المحتوى الرئيسى

مشروع الفقراء في مهب الريح

05/14 16:22

انطلق مشروع الاسر المنتجه كمشروع انتاجي اجتماعي عام 1964, اي في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكان بمثابه الامل في حينه لانقاذ مئات الاسر البسيطه والفقيره، والتي تمكنت من خلال هذا المشروع تحت اشراف الحكومه من ان تتحول الي افراد منتجين في المجتمع بصوره ايجابيه، توفر لهم ما يمكن ان يكفيهم شر السؤال وذل الحاجه.

وقد مر هذا المشروع منذ انطلاقه بالعديد من الفترات والمعوقات، رغم ذلك كان لايزال يمثل الامل لقطاع لا باس به من العاطلين عن العمل، حتي وصل عدد المستفيدين منه عام 2015 الي 2 مليون و800 الف اسره، ترعاهم الجمعيات الاهلية بمختلف المحافظات تحت شعار ومظله الاسر المنتجه، الا ان العقبات والمعوقات بدات تتراكم لتهدد المشروع برمته، خاصه ان عمليات الانتاج في هذه المشروعات بدات تتقلص وتنحصر في منتجات بسيطه لم تعد تجد لها الاسواق الرائجه التي تحتاجها.. لذا ظهرت الحاجه الي اعاده النظر في هذا المشروع واعاده صياغته، كجزء اساسي مهم في حل مشكله البطاله والفقر التي يعاني منها ملايين من ابناء الشعب المصري، وحتي يمكن مساعده السيدات بصفه خاصه علي العمل والانتاج من خلإل ألمنازل عبر انتاج سلع صغيره مجديه تجدلها سوقاً، لاننا في وقت امس ما تكون الحاجه فيه الي ان نعمل جميعاً لدفع عجله الانتاج والتنميه والاقتصاد.

لا تنحصر العقبات والمعوقات التي تواجه الاسر المنتجه علي جانب التمويل فحسب، بل تتعدي ذلك الي غياب اليات التسويق، والمشكلات التشغيليه، وضعف اساليب التطوير والتحديث، وزياده فائده القروض علي عاتق المستفيدين، وقصور الدور الاعلامي، وهو ما ادي الي تعثر مشروع الاسر المنتجه، وتراجعه، الامر الذي يتطلب وجود خطه استراتيجيه قادره علي توجيه ودعم المشروع، وذلك بالعمل علي بناء القدرات المتكامله للايدي العامله المصريه، وتعزيز قدراتهم علي الابداع والابتكار، وتطوير الحرف المختلفه ورفع جوده مخرجاتها، وتحديث الالات ومعدات الانتاج، وفتح افاق جديده للتسويق داخلياً وخارجياً، ومواجهه خطر التعثر، حتي لا يتسبب في خراب بيوت الاف الاسر المنتجه.

وبرغم المعوقات المتنوعه، فان عمليه احياء مشروع الاسر المنتجه تعد بمثابه تجديد الامال للخروج من النفق المظلم وفق التوسع لتنميه مستدامه اجتماعياً وصناعياً واقتصادياً، وذلك لما تلعبه هذه المشروعات الانتاجيه من دور هام في دفع عجله النمو الاقتصادي بشكل عام، والحد من تفاقم مشكلتي الفقر والبطاله بشكل خاص، كما انه وسيله لتحفيز التوظيف الذاتي من جهه اخري، بما يساهم في عمليه التنميه والاصلاح الاقتصادي.

المهندسه اماني غنيم، رئيس الاداره المركزيه للتنميه الاجتماعيه بوزاره التضامن الاجتماعي، اعترفت بوجود تحديات ومعوقات تعترض طريق الاسر المنتجه وتحد من انطلاقها وفي مقدمتها صعوبه تسويق منتجات الاسر المنتجه التي تتطلب اقامه معارض دائمه لكل المنتجات في اماكن يسهل الوصول اليها، بالاضافه الي ضروره تسهيل مهمه المشاركه في المعارض الخارجيه الدوليه، علماً باننا نقوم بتاجير المتر بـ 500 جنيه للمشاركه في المعرض السنوي، ولا يجوز ان يقل المكان عن 5000 متر لعرض المنتجات، مما يمثل عبئاً اضافياً علي الوزاره وحدها، وهذا يحتاج التنسيق وتوحيد جهود مختلف الجهات ذات الصله بالمشاريع المتعلقه بتنميه وتطوير الاسر المنتجه، فضلاً عن قصور الدور الاعلامي حيال هموم وقضايا الاسر المنتجه، ناهيك عن نقص اليات التحديث والتدريب، وضعف اساليب التطوير بسبب قله الموارد الماليه وعدم استثمار او توظيف المقومات التكنولوجيه والتقنيات الحديثه كثروه معرفيه للتقدم وافاده الاخرين منها وتخطي الحواجز التي تفرضها المتغيرات المتلاحقه. لافته الي ان منتجات الاسر المنتجه تستحق العالميه، وخاصه انتاج المحافظات المختلفه من الصناعات اليدويه.

واوضحت «اماني» ان عدد المستفيدين بلغ قرابه 3 ملايين اسره، وتحديداً يخدم 2 مليون و800 الف اسره منتجه بـ «26 حرفه» في جميع محافظات مصر، حيث يتم تنسيق وتوحيد الجهود بين الادارات الخمس المتعلقه بتنميه الاسر المنتجه بالمشاركه في الخبره والتجربه والاراء، والالتقاء بالمستفيدين عبر ما يزيد علي 430 مركزاً لاعداد الاسر المنتجه والتكوين المهني والتوجيه وتقديم الدراسات التسويقيه، وذلك من خلال المتخصصين في المجالات الفنيه والتمويل، حيث يتوافر من خلال جمعيات الاسر المنتجه، واخيراً التسويق باقامه المعارض الدائمه والموسميه والمركزيه، فالهدف الرئيسي للمشروع هو استثمار الوقت والاعتماد علي المنتج المصري، ونبذ الاجنبي.

واشارت الي ان جمعيات الاسر المنتجه تحصل علي فائده لا تقل عن 8% ولا تزيد علي 12% من قيمه القرض، كما تقدم الجمعيات قروضاً تتراوح بين 1000 و5000 جنيه، وغالباً مشاكل التسويق تؤدي الي التعثر في سداد القرض، ولذلك نطالب دائما بتشجيع فتح الاسواق واقامه المعارض في الداخل والخارج لترويج هذه المنتجات.

«الوفد» ذهبت الي المعارض الخاصه بالاسر المنتجه بشارعي الهرم ومراد بميدان الجيزه، والتقينا بالمستفيدين. وقد شاهدنا المعروضات التي تضم تشكيله كبيره من المنتجات منها الاثاث المتميز باسعار اقتصاديه تناسب دخل الشباب والاسر، مروراً بانواع السجاد المصنوعه من الحرير والصوف والكليم والملابس الجاهزه والمشغولات الفنيه والخياميه ومشغولات الالباستر والنحاس والصدف والخوص، بالاضافه الي المشغولات السيناويه التي تتميز برقي التصميمات وجوده الخامات، وصولاً الي المفروشات المصنوعه يدوياً بكل دقه.

حول نشاط ربات البيوت، يقول: المهندس حسن ابو اليزيد، مدير المعرض الدائم للاسر المنتجه، يقول: جمعيه التدريب المهني والاسر المنتجه هي الجمعيه الام التي تدير جميع ما يخص الاسر المنتجه من تدريب وتمويل ومشروعات وتسويق منتجات المراكز التابع لها جميع الاسر المنتجه بالمحافظه، ويصل عدد المستفيدين اكثر من 370 اسره منتجه معظمهم من المراه المعيله.

واستطردت اميره الحسيني، مديره مبيعات المعرض: ان مركز اعداد الاسر المنتجه يقوم بتدريب المراه المعيله وخريجي الجامعات والمدارس الفنيه وربات البيوت البسطاء علي اعمال الخياطه والتطريز والتريكو واشغال الستائر بانواعها والمفروشات باحدث موديلاتها والرسم علي الزجاج والاكسسوار وصيانه الموبايلات والاجهزه المنزليه واقامه دورات تدريبيه للتدريب علي اصلاح وصيانه الكمبيوتر، وذلك علي مستوي عال من المهاره والخبره في تخصصاتهم . اما مراكز التكوين المهني بامبابه فيقوم بتدريب المتسربين من التعليم الاساسي من سن 12 سنه وحتي 18 سنه في تخصصات النجاره والحداده واللحام والكهرباء والجلود واشغال الصدف والدهانات، وذلك بلا مقابل مادي، وكذا اصحاب المعاش المبكر، ويحصل المتدرب علي شهاده تؤهله للعمل بسوق العمل، ويتم مساعده اصحاب المشروعات بعمل دراسه الجدوي لكل مشروع علي حده، بالاضافه الي تسويق منتجاتهم في حاله طلب ذلك، والتي تتمثل في المشغولات الفرعونيه التي تتراوح اسعارها ما بين 30 الي 300 جنيه، وايضاً الملابس الجاهزه بمختلف انواعها واشكالها واحجامها وتبدا من 25 حتي 180 جنيهاً، بخلاف اشغال الورق البردي، والسجاد والمفارش المختلفه، وتقوم الجمعيه بالاشتراك في المعارض الدوليه، وايضاً في المعرض السنوي بارض المعارض « ديارنا «، بالاضافه الي المعارض التي تقام في المناسبات المختلفه طوال العام في المحافظات المختلفه.

اما جابر محمد، مدير معرض المؤسسه القوميه لتنميه الاسره والمجتمع، فيري ان المهم في المشاريع الانتاجيه ان الاسره تعمل بروح الفريق الواحد لتقديم ما هو افضل واجود كون المنافسه الشريفه سيده الموقف للمصنعين.

وعن اسعار المعروضات.. يقول: العلبه المسدسه الصدف يتراوح سعرها ما بين 12 الي 200 جنيه، والخياميه بين 25 الي 600 جنيه، بينما يبلغ سعر كرسي صدف 350 جنيهاً، والترابيزه صدف فك وتركيب بـ 225 جنيهاً، ويتراوح سعر عروسه خشب ملونه ما بين 15 الي 51 جنيهاً، وجرابات موبايل سيناويه من 18 الي 20 جنيهاً، وطفايات الباستر 12 جنيهاً، واكسسوارات بـ 12 جنيهاً للقطعه الواحده، مراوح نوبيه بتصميمات مختلفه وصل سعرها 12.5 جنيه.

عم محمد، البالغ من العمر 42 عاماً، والذي يعمل في مهنه المشغولات النحاسيه، يقول: نعاني بعض المشاكل المتكرره واهمها اشتراط الجمعيه المقترض منها للمشاريع الصغيره ومتناهيه الصغر دفع فائده لا تقل عن 8% من قيمه القرض، والزامنا بدفع اول قسط بعد مرور 30 يوماً بالتمام والكمال من استلامه، ويتابع: انا غير قادر علي سداد الالتزامات التي حل مواعيد استحقاقها مثل غيري من المتعثرين الذين يلجئون للتقسيط لحل مشاكلهم، كما ان هناك اقساطاً غير مسدده، وقد اجتهدت الوزاره في حل هذه المشاكل، ولم تفلح.

واستكمل الحديث ايمن، اب لـ  «3 بنات»، مقيم في منطقه مصر القديمه، قائلاً: الدعم المقدم من قبل الجهات المعنيه بالاسر المنتجه ضئيل للغايه، ولا يتوافق مع الاحتياجات الاساسيه.. فكيف نقيم مشروعاً ونجني ثماره خلال شهر فقط؟

واضاف: «ان جهود الوزاره محدوده جداً في الترويج لمشاريع الاسر المنتجه وتقتصر علي المعرض السنوي».

مياده سيد، ام لـ «3 ابناء»، الشهيره بـ «ام محمد»، «ارمله»، وتعيش في منطقه شبرا الخيمه.

ناضلت كثيراً بعد وفاه زوجها للتغلب علي غلاء المعيشه وضيق الحال، واصبحت هذه السيده هي المسئوله عن اسره تتكون من ولدين وبنت، وليس لديها معاش او مصدر دخل للانفاق منه.

تروي حكايتها قائله: اخذت قرضاً مبلغ 3000 جنيه لكي اقيم مشروعاً بسيطاً لكي اتعايش منه انا واسرتي، وقد اعتبرته افضل كثيراً من التسول، وبدات اخذ دورات داخل المشروع لتعلم اساسيات الحياكه ورسم الباترونات وقص القماش وانواعه التي تتناسب مع كل قطعه، وبعدها قمت بشراء ماكينه وادوات الخياطه، وامتهنت مهنه التفصيل للجنسين صغاراً وكباراً، وسخرت جهدي ووقتي في العمل والهوايه، وبدات انافس مصانع تصنيع الملابس الجاهزه، واقوم ببيع الملابس بتصميماتها الجذابه، ومع هذا لا يمكنني تسديد قيمه القرض خلال فتره السداد المحدده بين 12 و24 شهراً، نظراً لقصر المده وعدم تمكني من توفير القسط شهرياً، في ظل الغلاء المعيشي الطاحن، ومصاعب الحياه التي لم اعد اقدر علي تحملها بمفردي.

كمال عباس، المنسق العام لدار الخدمات النقابيه، اكد اهميه وجود خطه سريعه لتطوير هذا المشروع الخدمي، والاستفاده من الطاقات البشريه المبعثره، ومتابعه ذلك، وضروره التامين علي العاملين به، الي جانب عمل برامج تنميه بشريه لنقل الخبرات والبرامج التدريبيه، بما يحقق طفره في حركه الانتاج.

مشيراً الي اهميه اتاحه فتح افاق جديده للتسويق داخلياً وخارجياً، لتسهيل عملية البيع المباشر للمستهلك من خلال المنافذ او المعارض المجمعه شهرياً او ربع سنوياً، وذلك تحت اشراف وزاره التضامن الاجتماعي، وهو ما يشجع المبادرات الفرديه او الجمعيات علي التوسع، والعمل في مشاريع صغيره مدره للدخل، تساهم في تحسين دخل الاسره دون تحميل المشاركين ايه اجور او نفقات .

ويوافق عباس في رايه صلاح العربي، المنسق العام لحركه «مواطنون ضد البطاله». مطالباً بضروره تنسيق الجهود والتعاون بين الجمعيات الاهليه والمؤسسات المهنيه العامله في مجال تنميه المجتمع كشريك فعلي الي جانب الدوله، للارتقاء بقطاع العماله غير الرسميه، والتعرف علي النشاطات التي تمارسها في سياق مشاريع التنميه، عن طريق ايجاد فرص عمل قصيره الاجل، ونشر المعرفه، وتعبئه جهود الافراد لمزيد من التنميه الاجتماعيه والاقتصاديه، بما يعمق مفهوم التضامن الاجتماعي، ويدر دخلاً اضافياً للاقتصاد المصري، ويضمن انتشاراً اوسع للمنتجات المصنعه بالايدي العامله المصريه الماهره، لان تجاهل المشروع يعني هدراً لطاقات العديد من الفئات الاجتماعيه، كما انه يصعب الحديث عن تنميه حقيقيه دون مشاركتهم.

اما الدكتور فرج عبد الفتاح، استاذ الاقتصاد بجامعه القاهره، فيؤكد ان عوده الروح لمشروع الاسر المنتجه ضروره اقتصاديه واجتماعيه، لانه يعتبر اليه مناسبه وفاعله لتطبيق سياسه التوظيف الذاتي، بالاضافه الي قدرته الاستيعابيه الكبيره للايدي العامله الماهره، وانخفاض حجم تكلفه خلق فرص العمل جديده في سوق العمل، لانه نتيجه عدم فعاليه السياسات الحكوميه في مواجهه مشكله البطاله – وما تعانيه مصر من مشاكل واختلال في هيكل اقتصادياتها – اصبحت هذه المشروعات الخدميه وسيله ذات جدوي في التشغيل الذاتي للافراد الذي ثبت نجاحه في دول عديده.

واوضح : ان القطاع غير الرسمي هو منظومه جيده للتوزيع، لكن غير مستغله.

مؤكداً ان هذا القطاع يحتاج الي قنوات جديده ليستفيد منها في توفير التمويل اللازم لتاسيس المشروعات الصغيره ومتناهيه الصغر او لاستمراريه نشاطها، وهذا يتطلب توفير الضمانات التقليديه الكافيه، مع اهميه تعزيز الوعي الاستثماري لدي صغار المستثمرين، وتطوير الروح الرياديه وبناء الخبرات المتكامله، ومن الممكن توفير احتياجات المستفيدين من مستلزمات الانتاج كماكينه الخياطه او التريكو بالاقساط الصغيره او المواد الخام الاخري، للتشجيع والتحفيز علي العمل والانتاج.

ومن جانبها، عبرت الدكتوره كاميليا شكري، خبيره التنميه البشريه بالامم المتحده، عن فخرها بالمراه المصريه وكفاحها نحو تحقيق اهدافها التنمويه .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل