المحتوى الرئيسى

لماذا نرى وجوهًا على القمر؟

05/15 09:36

تشغف عقولنا بايجاد صور لها معني للخطوط والاشكال العشوائيه حتي وان كانت علي القمر.

قد تري انسانًا او ارنبًا او يديْن علي القمر عند اكتماله حسب موقع مشاهدته له من الارض

القمر هو اقرب رفيق للانسان من الأجرام السماوية منذ بدء الخليقه، لذا فهو ماده غنيه للخيال وغالبًا ما كان ملهمًا له في افكاره واشعاره.

عندما تمر الارض بين القمر والشمس يوم 15 ابريل صباحًا يحدث الخسوف الكامل ويعم الظلام الجبال والفوهات القمريه لتتشكل الوجوه والاشكال التي يرها الانسان منذ الاف السنين.

ربما تكون اكثر الرؤي شيوعًا – في الثقافات الغربيه ـ ان ثمه “رجلاً علي القمر”.. وفي ثقافات بلدان شرق آسيا، يري المحدقون الي القمر ارنبًا، وفي الهند يرون يديْنِ. منذ العصور القديمه حتي العصر الحديث، يُري علي القمر اشياء عديده من مختلف المواقع في شتي بقاع الارض؛ تختلف بين شجره وامراه وضفدع توجد جميعها علي وجه القمر المشرق.

 قالت كاسندرا رونيون العالِمه الجيولوجيه المتخصصه في الكواكب بكليه شارلستون في كارولاينا الشماليه: “انك غالبًا ما تري عندما تتطلع الي القمر لاول مره مناطق مضيئه واخري مظلمه، وبعضها يميل للون الرمادي الغامق.. والمناطق ذات اللون الفاتح هي الجبال، وذات اللون الغامق صخور بركانيه”.

ومن الممكن ان يجد الناس في محيط شكل سطح القمر والوانه اشكالاً لها معني، كما يُخيل لنا اننا نري اشياءً غير حقيقيه، حيث يكون ذلك نتيجه لتصورات عقولنا فقط.

 قالت “نوشين هادجي خان” استاذ العلوم العصبيه بجامعه هارفارد: “العقل عضو يتسم بالتنبؤ، ونحاول ان نجد معني لما يجري طوال الوقت ونملا الفراغات بالمعلومات”.

وتعد ظاهره رؤيه وجوهٍ لا توجد في الواقع نوعًا من ملء الفراغات التي تسمي “الباريدوليا”، وهي شائعه بين بني البشر.

يدرس “يوئيل فوس″ المتخصص في علم الاعصاب المعرفي بجامعه نورث ويسترن في ولايه شيكاغو – كيف تساعدنا امخاخنا في اضفاء معانٍ علي تشكيلات متنوعه من الخطوط والاشكال.. وقد عرض خلال دراساته علي مجموعه من المشاركين في البحث خطوطًا غير منتظمه صُممت بواسطه الكمبيوتر ـ اشكال ليس لها معني مشتقه من مثلثات او دوائر- وسالهم ما اذا كانت هذه الاشكال تشبه اشياء لها معني ام لا.

قال فوس: “ان ما يقرب من نصف عدد المشاركين قد انتهوا الي ان لها معني في المتوسط”.

استخدم “فوس″ تقنيه التصوير العصبي التي تقيس نشاط المخ عبر تتبُّع التغيرات التي تطرا في تدفق الدم؛ ذلك لاكتشاف المناطق التي تنشط بالمخ عندما يري الشخص الخطوط والاشكال.. وقد وجد ان المناطق نفسها التي خضعت للتجربه حقيقيه، وانها اضاءت عندما رات ان الصور لها معني عند رؤيه الخطوط غير المنتظمه.

قال فوس: “ان الجهاز البصري لدي الانسان لا يميز بين صوره لضفدع واخري مرسوم عليها مجموعه من النقط والخطوط التي لم يسبق له رؤيتها وهي تشبه ضفدعًا علي نحو مبهم.. ويسعد المخ سعاده بالغه عندما يتناول هذه النقط والخطوط علي انها ضفدع″.

لماذا يعمل المخ هكذا؟ قدمت عالمه الفلك “كارل ساجان” تفسيرًا محتملاً في كتابها: “The Demon-Haunted World: Science as a Candle in the Dark” –  تفيد فيه بانه ربما يكون التعرُّف علي وجوه او اشكال مبهمه امرًا مُجديًا علي نحو متطور.. وقالت: “ان هؤلاء الاطفال الذين لم يستطيعوا التعرُّف علي وجه لم يبادلهم الابتسامه لم يكن يُحتمل ان يحظوا بقلوب ابائهم، ومن غير المُرجح ان ينجحوا”.

 وقدم “فوس″ تفسيرًا اخر يدعونا فيه الي ان ناخذ بعين الاعتبار ان مخ الانسان يتسم بالمرونه، وانه اله متعدده الاغراض؛ اي انها تعمل وتنجز مهما كانت عشوائيه البيئه التي تقيم فيها.. قال “فوس″ انه لا بد من ان يتمكن المخ من الاستجابه السريعه للمحفزات البصريه ـ كالاشكال والخطوط الجديده ـ ويتمكن كذلك من فهم ما يثير الانتباه؛ حتي ينجح في اي بيئه غريبه. ان رؤيه الوجوه والاشكال ما هي الا نتيجه رغبه المخ في مطابقه معلومات مخزونه بمحفزات جديده، واضاف قائلاً: “رغم اننا نري العالم علي انه بيئه مرتبه تحتوي علي اشياء – فانه في الواقع ليس الا حُزمه من الخطوط والاشكال والالوان العشوائيه.. ويرجع السبب وراء رؤيتنا اشياء لها معني في اشكال لا معني لها ـ بكل سهوله – الي ان الاشكال التي ليس لها معني بها نفس خصائص الاشياء التي لها معني”.

واذا ما تناولنا الامر بشكل علمي فسنجد ان ما يراه المحدِّق الي القمر يرجع لتوصيلات المخ وما بها من رسائل، وان ما بصرت به الحضارات عبر العصور في وجه القمر قد حظيَ باهميه كبري عند حفظ الثقافات والمعتقدات.

 قالت “ادرين مايور”، وهي مؤرِّخه في العلوم – جامعه ستنافورد بولايه كاليفورنيا، التي تبحث الي اي مدي تفسر الثقافات القديمه المُعطيات وتستقي معاني من عالم الطبيعه: “تعد السماء، ليلاً، واحدهً من اعظم البانورامات التي تروي لنا القصص”.. واستطردت: “تعد الاشياء في عالم الطبيعه افكار القصه واشاراتها؛ فعندما تري القمر تتذكر القصه التي سمعتها عنه وانت طفل، ومن ثمَّ تعيد روايتها”.

اما انا هنا فلا اري وجوهًا علي القمر، بل اري كلمه “مكه” وزملائي هنا يروون “محمد”..

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل