المحتوى الرئيسى

ماذا استخلص العرب من حرب 73؟

05/12 05:18

انهيار اسطوره الجيش الذي لا يُقهر

العرب وحتميه التزود بالسلاح النووي

تحدي صعود اليمين واليمين الديني

كيان اوشك علي الانهيار، هذا هو الانطباع الذي يتوصل اليه كل من اطلع علي ما جاء في بروتوكولات اجتماعات الحكومة الإسرائيلية خلال حرب 1973 التي سُمح بالكشف عنها مؤخراً عشيه حلول الذكري السابعه والثلاثين للحرب، والكتب التي صدرت عشيه حلول المناسبه لتسليط الضوء علي كثير من التفاصيل التي كُشف عنها لاول مره.

ويستدل من خلال الجدل الذي دار بين وزراء حكومه رئيسه الوزراء الاسرائيليه السابقه غولدا مائير وجنرالاتها في الايام الاولي للحرب ان النخبه الحاكمه في هذا الكيان وقعت في صدمه حقيقيه بسبب جراه الجيشين المصري والسوري علي مهاجمه اسرائيل.

فقد انهار وزير الحرب الاسرائيلي خلال الحرب الجنرال موشيه ديان الذي كان يوصف في اسرائيل والعالم بانه "اسطوره في الابداع العسكري" الجنرال الذي بلغ به الاستخفاف بالعرب عشيه حرب عام 1956 بان قام برسم خطه الهجوم علي مصر علي سطح علبه سجائره، كما فكرت غولدا مائير نفسها بالانتحار اكثر من مره خلال الحرب بعد ان خشيت نجاح العرب في اجتياح الكيان الصهيوني، كما كشف ذلك شلومو نكديمون الذي ارّخ للحرب، وهي التي كانت تجاهر باحتقارها للعرب، وابت التعاطي بجديه مع مشاريع التسويه التي قدمها الوسطاء الدوليون قبيل الحرب لتسويه الصراع.

انهيار اسطوره الجيش الذي لا يُقهر

كبار القاده الاسرائيليين الذين ادلوا بشهادات امام لجنه غرانات اكدوا ان المفاجاه الكبري خلال حرب اكتوبر كانت بلا شك جداره الجندي العربي واستعداده للقتال، وان كل عربي لا يمكنه الا ان يشعر بالفخر

"لقد قيل الكثير عن مسار حرب 73، لكن عندما يطلع المرء علي ما جاء علي السنه صناع القرار في اسرائيل، كما وثقتها بروتوكولات اجتماعات الحكومه الاسرائيليه خلال الحرب وشهادات النخب السياسيه والعسكريه امام لجنه "غرانات" التي حققت في اسباب فشل اسرائيل في الحرب، فان كل عربي لا يمكنه الا ان يشعر بالفخر، لان الجندي العربي قام لاول مره بلسع وعي النخب السياسيه والعسكريه الاسرائيليه المتغطرسه التي اسكرها الانتصار المدوي في حرب 1967.

فكبار القاده الاسرائيليين الذين ادلوا بشهادات امام لجنه "غرانات" اكدوا ان المفاجاه الكبري خلال الحرب كانت بلا شك جداره الجندي العربي واستعداده للقتال، ولعل ما قاله ديان امام لجنه "غرانات" يحمل اكثر من دلاله، عندما قال ان اداء الجندي المصري جاء بخلاف كل الانطباعات التي تبلورت لدي المؤسسه العسكريه الاسرائيليه. وقال ديان بالحرف الواحد "لم نقدر الوضع بصوره صحيحه، واسانا تقدير فعاليه إله الحرب العربيه كماً ونوعاً، واسانا تقدير الجاهزيه الشخصيه لدي العرب في خوض القتال" في حين ان نائب رئيس هيئه اركان الجيش الإسرائيلي خلال الحرب قال ان الجيش الاسرائيلي قد خاض الحرب وقد عشعش في ذهنه انطباع بان معنويات الجندي المصري قد انهارت للابد.

ويستدل من المداولات ان 2600 جندي اسرائيلي قد قتلوا خلال الحرب وهم لم يعوا بان الحرب قد بدات بالفعل، وهذا ان دل علي شيء فانما يدل علي حجم الصدمه التي كانت تعيشها اسرائيل.

ويؤكد الجنرال المتقاعد يوسي بن ارييه الذي تولي مناصب عليا في شعبه الاستخبارات الاسرائيليه ان ما غذي الشعور بالغطرسه لديه ولدي زملائه هو نتائج بحث اجرته الاستخبارات الاسرائيليه علي عدد كبير من الضباط المصريين الذين اسروا خلال حرب عام 67، حيث وسمت نتائج البحث الضباط المصريين بـ "البدائيه" و"عدم المسؤوليه" و"اللاواقعيه"، لكنه يقر ان اداء الجيش المصري خلال حرب 73 قلب الموازين ونسف صدقيه الابحاث التي استندت اسرائيل الي نتائجها في التعاطي مع العنصر البشري العربي.

العرب وحتميه التزود بالسلاح النووي

لعل ابرز العبر التي يتوجب علي العرب استخلاصها من الحرب الاخيره بعدما تم الكشف عن بروتوكولات اجتماعات الحكومه الاسرائيليه خلال الحرب والكتب التي صدرت بالمناسبه تتمثل في ان اي مواجهه عسكريه شامله مستقبليه مع اسرائيل يجب ان يسبقها نجاح العرب في تطوير سلاح نووي، بعد ان تبين ان المستوي السياسي والعسكري في اسرائيل خلال الحرب بحث امكانيه استخدام السلاح النووي لضرب كل من مصر وسوريا لوقف تقدم جيشيهما.

وفي كتابه الذي صدر عشيه حلول ذكري الحرب اوضح مؤرخ البرنامج النووي الإسرائيلي الدكتور افنير كوهين ان القياده الاسرائيليه امرت باخراج صواريخ "يريحو" القادره علي حمل رؤوس نوويه لاستخدامها في ضرب مصر وسوريا، وان الذي حدا باسرائيل للتراجع عن خططها هو قرار الاداره الاميركيه بتسيير جسر جوي لنقل العتاد العسكري المتقدم لاسرائيل لمساعدتها في احداث انعطافه في مسار الحرب.

في حال طور العرب سلاحاً نووياً فانهم لا يحتاجون ان يستخدموه ضدنا حتي ننهار، فمجرد ان يعرف مواطنونا انه قد اصبح للعرب سلاح نووي فان اكثر من ثلثهم سيغادرون اسرائيل علي الفور

"واستند كوهين في روايته الي شهاده قدمها له الجنرال يعكوف نئمان الذي كان مسؤول الملف النووي الاسرائيلي والذي شغل في الماضي ايضاً منصباً رفيعاً في الاستخبارات العسكريه الاسرائيليه.

اذن يتضح ان اسرائيل كادت ان تستخدم السلاح النووي في الرد علي استخدام الجيوش العربيه سلاحا تقليديا اقل تطوراً من السلاح التقليدي الذي بحوزه اسرائيل. ومن الواضح انه في حال استخدمت اسرائيل السلاح النووي لاحدثت ضرراً هائلاً لكل من مصر وسوريا، قد يتطلب التعافي من اثاره عشرات السنين.

ان ما تقدم يدلل بشكل لا يقبل التاويل علي ان ابسط مستويات المسؤوليه يحتم علي اي دوله عربيه، او دول عربيه تاخذ بالحسبان امكانيه اندلاع مواجهه مسلحه مع اسرائيل في المستقبل، تطوير سلاح نووي، وان يتم وضع تحقيق هذا الهدف علي راس اولوياتها.

ان اسرائيل تحرص علي منع العرب من تطوير سلاح نووي لانها تدرك ان تمكن العرب من انتاج مثل هذا السلاح سيؤدي الي تفكك اسرائيل حتي بدون ان يستخدمه العرب ضدها.

ففي معرض حديثه عن خطوره امتلاك العرب سلاحا نوويا، قال الجنرال افرايم سنيه نائب وزير الحرب الاسرائيلي الاسبق "في حال طور العرب سلاحاً نووياً فانهم لا يحتاجون ان يستخدموه ضدنا حتي ننهار، فمجرد ان يعرف مواطنونا انه قد اصبح للعرب سلاح نووي فان اكثر من ثلثهم سيغادرون اسرائيل علي الفور".

تحدي صعود اليمين واليمين الديني

ان كانت اسرائيل تحت قياده حزب العمل الذي يمثل يسار الوسط قد اوشكت عام 1973 علي استخدام السلاح النووي لضرب مصر وسوريا، فكيف ستتصرف اذن في ظل حكم اليمين واليمين الديني، فلقد دعا وزير الخارجيه الاسرائيلي الحالي افيغدور ليبرمان الي القاء قنبله نوويه علي مدينه غزه خلال الحرب الاخيره علي القطاع اواخر عام 2008 لوضع حد لاطلاق القذائف الصاروخيه محليه الصنع علي المستوطنات اليهوديه المحيطه بالقطاع.

لقد كان جميع جنرالات اسرائيل خلال حرب 73 من العلمانيين، اما الان فان حوالي 60% من الضباط في الوحدات القتاليه في الجيش الاسرائيلي هم من اتباع التيار الديني الصهيوني، اي انه في غضون فتره قصيره سيسيطر المتدينون علي هيئه اركان الجيش الاسرائيلي، وسيتولي هؤلاء الجنرالات المتاثرون بالارث الديني اليهودي العنصري مهمه بلوره التقديرات الاستراتيجيه للكيان الصهيوني، وضمن ذلك خطط العمل العسكريه لمواجهه العرب.

ويجزم المفكر اليهودي اسرائيل شاحاك انه في حال زاد تاثير اتباع التيار الديني علي دائره صنع القرار في اسرائيل فان استخدام السلاح النووي من قبل اسرائيل في حروبها القادمه سيكون حتمياً.

من الاهميه بمكان ان يقتفي العرب اثر ايران في محاولاتها مراكمه اسباب القوه، عبر مشروع نهضوي عربي شامل يضمن تطوير القدرات الحربيه العربيه بشكل يردع اسرائيل ويجبرها علي شطب خيار استخدام السلاح النووي

"ان تعامي قاده الانظمه العربيه عن هذه المعطيات وغرس رؤوسهم في الرمال واستخفافهم باسباب النصر والتمكين لن يدفع اسرائيل الا لمزيد من التغول والاستخفاف بهذه الامه.

ان تفكير اسرائيل باستخدام السلاح النووي خلال حرب 73 يفضح زيف مزاعم الغرب بان اسرائيل "ديمقراطيه مسؤوله" وانه تبعاً لذلك يتوجب عدم طرح ملفها النووي للنقاش، ويكشف فداحه الخطا الذي يقع فيه الكثير من العرب الذين يفضلون معالجه ما يعتبرونه "التهديد النووي الايراني" الذي لم يولد، ويبدون لامبالاه تثير للاستفزاز ازاء البرنامج النووي الاسرائيلي.

فاسرائيل هي التي اوشكت علي محو القاهره ودمشق من الخارطه خلال حرب 73 وليس طهران، وهذا يحتم علي الانظمه العربيه بلوره مقاربه مغايره تماماً ان كانت حقاً يعنيها مصالح شعوبها الاستراتيجيه والوجوديه، فبدلاً من محاولات التودد للغرب واسرائيل عبر التحذير من "مخاطر" النووي الايراني والانخراط في المحاولات لتقليم اظفار ايران، يتوجب علي العرب ان يوظفوا كل امكانياتهم من اجل تقليص هامش المناوره امام اسرائيل وطرح ملفها النووي بقوه وبدون اي تردد في المحافل الدوليه، وان يحرصوا علي فضح ازدواجيه معايير النظام العالمي وعدم التسليم بها.

وفي نفس الوقت من الاهميه بمكان ان يقتفي العرب اثر ايران في محاولاتها مراكمه اسباب القوه، عبر مشروع نهضوي عربي شامل يضمن تطوير القدرات الحربيه العربيه بشكل يردع اسرائيل ويجبرها علي شطب خيار استخدام السلاح النووي في مواجهه العرب من قائمه الخيارات المتاحه لديها، علاوه علي انه بدون مثل هذا المشروع فلا مجال مطلقاً للحديث عن تحسين مكانه العرب في الصراع مع اسرائيل.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل