عن مكانه المراه في العالم الغربي، فهي اسوا حالًا، لا يحسب لها حساب، سلعه تتداولها ايدي تجار الاخلاق، وبابخس الاثمان، بوصفهن زينه للمجالس، واداه من ادوات الترف التي يحرص الاغنياء والمترفون علي ابرازها زهوًا وعجبًا، ولم تكن قط موضع الاحترام الحقيقي كمخلوق انساني جدير بذاته، بل تستغل في الاعمال والوظائف التي تهان فيها.

وفي العصور الوسطي عقدت في العديد من البلدان الاوروبيه العديد من الاجتماعات للبحث بشان المراه، وما اذا كانت تعد انسانًا ام لا! وقد ذكر د.احمد شلبي في كتابه “مقارنه الاديان” ان احد هذه الاجتماعات قد تم في فرنسا لمعرفه ماهيه المراه؛ وبعد نقاش تبين للمجتمعين ان المراه يمكن ان تكون انسانًا؛ لكنها مخلوقه من اجل خدمه الرجل فقط ومن اجل راحته هو فحسب.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل