المحتوى الرئيسى

أحمد كمال يكتب: حرب الأفيون | ساسة بوست

05/12 13:52

منذ 16 دقيقه، 12 مايو,2015

للحروب اسباب كثيره قد تكون معلنه وقد تكون خفيه قد تقوم من اجل هدفٍ نبيل: كالفتوحات الأسلامية، او تكون من اجل رفع ظلم عن شعب من الشعوب.

وقد تقوم من اجل اغراض اخري ربما تكون مطامعَ استعماريه او اقتصاديه او من اجل رغبه في احتلال منطقه ما من اجل الحصول علي ثروات ومغانم عده.

ولكن ان تعلن الحرب صراحه وعلانيه من اجل نشر تجاره الافيون في منطقه ما او دوله من الدول بغرض تحقيق ارباح هائله فهذا هو قمه العجب، وربما قمه في الخسه والاستهتار بمشاعر الشعوب ومقدراتهم.

ولهذا فهذه الحرب التي تسمي حرب الافيون في رايي انها الحرب الاكثر خسه في التاريخ الحديث.

لقد وقعت حرب الافيون بين بريطانيا والصين ومرت بمرحلتين (حرب الأفيون الأولىحرب الافيون الثانية) وفي الثانيه اشتركت فرنسا الي جانب بريطانيا ضد الصين.

وكانت هناك علاقات تجاريه كبيره بين بريطانيا والصين واستمرت في النمو العظيم الي ان بلغت اشدها في اواخر القرن الثامن عشر الميلادي حينما قامت بريطانيا بفتح اسواق الصين امام التجاره العالميه, وطلب الملك البريطاني (جورج الثاني) من الامبراطور الصيني (شيان لونج) توسيع العلاقات التجاريه والاقتصاديه بين البلدين.

ولكن الامبراطور اجابه: ان امبراطوريه الصين السماويه لديها ما تحتاجه من السلع. وليست في حاجه لاستيراد سلع اخري من البرابره‏.‏ فلم تستطع بريطانيا في ظل هذه الظروف الا‏ تصدير القليل جدا من سلعها الي الصين، وفي المقابل كان علي التجار البريطانيين دفع قيمه مشترياتهم من الصين وخاصه (الشاي والحرير والبورسلين نقدًا بالفضه‏,‏ مما تسبب في استنزاف موارد بريطانيا وخساره كبيره للتجار الانجليز في ذلك الوقت.

فلجات بريطانيا الي حيله ماكره لتحويل الخساره الي مكسب، دفعت شركه (الهند الشرقيه البريطانيه) والتي كانت تحتكر التجاره مع الصين، دفعتها الي زراعه الافيون في (شمال ووسط الهند) وتصديره الي الصين كوسيله لتحقيق الربح الهائل وتعويض خسارتها السابقه علي حساب الصين وشعبها.

وتم تصدير اول شحنه كبيره من الافيون الي الصين في عام 1781ميلاديا. وقد لاقت تجاره الافيون رواجًا كبيرًا في الصين‏ وبدا الشعب الصيني في ادمان الافيون.‏ وتسربت (الفضه) من جيوب الصينيين الي خزانه بريطانيا وجيوب تجارها. وبدات مشاكل الادمان تظهر علي الشعب الصيني.

وهنا كان لابد من اتخاذ موقفٍ حازمٍ حيال ذلك فقام الامبراطور (يونغ تشينج) باخذ قرار قاطع في عام (1829) م باصدار اول مرسوم بتحريم استيراد الافيون، ولكن شركه الهند الشرقيه البريطانيه كان لها راي اخر واستمرت في تهريب الافيون للشعب الصيني.

ونظرًا لطمع بريطانيا في تحقيق مزيدٍ من الربح, استمرت عمليات التهريب علي اوسع نطاق, وهناك قاعده سائده تقول: كلما زاد الادمان قل المال وهذا ما حدث بالفعل.

اذا اصبح المجتمع الصيني علي شفا الانهيار يعاني من التفكك والادمان الي الحد الذي جعل بعضهم يبيع كل ما يملك من اجل الحصول علي الافيون.

وازاء هذه الازمه اتخذ الامبراطور الصيني قرارًا اخر بحظر استيراد الافيون بل قام بما هو اكثر من ذلك حينما ارسل ممثله الي مركز تجار الافيون واستولي علي مدخراتهم من الافيون والتي بلغت حوالي الف طن, وقام باحراقها في احتفال مهيب وضخم.

وكان هذا الاجراء الاخير نذيرًا بنشوب معركه حقيقه وخروج النار للعلن بعد ان كانت مستعره تحت الرماد, ودقت طبول الحرب التي سميت بحرب الافيون الاولي (1840-1842) وارسلت انجلترا اسطولها الي الصين عام 1840 م، وعلي الرغم من مقاومه الصينيين العنيفه الا ان النصر كان حليفًا لبريطانيا والتي نجحت في احتلال (دينغ هاي) واقتربت من البوابه البحريه لـ(بكين).

فاضطر الامبراطور الصيني الي توقيع معاهده اذلال مع بريطانيا المنتصره تسمي معاهده (فان جنح).

والتي نصت علي تمتع الواردات البريطانيه بضريبه خاصه وتنازل الصين عن ميناء (هونخ كونغ) لبريطانيا وتحديد خمسه موانئ اخري للتجاره البريطانيه فقط. وحصلت بريطانيا بموجب هذه الاتفاقيه علي لقب (الدولة الأولى بالرعاية).

وتدخلت كل من الولايات المتحده الامريكيه وفرنسا للحصول علي امتيازات شبيهه بتلك التي اخذتها بريطانيا فحصلت الاولي علي لقب الدوله الاكثر رعايه والثانيه علي امتيازات تجاريه وحريه التبشير داخل الصين.

وفيما يبدو لم تحقق تلك الاتفاقيه ما تصبو اليه الدول الاستعماريه وخاصه ان الحظر لتجاره الافيون مازال مستمرًا وهذا يعني خساره فادحه لهذه الدول, لذلك طلبوا من الامبراطور الصيني تعديل الاتفاقيه السابقه ولكنه رفض حفاظًا علي شعبه وانقاذًا لهم من براثن الادمان.

ومن ثم بدات هذه الدول تبحث عن ذريعه للتدخل في شؤون الصين, فاستغلت حادثه تفتيش احدي السفن البريطانيه وانزال العلم البريطاني منها واعتقال بحاريها بالاضافه الي مقتل مبشر فرنسي, استغلت هاتان الدولتان (بريطانيا- فرنسا) تلك الحادثه في اعلان الحرب علي الصين؛ تلك الحرب التي تسمي حرب الافيون الثانيه (1856-1860).

واستطاعت فيها القوات البريطانيه والفرنسيه دخول ميناء “جوانج شو‏”، والاتجاه نحو ميناء تيان القريب من بكين‏، مما جعل الامبراطور يوقع اتفاقيه (تيان جين) في عام 1858م والتي كانت تحوي نصوصًا خطيره وربما كان اخطرها الاعتراف بالافيون سلعه تجاريه يسمح باستيرادها.

ونصت اتفاقيه (تيان جن) ايضًا علي التصديق عليها خلال عام من توقيعها. وحين تاخر امبراطور الصين في التصديق, استخدمت بريطانيا وفرنسا القوه مره اخري لتحقيق اهدافهما, واستطاعت قواتهما دخول “تيان جن” ووصلوا الي القصر الصيفي للامبراطور في بكين ونهبوا ما به من تحف واشياء ثمينه.

اضطر الامبراطور في نهايه الامر الي التصديق علي مطالبهم والتوقيع علي الاتفاقيه. الامر الذي ادي فيما بعد الي ارتفاع حصيله مدمني الافيون في الصين من (مليوني) مدمن عام 1850م ليصل الي عشرات الملايين سنه 1878م, وظلت الحرب سجالا ولم تنته حروب الأفيون نهائيًا الا باتفاقيه 8 مايو 1911.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل