المحتوى الرئيسى

مفتى الجمهورية لـ"اليوم السابع":أفحص قضايا الإعدام من الناحية الشرعية فقط بغض النظر عن أسماء المتهمين..شوقى علام:لا توجد محاكمات ذات توجه سياسى..بعض الجماعات والتنظيمات استغلت الدين لتحقيق مآرب سياسية

05/20 08:42

قال مفتي الجمهوريه محمد شوقي علام ان القضاء غير مسيس، وانه يصدق علي احكام الاعدام الصادره مؤخرا بمنتهي راحه الضمير، لانه يثق تماما في مؤسسه القضاء التي قال عنها انها تقضي باحكامها بنزاهه تامه ووفقا لاوراق وادله.

واكد في حواره مع «اليوم السابع» ان تجديد الخطاب الديني يتمثل في تجديد في الاليات والوسائل بعيدًا عن المساس بالثوابت المتمثله في القرأن الكريم وسنه النبي صلي الله عليه وسلم؛ مضيفا «ليس المراد بالتجديد الالغاء او التبديل او تجاوز النص، لكن المراد هو الفهم الجديد للنص، بما يهدي المسلمين الي معالجه مشاكلهم وقضايا عصرهم، معالجه نابعه من الوحي الالهي.

صدرت مؤخرا العديد من احكام الاعدام فكيف تنظرون تلك القضايا خاصه ان البعض يدّعي بان تلك المحاكمات مسيسه؟

- اولا لا توجد محاكمات ذات توجه سياسي، فجميع المحاكمات تتم في اطار سياده القانون، والقضاء المصري مستقل، والمحاكمات تتم بعد تحقيق قضائي متكامل، اما عن المهام المنوطه بدار الافتاء فهي تقتصر علي اصدار الفتوي في قضايا الاعدام حيث تحيل محاكم الجنايات وجوبا الي المفتي القضايا التي تري بالاجماع وبعد اقفال باب المرافعه وبعد المداوله انزال عقوبه الإعدام بمقترفيها، وذلك قبل النطق بالحكم، تنفيذاً لقانون الاجراءات الجنائيه، حيث اتفحص القضايا المحاله اليّ من محكمه الجنايات، وادرس اوراقها دراسه مستفيضه حتي اطمئن بشكل تام، فدار الافتاء في نظرها لقضايا الاعدام تمثل حلقه مهمه من حلقات المحكمه، لذا يجب عدم الخوض في اي تفاصيل بشان القضايا المحاله اليها، تحقيقاً لمبادئ العداله وسياده القانون، كما ان المفتي ينظر قضايا الاعدام من الناحيه الشرعيه فقط، بغض النظر عن الاشخاص في تلك القضيه.

لماذا لا يكون راي المفتي في قضايا الاعدام ملزما بدلا من ان يكون استشاريا؟

- في تقديري الخاص اري ان يبقي راي المفتي استشاريًا لان القاضي هو الاصل في سماع الادله وتقدير الامور، اما المفتي فليس امامه الا اوراق صماء يحكم بها، فحتي قسمات الوجه عند اداء الشهاده لها معني، وهذا لا يتوفر للمفتي مشاهدته، ولا يشاهد مراحل جمع الادله.

اثير مؤخرا لغط كبير حول مساله تطوير الخطاب الديني، فماذا نعني بتطوير الخطاب الديني او تجديده؟

- التطوير او التجديد سنهٌ من سنن الكون، وضروره من ضرورات العصر التي لا غني عنها، لقوله صلي الله عليه وسلم: «ان الله يبعث لهذه الامه علي راس كل مائه سنه من يجدد لها دينها»، لذا كان الفرد والمجتمع معنيين دائمًا بالتجديد والتحديث والتغيير والابداع، لما ينطوي عليه ذلك من تطور وتقدم، ويتوقف التجديد علي فهم الواقع والتعرف علي سلبياته ومحاوله علاجها، ورد الناس الي المنهج الاسلامي الصحيح.

فكره التجديد في الخطاب الديني فكره قديمه حديثه، ليست قائمه علي العشوائيه؛ وانما تستمد قوتها من الاستيعاب الواضح للواقع المعاش والتعرف الي السلبيات التي تنتشر في المجتمع، ثم بعد ذلك اطلاق روح الابداع في سبيل اصلاح الخطاب الديني -المتمثل في الدين والدنيا معًا- لدي جميع المسلمين، فالتجديد الذي نذهب اليه هو تجديد في الاليات والوسائل بعيدًا عن المساس بالثوابت المتمثله في القران الكريم وسنه النبي صلي الله عليه وسلم؛ فليس المراد بالتجديد الالغاء او التبديل او تجاوز النص، لكن المراد هو الفهم الجديد للنص، هذا الفهم يهدي المسلمين الي معالجه مشاكلهم وقضايا عصرهم، معالجه نابعه من الوحي الالهي، وبالتالي فالفهم الجيد للنص يؤدي الي العلاج الجيد، ومن ثم الوصول الي الخطاب المبني علي صحيح الدين، انطلاقًا من قاعده المقدمات الجيده تؤدي الي النتائج الجيده.

عند ذكر مصطلح تقنين الشريعه يتبادر الي اذهان البعض ان معناها تطبيق احكام الشريعه الاسلاميه.

. لذلك نريد ان توضح لنا ما معني تقنين الشريعه الاسلاميه؟

- تطبيق الشريعه الاسلاميه يقصد به وضع الاحكام الشرعيه المستنبطه من النصوص الشرعيه والادله المعتبره في صوره مواد قانونيه بالفاظ موجزه، وهذا التقنين له في الحقيقه ضوابط اولها ان يضعها العلماء في الفقه الاسلامي والقانون، وثانيها ان يتمتع من يضع قواعدها بخبره طويله في صياغه المواد القانونيه، لان التقنين يحتاج الي تنسيق هذه الاحكام في صوره مواد موجزه في الالفاظ لكنها مستوعبه لكل المعاني.

هل القانون المصري مطابق للشريعه الاسلاميه؟

- القانون المدني والتجاري والبحري والجنائي وجمله القوانين المعمول بها والقوانين الاداريه في جملتها مطابقه للشريعه، فالقانون المدني ما هو الا تنظيم لعقود البيع والهبه والوكاله والاجاره وغيرها، وكل هذه العقود التي شرحها الدكتور عبدالرزاق السنهوري، رحمه الله، في كتابه الوسيط في شرح القانون المدني، مطابقه للشريعه تماما.

هل يمكن القول عطفا علي ما ذكرت بان الشريعه مطبقه في مصر؟

- نعم الشريعه مطبقه في مصر ولا توجد مخالفه للشريعه في القوانين الحاليه، ودليلنا علي ذلك التجربه المصريه في التشريعات والقوانين، فهي تجربه عريقه وممتده عبر التاريخ واستفادت منها الدول العربيه؛ لانها رصينه ومتطوره، وهي ماخوذه من الفقه ومتفقه معه، وعندما سال احد القضاه الشيخ احمد هريدي مفتي الديار المصرية الاسبق - رحمه الله: ما حكم التحاكم الي القوانين الوضعيه والحكم بها؟ اجاب بعباره موجزه جدًّا: «كل قانون لا يخالف الشريعه فهو من الشريعه»، كما ان مرحله الدستور المصري في 2014، كان به تجربه فريده من النقاش قادها الازهر الشريف في بعض المواد المتعلقه بالشريعه، حيث دار النقاش حول الماده الثانيه من الدستور، وحتي لو لم يوجد هذا النص فان التجربه المصريه تقول بان المجتمع مطبق لاحكام الفقه الاسلامي في نظامه القانوني، فالشريعه هي حياتنا، وفي قلوبنا ولسنا في حاجه الي من يقول لنا عودوا اليها، وقد قال الامام المناوي المالكي: ان القانون الفرنسي يتفق مع الفقه المالكي في 75 بالمئه من نصوصه، والبقيه تتفق مع المذاهب الاخري، وكان للسنهوري تجربه رائده في المقارنه بين الفقه الاسلامي والقانون الفرنسي.

ومن ذلك ايضًا الماده التي وضعت في دستور 2012 لتفسير مبادئ الشريعه الاسلاميه، حيث سعت بعض التيارات الي اقرار هذه الماده بهذا التفسير، وعندما درسها الازهر دراسه حياديه، انتهي الي ان تفسير الماده حسب ما ورد في دستور 2012 هو دستور معيب، يربكها وينقض الماده تمامًا.

يتبادر الي اذهان الناس عندما يذكر تطبيق الشريعه الاسلاميه ان السارق تقطع يده والمحكوم عليه بالاعدام يقتل بحد السيف، فهل هذه هي الشريعه؟

- هذه نظره تختزل الشريعه الواسعه الرحبه في هذا الميدان الضيق جدا، هذا الميدان هو جزء من جمله قوانين، والشريعه اوسع وارحب من ذلك بكثير، فهي تنظم العلاقه بين الانسان وربه والعلاقه بين الانسان ونفسه، فهي شامله لكل هذه العلاقات المختلفه، ومن ثم فان اختزالها في هذا الجانب فقط ضار جدا بالشريعه الاسلاميه، فالشريعه تعني بتنظيم الاخلاق وتنظيم العقيده، والاحكام الفقهيه هي في الحقيقه مجال اوسع من القانون، لان هذه الاحكام الفقهيه منها ما يتعلق بالعبادات، فلا يوجد قانون في الدنيا ينظم الصلاه والحج، والفقهاء من البدايه فطنوا لهذا الامر، وقالوا ان العبادات في مجملها لا يدخلها حكم الحاكم اي لا يدخلها التقاضي.

هل يطبق القانون المصري جرائم الفروع في حق الاصول والعكس، فلو قتل الاب ابنه قال بعض الفقهاء انه لو قتله عن عمد لا يقتل الوالد بولده، فما رايك؟

- فيما يخص جرائم قتل الوالد بالولد فان هذا مما يتنافي مع طبيعه الابوه فهي قائمه علي الحنان والشفقه علي هذا الولد، فمن النادر ان يقتل الوالد ولده عمدا لكن قد يحدث القتل خطا، وهنا لا يتلقي عقوبه الاعدام، لكن في بعض القضايا نستشف في بعض التحقيقات والظروف المحيطه بالجريمه ان هذا الوالد ارتقي بالفعل وقفز فوق الحنان والشفقه الي دائره العمد والقصد الذي يريد به بالفعل ان يقتل ولده، وهذا ماخوذ من مذهب المالكيه، حيث ان المالكيه يقولون ان الوالد يقتل بولده، وفي هذه الحاله اذا اضجعه واخذ السكين وذبحه فهذه الاعمال في مجملها تؤيد ان هذا الوالد لم يكن في حاله الخطا بل كان عامدا وقاصدا فلا يمكن ان يضجعه وياخذ السكين ويذبح بلا قصد، فكل تلك الاعمال تدل علي ان هذا الرجل قصدا ومن ثم فان القانون المصري يقول يقتل اخذا براي المالكيه.

نعود مره اخري الي قضيه تقنين الشريعه التي نادي بها البعض وظهرت محاولات عده اخرها في العام 1982م لاعداد خمسه مشروعات قوانين طبقًا لاحكام الشريعه الاسلاميه لكنها توقفت الي الان، كيف تري قضيه تقنين الشريعه؟

- تقنين الشريعه الاسلاميه من القضايا المهمه التي شغلت الساحه الاسلاميه لفتره طويله في العصر الحديث، وقد ذهب لتبني تقنين الشريعه وتاييده اغلبُ الفقهاء المعاصرين، وحتي نتمكن من الحكم علي تقنين الشريعه لا بد من تصور حقيقته ومعرفه سماته وخصائصه، فتقنين الشريعه هو صوغ احكامها علي هيئه قوانين مُلزِمه قضاء.

الصياغه في قوانين ملزمه تعني جمع القواعد الخاصه بفرع من فروع القانون مثل القواعد الخاصه بالاحوال الشخصيه وحقوق الزوجين بعد تبويب وترتيب هذه القواعد وازاله ما قد يكون بينها من تناقض او غموض، ثم اصدارها في شكل قانون تفرضه الدوله، ليحكم به بين الناس في ساحه القضاء.

وهل هذا التقنين سيكون له معايير بعينها؟

- نعم، سيكون قائما علي امرين، اولهما: صياغه الاحكام الشرعيه في عباره موجزه قانونيه واضحه، وثانيها: الزام القاضي بالحكم وفقًا لهذا القانون حتي لو خالف رايه. وليس التقنين مقصورًا علي اعاده الصياغه للاحكام الموجوده في كتب الفقه فقط، ولكن التقنين يشمل ايضًا اعاده ترتيبها وتنظيمها في مجموعات ونظريات متناسبه، وفي حاله وجود مساله او قضيه لا يوجد لها حكم مناسب في الكتب الفقهيه المؤلفه من قبل؛ التقنين يشمل استخراج حكم جديد لهذه القضيه بنفس الطريقه التي استخرجت بها الاحكام المدونه في كتب الفقه التي اُلفت من قبل، وهذه الطريقه في استخراج الاحكام يتناولها علم اصول الفقه.

وهل هناك سمات يتسم بها هذا التقنين تميزه عن طريقه سرد الاحكام في الفقه التراثي؟

- نعم تميزه مجموعه من السمات، منها وضوح القاعده القانونيه والتي معها يسهُل الاطلاع عليها سواء للقاضي، ام للمتقاضي، بالاضافه الي دقتها، وسهوله الرجوع اليها، وعدم التعارض بينها وبين القواعد المتصله بها، والوحده القانونيه في البلد الواحد.

اذا توافرت هذه السمات للتقنين فهل يمكن ان تحقق الشريعه المطالب العامه؟

- بالطبع، فاذا توافرت فيه تلك السمات سيحقق الكثير من المصالح العامه التي ياتي في مقدمتها تيسير تطبيق احكام الشريعه الاسلاميه للدول التي تسعي لاحلال قوانين تحقق احكام الشريعه، ومسانده الدول التي تطبق احكام الشريعه بغير تقنين، لملائمه النظم القانونيه الحديثه، والخروج من اتهامها بالرجعيه وعدم وجود قانون واضح لها، بالاضافه الي التوافق مع مبادئ نظم الحكم الحديثه؛ من اعلام المواطن بالقانون وسهوله اطلاعه عليه، ومعرفته للعقوبه المترتبه علي تصرفاته المخالفه لقوانين البلاد، كما انه يتماشي مع النظام الدولي الحديث من اعلان الدوله لدستورها وقانونها، وما يترتب عليه من اتفاقياتٍ دوليهٍ مواكبه للتطورات الحديثه التي لا تُخِلُّ بثوابت الامه الاسلاميه وهويتها، كما انه قادر علي القضاء علي التلاعب الذي قد يحدث في زمن خراب الذمم من بعض القضاه؛ حيث يعرف القاضي ان هناك قانونًا مُلزِمًا له، وهناك درجه قضائيه اعلي تنظر قضاءه وتحدد مدي التزامه بتطبيق القانون؛ لان التقنين لا يعدو عن اختيار الحاكم لاحد الاراء، فيتحول هذا الاختيار لحكم قانوني ملزم، فهو يتماشي مع قاعده ان الحاكم له ان يقيد المباح لما يراه من تحقيق مصالح الرعيه.

البعض يرون ان تقنين الشريعه ربما يتعارض او يقضي علي الاجتهاد، الي اي مدي نتفق او نختلف مع هذا الطرح؟

- تقنين الشريعه وان كان له اصلٌ في تناول الفقهاء عند حديثهم عن مساله الزام القاضي بمذهب معين، الا انه بمحدداته وسماته التي استقرت موضوعٌ عصريٌ، وقد ذهب اغلب الفقهاء لتاييد التقنين وتبنيه لما فيه من السِّمات السابق ذكرها، وما يترتب عليه من المصالح، ومن هؤلاء الشيخ محمد عبده، والشيخ محمد رشيد رضا، والشيخ علي الخفيف، والشيخ حسنين مخلوف، والشيخ احمد شاكر، والشيخ محمد ابوزهره، والشيخ احمد فهمي ابوسنه، والشيخ علي الطنطاوي، والشيخ عبدالله خياط، وغيرهم كثير، وايضًا قد عارض بعض الفقهاء تقنين الشريعهِ خشيهً منهم ان يكون هذا الزامًا للمجتهد بمذهب معين، وما فيه من القضاء علي الاجتهاد.

كما ان التقنين لا يلغي الاجتهاد، فالاجتهاد موجود ومجاله هو الفقه علي مستوي البحث والافتاء وسيظل كما هو، وان التشريع العام الذي يلتزم به المواطنون في الدوله، ويوقعه القضاه عليهم، وتنفذه السلطه التنفيذيه امرٌ اخر قائم علي نظام الدوله الحديثه وفصل السلطات الثلاث «السلطه التشريعيه - السلطه القضائيه - السلطه التنفيذيه» لرعايه مصالح المواطنين، فهو امر تنظيمي لقيام المعايش وترتب المصالح، كما انه يمكن اشراك هؤلاء المجتهدين كاعضاء في لجان التقنين؛ حيث يمارسون اجتهادهم في الترجيح بين الاراء الفقهيه، والاجتهاد في المسائل المستحدثه وصياغه ما تتفق عليه لجان التقنين من الاراء، كما انه ليس من الضروري ان يُولَّي المجتهد القضاء، بل يُنتفعُ باجتهاده في ساحه الفتوي والتصنيف العلمي، كما انه يتلو عمليه التقنين اجتهاد كذلك، فاذا وجد القائمون علي العمليه القضائيه عدم مناسبه بعض القوانين لاحوال الناس وواقعهم، فلا مانع حينئذ، بل لا بد من طرح اجتهاد جديد علي لجان التقنين لتقويمه والاتفاق عليه واعتماده او رفضه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل