المحتوى الرئيسى

علماء مصر: إشارات مرور ذكية للتخفيف من حدة الزحام المروري - ساسة بوست

05/19 12:12

منذ 23 دقيقه، 19 مايو,2015

لا يحتاج الشخص الي الحصول علي اي درجه علميه حتي يدرك حجم مشكله الزحام المروري واثاره السلبيه علي الافراد والبيئه وبالتالي المجتمع ككل.

فالوقت المهدور في الانتظار في زحام المرور, والتوتر المصاحب لذلك، ناهيك عن التلوث البيئي النابع من الغازات الضاره الصادره من السيارات عند توقفها. لكل ذلك اثاره البالغه علي محصله انتاج الافراد وبالتالي انتاج الدوله. اذ تقدر تكلفه الزحام المروري نقديًّا بادخال كل ما سبق في الاعتبار ببلايين الدولارات سنويًّا، وذلك ما يستدعي العمل السريع علي حلول لهذه المشكله التي تعاني منها معظم المدن الكبيره والمتوسطه في انحاء العالم، وخصوصًا مع التزايد المستمر في عدد السكان.

و حتي نجد الحلول علينا ان نفهم الاسباب المؤديه للمشكله اولًا:

السبب في الحقيقه بديهي، وهو زياده كميه الطلب علي سلعه، عن كميه المعروض والمتاح من هذه السلعه، والسلعه هنا هي شبكات الطرق والنقل، فكلما زادت نسبه عدد السكان وبالاخص عدد مستخدمي السيارات عن السعه المحدوده للطرق يزيد الوقت المهدور في الانتظار في الزحام المروري وهذه الزياده تكون، لا زياده بنفس المقدار او حتي اضعافه، بل هي زياده قاسيه وهو ما يعني انه بمجرد زياده بسيطه جدًا في عدد المستخدمين لشبكه الطرق يكون هناك زياده هائله في الزحام المروري.

والان وبمعرفه الاسباب نستطيع القول ان الحلول هي في محاوله تقليل هذه النسبه بين الطلب والعرض، وهذا يكون من خلال طريقين:

هو زياده سعه شبكات الطرق والنقل وذلك مثلًا بالقيام بتوسعات في الطرق، وبناء طرق جديده، وتفعيل عقوبات انتظار وتوقف السيارات في اكثر من صف في الشارع الواحد، وانشاء مواقف سيارات بشكل لا يؤثر علي سعه الطرق وغيرها.

هو تقليل عدد مستخدمي السيارات في هذه الشبكات، وذلك مثلًا بتحسين وتطوير خدمات النقل العام، والعمل علي اتاحه وتشجيع اي وسائل نقل اخري كركوب الدراجات او توزيع السكان واماكن العمل الحيويه توزيع مكاني وزمني: المكاني بتوزيع المنشات والخدمات جغرافيًّا، والزمني بتوزيع اوقات عمل الموظفين والطلبه زمنيًّا بشكل يقلل من احتمال وجودهم جميعًا في نفس الطرق في ذات الوقت.

هذه حلول منطقيه وتحتاج بالتاكيد العمل عليها، ولا يوجد بديل عنها، ولكن قد يوجد مكمل لها. في حين ان هذه الحلول تصنف كحلول علي المدي البعيد وتحتاج لتخطيط وتكاليف ماديه باهظه، هناك طريق اخر يعتبر كما قلت مكملًا يساهم في حل هذه الازمه بتكلفه اقل وعلي مدي زمني اقصر. هذا الطريق ليس بتقليل الطلب ولا بزياده العرض وانما يتمثل في اداره التفاعل بين العرض والطلب بشكل اكفا. وذلك يتحقق بالقدره علي التحكم في حركه السيارات علي شبكه الطرق بشكل ينظم هذه الحركه اكثر، وبالتالي يستغل سعه الشبكه بشكل اكفا. النظم التي تعمل بهذا المبدا في مجملها تعتمد علي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتي تندرج تحت ما يسمي “نظم النقل الذكيه”.

احد هذه النظم هو التحكم في اشارات المرور الضوئيه وذلك بالتحكم في الاوقات المحدده لكل اتجاه عند كل تقاطع.

ولكن ما الجديد في ذلك، فهناك اشارات مروريه في بعض التقاطعات الهامه، والتي يشعر الشخص احيانًا ان عدم وجودها ربما كان افضل؟

حسنًا دعونا نتفق اولًا ان الهدف الاساسي من وجود اشارات المرور هو السلامه، وذلك لانه “تقاطع” يعني ان وجهه السيارات تتقاطع، وذلك ما قد يؤدي قطعًا لحوادث، وعليه فان وجود اشارات مرور هو لتنظيم اولويه المرور للاتجاهات المختلفه. ولكن علي الرغم من ان ذلك قد يساعد في تامين السلامه الظاهريه للافراد الا انه يدمر السلامه النفسيه اذا اضطر ركاب السيارات للانتظار وقتًا طويلًا بلا داعٍ عند كل اشاره مرور.

ذلك لان معظم انظمه التحكم للاشارات المروريه الموجوده في معظم مدن العالم معتمده علي توقيت ثابت لكل اتجاه تم حسابه وفقًا لمعلومات مجمعه مسبقًا عن الاحجام المروريه لهذا التقاطع من الاتجاهات المختلفه، فيتم برمجه هذه التوقيتات وتظل ثابته لا تتغير مع الوقت او مع تغير الكثافه المروريه. هذا النظام قد يكون مقبولًا لتقاطعات عليها حجم مروري متوقع دائمًا وليس كبيرًا. ونظرًا لان الحاله المروريه عند كل تقاطع تؤثر وتتاثر بالحاله المروريه عند التقاطعات المجاوره، فمن المهم جدًا ان يؤخذ ذلك في الاعتبار عند التحكم في كل إشارة مرورية بحيث يكون هناك نوع من التعاون والتنسيق بين الإشارات المرورية بعضها البعض.

بالطبع كان من المتوقع تطور هذه الانظمه لتاخذ ذلك في الاعتبار وذلك ما حدث في الثلث الاخير من القرن الماضي بظهور نوع اخر من نظم التحكم في اشارات المرور مطبق في معظم المدن الكبري المزدحمه في العالم، والذي يتم فيه تغيير توقيتات كل اتجاه بشكل متكيف مع الكثافه المروريه الحاليه، ويضمن الوصول لافضل استغلال لشبكه الطرق واقل وقت انتظار لمستخدمي السيارات.

جميل وهذا هو المطلوب، اذًا.

هل نحن لسنا بحاجه الي نظم تحكم جديده؟

هذا قد يكون صحيحًا فقط اذا كانت تلك الانظمه لا تصحبها الكثير من القيود والعيوب كما هو الوضع. تتضمن التحديات والقيود المصاحبه لهذه الانظمه ما يلي:

– احتياجها لوجود غرفه عمليات تحكم مركزيه تستقبل المعلومات حول الكثافه المرويه للاشارات المختلفه وتقوم بعمل الحسابات اللازمه، ثم تُرسَل هذه الاشارات لكل اشاره مروريه علي حده. وبالتالي فالتكلفه الماديه لانشاء غرفه كهذه وايضًا انشاء وصيانه شبكات الاتصالات القويه التي تضمن التواصل الدائم المستمر بين اماكن بعيده معًا، هي تكلفه باهظه.

– الطرق الحسابيه المستخدمه في معظم هذه الانظمه معقده ويزيد تعقيدها (الوقت المطلوب للحساب وسعه التخزين المطلوبه) زياده قاسيه ايضًا بزياده عدد التقاطعات المراد التحكم فيها.

– التعاون بين الاشارات المختلفه، للاخذ في الاعتبار تاثيرها علي بعضها البعض؛ ويتم علي التقاطعات المتتاليه في طريق معين والذي قد يضمن سيوله مروريه علي هذا الطريق لكن قطعًا يؤثر سلبيًّا علي الاتجاهات العموديه عليه والتي قد يكون عليها ايضًا كثافه مروريه عاليه.

كل ما سبق هو الدوافع والحوافز للتفكير في نظام يساعد علي التغلب علي التحديات والقيود السابقه. فكان دافعًا وحافزًا لتصميم وتطوير “MARLIN”.

والان سنحاول ان نوضح بشكل مبسط فكره عمل هذا النظام المسمي بـ “MARLIN”.

ما هو MARLIN وكيف يعمل؟

بدايهً MARLIN هو اختصار للاسم التالي بالانجليزيه:

Multi-Agent Reinforcement Learning for Integrated Network of Adaptive TrafficSignal Controllers (MARLIN-ATSC)

كما ذكرنا ان الهدف من اشارات المرور الضوئيه بالاساس، بعد السلامه، هو اداره التفاعل بين شبكات الطرق ومستخدميها بكفاءه اعلي. لذلك وحتي نحصل علي كفاءه اعلي، علينا ان نصمم تلك الاشارات المروريه حتي تكون اذكي.

فكره MARLIN وكما ذكرت سابقًا هي جعل كل اشاره مروريه اكثر ذكاءً (Smart) كما في حاله الهواتف المحموله الذكيه (Smart Phones) او التلفزيونات الذكيه (Smart TVs).

ما الذي يجعلنا نصنف اي ماكينه او جهاز انه ذكي؟

سيكون المثال هنا للتوضيح علي احدي خواص الهواتف المحموله الذكيه.

– قدره الجهاز علي استشعار ما حوله. مثال: قدره هذه الهواتف علي استشعار لمس الشاشه.

– قدره الجهاز علي التفاعل مع ما حوله. مثال: قبول او رفض فتح الجهاز بناء علي الرمز الذي تم ادخاله.

– القدره علي التغيير من تفاعله علي حسب ما حوله. مثال: امكانيه تغيير الرمز السري لفتح الجهاز وتغيير طريقه التفاعل معه بالتبعيه.

– القدره علي تحسين التفاعل مع ما حوله. مثال: قبول رمز فتح الجهاز، حتي اذا تم اللمس بنمط لا ينطبق تمامًا علي الرمز ولكنه يشمل الخصائص المميزه للنمط الصحيح.

– في النهايه كل ما سبق هو للوصول للهدف الاساسي من ذلك الجهاز الذكي وهو مساعده مستخدمه.

بعد ان عرفنا ما يميز اي اله ذكيه، دعونا نفكر ما هي اذكي اله يعرفها الانسان؟

نعم ، انها المخ، فسبحان الله، يُعتبر المخ اكثر الالات تعقيدًا علي وجه الارض، ومهما اكتشف الانسان من قدرات ذلك المخ فبالتاكيد مازال هناك الكثير مما لم يكتشف بعد “ولا يحيطون بشيءٍ من علمه الا بما شاء” صدق الله العظيم.

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل