المحتوى الرئيسى

الشيخ زويد.. قلب سيناء المنهك

06/05 11:50

• 5 قري باتت شبه مهجوره.. و7 مدارس و3 وحدات صحيه خرجت من الخدمه

• المدينه تخلو من البنوك وعربات الاطفاء والاسعاف التي يستغلها المسلحون في عمليات الارهاب

• سوق الثلاثاء موقع للتواصل الاجتماعي بعد غياب الاتصالات والانترنت.. ومياه الأمطار والابار الجوفيه اصبحت بديلًا لانقطاع مياه الشرب

• شواهد وثقت تاريخ المدينه مثل «صخرة ديان ــ قاعده قوات حفظ السلام ــ شجره الكينيا»

مر عامان علي بدء العمليات العسكرية ضد معاقل الارهاب بشمال سيناء، وتحديدا بالشيخ زويد.. عيارات الكلاشينكوف وقذائف «الار. بي. جي» والهاون يميزها الاطفال الذين يجمعون فوارغ الرصاص من الطرقات للعب، حظر التجوال وصمت الليل حيث يطبق السكون التام علي حراك البشر، افرز قدره عند الاهالي علي تمييز الاشتباكات من الاعيره الناريه التحذيريه.

السمه الموحده الملحوظه في اكثريه بنايات الشيخ زويد هي اثار الطلقات الناريه علي الحوائط، فمنها من اصاب وقتل مواطنين، ومنها من ترك نقشا يؤشر لخطوره الاوضاع، حيث تحولت المدينه لمسرح عمليات قائم علي المفاجاه.

الشيخ زويد باتت كمدينه في اشد حالات الانهاك، او كبيت فسيح اسدلت العناكب خيوطها علي ارجائه، حيث توقفت حركه العمران الخاص والحكومي تماما، وتردت بنيتها التحتيه بانعدام الصيانه او عدم القدره علي الصيانه في تلك الاجواء بالغه الحساسيه، وعادت الحياه لدكاكينها القديمه المميزه بالشرفات المحموله علي الاعمده، بعد ان كانت مغلقه لنحو 30 عاما، فالمحال ذات البنيان المعماري الحديث التي انتعشت فترات ما قبل ثوره 25 يناير، باتت مغلقه لوجود غالبيتها في الطريق الدولي وميدان الشيخ زويد المغلق للعام الثالث، الامر الذي دفع التجار لاستئجار المحال القديمه في بلده الشيخ زويد البعيده نسبيا عن قسم الشرطه.

يقول الاهالي ان فتره ما قبل عام 82 كانت التجاره ترتكز هنا، الا ان بناء المصالح الحكوميه في موقع اخر وعمران الطريق الدولي انهي عصر تلك الدكاكين التاريخيه، وها هي الاقدار تعيدها للحياه مره اخري، ولو بسبب تداعيات الحرب علي الارهاب، فارتفع ايجار المحل العتيق من 150 جنيها الي 700 جنيه شهريا.

ميدان الشيخ زويد الذي كان يعج بالحركه التجاريه وسيارات الاجره بات مهجورا، وبدا كدائره سقطت عليها قنبله ضخمه احالت متاجرها الي ركام، مصالح حكوميه لا تزال تعمل في محيط الميدان بتنسيق امني وباقل عدد من الموظفين، ومنها شركه الكهرباء وسنترال المدينه المركزي ومجلس المدينه والاداره التعليميه واداره الشباب والرياضه ووحده رعايه صحيه، جميعها طالها جزء من الدمار جراء ثلاث سيارات مفخخه استهدفت قسم الشرطه خلال عامي 2013 و2015، وجميعها فشلت في استهداف القسم شديد التحصينات، بينما لحق بالغ الضرر بالاهالي والمصالح الخدميه.

الشيخ زويد البلده العتيقه او العنيده كما يحلو لنشطاء «الفيسبوك» المحليين وصفها تضم 14 تابعا، غالبيتها في الظهير الصحراوي وحول الطريق الدولي المار من وسط المدينه بين العريش ورفح، ووفقا لاحصائيات رسميه من مجلس مدينه الشيخ زويد يبلغ عدد سكانها 58.449 الف نسمه، يفوق عدد الاناث فيها الذكور بمئات قليله، حيث تقول الاحصائيه ان عدد الذكور يبلغ 17.282 الف نسمه وعدد الاناث 17.500 الف نسمه، ويرتكز 23.667 الف نسمه في المدينه بينما يتوزع الباقون علي قري «ابو طويله بعدد 3327، وابو العراج 2348، والتومه 1422، والجوره 3073، الخروبه 2407، الزوارعه 3029، السكادره 2954، الشلاق 2936، الظهير 2685، العكور 3301، القريعه 1074، المقاطعه 1906، قبر عمير 3256، ابو الفيته 1064».

يرتكز وجود قبيله السواركه في اكثريه قري مركز الشيخ زويد، فيما تحل قبيله الرياشات بقريه ابوطويله، ويتنوع سكان بقيه القري من عائلات عديده وقلائل من قبائل الترابين والرميلات، فيما تتنوع عائلات مدينه الشيخ زويد الحضريه وغالبيتهم يعملون في قطاعات التجاره والزراعه والوظائف الحكوميه، ومنها عائلات «الصقور وابو حسونه والمشوخي والبطين وشويطر والقيم وابو سنجر والحمايده والحجوج والنصايره وقويدر وشراب»، وتوجد عائله ابو اسكندر في قريه السكادره، بينما توجد عائلات ابو طرطور والعجالين والجبالي في قريه قبر عمير، ويوجد اثنان من الاحياء السكنيه بالمدينه التي تم انشاؤها حكوميا، وهما الكوثر والزهور، وهي احياء يقطنها غالبيه من الموظفين الوافدين من محافظات اخري.

سكان الشيخ زويد رغم انهم يقرون بصحه الاتجاهات الاصليه الاربعه في كتب الجغرافيا، الا انهم يتداولون شكلا مغايرا للاتجاهات، فيطلقون علي الشمال غرب وعلي الشرق جنوب وعلي الشرق شمال وعلي الغرب القبله، ولا يعلم احدا سببا لتلك العاده، وتتعدد لهجات سكان مركز الشيخ زويد، حيث يمكنك تمييز كل عائله بلهجه معينه، سواء لهجه بدويه او حضريه او شاميه، الا ان الاعراف والتقاليد المتداوله حياتيا بين الاهالي لا تختلف كثيرا، عدا تفاصيل هامشيه، ورغم تنامي الافكار المتشدده بعقول بعض ابناء المركز الا انها تعج بالزوايا الصوفيه، وقد شهدت المدينه تدمير عناصر مسلحه لمقام الشيخ زويد بعد الثوره، والذي سميت المدينه باسمه، ويقول الاهالي ان الشيخ زويد هو احد جند عمرو بن العاص الذي توفي اثناء مروره من هنا.

ومن رموز الشيخ زويد، الشيخ الراحل خلف الخلفات مؤسس طريقه صوفيه من ابناء قبيله السواركه، وصاحب تاريخ نضالي ضد الاحتلال الاسرائيلي، والشيخ سالم ابو طويله من قبيله الرياشات الذي اغتاله عميل اسرائيلي فتره الاحتلال بسبب مواقفه الرافضه لبيع الاراضي للاسرائيليين، ومن رموزها الاحياء الشيخ حسن الخلفات من المجاهدين ضد الاحتلال الاسرائيلي، كما ضمت قبيله الرياشات المناضله ضد الاحتلال فرحانه رياشات التي رحلت العام الماضي.

قري عديده جنوب الشيخ زويد باتت خاليه تماما من السكان، فتحولت بيوتها الي ركام اثر المعارك العنيفه وعمليات القصف، ورحل منها الاهالي الي اماكن متفرقه حفاظا علي ارواحهم، وباتت تلك القري مسرحا للعمليات الامنيه وملاحقات العناصر المسلحه، ومنها قري اللفيتات والزوارعه والتومه وجزء كبير من المقاطعه وقبر عمير.

نصيب المواطنين من المياه العذبة في الشيخ زويد ينحدر الي مستوي متدن، فمصدر المياه العذبه الوحيد رسميا هو محطه التحليه عند ساحل المدينه، ومن المفترض ان قدراتها في الضخ تبلغ 5 الاف متر مكعب، الا انها لا تنتج تلك المياه وتصل الي نحو 1500 متر مكعب فقط لاسباب فنيه واخري تتعلق بعدم انتظام مواد كيماويه تضاف للتحليه للمحطه، ويتم الضخ نصف ساعه اسبوعيا من تلك المياه للمدينه، بينما يتم تزويد القري الـ14 من خلال صهاريج مياه كحصص محدده، الا ان ظروف استيلاء المسلحين علي تلك الصهاريج بغرض تفخيخها، دفع الشركه القابضه الي وقف انتقالها للقري، ويعوض الاهالي النقص الحاد في مياه الشرب بشراء المياه من جرارات اهليه غير مراقبه صحيا، تجلب المياه من ابار جوفيه بساحل المدينه، بينما يعتمد سكان باديه الشيخ زويد علي تخزين مياه الامطار فيما يسمي محليا «هربات» او صهاريج تحت الارض.

رغم تناثر الوحدات الصحيه في قري الشيخ زويد بهيئه حديثه الطراز، الا ان العمل في تلك الوحدات بات شبه منعدم لنقص الكوادر الطبيه، حيث يتم تعيين حديثي التعيينات من الاطباء الوافدين من محافظات اخري بها، فيفضلون عدم التواجد بسبب الظروف الامنيه، فيما لا يقل المستوي في المستشفي العام بالمدينه عن حال الوحدات، فقله من الاطباء ابناء الشيخ زويد يعملون في المستشفي مفتقد القدره علي استقبال الحالات الحرجه، فبات دور المستشفي تحويل الحالات الطارئه الي مستشفي العريش، وخرجت 6 وحدات صحيه من الخدمه تماما نظرا لتدمير طالها او وجودها بمناطق توترات.

واعترف الدكتور طارق خاطر وكيل وزاره الصحه بشمال سيناء، بعدم القدره علي اعاده تشغيلها للظروف الامنيه، كما انعدم وجود مرفق الاسعاف بالمدينه، فاختطاف سياره اسعاف واستهداف اثنتين من وحدات اسعاف الطريق الدولي من قبل العناصر المسلحه، ثم احراق سياره اسعاف الجمعه الماضيه في الخروبه، دفع رئاسه المرفق بالعريش الي وقف تحركات الاسعاف نهائيا بالشيخ زويد، كما ينعدم وجود مرفق دفاع مدني واطفاء بالمدينه منذ احداث ثوره 25 يناير، ولا توجد اي سياره اطفاء بالمدينه، كما توقفت سياره نقل القمامه الوحيده عن العمل بسبب تعليمات صدرت بتوقيف السيارات الحكوميه، وكذلك سياره كسح مياه الصرف الصحي.

مدارس الشيخ زويد الابتدائيه والاعداديه بنات ومدارس قري الزوارعه واللفيتات والظهير وقبر عمير، بخلاف اثنين من المعاهد الازهريه في الجوره والمقاطعه، باتت خارج الخدمه نهائيا بسبب ما طالها من تدمير جراء العمليات الامنيه او باستهداف المسلحين لها، وانعدمت القدره علي ترميم تلك المدارس بسبب الظروف الامنيه، حيث تم توزيع الطلاب علي مدارس بديله، فيما يرتكز اثنان من الكمائن الامنيه في مدرستين، هما مدرسه جراده ومدرسه الشلاق الابتدائيه، كما تعمل اكثر من 10 مدارس بشكل جزئي لوجودها في مناطق توترات او لاضرار اصابتها جراء القذائف المتساقطه.

قطاع الزراعه في مركز الشيخ زويد الذي كان علي وشك طفره زراعيه غير مسبوقه في المساحات وتنوع الزراعات، اصيب بنكسه خطيره بعد اندلاع الارهاب والعمليات الامنيه المضاده له، فقبل العام 2012 تمددت زراعات الزيتون والخوخ والخضراوات باحدث الاساليب الزراعيه، وحفر الاهالي الابار الجوفيه لاستخدامها في الري، كبديل لانعدام مصادر المياه وشح مياه الامطار، ووجود تلك الاراضي في مناطق العمليات الامنيه ادي لاهمالها لعدم قدره اصحابها علي رعايتها خشيه الرصاص العشوائي والقذائف، خلافا لتجريف الامن مساحات كبيره منها بعد ان اطلقت عناصر مسلحه القذائف وزرع العبوات عند اطرافها.

قطاع الكهرباء لحقت به ايضا اضرارا جسيمه لاعتماد المدينه علي شبكات نقل الكهرباء الهوائيه، ما جعل اسلاكها عرضه للانقطاع او اصابه المحولات الكهربائيه بالرصاص، وبلغ عدد المحولات التي خرجت من الخدمه بسبب الرصاص نحو 25 محولا خلال شهرين، وفقا لتصريح المهندس السيد سالم رئيس قطاع شبكات الكهرباء بالمحافظه.

تخلو مدينه الشيخ زويد من اي افرع للبنوك، فقد تم اتلاف الفرع الوحيد لبنك مصر في مجريات ثوره 25 يناير، ما كلف اهل المدينه ثمنا باهظا للانتقال الي العريش لانجاز مصالحهم البنكيه، ومن مكتب بريد متداعي الخدمات لتردي شبكات الاتصالات، ياتي ذلك في حين شرعت المصالح الحكوميه في استخراج بطاقات «فيزا» لموظفيها، ما يعني ان جميع الموظفين سينتقلون للعريش يوم صرف الرواتب وهو ما يخلق ازمه حقيقيه.

يضم مركز الشيخ زويد 4 محطات وقود، توقفت عن العمل تماما منذ 9 اشهر، بعد ان صدرت التعليمات بعدم نقل الوقود اليها، فيما تضم المدينه محطه تزويد بالغاز وحيده وهي ايضا متوقفه عن العمل منذ 4 اشهر، والبديل المتاح للاهالي هو الانتقال للعريش علي بعد 35 كيلو مترا غربا للتزود باحتياجاتهم من الوقود والغاز.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل