المحتوى الرئيسى

نقل الكهرباء عبر الهواء، حلم تسلا الذي اقتربنا منه

05/14 01:21

تخيل لوهله انك تستطيع استخدام جميع اجهزتك الكهربيه بدون الحاجه لايصالها بمقبس الكهرباء. تخيل ان الحياه كلها بدون اسلاك، تخيل وقتها كيف ستكون الحياه اكثر سهوله وبساطه. العلم يصنع المعجزات وهو في سبيله لتحقيق خيالك بشكل كامل اقرب مما تتصور، فهذا الحلم ليس حلمك وحدك، بل هو حلم العلماء منذ اختراع الكهرباء.

وحلم نقل الكهرباء عبر الهواء بدون استخدام اي اسلاك او توصيلات هو حلم قديم، منذ بدا تسلا (1856-1943) تجاربه العجيبه علي الكهرباء. وهو الحلم الذي اقتربت البشريه كثيرا من تحقيقه في صورته الخياليه. وتسلا هو ذلك العبقري الذي اخترع عشرات الاختراعات التي نُسب الكثير منها لغيره من العلماء المعاصرين كاديسون. فتسلا اخترع التيار الكهربى المتردد، واخترع المحرك الكهربي العامل بالتيار المتردد. وقام بتطوير وبناء مولدات الكهرباء علي شلالات نياجرا، واجري العديد من التجارب علي الاشعه اكس (X-Ray) المُستخدمه في التصوير الطبي قبل رونتجن، واول من استخدم اشارات الراديو في التحكم بالاجهزه الاليه عن بعد، واول من انتج البرق باستخدام ملف تسلا وذلك اثناء محاولاته نقل الكهرباء واشارات الاتصال التلغرافيه عبر الهواء. والكلام عن تسلا قد يطول ليستغرق العديد من المقالات، لكننا هنا سنتحدث فقط عن تجاربه لنقل التيار عبر الهواء.

بدا تسلا اولي تجاربه لنقل الكهرباء عبر الهواء عام 1891، وقام بنجاح بنقل التيار الكهربي لمسافات قصيره عبر توليد تيار متردد ذي فرق جهد عال جدا. وفي عرض امام المؤسسه الامريكيه لمهندسي الكهرباء وفي معرض كولومبس الدولي بشيكاغو عام 1893، قام تسلا باضاءه مصباح كهربي عن بُعد.

وفي عام 1899 قام تسلا بنقل معمله لمنطقه كلورادو سبرنجز وذلك لان المنطقه هناك كانت تسخدم تقنيات التيار المتردد في نقل الكهرباء، كما انهم كانوا علي استعداد لتوفير الكهرباء اللازمه لتجاربه مجانا. وبدا هناك محاولات تطوير نقل التيار لا سلكيا، وقام بانتاج برق شديد القوه بفارق جهد ملايين الفولتات ادي للعديد من المشاكل في المدينه، منها كهربه شبكه مواسير المياه وكهربه الارض بالمنطقه المحيطه بالمعمل للحظات. كما تسببت تجاربه في تدمير ملفات مولدات الكهرباء بالمدينه.

(مصباح تسلا المضاء بدون اسلاك)

وبعد سنوات من التجارب في معمله طور تسلا التقنيه بعض الشيء وتمكن من اضاءه 3 مصابيح علي بعد اكثر من 3 امتار. لكن تقنيه تسلا والتي تسمي "inductive and capacitive coupling" كانت تصلح فقط علي المدي القصير، وتسلا كان يحلم بتقنيه واسعه المدي توفر الكهرباء للجميع بدون اسلاك. وكان من ضمن افكاره التي لم يجربها وقتها استخدام الطبقه الايونيه في الغلاف الجوي لنقل الكهرباء وذلك عبر تعليق وحدات بث واستقبال الكهرباء باستخدام بالونات علي ارتفاع 10000 متر في الهواء. (طالع مقالا لتسلا عن نقل الكهرباء بدون اسلاك)

(خطه تسلا لنشر الكهرباء بدون اسلاك)

وفي عام 1901 بدا تسلا في بناء برج ووردنكليف بتمويل من رجل الاعمال جون بيربونت مورجان. وكان الهدف من بناء البرج هو عمل نموذج مكبر من ملف تسلا يستطيع نقل الاشارات اللاسلكيه والراديو والمعلومات وايضا الكهرباء علي نطاق واسع وبدون اسلاك. ولكن برج تسلا لم ينجح في تجاربه الاوليه ،وقام الممول بايقاف تمويل البرج بعد نجاح ماركوني في تحقيق حلم نقل المعلموات لا سلكيا قبل تسلا، وقام تسلا بعد ذلك بهدم البرج لتسديد ديونه عام 1917. ولم ينجح تسلا في تحقيق حلمه.

لكن لم يتوقف الحلم، واستمر العلماء في تجاربهم لتحقيقه، فاثناء الحرب العالميه الثانيه تم تطوير تقنيات انتاج الموجات الكهرومغناطيسيه القصيره Microwaves وذلك لاستخدامها في الاتصال والرصد. وحاول العلماء استخدامها في نقل الكهرباء لا سلكيا لمسافات طويله، وفي عام 1964 نجح ويليام براون في تطوير تقنيه لنقل الكهرباء لا سلكليا وذلك عبر توليد تيار مستمر DC باستخدام الموجات القصيره والتي يتم اسقاطها علي هوائي قام باختراعه يسمي Rectenna، وقام بتشغيل نموذج مصغر لطائره هليكوبتر عبر بث الكهرباء لها لا سلكيا من علي الارض. وتوالت التجارب بعد ذلك في السبعينات والثمانينات لتطوير تقنيات ذات كفاءه اعلي في نقل التيار، وحاول بعض العلماء تطوير قمر صناعي مُولد للطاقه الكهربيه مبني علي فكره بيتر جلاسر، وذلك باستخدام خلايا شمسيه تحول ضوء الشمس لموجات قصيره يتم بثها لا سلكيا للارض علي Rectenna لتُحولها لتيار مستمر. وفي عام 1987 نجح مركز الابحاث اللاسلكيه الكندي في تطوير طائره تعمل بنفس التقنيه وطارت لمسافه 21 كيلومتر. وفي 1992 نجح فريق في جامعه كيوتو في تطوير طائره اكثر تطورا بنفس التقنيه.

وهناك العديد من التقنيات المختلفه لنقل الكهرباء بدون اسلاك، وتختلف كلها حسب كفاءه نقلها للطاقه والمدي الذي تستطيع نقل الطاقة خلاله. فتقنيه Resonant inductive coupling متوسطه المدي تستخدم في شحن الاجهزه المحموله كالهواتف والاجهزه الطبيه كمنظم ضربات القلب، ومثلها تقنيه Capacitive coupling. كما تستخدم تقنيه Magnetodynamic قصيره المدي في شحن السيارات الكهربيه. وتستخدم Microwaves و Light Wave من خلال الخلايا الكهربيه لتشغيل الاقمار الصناعيه والطائرات بدون طيار، وذلك لان استخدام الطاقه الشمسيه او ضوء الليزر في توليد الكهرباء من الخلايا الضوئيه يعتبر ايضًا نوعًا من انواع نقل الكهرباء عبر الهواء.

(ايريك جيلر: استعراض الكهرباء اللاسلكيه)

والابحاث في مجال نقل الكهرباء بدون اسلاك ما زال مستمرًا وذلك بهدف زياده المدي والكفاءه والتطبيقات، خصوصا التطبيقات التجاريه والاستهلاكيه. ففريق من العلماء بقياده مارين سوليايتش في معهد ماساتشوستس للتقنيه MIT تمكنوا من نقل الكهرباء بكفاءه 90% علي مسافه متر واستخدامها في اضاءه مصباح كهربي بقدره 60 وات. والمشروع البحثي الذي اطلق عليه WiTricity تم نقله لشركه خاصه بنفس الاسم وذلك لتطويره واستخدامه في العديد من المجالات اليوميه. والتقنيه التي تستخدم strongly-coupled resonance باستخدام ملفين مغناطيسيين متقابلين يهتزان بنفس التردد، يولد احدهما مجالا مغناطيسيا من الكهرباء، ويحول الاخر عن بُعد المجال المغناطيسي المولَّد لكهرباء. وتحدث الرئيس التنفيذي للشركه ايريك جيلر في مؤتمر TED لعام 2009 المقام في اوكسفورد عن تقنيات الشركه، وعرض في حديثه تطبيقات للتقنيه حيث قام بتشغيل هاتف وتلفاز عن بعد، وقال ان التطبيقات الممكنه غير محدوده، كما ان التقنيه امنه تماما وليس لها تاثير علي البشر. وتهدف الشركه لجعل منزلك بالكامل بدون اسلاك، حيث يبدا هاتفك بالشحن بمجرد الدخول للمنزل، كما يمكنك نقل التلفاز الي اي مكان وذلك بدون التقيد بمنافذ الكهرباء، او شحن سيارتك الكهربيه بمجرد دخولك للمراب، الي اخر التطبيقات المماثله.

وفي عام 2015 نجح فريق علمي في وكاله علوم الطيران والفضاء اليابانيه في تحقيق طفره في تقنيات نقل الكهرباء باستخدام الموجات القصيره وذلك بعد ان استطاع الفريق نقل 1.8 كيلو وات من الكهرباء، تكفي لتشغيل غلايه كهربيه وبدقه ميللي متر وذلك لجهاز استقبال علي بعد 55 مترا. ويهدف الفريق علي المدي الطويل من تلك الابحاث تنفيذ الفكره القديمه لتوليد الطاقة الكهربية باستخدام الاقمار الصناعيه من ضوء الشمس ونقلها للارض، وهي الفكره التي يعتقد العلماء انها ستحقق الامان الكهربي للكوكب، لان الشمس دائمه السطوع في الفضاء ولا تتاثر بالعوامل الجويه. ويتوقع الفريق تنفيذ تلك التقنيه خلال العشرين سنه القادمه عبر تطوير الاقمار الصناعيه اللازمه وتطوير تقنيات نقل الكهرباء عبر مسافات طويله تبلغ عشرات الكيلومترات.

2- تطبيقات مختلفه للكهرباء بدون اسلاك 

مُصادم الهادرونات الكبير LHC.. التجربه العلميه الاضخم في تاريخ البشريه

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل