المحتوى الرئيسى

شروخ الشرعية الدستورية

05/23 08:33

اخطر ما يعترض مصر الان ان شروخ الشرعيه تتهددها في لحظه صعبه من الحرب علي الارهاب.

منذ ثوره «يناير» لم تستكمل مؤسسات الدوله الدستوريه.

لم يحدث في ايه لحظه ان كانت هناك دوله مؤسسات تنضبط علي ايه قواعد دستوريه في صلاحياتها وطبيعه العلاقات بينها.

انتخب برلمان بلا دستور قبل ان تقضي المحكمة الدستورية العليا بحله.

وانتخب رئيس جمهوريه باغلبيه بسيطه للغايه لكنه فوض نفسه صلاحيات مطلقه، فلا دستور ولا برلمان.

اول ما اقدم عليه الغاء الإعلان الدستوري الذي انتخب علي اساسه والعمل علي عوده البرلمان الذي حلته «الدستوريه».

في اليوم الاول لاعلان انتخابه رئيسا طلب «محمد مرسي» من المشير «حسين طنطاوي» ان يرسل من يمثله للحديث معه في امر لا يحتمل تاجيلا.

علي مائده مستديره في قصر «الاتحاديه» دعا ثلاثه من اعضاء «المجلس العسكري»، بينهم اللواء «عبدالفتاح السيسي» مدير المخابرات الحربيه، الي البحث عن طريقه يعود بها البرلمان المنحل حتي يتسني ان يقسم اليمين الدستوريه امامه.

كان مما سمعه «اذا اردت ان تكون رئيسا محترما لدوله محترمه فعليك ان تحترم الاعلان الدستوري».

لم يتردد في اطاحه المشير والغاء الاعلان الدستوري ونقل السلطه التشريعيه الي «مجلس الشوري»، الذي تسيطر عليه جماعته، وتخويل نفسه صلاحيات شبه الهيه في اعلان دستوري جديد ليس من حقه ان يصدره، فهو رئيس منتخب وليس سلطه تاسيسيه، قبل ان تنفرد جماعته بوضع دستور يفتقد بفداحه الي اي توافق وطني ويعتدي بقسوه علي طبيعه الدولة المدنية.

كل ما بني علي ارض سياسيه هشه في المرحله الانتقاليه الاولي تقوض سريعا.

كان الاخفاق ذريعا في انجاز ما تطلعت اليه ثوره «يناير» من تاسيس نظام ديمقراطي يلتحق بعصره، او وضع اي اساس دستوري لانتقال امن للسلطه يضمن عدم التغول علي الطبيعه المدنيه للدوله او «تكويش» جماعه واحده علي كل مفاصلها.

بسبب هذا الاخفاق تحولت الميادين العامه الي ساحات صدام استنفرت طاقه المجتمع علي المقاومه بما افضي في النهايه الي موجه ثانيه في «يونيو» تطلعت الي استعاده الثوره التي اختطفت واستكمال مهامها في بناء دولة مدنية ديمقراطيه حديثه.

هذه المهمه تتعثر خطاها بطريقه مزعجه بعد نحو سنتين من اطاحه الجماعه ورجالها من السلطه.

رغم ايه تضحيات بذلت لمواجهه العنف والارهاب، او ان تقف الدوله علي قدميها من جديد، فان المرحله الانتقاليه الثانيه لم تفض الي اعاده بنائها علي نحو يؤكد اننا نتقدم الي عصر جديد.

عوده الدوله لا تعني استعاده الماضي لنفوذه.

هذا يسحب عن «يونيو» نبل مقاصدها وينزع عن الحاضر شرعيته الدستوريه.

باليقين فان الدستور هو الانجاز الاكبر للمرحله الانتقاليه الثانيه رغم ما تثيره بعض بنوده من انتقادات.

انطوي علي حقوق وحريات غير مسبوقه في ايه دساتير سابقه، وكان ذلك محل تقدير شبه جماعي وامل كبير في مستقبل مختلف.

عندما تتعطل الانتخابات النيابيه بلا سند او منطق فهذا يشرخ في الشرعيه الدستوريه.

لا يملك احد هذا التعطيل الا ان يكون الثمن باهظا.

لم يحسم الدستور ايهما اولا الانتخابات الرئاسيه ام الانتخابات النيابيه.

بسبب القلق العام تحت وطاه الحرب مع الارهاب مالت اغلبيه القوي السياسيه الي اولويه الرئاسيه غير انها لم تتصور ان النيابيه سوف ترجا الي اجل غير معلوم.

بنص الدستور فان اجراءات الانتخابات الاولي (الرئاسيه) تبدا خلال مده لا تقل عن ثلاثين يوما ولا تجاوز تسعين يوما من تاريخ العمل بالدستور (١٨ يناير ٢٠١٤) علي ان تبدا الاجراءات الانتخابيه التاليه (النيابيه) خلال مده لا تجاوز سته اشهر من هذا التاريخ.

انضبطت الاجراءات الاولي علي مواقيتها الدستوريه غير ان اجراءات الثانيه تعرضت لما يشبه التحايل علي النصوص.

الالتزام يعني الالتزام، اما الاعلان عن بدء اجراء الانتخابات النيابيه دون ان تكون هناك اراده حقيقيه لاجرائها فهذه مساله اخري.

لم يكن خفيا العوار الدستوري في القوانين المنظمه للانتخابات النيابيه ولا اوجه الخلل السياسي في طبيعتها.

لا احد استمع لما اعلنه الفقهاء الدستوريون والقانونيون من ملاحظات جوهريه.. ولا احد اعتني باخذ راي الاحزاب والقوي السياسيه كان الامر لا يخصها.

وفق الدستور النظام السياسي يقوم علي اساس التعدديه السياسيه والحزبيه.

المعني ان الاحزاب من صلب النظام السياسي والقوانين المنظمه للانتخابات النيابيه شانها المباشر.

عندما تجمع الاحزاب والقوي الرئيسيه بلا استثناء يعتد به علي عدم صلاحيه النظام الانتخابي فان تجاهل رايها مساله تتعارض مع روح الدستور.

باي معني لا يعقل تعطيل الاستحقاق الثالث من خريطه المستقبل عن مواعيده الدستوريه لنحو سنه كامله حتي الان.

تعطيل الانتخابات النيابيه يهز من صوره الحكم الجديد امام شعبه، الذي راهن علي تغيير جوهري في قواعد اللعبه السياسيه وامام العالم الذي كانت خريطه المستقبل التزامه الرئيسي بوجه سيل الانتقادات التي تعرض لها.

الاخطر من ذلك انه يهز الدوله نفسها، فالدول تعرف بمؤسساتها ومدي كفاءتها.

عندما لا يعلن النظام عن نفسه، لا توجهاته ولا رجاله، فهذا يفسح المجال لضغوط مراكز قوي اقتصاديه من رجال اعمال متنفذين ان تتولي بنفسها صناعه السياسات العامه دون رقابه من برلمان.

خشيه نفوذ المال السياسي سوغ بعض الكلام لتعطيل الانتخابات النيابيه.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل