المحتوى الرئيسى

أطفال العراق يميلون إلى العنف ويبتعدون عن التسامح

05/25 07:34

الماني من داعش ينفذ تفجيرا انتحاريا في العراق

الاردن: لا مطامع توسعيه في العراق او سوريا

القوات العراقية تسعي لاستعاده الرمادي من داعش

واشنطن بصدد تسريع تسليح العشائر العراقيه

منذ سنوات اشّر باحثون في علم الاجتماع الي نشوء جيل عراقي، لا يؤمن بقيم التسامح والتعايش المشترك، بسبب مايعيشه من حملات التكفير ونبذ الاخر طائفيا وعرقياً من خلال وسائل الاعلام.

عبد الجبار العتابي من بغداد: يري العديد من الباحثين العراقيين، ان الاحداث التي يشهدها العراق تشير الي ظاهره غريبه تتمثل في نشوء جيل يمتلك كميات كبيره من الكراهيه والطائفيه والتطرف والتشدد، وهو ما يراه الكثيرون خطرا يهدد المجتمع العراقي.

ومع تسارع الاحداث الارهابيه، والتمييز الطائفي في العراق، اصبح من السهل ان تسمع مفردات الطائفيه والتشدد، تتصدر الاحاديث بشكل يوخز القلب والضمير، وتشعر ان العدوانيه تملكت البعض حتي لم يعد هنالك حيز للتسامح، ولقبول الاخر بايه طريقه كانت، حيث بلغ التطرف اشده.

ايلاف سالت باحثين عراقيين عن سبب غياب قيم التسامح لدي الاجيال العراقيه الحديثه، فكانت الاراء مختلفه، فهناك من يري ان احداث العنف المستمره منذ 12 عاما جعلتهم يعيشون وسط الخوف والرعب، وهو ما جعل قلوبهم تخشوشن ونفوسهم تتحجر، فيما يري البعض ان القاتل لا يستحق التسامح، بل رد الصاع صاعين، وراي البعض ان الاخر حينما يريد ان يجعل منك كبشا ليس امامك الا ان تكون ذئبا، وحين طلبنا ان نعرف نتيجه هذا كله او خاتمته كانت الاجابات، عندما تهدا عواصف العنف وتطمئن النفوس وتتعمق الثقه فلا غدر ولا خيانه ولا تهميش ولا تحريض علي القتل والتدمير!

الكاتب صباح عطوان قال: المجتمع يكتظ بتيارات عدوانيه هجوميه هي من افرازات الحروب والفوضي، وقد ذكرت ذلك بتصريح مشهور وكعنوان لمقال، لذلك فالعصابات التي تطوف كاسماك القرش في شوارعنا لها الف اسم ومسمي".

واضاف "من المؤسف ان التسامح اصبح خياليا، لذلك نحتاج الي اطفاء نار الكراهيه اولا، من ثم اعاده ترتيب البيت الاجتماعي. وخلق اطر تربويه تبتعد عن اطر التدين الطائفي، وانما الدين بمجموعه المتسامح لا الجانب العدائي منه... لا جانب خذوهم بالسيف".

وتابع "بالنسبه للوضع العام انا متشائم لكني اؤمن بطيبه شعبنا وكرم قبائله وعشائره، شعبنا تعرض الي غزو من الداخل فانقلبت مسالمه حياته الي جوارح.. فصار حز الرقاب تسليه المتقاتلين، وبات القاتل للمظلوم قدوه للاسف".

وختم بالقول ان "شعب العراق عرف بطيبته وكرمه ونخوته، لا شعب في الارض بحجم مكارم شعبنا لكنهم اثخنوه جراحا واكلوا قلبه واطفاوا او كادوا نور شمعته..نور دفئه وطيبه وتسامحه".

اخطر من داعش بالف مره

اما الباحث الاجتماعي محمد غازي الاخرس، فقد اكد ان "السبب راجع لنشوء هذا الجيل في ظل احتراب طائفي، وقال: يمر المجتمع العراقي بازمه كبيره وخطيره، تتمثل في نشوء جيل من الشباب لا يعرف شيئا عن التسامح والاعتراف بالاخر، ولا يتخيل وجود شريك له في المجتمع يختلف عنه في المعتقد والراي. وهذا راجع لنشوئهم في ظل احتراب طائفي ما ادي الي انعزالهم داخل اسوار جماعاتهم الضيقه وفقدانهم اي امكانيه لتخيل وجود من هو مختلف عنهم".

واضاف: انهم يعانون العمي، فلا يرون سوي انفسهم والمتشابهين معهم في الافكار. وفي مثل هذا الوضع، تشيع افكار التعصب والتطرف والتعميم والقولبه، ويسهل ارتكاب الجريمه بضمير مطمئن، هؤلاء اخطر من داعش بالف مره، وعلينا اعاده تاهيلهم نفسيا وثقافيا لاستعاده تلك القدره الغائبه.

ويري ان "مفاهيم التسامح ومشاركه المختلف والتعايش معه عباره عن قدرات تنمو وتضمحل بفعل الظروف الاجتماعيه، ومن المؤكد انها اضمحلت لدي الجيل الناشئ بعد التغيير بفعل الاحتراب والتقوقع الطائفي، وعلينا المساهمه بانمائها حتي لو تطلب الامر القيام بثوره ثقافيه كامله تسهم بها المؤسسات الفاعله".

 الكاتبه الروائيه لطفيه الدليمي تقول "اننا نعاني في مجتمعنا العراقي من اللاتسامح كافراد وجماعات نتيجه التربيه المنغلقه والموروث المتشدد، الذي يحظر مناقشه المقدس او حتي الاقتراب منه، وبسبب التعليم الشوفيني التلقيني الذي لايبيح الحوار والنقاش ويركز علي قيم ومفهومات موروثه راسخه، فمعظمنا نشانا في اجواء اجتماعيه لا تؤمن بالحوار بل تفرض بدلا عنه الطاعه المطلقه في البيت والمدرسه وفي الحظيره السياسيه، كما تفرض علي الافراد الطاعه التراتبيه في البيت والمجتمع، فليس لنا ان نناقش او نعترض علي ايه فكره يقدمها من هو اكبر منا، بل يتوجب قبولها دون جدال والا خرجنا علي السراط المحدد للناس الاسوياء حسب المعايير السائده، ومن هنا صارت لدينا نزعه خطيره لتقييم الاخرين و اصدار احكام سلبيه تخص تقويمنا لهم، واعتدنا ان نتسرع في الحكم علي الناس والاشياء في ردود فعل لا تعتمد التفكير المنطقي بل تلجا الي التعميم المطلق في اصدار الاحكام، وساعد سلوكنا التعميمي في تجذر اللاتسامح والتعصب في شخصيه الفرد العراقي الذي صيغت شخصيته تحت مطرقه الطاعه المطلقه والاذعان التام للاوامر العليا من الاباء والمعلمين والساسه".

واضافت ان "المتعصب اللامتسامح هو من يقسم العالم الي ابيض واسود الي خير وشر، والي حق وباطل فاللامتسامح يسكنه اللون الواحد، والاعتقاد المطلق بانه علي حق دائما وكل ما عداه خطا مطلق. والمتعصب اللامتسامح لايريد ان يعرف اسباب تعصبه ويفككها، فهو موقن من امتلاك الحقيقه المطلقه التي لايمكن الجدال فيها، ويدعو جميع الاخرين الي الايمان بما يؤمن به، والا فان جزاءهم التهميش او الاقصاء والتصفيه الجسديه، وهي اقصي ماوصلت اليه نزعه اللاتسامح بتفشي الارهاب المنظم".

التربوي والباحث نبيل ابراهيم الزركوشي، ناشط في مجال مشاريع المصالحه والتعايش السلمي، فقد اشار الي ضروره اصلاح النظام التربوي. وقال ان "الامر يعود بالدرجه الاساس الي نوع التربيه والتي تعتبر المناهج الدراسيه جزئيه مهمه جداً منها، اذ كانت ولاتزال تعتمد علي التفرد بطرح المواضيع وخاصه الاراء الدينيه والتي في كثير من الاحيان تخضع للاختلاف، حالها حال الاحداث التاريخيه وطريقه عرضها اذا كان من باب اولي، ان تعرض المناهج الدينيه الاختلاف بين الاراء، من اجل ان نغرس في نفوس النشا الجديد ان هناك اراء مختلفه حول الموضوع الواحد، وبذلك نكون قد وضعنا البذره الصحيحه لثقافه الاختلاف المنطقي، وبالتالي تمت تهيئه الشباب لتقبل بعضهم البعض، وفهم الاختلاف علي انه مصدر من مصادر البحث عن الحقيقه، وتعليمهم كيفيه الاستنتاج المنطقي للافكار وعدم تقبل الافكار علي علاتها وعدم تقديس الاشخاص، وجعلهم رموز مقدسه ونسيان انهم اشخاص يتعرضون لضغوط وقد يصيبون في امر ويخطئون في اخر".

واضاف "لذا نحن امام مفترق طرق اما اصلاح النظام التربوي عبر اعتماد مناهج تتلائم مع ثقافه الفكر الحر، او البقاء علي المناهج الدراسيه القديمه، والتي من ثمارها عدم تقبل الاخر لانها وضعت وفق سياسات واراء اشخاص يقدسون الرمز الاوحد، وان الاوان ان نثور عليها كي نبني الانسان الجديد الذي يرحب ويتقبل الاخر الذي يختلف معه في الفكر والمعتقد".

ويري ان "هناك تباعد كبير بين الاجيال الجديده والقديمه من حيث الافكار وعدم تقبل الجيل الجديد لافكار واراء الجيل الاكبر منه، كاشخاص او كافكار جماعات، ويعود ذلك الي الحروب والازمات التي مر بها المجتمع عبر الفترات السابقه مما ادي الي عدم وجود اشخاص كبار يقودون العائله، واصبحت المراه مع كل التقدير لدورها الا ان دور الرجل يبقي محورياً ومهما، من اجل طرح وفرض ثقافه الاحترام بين افراد الاسره الواحده وبالتالي ينعكس ذلك علي سلوكيات الافراد في المجتمع".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل