المحتوى الرئيسى

بالفيديو والصور: حناجر "ريم" و"رلي" تحاصر "بارود الصهاينة"

05/27 19:31

كتب- محمد مهدي ودعاء الفولي:

يجثم المحتل علي الانفاس، يحاول تجفيف منابع الابداع، يسعي لتغيير الهويه، ويستميت لقتل الجمال، لكنه لا يمنع المغردين من الغناء، بين احضان الوطن نشاتا، تفصلهما سنوات العُمر، ويجمعهما الفن، لم تتقابلا، لكنهما اتفقتا علي ان الغناء يعاند المحتل، يخلع عنه شرعيته ولو لفتره. عايشت "ريم تلحمي" الإنتفاضة الأولى عام 1987 عندما كانت طالبه، فيما ولدت "رلي ميلاد" في بيت مُشبع بروح المقاومه، هما مغنيتان من جيلين متباينين بفلسطين المحتله، تدفعان ثقل اسرائيل بالغناء في المحافل المختلفه، تحكيان عن الارض والهجره والتغريب واللجوء باصواتهما، فيعرف السامعون ان فلسطين مازالت حيه تُغني.

طفله ذات صوت عذب، فُطرت علي حب الارض المسلوبه، تقف بمدرستها بمدينه الجليل اثناء احياء ذكري النكبه، يُطلب منها رفع علم اسرائيل، فذلك هو يومهم المشهود، فترفض هي بلا تفكير "يوم استقلالهم هو يوم نكبتنا"، كانت نتيجه رفضها عقاب مدير المدرسه، وطبقه اخري من الكراهيه داخل قلبها تجاه المحتل، هكذا تيقنت ريم تلحمي، انها ستكبر لتكون شوكه في حلق اسرائيل، من خلال الفن.

ست سنوات كانت عمر "تلحمي" حين غنت للمره الاولي علي المسرح، تشدو داخل حدود مدينتها "شفا عمرو" وفي الحفلات المدرسيه، كان الغناء في الاماكن القريبه منهجها، حتي اتسعت الرقعه لتشمل مدن فلسطينيه اخري، عايشت "تلحمي" احداث جمه كان لها تاثير اكبر في ما تُقدم.

العام 1987، الانتفاضه تضوي في القلوب، تظاهرات تملا فلسطين ضد الاحتلال، الطالبه ريم اتت لتدرس باكاديميه الموسيقي في القدس "اتجاهي الغنائي لم يكن واضحا حتي تلك الفتره"، غير ان معايشتها احداث الانتفاضه فعلت الكثير "شاركت في التظاهرات والامسيات الغنائيه بنفس الوقت"، غنت لمارسيل خليفه وماجده الرومي، ثم قابلت اغنيتها الاولي التي كُتبت من اجلها "اسمها يا مهاجر وينك وكانت دعوه لعوده المهاجرين لاوطانهم"، تعلمت "تلحمي" عام 87 ان الغناء للوطن ابقي، فكوّنت فريق "غربه" مع اكثر من ملحن "كانت الاغاني تعبر عن احساسنا الشخصي بالغربه داخل بلادنا".

مع بدايه التسعينات كانت الاحداث بفلسطين متسارعه، الاحتجاجات ظلت حيه علي فترات، والمنشورات المناهضه للاحتلال تُوزع علي استحياء، ويسقط ضحايا، اما هي فقد استمرت في الغناء "يا قدس وين الروح.. وين المدي المفتوح"، بدات ريم مشروعا غنائيا جديدا مع فرقه وشم التي تمخضت نتيجه ما سبق، واطلقوا البوما واحدا فقط اسمه "عاشقه".

بالضفه الغربيه استقرت صاحبه الصوت العذب، صارت حياتها بين القدس والضفه، تعين عليها عبور حاجز قلنديا الواقع بين المدينتين، تكابد مضايقات جنود الاحتلال "تعرضت مرارا لتهديدات من الجيش بسبب وجودي في الجانب الفلسطيني كما يدّعون، بسحب هويتي او تهديدي بالاعتقال او دفع غرامه. وهناك لحظات التي تعرضنا فيها، عائلات وافراد، للموت"، يعتبر الفلسطينيون ان ذلك الحاجز من ابرز صور قهر الاحتلال، العبور بسلام مرتبط بـ"امزجه" الجنود، لا يمكن بناء مخطط زمني لميعاد معين طالما يمر احدهم بالحاجز "غرض اسرائيل هو اعاقه حياتنا اليوميه لا اكثر".

مع الانتظار المرهق عند الحاجز تمر ريم بمواقف اغلبها سيء وجزء منها هزلي "احيانا كنت اسال الجندي ماذا يشعر وهو يقف هنا، هل هو راض عن قمع الشعب؟ وتكون الاجابات في الاغلب مضحكه، وفي مره اخبرني جندي انه فقط ينفذ الاوامر"، وباحدي المرات فاض الكيل بالجمع الفلسطيني الواقف، فاستفزوا جنديا يمنعهم من المرور "كان يجري هنا وهناك موجها الشتائم للجميع" عندما تعثر في سلك شائك وضعوه بانفسهم ووقع، فانفجر الواقفون بالضحك، وفزع الجندي رافعا سلاحه بوجههم، كان علي وشك اطلاق النيران لولا ان منعه اخر.

"احساس ان الفن يخيف هو احساس دائم في عملي" بجانب الغناء كان المسرح رفيقا لها في الدرب، اول ما قدمته تمثيلا كان "جدرايه درويش"، وفي ذلك العمل سنحت لها الفرصه لمقابله الشاعر محمود درويش "جاء لافتتاح المسرحيه اول مره في رام الله.. وقابلته اثناء عرضها في تونس بمهرجان قرطاج عام 2007"، توالت الاعمال فيما بعد، حتي مسرحيه "خيل تايهه" التي فازت بافضل عمل عام 2014 بمهرجان المسرح العربي.

تعمل "تلحمي" بين شقي الرحي "تجديد في الشان الموسيقي الغنائي والفني، والصعوبات اليوميه التي يعيشها الفلسطيني فنانا او مواطنا في ظل احتلال وحشي"، لكن الامر يستحق العناء في نظر الفنانه الفلسطينيه، فحتي علي مستوي الغناء فقط "العمل الفني عندنا يخرج بطلوع الروح"، فليست هناك شركات انتاج محليه تدعم الفن الفلسطيني، لذا يتعين علي "تلحمي" الاهتمام بترويج وتنسيق المنتج "كل هذا يجعل العمل منهك".

مادام في القلب نبض، فلا يدب الياس في روح ريم، من الضفه الغربيه الي غزه ذهبت لتطلق البومها "يحملني الليل"، ياكل الخوف عقلها الا تحصل علي اذن دخول من الاسرائيليين "كان املي في دخول غزه ضعيفا"، لكنها وبشكل ما نجحت في اقتناص التصريح لتطلق الالبوم هناك لاول مره "كان احساسا قويا.. الامر يستحق العناء.. شعرت انه لا شيء يمكنه الوقوف في حياه المُصرين علي الحياه حقًا".

الغناء للوطن مقاومه، محاوله لكسر جمود حاله الاغتراب التي يعيشها عدد من الفلسطينين داخل الاراضي المحتله، رساله الي العدو ان التاريخ قد يُحذف من المناهج المدرسيه او يُزيف في تصريحات المسؤولين، لكن يبقي في وجدان الشعوب بالغناء، هذا ما كان يراه "ميلاد عازر" حقيقه لا تقبل التشكيك، فصار يغني في كل مكان عن حياه ما قَبل النكبه والنكسه، استغل صوته الرائق الحلو في حكي ما كان وما يكون، ليصبح احد اهم الاسماء الغنائيه المؤثره في مدينه "الناصره"، وقبلها في ال بيته، حيث امتد اثره الي ابنته "رلي" الطفله التي ولدت في كنف الثوره الناعمه واجواء تُبقي فلسطين حيه نابضه دائما في القلب" انا ربيت بالجو هادا، والف مره فات مشاكل من تحت راس مقاومه والدي للعدو" قالتها "رلي" بفخر.

لم ترَ الفتاه العشرينيه بعينيها تفاصيل الجرائم الاسرائيليه، لكنها تلقت منذ طفولتها حكايات فلسطين المقاومه من الاغاني الوطنيه "كل اغنيه فيها قصه وابوي كان يعلمني الاغاني من خلال قصصنا"، فيما بعد عندما كَبرت "رلي" وشعرت ان لديها صوتها مميز قررت ان تتعلم الموسيقي في فرقه حق للفن الملتزم، ثم اكاديميه القدس للموسيقي والرقص، لتطويع فنها لصالح البلاد "يمكنني غناء كل شيء بس اللون اللي ميزني هو الوطني".

منذ ان احترفت "رلي" الغناء، سافرت الي اغلب المدن الفلسطينيه مع فرقتها الغنائيه "الناصره وحيفا ورام الله والقدس ودير الاسد وبير السبع"، في كل مره تصعد الي المسرح، تنتابها رجفه في جسدها، تشعر ان الله رزقها موهبه قادره علي منح الحضور قبس من نور فلسطين الحره، تقف امام الجميع مرفوعه الراس تغني "بكتب اسمك يا بلادي، علي الشمس الي ما بتغييب.. لا مالي ولا ولادي ع حبك مالي حبيب" فتُشعل في القلوب رماد الحنين لحياه ما قبل الاحتلال.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل