المحتوى الرئيسى

جيبوتي.. عيون الغرب والشرق ترنو إليها! - ساسة بوست

05/25 21:27

منذ 28 دقيقه، 25 مايو,2015

لم تعد دولة جيبوتي ذات الاصول الافريقيه، والواقعه علي الشاطئ الغربي لمضيق باب المندب، والمطله شرقًا علي البحر الأحمر وخليج عدن، محط انظار امريكا وفرنسا معًا منذ سنين طويله، بل شاركتهما مؤخرًا الصين ضمن مشاريع استثماريه وامنيه تحمل في طياتها اهدافًا غير معلنه.

ابرز ما يميز ملامح التنافس بين هذه الدول هو وجود القواعد العسكريه فوق ارض جيبوتي واستخدامها لاغراض الملاحه ومحاربه القراصنه الصوماليين، ومواجهه خطر الانتقام من مقاتلين اسلاميين تلاحقهم الدول الغربية التي تستضيفها في حملات تمتد الي اخري مجاوره.

التقرير التالي يستعرض اهم اسباب وتداعيات دخول الصين علي خط التنافس في جيبوتي، وطبيعه التغلغل الفرنسي والامريكي، الي جانب معرفه سر المنافسه حول الدوله الافريقيه الصغيره، وما اذا كان لها علاقه بالتطورات الاخيره في المنطقه العربيه.

اولًا: لماذا يطمع الغرب في جيبوتي؟

KAITA, JAPAN - DECEMBER 16: (CHINA OUT, SOUTH KOREA OUT) Members of an advance group of the Japan Ground Self-Defense Force are seen off at the JGSDF Kaita base on December 16, 2014 in Kaita, Hiroshima, Japan. The 65-member team will be deployed in Djibouti for an anti-piracy operation off Somalia. (Photo by The Asahi Shimbun via Getty Images)

تتمتع جيبوتي بمكانه استراتيجيه بالغه الاهميه، جعلتها محط انظار، حيث يعد مضيق المندب احد قنوات الملاحه الاكثر اكتظاظًا بحركه الملاحه في العالم، الامر الذي مهد للصين الدخول علي خط التنافس الامريكي الاوروبي لتثبيت اقدامها من خلال الاستثمار وانشاء قواعد عسكرية علي اراضيها.

ويصل عدد السكان الذين يعيشون في جيبوتي الي ثمانين الف شخص فقط، اذ باتت تتصدر الاخبار والاحداث المتعلقه بالحرب في اليمن، سواء من خلال القواعد العسكريه المنشره علي اراضيها او من خلال المساعدات الانسانيه التي تمر عبر موانيها القريبه من اليمن.

ورغم انها دولة صغيرة المساحه، لكنها تتمتع بموقع استراتيجي في منطقه القرن الافريقي، حيث يدخل خليج “توجوره” عمق البر الجيبوتي لمسافه 61 كم لتمثل منطقه امنه للابحار تجاه البحر الاحمر، تعبر فيها اهم الصادرات والواردات العالميه.

ويستخدم الميناء كنقطه انطلاق الاساطيل الاجنبيه المتواجده في المنطقه بهدف مراقبه خليج عدن وحمايه الممر المائي من عمليات القرصنه. ولهذا تاثيراته المختلفه علي البلاد داخليًّا وخارجيًّا، خصوصًا في الوقت الراهن، حيث يواجه اليمن حاله من الصراع وحربًا تدور رحاها بين قوي محليه مدعومه باخري اقليميه ودوليه.

ومن بين الاسباب التي تجعل جيبوتي ذات اهميه كبري كونها من المحاور الرئيسيه للتجاره العالميه. فاكثر من 80 في المائه من السلع التي تستوردها جارتها اثيوبيا، يتم افراغها في ميناء “دوراليه”، احد اكبر موانئ المياه العميقه في شرق افريقيا.

اضافه الي قربها من بؤر التوتر في افريقيا واسيا والشرق الاوسط، فهي اهم دوله في مجال تامين طرق التجاره وكنقطه انطلاق لمكافحه الارهاب في منطقه القرن الافريقي.

ثانيًا: ما السر في دخول الصين علي خط التنافس الامريكي الفرنسي لجيبوتي؟

SOMALIA - JANUARY 18: (CHINA OUT, SOUTH KOREA OUT) Japanese Defense Minister Gen Nakatani inspects the Japan's Self-Defense Force's anti piracy on January 18, 2015 in Djibouti. (Photo by The Asahi Shimbun via Getty Images)

مؤخرًا امتنعت الصين عن تاكيد او نفي تقرير بانها تجري محادثات بخصوص انشاء قاعده عسكريه في دوله جيبوتي الواقعه بالقرن الافريقي واكتفت بالقول انها تريد ان تساهم بشكل اكبر في السلام والاستقرار في المنطقه.

وقالت بكين مرارًا انها لا تريد اي قواعد عسكريه بالخارج في مسعي لتهدئه المخاوف من الخطط الصينيه المرتبطه بجيشها الذي يزداد تطورًا وثقه، لكن الواقع الحالي يثبت انها دخلت البلاد من باب واسع يتمثل في طموح رئيس جيبوتي اسماعيل عمر غله والمحيطين به وخاصه زوجته خضره، لاعاده انتخابه لولايه جديده عام 2016 رغم وجود معارضه سياسيه من خصومه.

ودخلت الصين ايضًا من خلال حاجه الرئاسه الجيبوتيه لتمويل ترشح “غله” لولايه جديده، لتضع امامها استثمارات هائله لتمويل مشاريع ضخمه كمد خطوط سكك الحديد وبناء القصور الرئاسيه والعمارات الشاهقه في العاصمه ضمن وعود بان تحول الشركات الصينيه جيبوتي الي “دبي ثانيه” وقبله لرجال الاعمال والمال.

لذلك، بعد ان زرعت الصين نفوذها الاقتصادي وخاصه في مجال الطاقه والاتصالات في افريقيا، بدات تبحث عن منافذ بحريه لهذا النفوذ، وخلال عامين فقط، استطاعت ان تضع اقدامها بثبات في منطقتين تطلان علي البحر هما جيبوتي علي البحر الاحمر في شرقي افريقيا والسنغال علي المحيط الاطلسي في غربي أفريقيا.

واذا كان المشروع الصيني لبناء مرفا تجاري ومحطه للحاويات في السنغال لا يزال محل مفاوضات وفي خطواته الاولي، فانه قد بدا يتحقق بخطوات سريعه في جيبوتي، فخلال العام الماضي ابرمت الصين وجيبوتي اتفاقيات هامه لتاهيل الكوادر الاداريه العليا للدوله وانشاء معهد للدراسات الاستراتيجيه والدبلوماسيه.

لكن الاهم من كل هذا يتمثل في المعاهده الامنيه والدفاعيه التي تم توقيعها في شهر فبراير-شباط 2014 في قاعده الشيخ عمر في جيبوتي بين الحكومتين الصينيه والجيبوتيه، وهي المعاهده التي تتضمن اضافه الي تاهيل القوات المسلحه والامنيه الجيبوتيه، بناء قاعده عسكريه صينيه في جيبوتي.

واستمرت الشركات الصينيه في تنفيذ مشروعاتها وخططها الاقتصاديه في دول القرن الافريقي، لتثبيت اقدامها في منطقه جغرافيه استراتيجيه، ما جعلها تبرم العديد من الاتفاقيات تضمن بها تواجدها.

وتعمل الصين منذ فتره علي توسيع نفوذها في عديد من مناطق ذات اهميه استراتيجيه مثل القرن الافريقي. ففي جيبوتي، مولت الصين عددًا من المشاريع العامه، ومنذ اليوم الاول لتدشين منتدي التعاون الصيني الافريقي عام 2000، قدمت بكين 16.6 مليون دولار لتمويل المشروعات التنمويه في جيبوتي.

ثالثًا: كيف نظرت فرنسا وامريكا لدخول الصين باب المنافسه؟

Journey Of Jean-Marie Bockel In Djibouti. Déplacement à Djibouti de Jean-Marie BOCKEL, secrétaire d'Etat à la Défense et aux Anciens combattants, dans le cadre du conflit qui oppose la République de Djibouti à l'Erythrée sur le contrôle du détroit de Bab-el-Mandeb. Ici, la visite aux forces armées françaises. (Photo by Thierry Esch/Paris Match via Getty Images)

اثار مشروع بناء قاعده عسكريه صينيه في جيبوتي تحفظات اساسيه لدي الحليفين الغربيين لجيبوتي، اي فرنسا والولايات المتحده الامريكيه اللتان تملكان مواقع عسكريه في جيبوتي، حيث اعتبرت واشنطن هذه الخطوه تحمل مخاطر اثاره توتر في العلاقات الامريكيه الصينيه بسبب ما يمكن ان يثيره الوجود العسكري الصيني في القرن الافريقي من احتمال احتكاك مع المصالح الامريكيه والغربيه عمومًا.

وخلال زيارته الي امريكا العام الماضي تلقي “غله” رسائل امريكيه واضحه متحفظه علي فتح ابواب جيبوتي امام وجود عسكري واقتصادي صيني دون دراسه متانيه او تشاور مع حلفاء جيبوتي.

لا سيما وان جيبوتي تطل علي احد اكثر المسارات البحريه ازدحامًا في العالم في خليج عدن في الجهه المقابله لليمن المضطرب، وتستضيف اكبر قاعده عسكريه فرنسيه في افريقيا الي جانب قاعده امريكيه رئيسيه، كما تستخدم قوات بحريه اجنبيه ميناء جيبوتي في حراسه ممرات الشحن المزدحمه قباله الصومال لمحاربه القرصنه.

فدخول الصين يعني الحصول علي المزيد من النفوذ الدولي، خاصه وانها في العقد الماضي، وحتي قبل ذلك، استثمرت بكين بشكل كبير في افريقيا، ليس فقط من اجل الاستفاده ماليًّا ولكن ايضًا للسيطره علي الموارد الطبيعيه علي المدي الطويل.

رابعًا: ما هو طبيعه التواجد الفرنسي في جيبوتي؟

DJIBOUTI - JUNE 2011: Photographic Essay on life in the French Foreign Legion in Djibouti; the image shows the review of custody by the commanding officer of the 13th DBLE at the entrance of the Monclar base. (Photo by Emmanuel Martin/ASAblanca via Getty Images)

وبسبب موقعها الاستراتيجي الهام، سيطر الفرنسيون علي جيبوتي في سنه 1850، وبعد مئه عام من السيطره الفرنسيه، لم ترغب فرنسا في التفريط في جيبوتي بعد استقلالها، لذا توصلت فرنسا الي اتفاقيه عسكريه لضمان تواجد ما بين 3800 و4500 جندي فرنسي علي الاراضي الجيبوتيه.

وفي مارس 2001، اسست امريكا قاعده عسكريه في جيبوتي، وخلال 10 سنوات فقط تجاوز التواجد العسكري الامريكي في جيبوتي نظيره الفرنسي، بينما في سنه 2009 انشات البحريه اليابانيه قاعده عسكريه في جيبوتي، بما في ذلك ميناء دائم ومطار لاقلاع وهبوط لطائرات الاستطلاع اليابانيه “P-3″.

وتاتي القاعد العسكريه الفرنسيه في مقدمه القواعد العسكريه الاجنبيه في جيبوتي، حيث تعتبر اهم قاعده للفرنسيين في القاره السمراء، ومهمتها المعلنه هي حمايه حركه التجاره عبر مضيق باب المندب، وحمايه جيبوتي من اي اعتداء خارجي.

وظلت جيبوتي تمثل اكبر دوله تركزت فيها القوات الفرنسيه في افريقيا حيث قامت فرنسا باعاده توازن قواتها في جميع انحاء افريقيا عقب تدخلها في مالي. فمنذ عام 1999 الي عام 2001، حاربت جيبوتي التمرد الذي تم القضاء عليه في نهايه المطاف بمساعده فرنسيه.

وبعد الحرب، اصبحت جيبوتي اكثر استقرارًا؛ حيث اسندت فرنسا عمليات “كامب ليمونير” الي حكومه جيبوتي، التي اسندتها بعد ذلك الي الولايات المتحده في عام 2001، اذ تحتفظ فرنسا باكثر من 1500 جندي في جيبوتي كجزء من قوات حفظ الامن.

خامسًا: اهم ملامح التواجد الامريكي في جيبوتي؟

لم يختلف كثيرًا التواجد الامريكي عن الفرنسي في جيبوتي، فامريكا تقيم قاعده عسكريه لها، وتعزز من نفوذها الامني والاقتصادي داخل البلاد بما يعود من فائده اليها، حيث في مايو من العام الماضي مددت الولايات المتحده عقد الايجار لقاعدتها العسكريه لعشر سنوات اضافيه علي الاقل.

وتصل تكلفه الايجار في العقد الجديد الي حوالي 60 مليون دولار سنويًّا بدل 30 مليون دولار التي كانت تدفعها واشنطن في الماضي. زياده علي ذلك، فان الولايات المتحده تقوم بتمويل وتدريب جنود جيبوتي.

وانشات الولايات المتحده قوات موحده، في افريقيا “افريكوم” عام 2007، وهي مسؤوله عن العمليات والعلاقات العسكريه مع الدول الافريقيه، ما عدا مصر التي تقع في نطاق القياده المركزيه.

وتعتبر القاعده العسكريه “ليمونير” في جيبوتي هي القاعده العسكريه الامريكيه الوحيده المعلن عنها بشكل رسمي، في افريقيا، وبدات العمل عام 2002، بقوام 900 عنصر امريكي، واليوم بلغ تعداد هذه القوات 4 الاف، واصبحت مقرًا لقوات “افريكوم” في المنطقه، ومهمتها مراقبه المجال الجوي والبحري والبري للسودان واريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا، واليمن.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل