ما حقيقة لغز مثلث برمودا؟

تقول الاسطوره ان مثلث برمودا او "مثلث الشيطان" منطقه تختفي الطائرات والسفن بشكل غامض عند المرور بها، وان هذا المثلث موجود في الجزء الغربي من شمال المحيط الاطلنطي، ويحدّد بثلاث نقاط هي برمودا وفلوريدا وبورتوريكو، ويمتد كل جانب من هذا المثلث علي مسافه تقارب الالف ميل.

اطلِق مصطلح "مثلث برمودا" من قبل كاتب في مجله شعبيه يدعي فينسينت جاديس، وتبعه تشارلز بيرلتز، المهتم بالظواهر الخارقه، والذي لا يتوقف عند الاعتقاد وجود جزيره اطلنطس "المذكوره في الاساطير اليونانيه"، بل انه ربطها بمثلث برمودا بطريقه ما، ونشر فرضيته ضمن كتاب ذاع صيته عام 1974 يسمي "مثلث برمودا"، ومنذ ذلك الحين كان هذا اللغز مثار اهتمام الاف الكتب والمجلات والبرامج التليفزيونيه والمواقع الالكترونيه.

وعبر السنوات احتار العلماء في تقديم فرضيّات لتفسير هذا اللغز، وقدم بعض الناس محاولات تفسير خياليه، حيث اعتمد بعض الكتّاب علي افكار بيرلتز حول جزيره اطلنطس المفترض انها موجوده في قعر البحر، وتستعمل "طاقتها الكريستاليه" في ابتلاع السفن والطائرات، وهي طاقه ناتجه عن اهرامات ضخمه من الكريستال، كان قد استخدمها سكان اطلنطس في توليد الطاقه، وافترض بعضهم الاخر وجود بوابات زمنيه هي عباره عن فتق في نسيج "الزمكان" الموجود في هذه البقعه، وينقل هذه السفن والطائرات الي زمكان اخر.

اما بعض الفرضيات الاخري، الاقرب للعلم، فقالت انه ربما تكون السفن والطائرات قد تحطمت بسبب السنه لهب غاز الميثان الموجود بكميات كبيره اسفل المحيط، حيث يمكن للبرق او شراره كهربائيه ان تحرق فقاعه ضخمه من غاز الميثان المنبعث نحو سطح المحيط مما يسبب اغراق ايّ سفينه او طائره يصادف مرورها ومن دون ان يبقي منها اثر، ولكن هذه الفرضيه تحوي العديد من المشكلات الواضحه، حيث ان الميثان يوجد بشكل طبيعي حول العالم، ولم يسبق ان حدثت مثل هذه الحادثه مطلقا من قبل.

فيما اشار اخرون الي ان موجات المدّ والجزر او شذوذ المجال المغناطيسي في هذه المنطقه التي يمكن ان تسبب مشكلات في الملاحه وتربك الطيارين، ما يسبب في غرق الطائره في المحيط، وحتي هذه الفرضيه غير صحيحه حيث انّ الطيارين يتم تدريبهم علي الطيران حتي عند فقدانهم الملاحه الالكترونيه، بالاضافه الي ان هذه الفرضيه لم تقم بتفسير سبب اختفاء السفن.

واضافه الي ذلك، كذّب موقع الكتروني تابع لسلاح البحريه الامريكي بتكذيب الفكره التي تزعم ان مثلث برمودا هو واحدٌ من مكانين فقط علي الكره الارضيه تتجه فيه ابره البوصله نحو الشمال الجغرافي وليس نحو الشمال المغناطيسي كبقيه البوصلات، "علميا يدعي الفرق بين الشمالين الجغرافي والمغناطيسي بالانحراف المغناطيسي للبوصله".

ورغم ان هناك تغيرات في الانحراف اثرت في الماضي علي منطقه مثلث برمودا وغيره بسبب تقلبات الحقل المغناطيسي الارضي، فان مثل هذه الحاله لم تحدث مجددا منذ القرن التاسع عشر.

والان فقد انتهينا من سرد التفسيرات المتعدده لهذه الظاهره الغريبه، ولكن قبل ان نقبل ايا منها، فانّ الباحث والعالم الجيد يجب ان يسال سؤالا جوهريا: هل يوجد فعلا لغزا وظاهره غريبه بحاجه للبحث عن تفسير؟

مَن طرَح ذلك السؤال هو صحفي يدعي "لاري كوش"، وكانت نتائج البحث الذي قام به مذهله، فقد اظهرت انه "لا يوجد ايّ لغز يتعلق بظاهره غامضه عن اختفاء الاشياء في مثلث برمودا في الاساس".

اعاد الصحفي كوش فحص ودراسه هذه الظاهره بتمعن، ووجد انّ قصه اللغز قامت بالاساس علي مجموعه من المغالطات والكذبات المقصوده بهدف الترويج الرخيص للالغاز والغموض، حتي انّ بعض حالات الاختفاء كانت ملفقه بالكامل.

وذكر كوش بعض الكتّاب الذين لم يقوموا بايّ تحقيقٍ حقيقي، وانّ معظمهم قد نسخوا وكرّروا افكارا طرحها كتّابٌ سبقوهم.

اما "تشارلز بيرلتز" وكتبه عن الظواهر الخارقه وعن مثلث برمودا خصوصا، فقد كانت مليئه بالاخطاء والنظريات غير العلميه، وعلي العموم فقد ظهر انّ (مثلث برمودا) ليس سوي ابتكار ضخم بدا بمغالطات "بيرلتز"، استمرّ بالانتقال بالتواتر حتي اليوم بفضل انجذاب الناس للمعلومات الغامضه دون التحقّق منها، وبسبب عدم التشكيك والتفكير النقديّ لهذه الظاهره، حيث انه في بعض الحالات لم يتم تسجيل ايّ سفينه او طائره من التي كان قد زعم انها فقدت في مثلث برمودا، فهي لم توجد سوي في مخيله الكاتب.

وفي حالات اخري، فانّ السفن والطائرات التي ذكرها كانت حقيقيه، لكنه تجاهل عمدا ان يذكر بانّ "اختفاءها الغامض" لم يكن الا بسبب عواصف سيئه، وفي مراتٍ اخري اورد سفنا وطائرات علي انها غرقت في مثلث برمودا، ولكنها في الحقيقه غرقت بعيدا عن ذلك المثلث.