المحتوى الرئيسى

«فورين بوليسي»: في الرياض .. الجميع ملتفون حول العلم - ساسة بوست

05/18 09:05

منذ 1 دقيقه، 18 مايو,2015

في صباح اخر سبت مضي، جلس رجل الحرس الوطني السعودي «عبد العزيز ال عمران» وصديقه «خالد بن محمد» في مقهي في شارع التحلية لمناقشه العمليات العسكرية لبلادهم في اليمن. لقد كان هذان الشخصان، في سن الثلاثين، يرتديان نظارات شمسيه، واحدهما كان يرتدي بنطلون قصير مع تي شيرت، والاخر كان يرتدي سروالا فضفاضا يفضله الشباب في الرياض. كانا يجلسان علي طاوله في وسط المكان الذي ينتشر فيه مجموعات الشباب القريبين من سنهما.

وخلال الاسابيع السته الماضيه، شنت المملكه العربية السعودية غارات جويه في اليمن بهدف اعاده رئيس البلاد الي كرسيه، حيث انه الان في المنفي في المملكه، ووقف المتمردين الحوثيين المدعومين من ايران.

ويوجد هنا في شارع التحليه ممر تقع فيه المقاهي علي الجانبين، حيث يجلس الشباب في مركز للحياه الاجتماعيه في الرياض يتحدثون في كل شيء، وبخاصه  حمله اليمن التي تحظي بشعبيه. وفي العاده يجلس الصاحبان يتناقشان في كلام يمزج بين الجد والمزاح حول خطط عطله نهايه الاسبوع قبل ان يحولا دفه حديثهما الي امن الحدود والمنافس الاقليمي ايران. وفي السنوات التي تلت الربيع العربي، نجت طهران في بسط نفوذها علي ثلاث عواصم عربيه كبري، دمشق وبغداد وصنعاء. واشاد الجليسان بحقيقه ان المملكه العربيه السعوديه رسمت خطا احمرا في اليمن التي تقع اسفل شبه الجزيره العربيه.

وبينما هو يرتشف من فنجان القهوه قال عمران: «كان ينبغي ان تكون هذه الضربات الاخيره قبل سنوات. وحتي الان، لا تزال المخاطر التي تهددنا من اليمن لم تنته».

ورد «بن محمد» وهو يحرك راسه باتجاه الاعلي وكانه يتباهي، وجاءت كلمات مؤكده ما ظهر عليه، حيث اعلن فخره بالانضمام للحرس الوطني، الجناح العسكري الذي يُنظر اليه علي انها حامي النظام الملكي. واردف «لقد رجوتهم ان يرسلوني الي اليمن حتي استطيع ان احارب الحوثيين». لقد كانت كلماته كافيه لتلفت نظر بعضا من الجالسين حوله يشربون القهوه، وبدا عليهم تاثرهم بكلامه.

ويجادل مسؤولوالرياض انهم في حاله حرب في اليمن مع وكلاء ايران الذين يهددون الامن في المملكه. وقد دفعت واشنطن بلطف لانهاء، او علي الاقل ايقاف، النشاط العسكري، حيث ان الازمه الانسانيه هناك تتعمق. وعقدت هدنه لمده خمسه ايام تبدا يوم 12 مايو/ايار للسماح بوصول المساعدات والادويه للانتقال الي المناطق المحاصره، ولكن كل المؤشرات تشير الي ان الحرب سوف تبعد بعد مهله قصيره. وفي الساعات قبل اعلان سريان الهدنه، جمعت المملكه العربيه السعوديه جنودها علي طول الحدود اليمنيه، وقام المتمردون الحوثيون بضرب المدن السعودية مثل جازان ونجران بالصواريخ.

السبب يجعل السعوديين ليسوا في عجله من امرهم لانهاء الحرب هو انه لا يوجد حتي الان اي تلميح او استياء عام من الحمله العسكريه. وتخضع الصحافه المحليه ووسائل الاعلام الاجتماعيه الي رقابه مشدده، وقد اشاد العديد بالجهود السعوديه، وتشيد الصحف بالضربات الجويه كل يوم، ويغني الراديو اغنيات تثني علي العمليه، ومواقع مثل تويتر وفيس بوك تمجد في الملك وبطولاته.

وتبنت بعض النساء السعوديات حمله علي وسائل الاعلام الاجتماعي، وقمن بدعوه اقرانهن لوضع المخاوف جانبا جراء عمليات الانتشار لفترات طويله وغياب الازواج بين الجنود، بحسب ما اشارت اليه العنود البالغه من العمر 26 عاما في مقهي بوسط الرياض.

وبكل تاكيد ليس هناك اتفاق تام بين الجميع، ولكن علي المتذمرين ان يحافظوا علي هدوئهم الان. وعاد بعض النقاد السعوديين السابقين الي الظهور، ولكن هذه المره في مدح ودعم العمليه، ما شجع علي تاييد بين الجمهور.

وغرد رجل الدين السعودي البارز «سلمان العوده»: «كلنا مع اليمن»، وهو الذي غالبا ما كان ينتقد النظام الملكي الذي اودعه السجن لانتقاده. يجب علي الشعب اليمني «استرداد حريته واستقلاله وكرامته وامنه وخياراته ضد الهيمنه الفارسيه»، هكذا تابع «العوده».

ويمكن لهذا الدعم ان يكون اساسيا للملك الجديد، والذي امر بتغييرات جذريه لحكومه المملكه في اول 100 يوم من ولايته. فمنذ ارتدائه لتاج العرش في يناير/كانون الثاني عمل الملك علي اعاده تنظيم الحكومه وتغييرها وتجديده امر الخلافه، ووضع ابنه الثاني في ترتيب ولايه العرش.

والليبراليون ايضا عبروا عن دعم غير مالوف للعمليه. فمن منزله في شرق الرياض، قال الكاتب والمترجم «خالد الغنامي»: «كان الملك عبد الله بن عبدالعزيز رجل طيب، ولكننا نعتقد ايضا ان فترته كانت ضعيفه جدا. لسنوات وسنوات ونحن نري التهديدات باننا سنتعرض للغزو. حزب الله في العراق يقول ذلك. والحوثيون في اليمن يقولون ذلك. بصراحه، لقد شعر السعوديون باهانه بالغه … لقد جاء الملك سلمان بالحفاظ علي كرامتنا واعاده الهيبه لنا مجددا».

و«الغنامي» راديكالي ديني سابق تحول الي اصلاحي ينتقد رجال الدين المدعومين من الحكومه بكل وضوح.

احياء معني العروبه ومساعده السُنّه

ويقول محللون ان مثل هذه المشاعر المتعاطفه مع السعوديه والمتناميه بقوه تتجاوز حدود البلاد، وتمتد الي السنه في منطقه الخليج. ويقول الدكتور «يورج ماتياس ديترمان»، استاذ الاداب والعلوم في جامعه فرجينيا كومنولث في قطر، انه «يجري الان احياء معني العروبه من قبل الحكومة السعودية، لانها تحاول بناء كتله اقليميه عربيه ضد ايران. يريد السعوديون تشجيع جبهه عربيه مشتركه، من الدول الناطقه باللغه العربيه وكذلك الدول السنيه».

واعرب عدد من المستشارين الذين التقتهم «فورين بوليسي» بعد مده حوالي 45 دقيقه بالسياره شمالي الرياض ان العمليه في اليمن تحقق فوزا ايضا علي فصيل اخر؛ يقصدون بذلك المتطرفين الاسلاميين.

وتقول وزارة الداخلية السعودية ان حوالي 2500 سعودي غادروا الي العراق وسوريا في السنوات الاخيره للانضمام الي جماعات مثل «الدوله الاسلاميه» وجبهه النصره التابعه لتنظيم القاعده. ويري العديد من المجندين الشباب، متوسط العمر وفقا لوزاره الداخليه ما بين 18 و 25، ان مهمتهم الاساسيه هي الجهاد، وانها قضيه انسانيه اساسا. وظلوا لسنوات يشاهدون ابناء اهل السنه في سوريا والعراق يعانون علي ايدي حلفاء ايران، سواء نظام «بشار الاسد» في دمشق او المليشيات الشيعيه في العراق. وتستغل الجماعات المتطرفه المعاناه بوصفها شكلا من اشكال الاغراء، ويقولون ان عليهم واجب المساعده، لانه لا يوجد دوله او حكومه تدافع ضد ايران.

وفي مركز الامير «محمد بن نايف للمناصحه» حيث يجب علي جميع المقاتلين الاجانب العائدين قضاء ثلاثه اشهر علي الاقل قبل العوده الي المجتمع، يقول المستشارون الدينيون ان العمليه السعوديه في اليمن قد اعطتهم جدلا مضادا.

ويقول الدكتور «حميد شايجي»، مستشار في المركز واستاذ علم اجتماع الجريمه في جامعه الملك سعود، ان «العمليه في اليمن تبين لهم انه متي تكون هناك امكانيه، فسوف تقوم حكومتكم بالشيء الصحيح. لا يمكنك ان تقوم بهذه الاجراءات بيديك وتفعل ذلك بنفسك».

وتعكس القصه المحليه حجه المملكه العربيه السعوديه مرارا وتكرارا في الخارج، السماح للنفوذ الايراني بالاتساع والامتداد لن يغذي سوي جدول اعمال الجماعات المتطرفه. «في اليمن انت تفسح المجال لتنظيم القاعده اذا سمحت للحوثيين بمحاربتهم، ولكن اذا قمت بايقاف الحوثيين والمساعده في خلق حكومه شامله، فان الجميع يتحد ضد تنظيم القاعده»؛ علي حد تعبير «سعود تمامي»، استاذ العلوم السياسيه بجامعه الملك جامعه الملك «سعود» ،والذي يضيف: «القيام بذلك لن يسمح لتنظيم القاعده باستخدام الحجه القائله بان اهل السنه مضطهدون».

وبعباره اخري، يهدف البرنامج السعودي لاجتثاث التطرف الي اقناع الجهاديين ان «الدولة السعودية» يمكنها القيام بعمل افضل في مساعده السنه اكثر من اي فرد يمكنه فعل ذلك من تلقاء نفسه. حوالي ثلاثه الاف جهادي سلكوا طريقهم من خلال برنامج اعاده التاهيل في المملكه، منذ ان بدات تلك العمليات في عام 2005. ووفقا لمدير المركز اللواء «ناصر المطيري»، فقد عاد 86٪ منهم الي حياتهم الطبيعيه دون وقوع حوادث، وانتكس علي عقبيه 13%، نصفهم اعيد اعتقاله.

ويقول مؤيدو الطريقه انهم واثقون ان ذلك سوف يجدي نفعا حتي الان علي نحو افضل مع القياده الجديده التي تمسك بزمام الامور. ويعد الملك «سلمان» اقرب بشكل ملحوظ الي النخبه الدينيه من سلفه، ونتج عن تدخله في اليمن زياده اعداد السنه المؤيدين له، علي حد قول انصاره.

«انها مثل مسابقه، من الذي سوف يدافع عن السنه ضد الشيعه المتطرفين؟ «الدوله الاسلاميه» اشبه بشخص لديه سياره جيده مسروقه، علي حد تعبير «عبد الله الشمري»، دبلوماسي سعودي سابق، الذي عقد مقارنه مع الحاله اليمنيه. واردف «عمليه اليمن بورش حديثه».

وقد شجع موقف المملكه العربيه السعوديه بشان اليمن الكثير هنا وعبر الخليج في تخيل مسارح جديده للنفوذ الاقليمي في الرياض. انهم يرون تحول المد والجزر ضد طهران ويفكرون: اذا كانت المملكه العربيه السعوديه مستعده للدفع مره اخري في اليمن، فلماذا لا يكون الامر كذلك في عواصم عربيه اخري مثل دمشق وبغداد؟ وتتساءل المعارضه السوريه بصوت عال ما اذا كانت السعوديه قد تبدا في نقل اسلحه متطوره الي الثوار، حتي لو اعترضت الولايات المتحده الامريكيه. وقالت الرياض مؤخرا انها ستستضيف مؤتمرا للجماعات المعارضه التي تقاتل «الاسد»، في محاوله لتوحيد الفصائل المتمرده المتنافسه.

ومن جانبه، صرح «اديب الشيشكلي»، الممثل الرسمي للمعارضه الائتلاف الوطني السوري لدول مجلس التعاون الخليجي، انه «عندما تطور الوضع في اليمن وقرر السعوديون ومؤيديهم الدخول في تحالف، فقد فعلوا ذلك دون ضوء اخضر من الامريكيين. انهم يشعرون الان بانه يمكنهم فعل الشيء نفسه في سوريا. اعتقد مع الاداره السعوديه الجديده، ومع الشجاعه لديهم للذهاب الي اليمن، فان الامور تتغير بشكل كبير بالنسبه لنا».

ومع ذلك، فان الخطر الاكبر للقياده الاقليميه السعوديه، والوحده المحليه، قد تكون عمليه اليمن نفسها. حتي الان، يتم الحكم في الضربات الجويه ببساطه بناء علي مدي جداره المبادره نفسها، وليس علي عملها. «وبالنسبه لايران الان؛ فان هذه بطاقه  الحوثيين قد تم حرقها»، كما يقول «محمد السلمي»، استاذ مساعد في التاريخ الايراني بجامعه ام القري واحد القلائل المتحدثين باللغه الفارسيه بطلاقه في المملكه، والذي تابع: «سوف تحاول طهران الان تحصين علاقاتها مع سوريا والعراق. ولكن الامر قد انتهي بالنسبه لهم في اليمن».

ولكن موقف الرياض قد يضعف اذا استمر النزاع في الزياده، او فشل في ابعاد الحوثيين. وقد حقق التحالف السعودي عددا من الاهداف العسكريه، مثل القضاء علي مخزونات الحوثيين من الصواريخ البالستيه، ولكن فشل حتي الان في اخراج المتمردين من العاصمه صنعاء او ميناء عدن بعد سته اسابيع من القصف.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل