المحتوى الرئيسى

البشري يقطع صمته : العربة لن تكون أمام الحصان .. وإقصاء «الإسلاميين» خطر

05/13 14:20

 لا اخضع لاملاءات .. ووحده مصر تشغلني الان

الاسلاميون ركيزه الجماعه الوطنيه .. وفزاعه كراهيتهم مغرضه

مواجهه الارهاب لن تكتسب شرعيتها الا بالقانون

ناصر سعي لاخضاع القضاء .. رغم مشروعه الوطني العظيم

والسادات منع الاعتقالات ولكنه بطل انهيار الطبقه الوسطي

الازهر ورموز الفكر الديني قادوا الكفاح ضد الاحتلال

مصر مدنيه ام دينيه .. قضيه مفتعله لالهاء الشعب

مبارك مسئول عن تفكيك اجهزه الدوله واستشراء الفساد

 تاريخ طويل من المواقف الفكريه والقضائيه يحمله سجل المستشار الجليل طارق البشرى سليل العائله العريقه التي كان ابرز رموزها جده سليم البشرى شيخ الأزهر الاسبق . ويعد البشري احد اساطين الفتوي والتشريع والتاريخ، ورمز بارز بمدرسه “الحضاره الاسلاميه” ، نادي باستقلال القضاء ، وقدم ارصن الكتابات عن اللحمه الوطنيه وتاريخ الحركات المقاومه ومساله الديمقراطيه . . هو الرجل الذي يمتلك شجاعه معارضه النظام الذي جار علي قيم التعدديه واحترام اراده المعارضين ولكنه في الوقت ذاته يكافح جهل المغالين والمتنطعين باسم الدين..

التقيناه في منزله ، ننوي مراجعته بالخطاب الديني المصري عبر التاريخ وكيفيه الانطلاق نحو التجديد في ظل ما يواجه المنطقه من هجمات ارهابيه ، فاذا بالحديث يتطرق ايضا للحركه الوطنيه وازمه الطبقه المتوسطه وهجره العقول واسباب اخفاق ثوره يناير في تحقيق اهدافها .. السطور التاليه تحمل التفاصيل.

كيف تنظر للازمه الراهنه بين النظام والاسلاميين منذ 30 يونيو ؟

 الاسلاميون شان كل الفصائل في نسيج الوطن، اغلبهم معتدلون وان كانت هناك عناصر تميل للغلو ، لكن ان تتصور اي دوله ان خيرها في قمعهم ووادهم من الحياه الاجتماعيه والسياسيه وتهميشهم، فهذا لن تكون عاقبته محموده، وقد كتبت مرارا عن رفضي قمع الاسلاميين واهميه فتح الباب للحوار وتمكين الكفاءات لتولي زمام القياده بقطاعات الدوله، اما ان تسقط نظامهم وتضعهم بالسجون وتتعامل معهم كعدو في معركه تصفيه ، فهذا يعطي ذريعه للاخر لمبادلتك الكراهيه وربما التورط بالعنف .

لا نحتاج الان لتاكيد ان كل من خرج عن النظام بافعال يجرمها القانون كسفك دماء او قطع طرق او اي اعمال اجراميه تهدد سلامه المواطنين واستقرارهم، يجب التعامل معه بحسم ووفق القانون. النظام الحالي رفض المخالفين له، مع ان سفيان الثوري قديما قال : لا تقل خلاف بل توسع .  و لا ادري لماذا ينشرون الفزاعات ويوجهون الناس لكراهيه الحركه الاسلاميه، ولماذا تحدث ممارسات خارجه عن القانون في مكافحه الارهاب!

لابد ان نفهم ان اي نظام يجيء بانتخابات ديمقراطيه نزيهه، قد صار ممثلا لكل فئات الشعب، حتي تلك التي لم تنتخبه، وعليه واجب رعايه مصالح جميع فئات الشعب بلا تمييز ، خاصه وان تاريخنا يشهد بان كل الحركات السياسيه الوطنيه كانت ذات مرجعيه اسلاميه .

ماذا عن قصه الاسلاميين مع العمل الوطني؟

سنعود لتذكر الثوره العرابيه ومنابعها الدينيه وقبلها شيوخ الازهر الذين خرجوا بقياده عمر مكرم لدرء الفرنسيين قبل توليه محمد علي حكم البلاد وفي القرن الماضي لو تذكرنا عبدالكريم الخطابي وعبدالقادر الجزائري الذين قادا الثوار لمحاربه الفرنسيين الغاصبين، او محمد المهدي قائد الحركه الوطنيه السودانيه، والزعامات الوطنيه المصريه قبل ثوره 1919 ونعني مصطفي كامل ومحمد فريد ، سنجدها جميعا حركات مرجعيتها اسلاميه صريحه، حتي ان محمد فريد القائد العظيم الف كتابا يقول فيه “حفظ الله تبعيتنا للدوله العليه” ويعني الدوله العثمانيه التي كان الانتماء لها من معالم الولاء والوطنيه حينها ، والي ان انتهت الخلافه العثمانيه ظلت الجماعات الوطنيه تنهل من منابع الدين افكارها الثوريه.

 انتم لا تتصورون دور علماء الازهر في صياغه الحركه الوطنيه وكيف تاثرت بهم الدساتير في ظل العصر الملكي المعروف بميوله الليبراليه، نظريا علي الاقل، فكانت لاراء الشيخ شاكر والشيخ المطيعي وعبدالمجيد سليم ومصطفي عبدالرازق والعديد من الكتاب ذوي الخلفيه الاسلاميه اثرا بالغا بالحياه السياسيه ونذكر منهم مثلا مصطفي الرافعي ومحمد حسين هيكل ، حتي ان الشيخ علي عبدالرازق وبحسب كتاب صادر حديثا للدكتور محمد عماره باسم “طه حسين .. من الانبهار للغرب الي الانتصار للاسلام” ، تنكر الشيخ علي لاجزاء بالغه الاهميه بكتابه “الاسلام واصول الحكم” ، اما طه حسين فلم يكن راضيا بسنواته الاخيره عن كل ارائه الشاذه بـ”الشعر الجاهلي”

واستمر الامر في مصر بالتحديد وعدد من البلدان الاخري حتي جاءت ثوره يوليو 1952 وقاد زمام الامور جمال عبدالناصر، فجرت مناوشات مع الاخوان المسلمين اسفرت عن اقصائهم من الحياه السياسيه والتنكيل بمشروعهم السياسي واضطهاد كثيرين بالسجون الناصريه وتسيد الفكر العلماني ، لكن ما ان جرت نكسه يونيو و انتهت الحقبه الناصريه حتي عادت الصبغه الاسلاميه للحركه الوطنيه وليسترد الاسلاميون دورهم الوطني التاريخي، وكنت الاحظ ذلك في سريان هاديء جميل للفكر الاسلامي بين المصريين حتي في قطاعات الدوله الرسميه ، فشاهدنا الحجاب والالتزام بالصلاه ومنظومه فكريه مختلفه تماما عما كان سائدا من قبل .

وهل ينطبق ذلك علي وقائع ثوره يناير القريبه ؟

الظرف تغير نعم ، لكن ظل الاسلاميون حاضنه هامه اعطت زخما للثوره في ميادينها ، ونتحدث عن كل ثورات الربيع العربي وليست ثوره يناير فحسب، ولو دققنا النظر لوجدنا الاسلاميين من اكثر الفصائل مطالبه بتطبيق الديمقراطيه بمشتملاتها ، ذلك انهم عانوا ويلات الاقصاء طيله 30 عاما سبقت الثوره، وحين جئنا لكتابه دستور 2012 ركزنا علي تطبيق المعايير الديمقراطيه برغم صراخ البعض ومحاولتهم وضع العربه امام الحصان !

هل يمكن ان تنتشر مذاهب الغلو الديني في مصر ؟

لا اظن، لان مصر بالتحديد عرفت الرحابه المذهبيه الدينيه منذ تاسس الجامع الازهر ، ولم يكن شيخ الازهر ياتي من المذهب الحنفي قط باستثناءات قليله منها الشيخ محمد المهدي العباسي اول من جمع بين منصبي الافتاء والازهر ، والذي كان جده مسيحيا ثم اسلم وعاصر الحمله الفرنسيه علي مصر. ظلت مصر علي تسامحها  حتي ان القوانين ضبطت من المذاهب الاربعه وخارجها، فتمت الاستعانه بالزيديه والجعفريه وغيرها.

ونحن البلد الذي انجب السنهوري ، ابو الدساتير العربيه، والذي امتحن امتحانا عصيبا بعد ثوره يونيو لانه انحاز للديمقراطيه، وفي الحقيقه هو رجل مستنير، وكان امر معتاد ان نجد اساطين القانون ومنهم الشيخ العلامه احمد ابراهيم الذي اشرف علي رساله للقانوني القبطي البارز د. شفيق شحاته حول النظريه العامه للالتزامات في الشريعه الاسلاميه !

  بصراحه .. لماذا لا نجد مقالاتك التي اعتدناها في الصحافه المصريه ؟

 لن يتم توظيفي لخدمه اي توجه انا لا اقتنع به، ومن هنا فقد تركت المنابر الصحفيه التي اعتدتها لشهور حين شعرت ان هناك تحرجا من نشر ارائي كما هي، وكنت اقول ان مصر شهدت ما ينافي القيم الديمقراطيه التي نادت بها الثوره وهذا ازعج البعض بالطبع، فاتجهت لمنابر اخري عربيه استطيع التعبير عن رايي من خلالها بحريه .

كما انني منهمك في جمع دراسات قديمه واخراجها بما يتناسب مع مستجدات واقعنا، وقد كتبت عن نهضه مصر والتجدد الحضاري اسئله ثوره يناير واسباب الاخفاق والطبقه الوسطي المصريه المظلومه وصغت ذلك بمقالات وكتب منشوره لدي جهات عربيه ومصريه بحثيه كمركز الحضاره الذي اشارك فيه بحوليات هامه عن الامه الاسلاميه ومسارات التغيير، ولدي كتاب باسم “جهاز الدوله واداره الحكم في مصر المعاصره” .

علي ذكر كتاباتك عن الطبقه الوسطي، لماذا تحذر من تفكيكها المتعمد؟

بالفعل نعيش زمن “وداع الطبقه المتوسطه” وهي بحسب الدكتور رمزي زكي بكتابه «الليبراليه المتوحشه» شرائح المجتمع التي تعيش من رواتبها المكتسبه بالقطاع العام والحكومه والمهن الحره، وتشكل زمره المتعلمين والمثقفين باي دوله.

فحين دخل العثمانيون مصر واستدعوا الفنانين والاطباء والعلماء المهره لاسطنبول افقدوا البلاد جذوه نهضتها والذين قادوا ثوراتها في كل العصور، فرجال الاعمال مرتبطون عبر العصور بالسلطه والمساكين يخضعون للقمه العيش وضروراتها ، ولو تاملنا ثوره يناير سنجد ان شباب الطبقه المتوسطه هو من خرج يجار بالثوره ضد نظام مبارك الفاسد وليس المرفهون ولا سكان العشش مثلا .

هناك دائما من يجذبنا لصراع مصطنع بين دينيه الدوله او مدنيتها، ليغرقنا في بحور الجدل ولا نبني مشروعنا الحضاري المتكامل الاركان. ولقد منيت الطبقه الوسطي بضربه قاصمه في عصر السادات حين دشن سياسات الانفتاح الاقتصادي الذي ربط مصر بامريكا في تبعيه مهينه وحرمها من مشروع الاستقلال الوطني بل ومكن طبقه جديده من الطفيليين الذين لا يكوّنون ثرواتهم من الانتاج، بل من التجاره الخاصه ومناصب الدوله، وتتاح لها فرص السيطره الاقتصاديه علي البلاد من خلال المشاريع الخاصه المرتبطه بالخارج.

ارتبط ذلك بكارثه اخري فادحه، وهي هجره العقول لدول النفط ، وقد كتب عادل حسين مرارا عن الاقتصاد المصري من الاستقلال للتبعيه وكيف صدرت السلع والبشر بالرغم من اننا بامس الحاجه لهذه الخبرات البشريه من اجل النمو . ثم جاء مبارك واستطاع تفكيك الدوله واجهزتها التنفيذيه، بل وتفكيك لتماسك الطبقه الوسطي المتنوره المقاومه لسياساته ، لقد فعلها بعد ان استقر تماماً مركزه في الدوله، وامسك بنواحي الاجهزه السياديه، وعرف تماماً ما يمكن من السيطره عن طريق مجموعه من رجال ارتبطوا به واستوثق من علاقاته مع الولايات المتحده بعد حرب العراق في الكويت.

وهل طال التفكيك القضاء ايضا في زمن مبارك ؟

صحيح . فجمال عبدالناصر برغم قوته وهيمنته علي اجهزه الدوله لم يقتحم الهيئه القضائيه ويعيد تشكيلها بما يناسب التغيرات الثوريه العميقه التي كان يتخذها، لم يفعل ذلك الا في حادث واحد في مجلس الدوله في سنه 1954 ضد رئيس المجلس عبدالرزاق السنهوري والذي كان له وجه نشاط سياسي ، وحتي حين حاول ان يفرض “القضاء الشعبي” استحال عليه تنفيذ مسعاه لتماسك القضاء، وهذا يوضح كيف كانت قوه المقاومه والتماسك لدي العاملين في جهاز الدوله. اما السادات فقد اعاد القضاء والغي قوانين منع التقاضي وافرج عن المعتقلين السياسيين ليقول للناس انهم في عهد جديد .

لكن الرياح سارت بما لا تشتهي السفن فيما بعد!!

قديما قرات لاحد القضاه الانجليز عباره لم انسها قط، وهي انه اذا فقدت القاعده القانونيه عموميتها وتجريدها تحول القاضي الي رجل شرطه. وبهذا ينهار النظام القانوني القائم علي تعدد السلطات، وبهذا يستحيل الفصل بين استقلال القضاء وحيدته وبين قانونيه القانون

تقول ان الاعلام قد جرنا لقضيه صوريه “هل تصير مصر دينيه ام مدنيه” !

بالطبع هي مساله صوريه بدليل ان الخلاف تركز في حكم الماده الثانيه من الدستور، التي تعترف بان الدين الرسمي للدوله هو الاسلام، وان الشريعه الاسلاميه هي المصدر الرئيس للتشريع. ودستور 2014 نفسه اقر نفس المواد . لقد تجاهل الاعلام الامور الحيويه التي تشكل المضمون الحقيقي للمطلب الديموقراطي وقضيه استقلال مصر ونهوضها، ومكافحه قوي الاستبداد المتغلغله في جهاز الدوله ومنهم اغلب المسيطرين علي وسائل الاعلام والذين افيدوا من النظام المخلوع. واصر علي مساله محسومه في دساتير مصر كلها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل