المحتوى الرئيسى

عبد الله السناوي: انكشاف الإعلام المصرى

05/18 14:52

1 مشاركات شارك علي الفسيبوك شارك علي تويتر شارك علي جوجل

الاعلام المصري خسر سمعته بين مواطنيه علي نحو لا يمكن انكاره..

لا احد في المحيط العربي يتحدث عنه بتقدير ولا احد في العالم ينظر اليه باحترام..

لم يحدث في التاريخ المعاصر كله ان تراجعت الثقه العامه فيه الي هذا الحد..

نحن نتحدث عن مدارس كبري تنهار ومنارات اشعاع تتصدع وقوه ناعمه تنعي اطلالها..

هذه رساله سلبيه الي المستقبل فانكشاف الاعلام اسلاك عاريه تصعق بدلا من ان تنير..

التشهير بايه قيمه والحط من شان اي راي اول تجليات الانكشاف..

وقد سحب من الاعلام مهنيته وموضوعيته فضلا عن احترامه..

كان الصمت علي انتهاك حرمه الحياه الخاصه وحملات اغتيال الشخصيه من مقدمات الانهيار الكبير..

مع تضييق المجال العام علا الصراخ من فوق منابر الفضائيات بوهم انه يمكن ان يملا الفراغ..

بحسب عباره للاستاذ «محمد حسنين هيكل» فـ«انت لا تقنع الا بما هو مقنع»..

انكار الازمات من اسباب ارتفاع منسوب القلق العام وتراجع شعبيه النظام الجديد..

فلا احد يعرف ما الذي يجري بالضبط.. اين وصلنا ولا الي اين نتجه؟..

القضيه ليست صراخا عبر وسائل الاعلام بقدر ما ان تكون هناك اجابات علي الاسئله الرئيسيه التي تضغط علي مواطنيه وان ينفسح المجال العام لتبادل الاراء وتجديد الافكار وبناء التوافقات العامه..

هناك فارق بين الاقناع والاكراه..

ما يشبه الفراغ الاعلامي عمق من ازمه الخطاب العام..

المعضله الاساسيه ان النظام الجديد لم يعلن عن نفسه حتي الان.. فهو واقف علي اعتاب المستقبل دون ان يغادر اطلال الماضي..

في فجوه الرؤيه تقدم الماضي لاحتلال الفضاء الاعلامي وتبدي نفوذ المال السياسي في التشهير بثوره «يناير» ودمغها بالمؤامره..

دخل بعض الامن علي خط التحريض بتصور ان الانتقام من «يناير» يرد اعتباره ويثبت الدوله..

كان ذلك تصورا مقصورا وضع البلد كله امام انكشاف حقيقي..

فالتشهير بـ‫«‬يناير» مشروع اضطراب يضفي علي العنف شرعيته ويسحب من «يونيو» احقيتها في الحكم..

التضحيات بذلت والدماء سالت حتي يمكن التتطلع الي مستقبل افضل لا ان يعود الماضي من نوافذ الاعلام بعد طرده من ابواب الميادين..

هذه مساله شرعيه التساهل فيها عدوان خشن علي الدستور واي رهان علي التحول الي مجتمع ديمقراطي حر ودوله مدنيه حديثه..

وكانت الضربه القاصمه بعد تضييق المجال العام شبه استبعاد السياسه من فوق خرائط الاعلام..

في كل انحاء العالم فان المنوعات والتسليه من ضمن ايه وجبه اعلاميه متكامله..

هذا طبيعي تماما.. فالناس تحتاج الي الترفيه بقدر حاجتها الي التوعيه..

غير ان ما يحدث الان علي كل الفضائيات الخاصه تقريبا اقرب الي الوجبات المسممه..

الرئيس «عبدالفتاح السيسي» استنكر ان ينسب اليه انه وراء هذا النوع من البرامج التي تخوض في الحياه الخاصه للفنانين وتنتهك ايه مواثيق شرف..

بتكوينه الشخصي فهو صادق تماما فيما يستنكر لكنه لا يمكن اعفاء الدوله التي يتراسها من المسئوليه..

لم يكن انكشاف الاعلام مصادفه او مفاجاه بغير اسباب..

ازمته تلخص ازمات اخري متداخله من حسابات المال السياسي وتدخل الامن فيما لا يصح التدخل فيه الي تضييق المجال العام وحريات التعبير..

اذا كان هناك من يعتقد ان التخلص من «صداع الاعلام» والاستغراق في الالهاء يثبت الحاضر فهو واهم.. واهم بصوره مطلقه..

الاستهتار بالاعلام كالمبالغه في ادواره..

الاستهتار يغري بتجاهل رسائل المجتمع التي يعكسها والمبالغه تغوي بالانقضاض عليه..

مزيج من الاستهتار والمبالغه يحدث الان..

من المثير ان نظام الرئيس الاسبق «حسني مبارك» استهتر حيث بالغ في حكم جماعه الاخوان المسلمين..

هناك مبالغه مفرطه في الدور الذي لعبه الاعلام مقروءا ومرئيا بثورتي «يناير» و«يونيو»..

في الاولي، رفع سقف الحريه بظروف صعبه.. وقد كانت بعض الصحافه وليست كلها ولا اغلبيتها قاطره الغضب.. لكنها لم تقد الثوره..

لم يسقط نظام «حسني مبارك» بشجاعه الصحفيين ولا روح النقد السياسي والاجتماعي علي شاشات الفضائيات علي اهميه هذه الادوار ولا بدعوات الغضب علي شبكات التواصل الاجتماعي رغم الهامها..

ما اسقط النظام الاسبق اتساع مظالمه الاجتماعيه الي حد لا يطاق والياس الكامل من اي اصلاح داخله..

النظام سقط من داخله قبل ان تزيحه قوه الغضب العام لملايين المصريين..

هناك فارق بين ان تكون في الجانب الصحيح من التاريخ او ان تتصور انك التاريخ نفسه..

وفي الثانيه.. قاتلت بعض منابر الاعلام وليست كلها ضد الجماعه ومشروع تمكينها.. فقد سيطرت علي كل محطات التليفزيون الرسمي وكل الصحف القوميه وانتشرت كوادرها في برامج الفضائيات الخاصه.. لم يكن يخلو برنامج واحد من ممثل للجماعه يشرح مواقفها ويتصدي لمنتقديها غير انهم اخفقوا في مهمتهم لعجز في القدره علي الاقناع وغلبه لغه الاستعلاء والوعيد..

شيء من هذا يحدث الان..

هذا خطر حقيقي.. فاي استعلاء بالقوه ووعيد بالسلطه خاسر مقدما..

بقدر ما تتواضع امام شعبك فانه يمنحك احتراما باحترام وثقه بثقه..

نظام «مبارك» وحكم «الجماعه» عملا علي تطويع الاعلام كل بطريقته لكن الجماعه بدت اقل مهاره في اداره الملف واكثر توغلا في تهديد من اطلق عليهم مرشدها العام «سحره فرعون»..

اسوا استنتاج ممكن ان وقف «صداع الاعلام» يلغي كل قلق ويمنع اي تذمر..

اذا كان هناك من يتامر علي الحكم الحالي فليتبن هذه النظريه..

الامر يحتاج الي حوار جدي والتزام رئاسي بانفاذ النصوص الدستوريه في بناء نظام اعلامي جديد..

وهذه مسئوليه مشتركه مع المجلس الاعلي للصحافه ونقابه الصحفيين ونقابه الاعلاميين تحت التاسيس وكل العاملين والمعنيين بملف الحريات العامة في مصر..

اذا اخترقنا الحواجز فانه يمكن التطلع الي اعلام جديد يليق بمصر وتاريخها يؤكد دور تليفزيونها بدلا من السعي للتخلص منه وبيع اراضيه وتصحيح بنيه الاعلام الخاص الذي يكاد ان ينتحر بزعم ان الافراط في التسليه يجلب الاعلانات بينما هو يخرجه من كل تاثير وحساب..

ما تحتاجه مصر ان تكون هناك قواعد ديمقراطيه ومنضبطه من تلك التي تعرفها الدول المتقدمه..

ان تستدعي الحوار المفتوح لا النفي المعلن والبحث عن الحقيقه لا التدليس عليها.. الالتحاق بعصرها لا العوده الي الماضي..

الاعلام اهم من ان يترك للاعلاميين واخطر من ان يتحكم فيه المال السياسي..

مصر لا تحتمل ولا تستحق اعلاما يستدعي شفقه علي من ولد عملاقا في مطلع الستينيات ومن الهم العالم العربي كله برواده واساتذته وتقاليده ومدارسه.

ابراهيم عيسي ضد اعدام مرسي

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل