المحتوى الرئيسى

زراعة العراق تتعرض لمجزرة: خسارة 14 مليون نخلة

05/25 13:11

يعدّ العراق احد ابرز مواطن زراعه النخيل في العالم، الا ان كل المؤشرات الراهنه تؤكد تراجع محاصيلها، لاسباب توزعت ما بين الحروب وقله الدعم وهجره الفلاحين. وبرغم التطمينات الحكوميه بدعم هذه الزراعه وارجاعها الي مكانتها الحقيقيه، يبدو ان غالبيه المزارعين والمختصين غير متفائلين بالخطط الموضوعه في الوقت الحالي.

 مدير عام الهيئه العامه للنخيل التابعه لوزاره الزرعه فرعون احمد الجبوري يقول لرصيف22: "اعداد النخيل كانت تبلغ حتي العام 1980 اكثر من 30 مليون نخله، اذ وصل الانتاج الي 932 الف طن سنوياً". غير ان الحروب التي كان مسرحها مناطق انتاج النخيل الاكثر كثافه كالبصره والجناح الشرقي من العراق، دمرت الكثير من البساتين، بالاضافه الي الاهمال وعزوف المزارعين عن الاعتناء باشجار النخيل لضعف مرودها الاقتصادي، مقارنه بفرص العمل المتاحه في مراكز المدن. كل ذلك ادي، حسب الجبوري، الي حدوث نقص حاد في اعداد اشجار النخيل وصل الي 50%. وكانت قد قدرت اعدادها بـ16 مليون نخله في اخر احصاء "غير رسمي"، بني علي توقعات العام 2012، اي ان العراق فقد 14 مليون نخله.

يتابع الجبوري: "حتي الان لا يمكن ان نجزم بالعدد الكلي للنخيل، لاننا لم نجرِ اي احصاء لكل الاراضي  التي تحتوي علي النخيل، لكن هناك مشروعاً اطلق عليه "مشروع ترقيم النخيل" قدّم بالفعل الي مجلس الوزراء في العام 2013، وارجئ الي العام 2014، وبسبب عدم اقرار الموازنه الاتحاديه ارجئ للعام الحالي ايضاً، ولا نعتقد انه سيقر بسبب الضائقه الماليه التي تخنق مؤسسات الدوله، وضمنها وزارة الزراعة، اذ يكلّف المشروع مبالغ كبيره".

ويري الجبوري ان "الاهتمام بزراعه النخيل العراقي، والسعي لاعادتها الي مكانها الطبيعي في المنطقه والعالم، بات من الاولويات لتطوير قطاع النخيل وانتاج التمور لرفد الدخل القومي بموارد مستدامه. وذلك من خلال رفع عدد اشجار النخيل من 16 مليون نخله الي 50 مليوناً، باتباع الوسائل الحديثه في الاكثار، فضلاً عن زراعه أنسجه النخيل التي تعتبر احدي الوسائل العلميه الناجحه في تعويض الاصناف المرغوبه منها، خصوصاً النادره". هذا "علاوه علي تشجيع التوسع الافقي في استغلال الاراضي الصحراويه وارض الجزيره والباديه، وتامين الدعم والقروض الميسره للمزارعين بغيه انشاء بساتين حديثه او تحسين البساتين القائمه. كذلك نتجه الي اتباع الوسائل الحديثه في تحسين انتاجيه النخيل، من حيث الكميه والنوعيه وتوفير الوسائل الكفيله بمضاعفه الفوائد المتانيه من زراعه النخيل والمتاجره بالتمور". ويلفت الي انه "في ظل تطبيق تلك الخطوات، ومن الممكن ان يصل انتاج التمور من النخيل العراقي بعد اربع سنوات الي 2.5 مليوني طن في السنه".

امّا الوكيل الفني لوزاره الزراعه مهدي ضمد القيسي فيوضح لرصيف22، ان حجم زراعه النخيل يقدر بـ13% من مجمل قطاع الزراعه في العراق، وهي نسبه جيده قياساً باعداد النخيل الموجوده اليوم، فضلاً عن ان العراق يعد من الدول المصدره للتمور، بسبب كفاءه نخيله، وقد صدّر خلال العام الماضي 600 الف طن من اجود انواع التمور الي نحو 34 دوله.

الخبير الزراعي حسون البهادلي يري ان النهوض بقطاع النخيل في العراق يبدا بخطوه حصرها وترقيمها بشكل فني، وتحديد مواطن الضعف والنقص في زراعتها، الي جانب وضع قاعده بيانات دقيقه لبساتين النخيل، ورفع نتائج التعداد الي الخبراء والمختصين بغيه تحديث هذه البساتين، كما حصل في دوله الامارات العربيه المتحده والمملكه العربيه السعوديه.

ويلفت البهادلي الي ان "دعم هذا القطاع سيكون له مردود اقتصادي كبير، اذ انه ينتج نحو 700 الف طن في السنه، يصدر منها القسم الاكبر، وهذا ما يوفر اكثر من مليار دولار سنوياً للدوله. فلو افترضنا ان العراق يستطيع انتاج مليون طن في السنه من التمور بعد توفير العنايه بالنخله، وان سعر الكيلوغرام من التمر عندما يكون معلباً بشكل جيد لا يقل في المتوسط عن دولارين، يعني هذا ان المردود لن يقل عن ملياري دولار سنوياً. وتشغل معامل تعليب التمور 100 عامل علي الاقل في كل منها. وبالامكان انشاء اكثر من 200 معمل بسرعه كبيره. وفي حال زياده اعداد اشجار النخيل الي ما كانت عليه سابقاً، ترتفع الارقام اكثر، فقد يصل العائد المالي الي اكثر من سته مليارات دولار سنوياً خلال عشر سنوات اذا بدانا الان بتنفيذ الخطط المرسومه. وهو ما سيؤدي حتماً الي تشغيل اعداد اكبر من العاملين، وتالياً زياده اعداد القوي العامله في المجال الزراعي.

يقول بريسم جواد (52 عاماً)، صاحب بستان للنخيل في منطقه النعمانيه جنوب العاصمه بغداد، "ان اباءنا واجدادنا علمونا زراعه النخيل وباتت لدينا خبره في كيفيه توفير المناخ الملائم لانتاج النخيل، ويوجد حالياً اكثر من 600 صنف من التمور، ابرزها: البرحي والبريم والحلاوي والخضراوي والجبجاب والديري، وهي تتوزع علي كل مناطق العراق تقريباً". وفي ظل الصعوبات التي تواجه بساتين النخيل علي صعيد الجفاف وضعف الدعم الحكومي، يري جواد ان معظم اصحاب بساتين النخيل يعيشون في دوامه من الياس والقلق، وقد دفع هذا الوضع الكثير من العاملين في هذه الزراعه الي البحث عن زراعات بديله اصبحت محدوده، كما ان بعضهم يفكر في الانتقال الي مصالح اخري غير الزراعه، وهذا ليس سهلاً في الوقت الحاضر. كما ان ترك اصحاب البساتين عملهم امر خطير، وقد ينعكس ذلك علي الوضع الاقتصادي العام في العراق.

بدوره، يقول ابو مناف العكيلي (58 عاماً)، المتخصص في زراعه النخيل: "ان وضع النخيل يسير باتجاه ماسوي، والسبب قله الامطار وشح المياه، وكذلك قله المبيدات في وقت تضاعفت اعداد الحشرات التي تنخر نخيلنا، ووزاره الزراعه عاجزه عن دعم المزارع سواء بالمبيدات او بالاسمده، فيما كانت الطائرات قبل العام 2003 ترش المبيدات من الجو سنوياً، وهذا ما عاد يحصل اليوم".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل