المحتوى الرئيسى

بحر الصين الجنوبي: الصراع البارد بين الصين والولايات المتحدة - ساسة بوست

05/28 14:51

منذ 2 دقيقتين، 28 مايو,2015

اخذت التصريحات الامريكيه والصينيه بشان النزاع حول “بحر الصين الجنوبي” منحيً اخر في الوقت الحالي، والمتمثله باصرار امريكا رفضها اي نشاط عسكري او تجاري داخل الجزر المتنازع حولها، لا سيما بعد ان حلقت طائرة استطلاع امريكيه فوقها، وراقبت عن كثب نشاط الملاحه البحريه الصينيه الاسبوع الماضي.

خشيه امريكا من النشاط داخل هذه الجزر تزامنت مع ارتفاع القلق الدولي ازاء خطط بكين لفرض قيود جويه وبحريه بمجرد انتهائها من استصلاح الأراضى وبناء منشات عسكريه علي سبع جزر متنازع عليها.

“ساسه بوست” سلطت الضوء في التقرير التالي علي جذور الخلاف حول “بحر الصين الجنوبي” بين الصين وامريكا، والاهميه الاستراتيجيه التي يتمتع بها البحر، فضلا عن اسباب تصاعد حده التوتر بينهما، واحتمال نشوء حرب مرتقبه.

1-ماذا تعرف عن بحر الصين الجنوبي؟

يقع غرب المحيط الهادي – ويعتبر جزءًا منه – ويشمل المنطقه الممتده من سنغافوره الي مضيق تايوان، ويعد اكبر بحر في العالم هو والبحر الأبيض المتوسط بعد المحيطات الخمسه، وتبلغ مساحته 3.5 ملايين كيلومتر مربع.

وتعد “جزر سبراتلي” ابرز الجزر المتنازع عليها مع امريكا، وهي عباره عن ارخبيل يتكون من مجموعه من الجزر الصغيره المرجانيه غير الماهوله الواقعه بين كل من فيتنام والفلبين والصين وبروناي وماليزيا وتبلغ مساحتها حوالي 4 كيلومترات مربعه موزعه علي 425000 كيلومتر مربع من البحر. وليس لهذه الجزر اي سكان اصليين.

ولهذه الجزر اهميه كبيره في ترسيم الحدود الدوليه في منطقه شرق اسيا, وتضم مصايد اسماك غنيه, وكميات كبيره من النفط والغاز الطبيعي, مما جعلها مطمعًا للعديد من الدول, ومحلًا للنزاع بينهم.

2- ما طبيعه الاهميه الاستراتيجيه التي يتمتع بها البحر؟

يعد من اكثر بحار الدنيا حركه بالبضائع والسفن، حيث يشهد تنافسًا محمومًا بين اميركا والصين، وهو احدي بؤر التوتر الساخنه في جنوب شرق اسيا، يتناثر في ارجائه اكثر من مائتي جزيره.

اضافه الي انه ثاني اكثر الممرات البحريه – علي مستوي العالم – ازدحامًا بالحركه، وتمرُّ به شحنات تجاريه قيمتها خمسه تريليونات دولار، اي نصف حركه الشحن في العالم، ويتناثر فيه اكثر من 250 جزيره، اهمها “نانشاتشيونداو، وشيشاتشيونداو، وتشونغشاتشيونداو”.

وهو احدي بؤر التوتر الكبري في شرق اسيا، وهناك صراع علي احتلال اكبر عدد ممكن من جزره التي لا يتجاوز حجم بعضها بضعه صخور.

وينظر اليه باعتباره ارض اختبار رئيسيه للمنافسه الصينيه الاميركيه، حيث تتصاعد القوه العسكريه للصين، خاصه قوتها البحريه، وتحاول الولايات المتحده تقليم قوه الصين للحفاظ علي تفوقها الاقليمي والعالمي.

وفي عام 2002، تبنت الصين ورابطة دول جنوب شرق آسيا (اسيان) ميثاق شرف لاطراف بحر جنوب الصين، الا ان دولا عده – منها الفلبين وفيتنام – اتخذت اجراءات احاديه الجانب.

وفي 20 يوليو/ تموز 2011 وصلت مجموعه من المشرعين الفلبينيين جوا الي جزيره “تشونغ يه داو” الواقعه في البحر، ورفعت العلم الفلبيني علي ارض الجزيره، في ادعاء بسياده بلدهم علي المنطقه.

اعتبرت الصين حينها هذه الاجراءات انتهاكا لسيادتها وسلامه اراضيها بشكل خطير، مؤكده ان بحر جنوب الصين والمياه المحيطه به “جزء لا يتجزا من اراضي الصين كما يثبت التاريخ”.

لذلك، ظلت السيطره علي المحيط الهادئ خاصه علي بحري الصين الشرقي والجنوبي تشكِّل طموحًا استراتيجيًا للقوي الكبري علي مرّ العصور؛ فهو يمثل الظاهره البحريه المهيمنه جيوسياسيًا علي مجمل منطقه جنوب شرق اسيا لاطلاله علي جنوب الصين وشمال اندونيسيا وشرق فيتنام وغرب ماليزيا.

ويضم بعض الممرات الاستراتيجيه المهمه التي تتحكم بالنسبه الاكبر لحركه الملاحه البحريه الدوليه كممر “سوندا” الذي يصل جنوب شرق اسيا باستراليا وممر” لومبوك” الذي يربط اندونيسيا بالمحيط الهندي، و”ملقا” الذي يربط المحيط الهادئ بالهندي حيث يمر نحو 70% من ناقلات النفط في طريقها من الشرق الاوسط الي شرق وجنوب شرق اسيا وكذلك اكثر من نصف سفن شحن التجارة الدولية.

3- ما هو اصل نزاع دول شرق اسيا نحو الجزر؟

شهدت الاونه الاخيره توترًا في العلاقات ما بين الصين وفيتنام والفلبين, حيث تطالب الصين بالحصول علي ما يقارب ثلاثه ارباع اجمالي مساحه بحر الصين الجنوبي، ولكن طلبها قوبل بالرفض من قبل الدول الاخري، حيث تدّعي كل دوله منهم احقيتها التاريخيه في جزر “سبراتلي”.

حتي باتت هذه الجزر مسرحًا لاستعراض القوه بين قوي مختلفه، وعلي وجه الخصوص بين الصين واليابان في بحر الصين الشرقي وكذلك بين الصين ودول اخري في بحر الصين الجنوبي، وبين اليابان وكوريا الجنوبية في بحر اليابان مما قد يؤدي الي تبعات وتداعيات علي منطقتي شرق وجنوب شرق اسيا باسرهما وربما الي ما هو ابعد من ذلك بكثير.

ما دفع الصين الي اطلاق سلسله تحذيرات حول قدره قواتها العسكريه علي حمايه السياده الوطنيه واتبعتها بسلسله مناورات عسكرية في مناطق مختلفه ومترافقه مع سلسله تصريحات ناريه بان الصين “لن تساوم علي اي شبر من ترابها الوطني”، وان “عهد اذلال الشعب الصيني قد ولّي الي غير رجعه” في اشاره واضحه الي فتره الاحتلال الياباني للصين.

وتري الصين احقيتها بالسيطره علي 80% من بحر الصين الجنوبي وهذا ما ترفضه معظم الدول المطله عليه، ويتناقض كذلك مع قانون الحدود البحريه الذي اقرته الامم المتحده.

وقد ازدادت حده التوتر في المنطقه بعد اكتشاف كميات كبيره من النفط والغاز، كما جاء ازدياد الوجود العسكري الاميركي في المنطقه مؤخرًا ليزيد من حده تلك التوترات.

وكان ابرز ما اختلف عليه الصين واليابان هو اسم تلك الجزر حيث تطلق عليها الصين اسم “دياو يو داو” اي “جزر صيد السمك” بينما تسميها اليابان “جزر سنكا كو”، حيث يقول الصينيون انهم هم اول من اكتشفوها واطلقوا عليها اسمها، واستخدموها لصيد السمك، وانها ظلت منذ ذلك الحين ضمن نطاق الدفاع البحري.

وبدا النزاع علي تلك الجزر ياخذ منحي حادًا وجادًا مع اصدار الامم المتحده عام 1972 دراسه نظريه ترجّح وجود كميات كبيره من النفط والغاز والمعادن في تلك المنطقه من بحر الصين الشرقي.

وكان التوتر قد ظل جمرًا تحت الرماد وقيد الاحتواء من خلال المباحثات والمفاوضات التي كانت بكين تجريها مع تلك الدول بشكل ثنائي، الي ان اضطرت للموافقه علي ان تتحول تلك الخلافات الي نزاع اقليمي عندما قررت دول اسيان التفاوض ككتله واحده مع الصين.

وحينها تم التوقيع علي تفاهم عام 2002 يحظر علي اي طرف القيام بايه اجراءات احاديه استفزازيه خاصه في عمليات التنقيب عن النفط والغاز، والشروع في التفاوض علي ايجاد صيغه للاستثمار المشترك للمنطقه المتنازع عليها.

لكن التطور الاهم حدث خلال القمه السادسه عشره لمنظمة دول جنوب شرق آسيا في العاصمه الفيتناميه هانوي في ابريل/ نيسان 2010 عندما القت وزيره الخارجيه الاميركيه هيلاري كلينتون كلمه اعتبرت فيها ان “استمرار التوتر في بحر الصين الجنوبي يقوّض المصالح الاستراتيجيه الاميركيه في المنطقه، وطالبت بضروره ايجاد اليه دوليه لحل النزاع”.

ووافقت علي ذلك 12 دوله لا علاقه لكثير منها بالنزاع الجاري لكنها رات ان القوه المتصاعده للصين تجعل من التفاهم الموقَّع قبل ثماني سنوات ليس ذا معني. وهنا ثارت ثائره بكين التي شعرت انها وقعت في فخ حيك لها بليل.

وكانت هذه الزياره والتصريحات هي بدايه اول تدخل اميركي علني بقضايا المنطقه والعوده الي “سياسه فرّق تسُد”، كما نظرت اليها الصين، في المقابل راتها اليابان بانها نقطه تحول تاريخيه في الاستراتيجيه الاميركيه.

والجدير ذكره ان الجزر المتنازع عليها هي مجموعه تضم ثمانيَ جزر صخريه غير ماهوله اكبرها مساحه تصل الي 4 كيلو مترات مربعه وتبعد 76 ميلًا بحريًا عن شواطئ تايوان وحوالي 92 ميلًا بحريًا عن شواطئ اليابان فيما تبتعد عن شواطئ البر الرئيسى للصين قرابه 100 ميل بحري.

4- ما هي ابرز جذور الصراع بين الصين وامريكا حول البحر؟

بدات الخشيه الصينيه من “فرض” امريكا بعضا من سياساتها في المنطقه عند اول زياره لوزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا الي الصين وتنصيب نفسه وسيطًا بينها وبين اليابان عام 2012م، ورات تلك الوساطه المزعومه امرًا مستغربًا لانها لا تري الولايات المتحده جزءًا من الحل بل جزءًا من المشكله.

فعلي الرغم من اعلان واشنطن وقوفها علي الحياد الا ان اقوالها تختلف عن افعالها حيث قرر بانيتا نشر منظومه صواريخ جديده متوسطه المدي في اليابان في حين طمانت وزيره الخارجيه هيلاري كلينتون نظيرها الياباني بان “البند الخامس من الاتفاقيه الامنيه الموقعه بين واشنطن وطوكيو عام 1951 يغطي منطقه الجزر المتنازع عليها”، ما يعني التزام واشنطن بالدفاع عن اليابان اذا تعرضت تلك المناطق لاي اعتداء خارجي.

انتهزت حينها الصين فرصه اجواء التوتر هذه للاعلان عن دخول اول حامله طائرات صينيه حيز الاستخدام الفعلي في احتفال مهيب، جعلها تدخل الي مصاف القوي الدوليه الكبري كاخر عضو في مجلس الامن الدولي يمتلك حامله طائرات، كما ان اطلاق اسم “لياو نينغ” علي حامله الطائرات لا يخلو من رمزيه اخري فهي احدي المقاطعات شمال شرق الصين التي كانت اول المناطق التي خضعت للاحتلال الياباني ودفعت الثمن الاكبر من ويلاته.

والاهم من هذا وذاك يُعتبر قرار بكين الشروع في الحصول علي حاملات الطائرات نقطه تحول مهمه في العقيده الاستراتيجيه الصينيه التي كانت تاريخيًا قائمه علي اساس حمايه الحدود وتحولت الان الي حمايه المصالح.

فلم يعد سرًا سعي الصين منذ سنوات لبناء قواعد عسكرية للغواصات في مناطق جنوب الصين وسباقها مع الزمن لحيازه 80 غواصه متطوره بحلول عام 2020 (اي بما يوازي قدره الولايات المتحده)، ووفق تقديرات عسكريه فان الصين ستمتلك حتي ذلك الوقت ما يزيد علي 700 قطعه بحريه مزوده باحدث انواع الصواريخ واجهزه الاتصال والتوجيه.

ولم تعد الصين كذلك تخفي محاولاتها الدؤوبه للحصول علي مواطئ اقدام وموانئ في مناطق بعيده عن اراضيها كباكستان وبنغلاديش وسيريلانكا وموريشيوس، كما لوحظ ايضًا مشاركه الصين بشكل فاعل في عمليات مكافحه القرصنه في خليج عدن.

وهذا يعطي مؤشرات واضحه علي ادراك الصين ولو بشكل متاخر لاهميه القوه العسكريه البحريه؛ فالبحر ظل دائمًا يشكّل الخاصره الرخوه التي اتت منها كل القوي التي احتلت الصين وساهمت باذلالها في فتره لا تزال تشكّل عقده نفسيه للكبرياء والكرامه المهدوره سواء علي مستوي الدوله او الافراد.

فضلا عن ادراكها كذلك لحقيقه ان معظم القوي الدوليه التي امتلكت القوه والنفوذ عبر الزمن لم تصل الي ذلك الا بعد امتلاكها لقوه بحريه ضاربه ولاساطيل ضخمه.

5- كيف تنظر الصين الي تصريحات امريكا؟

قلق واشنطن حيال قيام الصين ببناء جزر صغيره اصطناعيه في مناطق متنازع عليها من بحر الصين الجنوبي، دفع الاخيره الي رفض التدخل الامريكي بالسياده الصينيه، وقولها: “ان امريكا ليس لها اي مطالب اقليميه في بحر الصين الجنوبي، او اي مصلحه مشروعه”.

وتطالب امريكا بشكل روتيني كل الدول التي تنازع علي السياده في المنطقه بوقف عمليات البناء في جزر “سبراتلي” ولكنها تتهم الصين بتنفيذ عمليات علي مستوي يفوق بكثير اي دوله اخري.‎ وتؤكد في الوقت نفسه ان بناء جزر اصطناعيه كما تفعل الصين لا يسمح بالمطالبه بمياه اقليميه محيطه بها ولا باقامه مجال جوي فوقها.

حتي ان وزاره الدفاع الاميركيه (البنتاغون) تدرس ارسال سفن عسكريه وطائرات مراقبه الي مسافه اقل من 12 ميلا بحريا (22 كيلومترا) من هذه الجزر الصغيره الاصطناعيه التي تعمد الصين الي بنائها بشكل متسارع منذ سنه، وهي المسافه التي تعتبر ضمن المياه الاقليميه لاي جزر طبيعيه.

وفي حال حصلت خطط البنتاغون علي موافقه الرئيس باراك اوباما، الذي سيستقبل بعد اشهر نظيره الصيني “شي جينبينغ” في زياره دوله تشكل محورا اخر لمحادثات كيري، فان دخول سفن تابعه للاسطول الاميركي السابع في المحيط الهادئ فيما تعتبره بكين مياهها الاقليميه قد يثير ازمه خطيره بين القوتين الاقتصاديتين الكبريين.

وكان البنتاغون قد نشر الشهر الجاري صورا التقطت عبر الاقمار الاصطناعيه تظهر ان بكين تعمل بشكل مكثف علي ردم جروف مرجانيه تحولها الي موانئ ومنشات اخري بينها مدرج هبوط يجري بناؤه حاليا وقد ارتفعت المساحه التي يمكن استخدامها خلال سنه من 200 الي 800 هكتار.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل