ميثة الشبلي تكتب: هل حقًّا القناعة كنز لا يفنى؟؟؟ | ساسة بوست

منذ 8 دقائق، 23 مايو,2015

منـذ نعومة أظافرنا تربينا على المثل الشهير (القناعة كنز لا يفنى) فهل حقًّا القناعة كنز؟

عند الوقوف لتحليل هذا المثل ستحصل على الكثير من التضارب حول أحقية القناعة لتحصل على لقب كنز أم لا؟

أحدهم قد يقول: ابني ليس متفوقًا في المدرسة هل يجب علي الضغط عليه ليصبح بقدرة قادر من المتفوقين أم يجب علي القناعة بمستوى ابني ومساعدته على التخرج بأكبر قدر مستطاع من المعلومات والمهارات وفق قدراته الدراسية .

آخر سيقول: إن لم أكن راضيًا على وظيفتي هل لأردد مثل الببغاء: (القناعة كنز لا يفنى) أم أحاول البحث عن وظيفة أفضل تناسب طموحاتي ومهاراتي.

هذه أمثلة بسيطة توضح مطاطية الأمثال الرائجة وعدم صلاحيتها لكل الحالات .

قول علي الوردي في كتابه مهزلة العقل البشري: (إن الإنسان اليوم في حركة دائبة وتطور متواصل. وهذا هو سر حضارته. فإذا رأيته اليوم يمسك رغيف خبز ويضعه على جبهته قائلًا “الحمد لله على نعمته”، فاعلم أنه لن يفعل ذلك في يوم مقبل. ولعله سيقبل وجنة الحسناء بدلًا من الرغيف. وربما قبل بعد ذلك وجنة رزمة الدنانير بلا حمد ولا شكر) .

في سلم الحضارة إذا ما قرر الإنسان بأن يتحلى بالقناعة لما وصل إليه فسيتوقف تطور الحضارة، وسيبدأ المجتمع البشري في السقوط على سلم الحضارة، سيملك الأطباء القناعة حول الأدوية الموجودة لعلاج الأمراض ولن يجروا تجاربهم للتوصل لعلاج أفضل، سيقتنع رجال الأعمال بالمشاريع التي يملكونها ولن يسعوا إلى تطوير مشاريع إضافية وسيتوقف نمو الاقتصاد، سيقنع الطلاب بما يملكونه من علم ولن يسعوا إلى شهادات أعلى ودورات تدريبية وقراءة كتب علمية، وستتملك العلماء القناعة إلى ما اكتشفوه من أسرار الكون ولن يسعوا إلى حل المزيد من المعاضل الكونية.

تطورت الحضارة على مر العصور لأن الإنسان لم يقنع بما لديه .

روزا باركس لم تقتنع بالنهوض من مقعدها للرجل الأبيض كما جرت العادة في أمريكا فمهدت لثورة السود للحصول على حقوقهم.

بالتأكيد أنا لست ضد القناعة الإيجابية، ولكني ضد القناعة السلبية والخضوع للظروف والعادة، وعي الإنسان هو ما يحدد له ما هي القناعة الإيجابية وما هي السلبية.

أجريت بحثًا بسيطًا للمحتوى العربي حول القناعة وهل يوجد قناعة سلبية كانت النتيجة متوقعة بالنسبة لي ومؤسفة في الوقت نفسه، فأغلب المحتوى يحث على القناعة وأنك يجب أن تكون قنوعًا وخاضعًا ومتماشيًا مع ظروفك ومحيطك، في المقابل وجدت محتوى قليل يتساءل هل القناعة دائمًا إيجابية أم لا.