المحتوى الرئيسى

عندما تختزل الـ «كروازيت» العالم كلّه

05/23 01:39

يستعيد مهرجان «كانّ» في دوراته السنوية ملامح متشابهة تُختصر بعناوين واضحة: الطريق إلى القاعة الرئيسية انعكاس لغليان الليالي الصاخبة، ولحيوية النهارات المنفتحة على أجمل صُور، وأعقد خيبات، وبهتان توقّعات، وأجمل اللحظات. باختصار، هذه طريقٌ مليئة بالتناقضات المصنوعة بزخم السينما وحيويتها، وبانغماس عشّاقها وآخرين في ملذّات ومُتع تؤلِّف في صميم الحياة الليلية اليومية، أو داخل الصالات المعتمة. بين عروض صباحية خاصّة بالنقّاد والصحافيين والإعلاميين، وعروض بعد الظهر والمساء والليل المفتوحة أمام نجوم وضيوف وراغبين ومهتمّين، قبل أن ينسحب كثيرون إلى «علب الليل» والصالات الواسعة المُشعّة بجمال طبيعي أو اصطناعي، تتمدّد المدينة الفرنسية ـ المطلّة على البحر الأبيض المتوسّط ـ في أروقة صناعة لا تزال تمتلك خصوصياتها ومفرداتها وقواعدها، وفي سهرات النمائم وبناء علاقات متنوّعة، وفي ولائم الاحتفالات التي تكون غالباً «معبراً لصفقات ومشاريع، أو حيّزاً لتحقيق «سهرة حارّة» هنا أو هناك.

القادمون إلى «كانّ» مختلفو الأمزجة والهواجس والرغبات. السينما جامعٌ مشتركٌ بينهم، من دون أن يعني هذا أن المشترك بينهم دعوة إلى التمتّع بروائع الشاشة الكبيرة فقط. للتمتّع وجوه وحالات تختلف عن ذاك الممنوح من السينما. بعض أوّل يستغلّ الأيام الـ 11 لبلوغ غايات ومآرب، ولتحقيق بضعة أموال لقاء «ليالٍ حمراء» يحتاجها قادمون إلى «كانّ»، علماً أن قادمين إلى «كانّ» يريدون شيئاً آخر غير عالم المال والأعمال والأضواء هذا. بعض ثانٍ يريد سياحة، لا أكثر ولا أقلّ، في مدينة متحوّلة، في أيامها القليلة هذه، إلى ما يُشبه اختزالاً جميلاً للعالم بأسره تقريباً. بعضٌ ثالث مهموم بالسينما ونتاجاتها. يقف ساعات كي يحصل على بطاقة دخول. يرفع لافتات تشير إلى الفيلم المطلوب. لا يتردّد هؤلاء عن سؤال الداخلين إلى هذه الصالة أو تلك عمّا إذا كانوا بحاجة للمُساعدة. الطوابير الطويلة أمام الصالات الموزّعة في أرجاء المدينة لا تحول دون ممارسة هذا البعض «تسوّلاً» من نوع آخر: الحاجة تُبرِّر الوسيلة. ولأن الحاجة إلى السينما قوية وطاغية، فلا بأس بتسوّل كهذا. لكن، هل تنجح هذه الخطة دائماً؟ يقول زملاء معتادون حضور دورات «كانّ» سنوياً إن محاولات كهذه تبوء، غالباً، بالفشل، لأن من يحمل بطاقة دخول لن يتنازل عنها.

المنتشرون في أمكنة «حسّاسة» على الجادّة الأشهر في محاولة الحصول على بطاقات دخول لا يختلفون عن منتشرين في زوايا أساسية أخرى في «كانّ»، مع اختلاف الأهداف. مجموعات صغيرة من شبان وصبايا يحتفلون، على طريقتهم الخاصّة، بالتواصل مع زوّار المدينة وضيوفها. يرقصون أو يُنشدون (بلغات عديدة) أو يتأمّلون. يرتدون أزياء غريبة أحياناً، لكنهم لا يتردّدون عن التمايل مع صخب الفن السابع في قدرته على «لمّ شمل» عشرات الآلاف من الذين يجدون متعة فائقة في زيارة «كانّ»، أثناء مهرجانها الأبرز والأهمّ، لألف غاية وغاية. متسوّلون آخرون يختارون، ليلاً بصورة خاصّة، واجهات أغلى المحلات التجارية، كي يحصلوا على بعض المال، أو على شيء من الخمر، أو ربما على قليل من الطعام. هذا كلّه بنبرة هادئة، أو بصمت تعوِّض عنه لافتات تقول ما يريدون، إذ إن بعضهم منصرفٌ إلى التدخين وشرب الخمرة والتأمّل في المسافات الفاصلة بينهم وبين زوّار المدينة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل