المحتوى الرئيسى

مكتبة الإسكندرية تصدر مختارات من التراث الإسلامي الحديث

05/24 12:24

اصدرت مكتبه الاسكندريه طبعه جديده لكتاب "البيان في التمدن واسباب العمران" للمفكر والسياسي العربي رفيق العظم، وذلك في اطار مشروع (إعادة إصدار مختارات من التراث الإسلامي الحديث في القرنين الثالث عشر و الرابع عشر الهجريين/ التاسع عشر والعشرين الميلاديين).

 نبعت فكره المشروع "من الرؤيه التي تتبناها المكتبه بشان ضروره المحافظه علي التراث الفكري والعلمي في مختلف مجالات المعرفه، والمساهمه في نقل هذا التراث للاجيال المتعاقبه تاكيداً لاهميه التواصل بين اجيال الامه عبر تاريخها الحضاري"، وذلك كما اوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين في تقديمه لسلسله اصدارات المشروع، و يضيف سراج الدين "ان الانتاج الثقافي – لاشك- تراكمي، و ان الابداع ينبت في الارض الخصبه بعطاء السابقين، وان التجديد الفعال لا يتم الا مع التاصيل، وضمان هذا التواصل يعتبر من اهم وظائف المكتبه التي اضطلعت بها منذ نشاتها الاولي وعبر مراحل تطورها المختلفه".

و يعد اختيار القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين/ التاسع عشر والعشرين الميلاديين، علي وجه الخصوص، رغبهً من المكتبه في تصحيح الانطباع السائد بان الاسهامات الكبيره التي قام بها المفكرون والعلماء المسلمون توقفت عند فترات تاريخيه قديمه، ولم تتجاوزها. وحيث ان الحقائق الموثقه تشير الي غير ذلك، وتؤكد ان عطاء المفكرين المسلمين في الفكر النهضوي التنويري انما هو تواصل عبر الاحقاب الزمنيه المختلفه، بما في ذلك الحقبه الحديثه والمعاصره التي تشمل القرنين الاخيرين.

يهدف هذا المشروع الي تكوين مكتبه متكامله ومتنوعه، تضم مختارات من اهم الاعمال الفكريه لرواد الاصلاح والتجديد الاسلامي خلال القرنين المذكورين. وتسعي مكتبه الاسكندريه لاتاحه هذه المختارات علي اوسع نطاق ممكن، عبر اصدارها في طبعه ورقيه جديده، وعبر النشر الالكتروني ايضاً علي الانترنت علي موقع المكتبه والموقع الخاص بالمشروع، كما تستهدف في المقام الاول اتاحه هذه المختارات للشباب وللاجيال الجديده بصفه خاصه.

وفيما يخص كتاب "البيان في التمدن واسباب العمران" لرفيق العظم، فيمثل مقدمه رائعه لمشروع رفيق العظم وافكاره التنويريه، حيث انه اول كتاب الفه وكان في بدايه العقد الثالث من عمره، وصدرت طبعته الاولي عام (1304هـ-1887م) عن المطبعه الاعلاميه بمصر، ويقع الكتاب في 78 صفحه، و مقسم الي: مقدمه وثلاثه ابواب وتسعه فصول وخاتمه.

في مقدمه الكتاب يوضح رفيق العظم سبب تاليفه للكتاب، الا وهو "القيام بما يجب علي الانسان من الخدمه الوطنيه اللازمه علي سائر افراد الهيئه الاجتماعيه التي تعبر عن مهمات مصالحها باجراء جميع الوسائل الباعثه علي تقدمها وعمران بلادها"، مؤكداً علي اهميه وضروره توفير ثروه الهيئه الاجتماعيه، وما افضي اليه الاهمال والكسل من الاهالي. ذاكراً ان الغرض من الكتاب هو "بيان اصول التمدن الناشئ عنه عمران البلاد".

في الباب الاول للكتاب يعالج رفيق العظم مساله التمدن، حقيقته وشروط واسباب تحققه، اضافه الي مناقشته لصله التمدن بالشريعة الاسلامية، حيث يري ان اصول الشريعه الاسلاميه هي اساس تمدن جميع النوع البشري، لاشتمالها علي "الاداب الدينيه والعداله والتمسك بجميع الخصال الحميده المندوب الي كل فرد من افراد الامه". كما انتقد مفهوم العامه للتقدم وتمسكهم بالشكل والقشور، فيلاحظ ان الاهتمام بالشكل من اللباس والزينه و غيرهما لا يحققان التقدم، كما ينكر عليهم اكتفاؤهم بتعلم الفرائض الدينيه عن تعلم الاصول والقواعد المبنيه علي العدل الداعيه الي التمدن.

و في الباب الثاني تناول رفيق العظم قضيه التعليم، ذلك ان اهم اسباب التقدم ولع الامه بالعلوم و المعارف، وخص بالذكر التعلم الذي هو جزء من التربيه المعنويه، وهي تربيه روحيه تعني بتهذيب العقل وترويض الذهن والفكر.

اما في الباب الثالث والاخير فناقش الكاتب اثر الحريه والعدل في التمدن والعمران. حيث يري ان "الحريه العموميه" التي هي حق للفرد علي الوطن ينبغي ان تكون مؤسسه علي العدل وحسن نظام الامه، فتكون بذلك كافله لجميع مصالح الامه. اما العدل فيقول انه "اساس الملك وسبب العمران ووسيله لتقدم الاوطان" باسطاً صفات الحاكم العادل واثرها في الرعيه.

ختم رفيق العظم كتابه باستعراض التاريخ الحضاري الاسلامي، ومظاهر التمدن والعمران واسبابه، ثم انتقل الي "التمدن الاوروباوي" ذاكراً ان بدايته من اسبانيا يوم كان المسلمون يسيطرون عليها، واوضح ان انتشار المعارف والعلوم في اوروبا نتج عنه تقدم صناعي وتجارب واختراعات.

يُذكر ان الكتاب من تقديم الدكتور/ عبدالرحمن حللي.

هو رفيق بن محمود بن خليل العظم، ولد عام 1867 في مدينه دمشق، في اسره عريقه رفيعه المكانه واسعه الجاه مترفه. والده الاديب الشاعر محمود العظم لم يصرفه الي الدراسه في المدارس الحكوميه العثمانيه، وانما دفعه الي شيوخ العصر يتردد اليهم وياخذ عنهم، فتعلق بكتب الادب ودواوين الشعر وهو مازال صغيراً، ثم انصرف الي كتب النحو والصرف والمعاني والبيان، لازم العلماء والادباء وبعض المتصوفه، واقبل علي الاساتذه سليم البخاري وطاهر الجزائري وتوفيق الايوبي، ونزع كما ينزعون الي البحث في الاجتماع والتاريخ والادب، وتعلق بالاصلاح وكتب فيه لما وجد من احوال العصر الاداريه والسياسيه.

اجتمع رفيق العظم الي احرار العثمانيين وتعلم اللغه التركيه، وتقرب من الجمعيات السياسيه السريه ووقف علي العنف والاستبداد والاستعمار، فاخذ ينتقد ويقبح في جراه وصراحه لفتت الانظار اليه.

زار رفيق العظم مصر سنه 1892ومنها انتقل الي الاستانه ثم عاد الي دمشق، ليغادرها عام 1894 الي مصر هرباً من مضايقه السلطات لاحرار البلاد، وفي القاهره تعرف العظم علي اعلام البلاد، واتصل بحلقه الامام محمد عبده، وفي هذه الحلقه كبار الكتاب والمفكرين امثال قاسم امين وفتحي زغلول وحسن عاصم. فافاد من مجالسهم وكذلك اتصل بالشيخ علي يوسف صاحب جريده المؤيد، وعرف مصطفي كامل ومحمد فريد من زعماء الاصلاح في مصر، فاختمرت في نفسه فكره الاصلاح السياسي والاجتماعي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل