المحتوى الرئيسى

هزيمة الصيف السابع والستين في ذاكرة الأنثي

06/05 18:49

القت حرب الايام الست بظلالها علي الفنون عامه، والادب خاصه. رغم انها لم تكن الحرب الوحيده التي خاضها العرب مع اليهود في القرن المنصرم. لكنها كانت الاعنف. وبناء عليه اطلقت حرب 1967 وعيًا جديدًا بعد الهزيمه التي منيت بها القوات العربيه من الجيش الإسرائيلي.

ترتب علي هذا الوعي الجديد انهيار كل الانظمه الحاكمه، خاصه الانضمه الفكريه والايديولوجيه التي كانت مسيطره علي التفكير العربي، مما ساهم في تمزيق فكر المثقفين والكتاب.

في محاوله للتعايش مع الواقع رفضت الكاتبات العربيات تسميه حرب الايام الست بنكسه ال67، في محاوله منهن لرفض تسميه الادب المعبر عن تلك الفتره بادب النكسه، واعتبار حرب ال67 جزءًا من الصراع العربي الإسرائيلي، وقررت بعض الكاتبات رفض هذه التسميه ومواجهه الواقع، والاعتراف بالهزيمه النكراء التي لحقت بالعرب من سقوط الضفه وغزه وسيناء المصريه وهضبه الجولان. وكشف النقاب عن حاله التضليل التي عاشتها الشعوب العربية في تلك الفتره الحرجه من عمر الامه.

حيث نجد الكاتبه "ليلي عسيران" تعترض في روايتها عصافير الفجر علي لفظه نكسه كنتيجه حتميه لحرب عام 1967، والتي روج لها القاده العرب، فتبدا روايتها بوصف الحرب بالهزيمه التي لحقت بالعرب. قائله : "اكتب هذه القصه غداه هزيمة 1967".

في محاوله منهن لمقاومه هذه الهزيمه، قدمت الكاتبات تعبيرًا مختلفًا عن رصد الرجل للحرب، فقد عبرن عن الحرب من خلال تجربتهن الخاصه والمختلفه.

تبدا روايه "عصافير الفجر" بالاخبار المتتاليه عبر الاذاعات عن حرب 67، التي اكتشفوا بعدها ان اسرائيل قد احتلت غزه والضفه وسيناء والجولان. تتحدث عن الصدمه التي اصابت الجميع، حتي انهم لم يستطعوا  استيعابها.

كل ما يحيط بـ"احمد وعصام ومريم" –ابطإل ألروايه- هو الاذاعات واللون الازرق المروع..  الاذاعات كانت تكذب.. الاذاعات اصبحت عديمه الفائده لانه صيحاتها وتقاريرها الحربيه لم تكن لها علاقه بالتقارير التي تبثها الوكلات الاجنبيه.. عجز احمد علي الاستماع للمعلومات الوارده. وقرر نفيها.. حاول اقناع نفسه بان احدًا لم يتمكن من معرفه الحقيقه، هذا السقوط المدوي للاراضي العربيه ادي الي تشويش في الفكر الذي تبناه العرب.. يخبر عصام مريم ان الوكلات الاجنبيه ذكرت ان الحرب انتهت منذ الساعات الاولي من اليوم الاول.. لقد انتهينا، اننا شعب باطل؛ وكل شيء انتهي.. هناك خلل ما اصاب الجميع حتي اسقط اراضيهم! فقد حدث كل شيء بسرعه خاطفه. "كنا نتمني ان تدوم الحرب شهرًا واحدًا او شهرين، فاذا بثلاث عواصم تنتهي بايام انتظار عشرين عامًا".

لقد ماتت عشرات الالهه، وانهارت كل العروش والمناصب، ولكن.. اصبحت كل دقيقه يومًا جديدًا، وكل ساعه شهرًا جديدًا، وكل هر انتفاضه حبّ النإس إلذين ولدوا  من جديد، وبمفاهيم جديده. حدث اهم من الحرب تغرده عصافير الفجر قائله (الثوره حتي النصر).

تبدا الروايه بحلم هنيه –والده البطله-، تري هنيه في حلمها زوبعه مخيفه تتحول الي دوامه ابتلعت المدينه والبيوت.. والاشجار، ام الناس فقد اخذوا يركضون في الشوارع، بعضهم عراه، وبعضهم يضحكون كالمجانين. لم يبق في المدينه سوي فرقه عسكريه تشق الغبار، وبائع صحف يركض وينادي والريح تطير الصحف.

ترصد الكاتبه من خلال روايتها حاله العبث التي سبقت الحرب، فلا احد يشعر بالسعاده ولا الرضا، لا شيء يحكمه المنطق، فالجميع ضحايا منطق ليس من صنعهم.

لا احد من الشخصيات صادق وامين، جابر عبد لشهوته، وسالم يهتم فقط باجساد النساء. وباسيل وعرفان ليسا افضل حالاً؛ انه عالم يضج بالمزيفين، جميعهم مزيفون. وقفت ساميه مثل الجميع، وكان الكلام كلّ الكلام طبول جوفاء فارغه، تقرع بلا ثمن.

مع نشوب الحرب بدات الصحوه التي اجتاحت الجميع، خرجت ساميه –بطله الروايه- من عزلتها، حيث غيرت حرب ال67 مجري كل الاساطير المتداوله، وخلصت الجميع من الاقنعه الزائفه.

ومع سقوط بلده القنطيره المدينه الحدوديه، تفقد ساميه ذاكرتها، قتنقل الي المستشفي فاقده الذاكرهلا تقو سوي علي الرسم, فالحرب احتلت ساحتها النفسيه كلها.. الحرب اطفات نورها.. تركتها في العتمه.. لتفرغ كل احاسيسها عن طريق الرسم.

ترسم ساميه صوره للحلم الذي راته امها في بدايه الروايه.. دوامه وامراه لا راس تطوف في دائره وتعبر عن ذلك الحلم الرهيب في لوحه رسمتها، وتشعل النار في المنزل وترحل!

تدور احداث الروايه في قريه بيت امان؛ حيث لا تحمل امان يذكر، فحسينه تدفع ثمن تضحيتها بابناءها الخمسه من اجل فلسطين, عاشت حياتها في حاله من الجنون. تحمل علي صدرها مفتاح دارها في القدس الشرقيه، حتي وهي نائمه.

عند احتلال القدس الشرقيه تكون هند –بطله الروايه- في مقدمه صفوف المقاومه، تنفذ العمليات ضد قوات الاحتلال. رغم انها تعرضت الي الاذي والطرد من قبل مجتمعها عندما احبت رجلا مسلما، لكنها قوبلت بالترحاب في ساحات القتال.

بعد هزيمة 67، تكتشف هند ان جميع الرجال كانوا يبكون. كانت التقارير التي تبثها الاذاعه المصريه والاذاعات العربيه هي المسؤول الاول عن زياده اعداد القتلي والاصابات في صفوف العامه، فالناس لم تاخذ حذرها، وامنوا جانبهم من الحرب لاعتقادهم ان الجيوش العربية كانت علي مشارف القدس تقاتل من اجل الامه كما اعلنت الاذاعات.

ماتت حسنه عندما اغارت الطائرات مرتين علي بيت لحم، ومرت فوق الناس فارعبتهم. القت علي سوق الخضار والمتاجر حوله في ثالث ايام الحرب. وكان الناس مازالوا يبيعون ويشترون.. والاذاعات تؤكد لنا اننا سننتصر.. ولم يحسّ الناس بالخطر.. حلقت الطائرات والقت القنابل.. فتدافع الناس من السوق علي الطرقات الحجريه في رعبهم.. ولحقتهم الشظايا، وسال الدم علي انحدار الدرج، وتناثرت الجثث.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل