المحتوى الرئيسى

تدمُر: تهديد تنظيم الدولة الإسلامية لـ"فينسيا الرمال" - BBC Arabic

05/16 08:17

اصبحت مدينه " تدمُر" في خطر كبير جراء المعارك بين مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية والقوات السورية الحكوميه في محيط ذلك الموقع الاثري. ويجدر بنا التنبيه الي ما تمثله خساره هذا الموقع الذي يتمتع باهميه تاريخيه كبيره واطلق عليه اسم "فينيسا الرمال" وما الذي ستعنيه للتراث الثقافي العالمي؟

وتدمُر هي اخر موقع يمكن للمرء ان يجد فيه غابه من الاعمده والاقواس الحجريه وسط الصحراء.

وكان الرحاله في القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين عاده يذهلون عندما يرون تلك المساحه الواسعه من الخرائب الاثريه وسط الصحراء السورية، التي تقع تقريبا في منتصف الطريق بين ساحل البحر المتوسط ووادي نهر الفرات.

علي ان السبب الرئيسي وراء ازدهار الموقع سيتوضح بسرعه للزائر وهو ان مدينة تدمر الاثريه تقع علي حافه واحه زاهره باشجار النخيل والحدائق.

وكانت تدمُر محطه للراحه والسقيا في طريق رحلات التجاره بين الشرق والغرب، وهنا بدات قصه (بالميرا) اسمها في اللغه اللاتينيه، وهو الاسم الذي يُطلق علي نوع من التمور الذي ما زال ينتشر في المنطقه حتي اليوم.(اما اصل اسمها في اللغات الساميه، تدمُر، فاقل تحديدا).

واحتلت تلك المدينه مكانه بارزه في تاريخ الشرق الاوسط علي الرغم من موقعها المنعزل.

بدات تدمر في الازدهار تدريجيا بعد بدايات متواضعه في القرن الاول قبل الميلاد لتبلغ اوج شهرتها في مرحله الامبراطوريه الرومانيه في القرن الثالث الميلادي، عندما تحدي حكامها سلطه روما وانشاوا امبراطوريه خاصه بهم امتدت من تركيا الي مصر.

المعروف ان المدينه شهدت قصه الملكه زنوبيا التي حاربت الامبراطوريه الرومانيه في عهد الامبراطور اورليان، ولكن المعلومه الاقل انتشارا هي ان مملكه تدمُر حاربت ايضا امبراطوريه اخري هي امبراطوريه الساسانيين الفرس.

وفي منتصف القرن الثالث الميلادي عندما غزا الساسانيون الامبراطوريه الرومانيه واسروا الامبراطور فاليريان، قاتلهم التدمُريون وهزموهم، واعادوهم علي اعقابهم الي ما وراء نهر الفرات.

وعلي مدار عقود، اعتمدت روما علي سلطه التدمريين لدعم نفوذها المتراجع في الشرق.

كانت تدمُر انجازا شرق اوسطيا عظيما، ولم تكن تشبه اي مدينه اخري في الامبراطوريه الرومانيه.

لقد كانت متفرده تماما ثقافيا وفنيا. ففي الوقت الذي كانت فيه نخبه ملاك الارض هي من يسير الامور في المدن الاخري، كانت طبقه التجار هي المهيمنه علي الحياه السياسيه في تدمُر، وتخصص التدمريون في حمايه قوافل التجاره التي تقطع الصحراء.

وشكلت تدمُر، مثل فينيسا (البندقيه)، مركزا لشبكه تجاريه واسعه، الا ان بحرها كان من رمال الصحراء وسفنها من الابل.

ومع ذلك، كشف علماء الاثار عن ان اهل المدينه لم يكونوا بعيدين عن البحر و(فنون الابحار).

كان التدمريون يسافرون عبر نهر الفرات الي الخليج ليتواصلوا مع التجاره البحريه القادمه من الهند، بل واداموا لهم حضورا في موانيء البحر الاحمر المصريه.

وكان التدمريون يستثمرون الثروات التي يحصدونها من تجاره البضائع المثيره من الشرق، في مشروعات معماريه في مدينتهم.

ومن الاثار التي حفظت الي يومنا من هذه الصروح التي بنوها، المعبد الكبير للالهه التدمريين، والذي يعرف بشكل عام بمعبد "بل"، وهو عباره عن شارع محفوف بالاعمده الحجريه الضخمه ومسرح علي الطراز الروماني، ما زال قائما حتي يومنا هذا.

وكشف ما اظهرنه التنقيبات الاثاريه في المدينه عن ثقافه شرق اوسطيه نابضه في الحياه لها شعورها المميز بالهويه.

وكان التدمريون يفخرون بتزيين مبانيهم بنقوش تذكاريه تكتب بلغتهم الساميه، بدلا من الاعتماد علي الاغريقيه او اللاتينيه، (التي كانت تمثل الصيغه السائده في اماكن اخري من الامبراطوريه الرومانيه).

وطورت تدمر اسلوبها الفني الخاص وطرازها الخاص من العماره الكلاسيكيه، وتكشف النماذج التزينيه علي مبانيها ازياء لباس سكانها عن علاقات واسعه النطاق مع الشرق والغرب.

اذ عثر علي انواع من الحرير الصيني تزين المومياوات في مقابر تدمر، اذ ان لهم ثقافه (كوزموبوليتانيه) متنوعه ذات افق دولي.

ولم تكشف التنقيبات الاثاريه الا عن اجزاء صغيره من الموقع وما زال معظم الاثار تحت سطح الارض وليس مدفونا في طبقات عميقه من التربه، ما يجعله تحديدا عرضه لاعمال النهب.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل