المحتوى الرئيسى

"داعش" يستقر في الرمادي... لكن الهدوء لن يستمر على الأرجح

05/29 11:18

وصل الرجل الكفيف الذي فقد احدي يديه الي المسجد الرئيسي في وسط مدينه الرمادي العراقيه عند غروب الشمس يوم الاربعاء محاطاً بمقاتلين من تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام"-"داعش".

وعندما انتهت صلاة العشاء القي الرجل الذي يلف حول راسه عمامة سوداء خطبه في المصلين اشاد فيها باستيلاء التنظيم علي عاصمه محافظه الأنبار، قائلاً انه اعظم انتصار للتنظيم علي القوات العراقية في عام تقريباً.

وعلي عطيه الجبوري المعروف لدي الكثيرين باسم "القاضي الكفيف" هو احد ابرز الشخصيات داخل التنظيم ويمثل وجوده في المسجد مؤشراً الي هيمنه التنظيم علي المدينه التي استولي عليها في 17 ايار الحالي من القوات العراقيه.

وقال انه "بفضل الله اصبح لدي التنظيم طريق مفتوح بين الرمادي والرقّه عاصمه دولة الخلافة التي اعلنتها في سوريا".

ونقل عنه احد السكان الذي كان بين المصلين قوله ان الناس لهم الحريه في السفر والعمل هناك وان التنظيم سيساعدهم بكل السبل.

واعلن التنظيم خلافه (دولة اسلامية) في ارجاء مناطق واسعه من العراق وسوريا متحدياً قوات الحكومه والضربات الجويه التي تقودها الولايات المتحده في البلدين.

وقال مسؤولون محليون انه علي الرغم من سمعته المخيفه بارتكاب اعمال عنف وحشيه ضد خصومه، بذل متشددو التنظيم جهوداً لاستماله قلوب سكان الرمادي بتقديم خدمات اساسيه واداره شؤونهم.

وهرب معظم سكان المدينه لكن من بقوا يستمتعون بما يصفونه مسحه من النظام والهدوء في مدينه ظلت ساحه حرب لاكثر من عام.

وقال عبد الوهاب احمد وهو مدرس يبلغ من العمر 45 عاماً: "ننعم بحلم سار بالعيش في سلام من دون سماع اعيره ناريه او قنابل ونمشي بحريه في الشوارع".

ووصف احمد النظام الجديد بانه يُشبه "منح زجاجه من المياه المثلجه للعطشي".

لكن من غير المرجح ان يستمر الهدوء، فيما تستعد قوات الامن العراقية والحشد الشعبي بالفعل لشنّ هجوم مضاد لاستعاده المدينه.

وقال احمد: "الحلم لن يستمر طويلاً وقريباً سنستيقظ علي الواقع المرير ونجد انفسنا في مرمي النيران بين قوات الحكومه ومقاتلي (الدوله الاسلاميه)".

قال سكان انه بمجرد ان اعلن المتشددون الانتصار في وقت سابق من الشهر الحالي، بداوا في ازاله الجدران الخرسانيه والحواجز من الشوارع باستخدام جرافات تماماً مثلما فعلوا في مدينة الموصل شمالي العراق التي سيطروا عليها في حزيران الماضي.

وقال ابو عبد الرحمن "انه لشيء جيد ان نري عوده الحياه الي طبيعتها بدرجه ما في الرمادي... كنا نعيش في ثكنه عسكريه حين كانت السيطره للقوات الحكوميه. الان نستطيع ان نتذوق الحد الادني من الحريه".

واعاد "داعش" فتح البلديه، ورافق متشددون موظفين من اداره الصحه لجمع جثث عدد غير معروف من قوات الشرطه والجيش من الشوارع حيث قتلوا. ودُفنوا في مقابر جماعيه علي مشارف المدينه، بينما سُحبت السيارات المحترقه الي ساحه للخرده في منطقه ريفيه الي الشمال من الرمادي.

وتحت اشراف المتشدّدين، اصلحت فرق من السباكين مواسير المياه المكسوره وتم توزيع الاطعمه والخضراوات مجاناً من شاحنات مبرّده. وقامت شاحنتا صهريج رافقهما مقاتلون من التنظيم بتوزيع الوقود علي اصحاب مولدات الكهرباء في كل حي وطلبوا منهم عدم المغالاه في الاسعار.

ووُجّهت الدعوه للعاطلين للعمل في البلديه براتب شهري قدره 350 الف دينار عراقي (270 دولارا) كما وُجّهت دعوات متكرّره للطبيبات لعلاج النساء في مستشفي الرمادي.

وقالت مصادر عده داخل الرمادي انه في اعقاب الزياره المفاجئه التي قامها بها القاضي الكفيف انسحب المقاتلون من شوارع المدينه وسلّموا المسؤوليه لشرطه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وقال مقيم: "بعض المقاتلين ودّعونا واعتذروا عن اي اساءه قد تكون بدرت منهم قائلين انها كانت عن غير قصد"، مضيفاً: "قالوا لنا انهم سيذهبون لتعزيز الدفاعات علي مشارف الرمادي".

وعلي غرار المناطق الاخري الخاضعه لسيطرته، لم يضيع التنظيم وقتاً في فرض تفسيره للشريعه الاسلاميه. وقام ايضاً بتعيين خطباء لاداره مساجد المدينه وخوّلهم سلطه حل الخلافات بين السكان.

وصدرت اوامر الي اصحاب المتاجر الذين يبيعون ملابس النساء باحضار الزوجه او الاخت او الام للتعامل مع العميلات للحدّ من الاختلاط بين الجنسين.

كما امر التنظيم بعدم عرض ملابس النساء في واجهات المتاجر وازاله تماثيل العرض.

وتذكّر بائع للسجائر كيف اقترب منه متشدّد، وقال له: "اخي لا نُريدك ان تبيع ما يُضرّ صحه المسلمين. توقّف عن بيع السجائر ونحن مستعدون لمساعدتك في العثور علي عمل كريم اخر".

وعبّر بائع السجائر، الذي طلب عدم نشر اسمه، عن تشكّكه وقال: "اعرف هذه الحيله جيداً. داعش (الدوله الاسلاميه) يطلبون منك بكل ادب في البدايه، لكن حين يزدادون قوه لن يتحدثوا معك من الاساس سيلوحون بسكين علي رقبتك".

واظهر تسجيل مصوّر نُشر علي الانترنت في وقت سابق من العام الحالي متشدّدين في مناطق اخري يجلدون رجالاً ُضبطوا وهم يُدخنون.

وحذّر مقاتلو التنظيم السكان من المجازفه بالخروج من المدينه لانهم يقولون انهم زرعوا شبكه من القنابل للحيلوله دون توغل القوات الحكوميه.

وشاهد سكان، كانوا ذهبوا للبحث عن اقارب لهم شردهم القتال شرقي المدينه-، رجالاً وهم يغرسون عشرات من الشحنات الناسفه في الطريق مستخدمين مولدات كهربائيه صغيره متنقله لتشغيل قواطع كهربائيه لشق ثغرات في الاسفلت.

وعندما سُئل قيادي محلي للمتشدّدين عن سبب قيامهم ايضاً بزرع الغام علي جانبي الطريق، قال: "تعلمنا درساً من تكريت حيث كان اخواننا يزرعون القنابل فقط علي الطرق الرئيسيه. واستخدمت القوات الحكوميه وميليشيات الرافضه ... ممرات ترابيه لدخول المدينه".

وكانت القوات العراقيه والحشد الشعبي طردت "داعش" من تكريت في اواخر اذار الماضي، فيما شكّل انتكاسه للتنظيم.

ونُقل عن القيادي المحلّي للمتشدّدين قوله: "لن نسمح بتكرار نفس السيناريو في الرمادي"، لكن الخبير الامني العراقي هشام الهاشمي الذي يُتابع تحرّكات المتمرّدين المتشدّدين قال انه لا يتوقّع ان يحتفظ "داعش" بالسيطره علي الرمادي طويلاً لان القوات المناهضه له والمسلّحه جيدا تحتشد لهجوم علي المدينه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل