المحتوى الرئيسى

في "إقرث" الفلسطينية... حق العودة "للأموات فقط"

05/14 17:48

ينتظر الحاج الفلسطيني لبيب اشقر - البالغ من العمر 83 عاما - ان ينقضي اجله حتي يتمكن من العوده الي قريته الاصليه (اقرث) التي هجِّر منها عام 1948، فهذه هي الطريقه الوحيده التي يتمكن من خلالها وجميع سكان القريه من العوده اليها بعد ان حرمهم الاحتلال الإسرائيلي من دخولها منذ اكثر من 67 عاما، فيما سمح فقط للاموات منهم، لدفنهم في مقبرتهم الوحيده بالقريه المهجره.

وهجَّر الاحتلال الاسرائيلي جميع سكان "اقرث" الواقعه علي الحدود الشماليه بين فلسطين ولبنان خلال احداث النكبه، فيما هدم المنازل وكل شيء في القريه عام 1950، ولم يتبق من القريه سوي كنيسه.

واقام سكان اقرث عقب عمليه "التطهير العرقي" التي تعرضوا لها كلاجئين في عده قري ومدن في شمال فلسطين المحتله، كما يتواجد غالبيتهم حاليا في قرية الرامة شرق مدينه عكا.

يعيش لبيب اشقر لاجئا مع اولاده واحفاده في وطنه داخل قريه "معليا" في الجليل الاعلي المحتل، فيما ينتظر هو وغيره من السكان العوده الي قريته وهو علي قيد الحياه، بدلا من ان يعود اليها محملا علي الاكتاف.

ويسترجع اللاجئ الفلسطيني لـ"دوت مصر" ذاكره قريته التي لم تزلها السنين المتعاقبه، حيث يقول: "في نهايه عام 1948 اقتحمت العصابات الصهيونيه القريه بحمله عكسريه كبيره وسيطروا عليها، واخرجونا منها تحت تهديد السلاح بذريعه انها منطقه حدوديه، ثم نقلونا بواسطه سيارات الجيش الي منطقه الرامه شرق عكا، ووعدونا باننا سنعود الي القريه بعد اسبوعين ريثما تستقر الحاله الامنيه علي الحدود".

ويضيف: "مرت الايام ولم نعد كما وعدنا الاحتلال، ومانزال ننتظر حتي هذه اللحظه انقضاء الاسبوعين حتي نعود!، استمر سكان القريه حتي عام 1950 مطالبين بالعوده تنفيذا للوعد الذي قدم لنا لكن دون جدوي، فهم خدعونا واستغلوا ضعفنا مقابل قوتهم العسكريه والعدديه، وسيطروا علي قريتنا وهدموا كل شيء فيها".

وعلي الرغم من حصول سكان القريه، بحسب "اشقر"، علي قرار من المحكمه العليا الاسرائيليه للعوده الي قريتهم في عام 1954، الا ان الاحتلال يرفض ذلك بذريعه انها منطقه عسكريه وتقع علي الحدود، ليبقي القرار حبرا علي ورق، هنا يتسائل اللاجئ الفلسطيني والدموع لم تفارق عينيه: "اين هو حكم العدل والعداله؟، ولماذا نطرد من ارضنا ونحرم منها؟، وهل علينا كل يوم ان نبكي ونحن نري قريتنا علي بعد النظر، بيما نحن غير قادرين علي لمس ترابها".

ويوضح "اشقر" ان الاحتلال منع سكان القريه من دخولها احياء وامواتا حتي عام 1972، حيث تواجهوا بعد ذلك الي وزاره الاديان الاسرائيليه للسماح لهم بدفن امواتهم في مقبره القريه، ووافقت اسرائيل علي فتح المقبره وترميمها ودفن الاموات فيها، مشيرا الي ان سكان اقرث واجهوا مشكله في دفن امواتهم في القري التي لجؤوا اليها، حيث ان كل قريه لها مقبره خاصه.

وعلي الرغم من مرور اكثر من 67 عاما علي تهجير المسن الفلسطيني من قريته، الا انه مايزال يحمل املا كبيرا في العوده اليها، كما ينقل ذلك الي اولاده الخمسه واحفاده الـ15، فيتحدث لهم دوما عن قريته وتراثها ومعالمها، بعدما ازال الاحتلال معالمها عن وجه الارض.

ويستطرد "اشقر": "احفادي يحلمون بالعوده الي اقرث مثلي تماما، حيث نزور القريه بين الفينه والاخري، ونصلي في الكنيسه التي حولها الاحتلال الي خرابه، فاشرح لهم معالم القريه رغم انها هدمت، واسترجع ذاكرتي فيها، حتي لا يندثر حق العوده اليها مع تعاقب الاجيال".

وتبلغ مساحه قريه القريه، بحسب اشقر، اكثر من 24 دونما، ويوجد بها 12 خربه، وكان يدير شؤونها مختار للقريه ولجنه محليه، كما كان السكان يعتمدون علي الزراعه كمصدر رئيس للعيش، حيث كانت موسميه في فصلي الشتاء والصيف، بينما القمح هو اكثر ما تشتهر به "اقرث"

قرار السماح لسكان "اقرث" بدفن الاموات في مقبره قريتهم الاصليه وان كان يمنحهم فرصه في دخول ارضهم ولو لوقت قصير، الا انه يتسبب لهم بمعاناه اخري، حيث يقول رئيس لجنه اهالي القريه، ابراهيم عطا الله، لـ"دوت مصر"، :"نواجه معاناه في دفن الاموات حيث لا يسمح لنا بالوصول الي مقبره القريه الا سيرا علي الاقدام، وعلينا ان نسير مسافه 40 كيلومترا، وهذه المسافه تعد صغيره بالنسبه لسكان اقرث الذين لجئوا الي مدينه بئر السبع التي تبعد ضعف هذه المسافه عن قريتنا الاصليه".

ويستطرد: "جميع سكان اقرث يشاركون واجب الدفن والعزاء عندما يتوفي اي مواطن من سكان القريه الاصليين، ويتوافدون جميعهم الي مقبره اقرث، وهنا تكون فرصتهم الوحيده في القدوم الي قريتهم التي شوه الاحتلال معالمها، وسلب الاستيطان غالبيه اراضيها".

ويؤكد "عطاالله" ان الاحتلال صادر اراضي القريه وضمها الي مستوطنات مقامه حولها، فيما يمنع المستوطنون السكان من دخول قريتهم، ويطردون الشباب المعتصمين داخل الكنيسه، وتعترض قوات الجيش  الاسرائيلي السكان خلال محاولتهم دفن الاموات.

وتبلغ مساحه مقبره "اقرث" 3 دونمات، وتم توسعتها من السكان لتصل الي 5 دونمات، حتي تتسع لعدد الاموات من سكان القريه الاصليين، وعن اشكال المعاناه التي يتعرض لها سكان القريه يقول رئيس لجنه اهالي اقرث: "ان الكنيسه الوحيده المقامه علي راس تله تبعد عن الشارع الرئيسي 500 متر، وعلي الرغم من ذلك يمنعنا الاحتلال من دخوله للوصول اليها، ما يدفعنا لسلوك طرق وعره".

وبحسب عطاالله، تخلو "اقرث" من ملامح الحياه، حيث تم تهجير جميع سكانها الي قريه الرامه، وبعد ان فقدوا الامل بالعوده الي اقرث، بداوا بالتوزع علي 18 قريه ومدينه شمال فلسطين المحتله، حيث ان اكثر الاماكن التي يتواجدون بها حاليا هي حيفا، والرامه، وكفر ياسين، الي جانب شفا عمرو، ومعليا، وقري اخري.

نرشح لك

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل