المحتوى الرئيسى

هكذا سقط العراق!

05/12 01:07

ليس عراق ما بعد صدام حسين الا واحداً من تجليات فشل اسلاميي العالم العربي في الحكم، بصرف النظر عن اختلافهم الفقهي والمذهبي والطائفي. هكذا يمكن القول انهم اجتمعوا واجمعوا علي صفه مشتركه، برغم كل التناقضات التي تفرقهم، وهي الفشل.

في مطار بغداد، تبدا تجليات الدوله الجديده بالظهور تباعاً، بدءًا من شكل المطار وعدم تناسبه مع كونه مطاراً لدولة عربية كبيره كالعراق، وصولا الي الشعارات الطائفيه التي تختزل دوله متعددة الأعراق والطوائف والاديان بطائفه واحده، بغض النظر عن كونها الاكثريه، الا انها تحكم البلاد علي انها تكيه كبيره لا امه بتاريخ كبير.

بعد احد عشر عاماً علي سقوط نظام «البعث» العراقي، واربعه اعوام علي انسحاب المحتل الاميركي، يستقر العراق غير المستقر في المرتبه 170 من اصل 175 دوله علي جدول ترتيب منظمة الشفافية الدولية، ما يجعله من اكثر دول العالم فساداً.

تقول الارقام ان العراق يخسر سنويا ما يقارب 40 مليار دولار، تختفي في سراديب الفساد الذي لم يوفر احداً علي سلالم هرم السلطه. هذا الفساد نتج عنه في صيف العام 2014 سقوط مناطق باسرها في محافظه الموصل بيد تنظيم «الدولة الاسلامية»، الذي استمر في التوسع حتي اصبح يسيطر علي ثلث مساحه العراق، بعد احتلاله اجزاءً كبيره من محافظه الانبار التي تبلغ مساحتها 139 الف كيلومتر مربع، ومعظم محافظه صلاح الدين، وجيوب في محافظه ديالي، ولولا ان الهجوم لامس اسوار اربيل وبغداد، لم يكن ليتحرك المجتمع الدولي ولا حتي ساسه بغداد الذين كانوا، وفي عز هجوم «داعش»، يختلفون علي جنس الملائكه.

لا شك ان لعهد صدام حسين بين العامين 1979 و2003 اثراً كبيراً، لا بل اساسياً، في ما الت اليه حال العراق اليوم، فالنسخه العراقيه من «حزب البعث» اسست لواقع الاضطهاد الذي ضرب اسفيناً بين مكونات البلاد، شيعه وسنه واكراداً.

لم يكن صدّام طائفياً، لكنه كان صدامياً الي ابعد مدي، وشيعه العراق واكراده في تلك المرحله كانوا ابعد ما يكون عن الصداميه، لذا كان لا بد من صِدام.

خصوصيه الاكراد سمحت لهم بايجاد حاله خاصه، حتي جغرافياً، وبرغم ذلك، فهم تعرضوا لمجازر، ليس اشهرها حلبجه.

اما الشيعه، وبرغم مقتل عشرات الالاف منهم في صفوف الجيش العراقي الذي كان يحارب ايران انذاك، الا ان النظام في بغداد كان قد دخل مع هذه الشريحه التي تشكل الاكثريه في البلاد في صراع تجلي في اعتقال وقتل عدد كبير من رجال الدين والناشطين، ابرزهم علي الاطلاق السيد محمد باقر الصدر وشقيقته. وفي العام 1991 ثار شيعه الجنوب العراقي علي النظام، مستفيدين من تخلخله بعد حرب الخليج الثانيه، الا ان الجيش العراقي تمكن من اخماد الثوره بعد قصف المدن واحتلالها.

الفراغ السياسي الذي خلفه سقوط صدام حسين فتح شهيه دول الجوار علي لعب دور في صناعه القرار في العراق. كانت ايران وسوريا والسعوديه الدول الاكثر توثباً لهذا الامر، لاسيما وانها كانت في تلك المرحله في طور التجهيز للانتقال بصراعها الناعم الي مرحله صراع المحاور.

بالنسبه الي ايران، شكل العراق حجراً في الخاصره خلال السنوات الماضيه، بل هو كان عدواً لدوداً استنزفها لسنوات بفعل الحرب التي خاضها صدام حسين من العام 1980 وحتي العام 1988. كذلك فان الثقل الشعبي الشيعي في العراق، والحضور الديني المذهبي من خلال اضرحه الائمه والحوزات العلميه لا سيما منها حوزه النجف، حفز من بيدهم القرار في طهران للتوجه الي هناك لبناء اسس لتحالف مستقبلي يكمل استداره هلال المقاومه من طهران الي بغداد ودمشق وبيروت وغزه.

شيئاً فشيئاً، تطور الدور الايراني، الذي وبرغم كل المحاولات الاميركيه، تمكن من الامساك بنقاط مهمه في البلاد، من خلال حلفاء له لم يقطعوا بدورهم العلاقه مع واشنطن.

سقوط نظام صدام حسين شكل جرس انذار بالنسبه الي سوريا المجاوره، فعمد النظام هناك من اللحظه الاولي الي فتح حدوده امام من يرغب في الجهاد ضد الاميركيين لتتحول البلاد بعد مده قليله الي مرتع للمقاتلين العرب، ومحطه ترانزيت ضروريه قبل الدخول الي العراق.

ارادت دمشق استنزاف الاميركيين والهاءهم عنها، وفي ذات الوقت لم تكن تشعر بان النظام الجديد في بغداد يلبي طموحاتها. بيد ان هذا اصطدم في اكثر من مناسبه مع مصالح حليفتها ايران التي وجدت في العمليه السياسيه في العراق خطاً احمر لا يمكن الاقتراب منه.

بعد سنوات دفعت سوريا ثمن سياستها تجاه العراق، وظهرت الي العلن البنيه التحتيه التي كانت المجموعات الجهاديه قد اسستها خلال شهر العسل مع النظام السوري.

السعوديه بدورها دخلت بثقلها مستفيده من علاقتها بالولايات المتحده وحاجه سنه العراق الي مظله تحميهم من الشيعيه السياسيه. فتحت الرياض علي مجموعه من الشخصيات والاحزاب العراقيه السنيه خطاً ساخناً، داعمه اياهم مالياً واعلامياً، وهناك من يحمّل السعوديه وخطابها الاعلامي جزءًا من مسؤوليه التناحر الطائفي، وذلك من خلال التحريض علي المجموعات المدعومه من ايران. القصد كان سياسيا لكن النتيجه لبست لبوساً طائفياً، وهو ما دفع واشنطن الي اتهام السعوديه في اكثر من مناسبه بلعب دور غير بناء في العراق، وتحديداً في اطار تصدير المقاتلين الاجانب المنضوين تحت الويه مختلفه لجماعات مرتبطه بتنظيم «القاعده في بلاد الرافدين».

الاصطدام الايراني - السعودي في العراق ادي في غير مناسبه الي تدهور للاوضاع الامنيه، والي ما سنتحدث عنه لاحقاً من فساد في المؤسسات الرسميه واقتتال طائفي. لكن المراقبين في العراق يرون ان ما حدث كان متوقعاً خاصه ان البلدين الجارين يريدان ان يرثا صدام ولاحقا الاحتلال الاميركي، لكي يضمن احدهما ان العراق سيكون في محوره ومنصه لسياسته.

بعد سقوط نظام «البعث» في العراق واحتلال الجيش الاميركي وحلفائه للبلاد، اتُخذ قرارٌ بحل الجيش وتسريح عناصره وملاحقه كبار ضباطه. كانت هذه رصاصه النقمه التي اُطلقت علي راس احدي اقوي الدول العربية واكثرها تاثيراً في التاريخ والجغرافيا.

اهم تجليات الفساد في المؤسسه العسكريه العراقيه تمثل بقضيه الجنود الفضائيين، التي شكلت صدمه لدي اماطه اللثام عنها للجمهور. خمسون الف جندي وهميين سُجلوا في كشوفات الجيش، ودُفعت رواتبهم، وزُوِّدوا بالسلاح والعتاد. الشيء الوحيد الذي لم يحصل انهم لم يكونوا موجودين ليقاتلوا لسبب بسيط، انهم كانوا فقط جنودا علي الورق.

يقول احد كبار ضباط الامن العراقيين في جلسه خاصه ان ما مر علي العراق خلال السنوات الاخيره غير مسبوق في اي مكان في العالم. يقول الضابط ان احد كبار قاده الجيش في الموصل كان يسخّر مروحيتين لديه لنقل الطعام طازجاً من منزله في بغداد، بينما كان قائد اخر يفتعل اشتباكات ليقول لرئيس الوزراء حينذاك نوري المالكي انه يواجه اخطاراً، وانه يحتاج الي المزيد من الدعم، بينما الحقيقه ان مجموع ما كان يُجمع من اتاوات يحصل عليها الضباط الكبار شهرياً من التجار والاهالي في المنطقه كان يفوق المليوني دولار، وهذه الارقام مذكوره وموثقه في تقارير اُرسلت الي السلطه السياسيه من قبل اجهزه الامن لكي تتحرك قبل حصول الانهيار، لكنها اكتفت بالنظر اليها من دون الاستفاده مما جاء فيها.

الفساد العسكري تحدث عنه المرجع الشيعي علي السيستاني عبر ممثله احمد الصافي خلال خطبه جمعه يوم 7 تشرين ثاني العام 2014، وهو ما شكل صدمه للنخبه الحاكمه في بغداد. الصدمه مرتبطه بالحديث بصوت عال عن الامر الذي اضحي محل تندّر ومثار جدال بين العراقيين العاديين.

التساؤلات لا تتوقف، كيف لضابط برتبه فريق في الجيش شراء مبان متجاوره في بغداد بمليارات الدنانير العراقيه؟ وكيف لضابط اخر برتبه ادني ان يستحوذ علي مدينه العاب ضخمه في البصره، وثالث يمتلك اسطول سيارات وبيتاً فارهاً في بغداد واخر في مسقط راسه؟

الاسئله كثيره والجواب واضح، انظروا الي الموصل.

تتحمل الولايات المتحده الاميركيه مسؤوليه جزء كبير من الفساد الذي يطال المؤسسه العسكريه العراقيه، فهي بحكم كونها المشرفه علي بناء الجيش، لم تتعامل مع بنائه علي انه جيش سيتسلم زمام الامور بعد سنوات قليله، انما علي قاعده ان القوات الاميركيه باقيه ووظيفه الجنود العراقيين ستكون معاونه الجيش الاميركي في مهامه، وبذلك، وربما مع السنوات، يكتسب الخبره.

لم تنفع الاستراتيجيه الاميركيه وخرجت الولايات المتحده بضغط من الحكومة العراقية فيما القوات المسلحه مجرّد مسخ لا يشبه من قريب او بعيد جيش العراق قبل الغزو.

الانكي ان الطائفيه دخلت في اختيار الضباط الكبار من الجيش القديم، بحيث جري استبعاد نسبه كبيره من السنّه «البعثيين»، وضم نسبه كبيره من الشيعه «البعثيين». هكذا تحول الضباط السابقون من السنّه شيئاً فشيئاً الي مجموعه من المطاردين في مناطقهم في الموصل والانبار وصلاح الدين وديالي، بينما تولي مطاردتهم رفقاء سابقون لهم تولوا زمام المسؤوليه. لاحقا اصبح هؤلاء قاده لما يعرف بـ «جيش الطريقه النقشبنديه» بقياده عزت ابراهيم الدوري، وبعضهم الاخر قاده مؤسسين في تنظيم «الدوله الاسلاميه» («داعش»)، وتمكنوا بحكم تركيبه المجتمع العراقي العشائريه، وتاثيرهم في محيطهم علي مدي سنوات، من استقطاب شبان من عشائرهم وادخالهم ضمن الاطر المستحدثه لهم، وبذلك تمكنوا من تشكيل حاضنه شعبيه استفادوا منها خلال تمردهم علي الحكومه العراقيه.

في المقابل يكشف مصدر عسكري عراقي ان عدداً كبيراً ممن ينضمون الي صفوف الجيش يعمدون الي دفع مبالغ طائله للمسؤولين لفتح الابواب امامهم للدخول الي المؤسسه التي خسرت خلال السنوات الماضيه سمعتها الانضباطيه واستبدلتها بسمعه سيئه مرتبطه بمزاريب الهدر التي تمكن من يفلح بالدخول الي لوبيات الفساد والهدر من تكوين ثروه طائله في ظرف سنوات قليله من الخدمه.

الفساد الهرمي اوجد غطاءً للمخالفين، فاضحي الفاسد الصغير مرتبطاً بمنظومه كبيره تغطّيه وتمده بالسلطه المناسبه. يقول المصدر العسكري ان هذه الحاله انتجت نخبه فاسده في اعلي سلم الهرم العسكري وهو ما انعكس في الميدان.

الي جانب الفساد الميداني العسكري، يسر احد المسؤولين العراقيين في مجلس خاص ان عمليات الهروب التي جرت من السجون الكبري خلال السنوات الاخيره، وتحديداً تلك التي سمحت لقاده في «داعش» بالخروج الي الحريه والانطلاق بعملهم الميداني، جرت بعد رشوه مسؤولين في الداخليه.

الكلام يؤكده ضابط اخر احيل علي التقاعد قبل مده، برغم تحقيقه مجموعه انجازات ضخمه ضد «داعش». الضابط عند سؤاله عن سبب اعفائه قال ببساطه: «ابو دعاء اقالني». وابو دعاء هو عينه ابو بكر البغدادي، لكنه الاسم الذي كان يستخدمه لدي سجنه في معسكر بوكا لدي القوات الاميركيه بين العامين 2004 و2006.

ما يقصده هذا الضابط ان تنظيماً ما لديه من قدرات علي تهديد السلطات العراقيه عبر وسائل مختلفه. ما يرمي اليه هذا الضابط هو اظهار مدي قدره التنظيم علي اختراق جسم الدوله، وتهديده لقيادات وضباط، وتحديداً تلك المتعلقه بملفات ومواد مصوره تدين بعض المسؤولين العراقيين، حيث اضحي قادراً علي تشكيل حاله تشبه اللوبي غير المرئي داخل الاداره في بغداد، وهو امر حتي «داعش» لم يظن انه سيتمكن من الوصول اليه يوما ما.

يوم دخول القوات الاميركيه الي بغداد، دخلت وهي مطمئنه الي ان الاكثريه الشيعيه لن تقف في وجهها. لذا حين رسمت خريطه المناطق الساخنه والبارده في العاصمه المحتله، لوّنت المناطق الشيعيه باللون الاخضر، والسنّيه بالاحمر، ومرد ذلك الي ان معظم الفصائل المعارضه التي اما ناصرت الغزو وهللت له، او قررت الصمت حوله، كانت شيعيه. ولانّ تقييم المخاطر لم يكن قد اخذ في الاعتبار وجود اصوات اخري ستخرج لاحقاً لتشكل حاله مقاومه ضد الاحتلال.

كانت الشيعيه السياسيه راس حربه مجلس الحكم، ولاحقاً الحكومه العراقيه، كذلك تشكل الامن العراقي الجديد من الفصائل الموافقه علي الغزو والضباط السابقين ممن كانوا معنيين بقدر كبير في اثبات ولائهم للاحتلال.

في المقابل كان السنه قد قرروا خوض غمار المقاومه بغالبيتهم، وقد وصفوا في وسائل الاعلام بدايه علي انهم يناهضون العمليه السياسيه الا قليلا. خرج صوت شيعي رافض للاحتلال الاميركي وهو مقتدي الصدر وبدا يجمع حوله المناصرين، فاضحي تحت مجهر الامن وقوات الاحتلال تماماً كما السنّه الذين يقاومون الاحتلال.

لعب الاحتلال علي التناقضات لكي يحمي ظهره ويبقي المناطق الخضراء تحت سيطرته، فكانت عمليه الانتقام من المقاومين السنه تجري عبر رجال الامن الشيعه العراقيين الذين كانوا مطالبين باعتقال اكبر عدد من المشبوهين بالتورط في عمليات ضد الاحتلال وزجهم في السجون وكان يمارس ضدهم شتي انواع التعذيب والتحقير وهو الذي دفع بكثر ممن لم يكونوا اساساً متورطين لاتخاذ قرار بالانضواء في المجموعات المقاتله بمجرد خروجهم. ويكفي القول ان شخصيه كالامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله كانت محل هجوم من قبل الساسه العراقيين وفصائلهم بسبب تحريضه الدائم علي المقاومه ضد القوات الاميركيه ودور حزبه في تدريب قوي المقاومه في العراق.

كانت التفجيرات في المدن العراقيه، وتحديداً ضد الشيعه، تشكّل نوعاً من الدعم لوجهة نظر المناوئين للمقاومه ضد الاحتلال. وفي مواجهتها تشكلت مجموعات عملت علي الانتقام بعد كل تفجير. حادثتان رئيسيتان كانتا بمثابه نقاط تحول دراماتيكيه في مسار الفتنه الطائفيه العراقيه، الاولي في شباط العام 2006، وتمثلت بتفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء، والثانيه اعدام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين في اواخر شهر كانون الاول العام 2006.

بعد تفجير المرقد، تحوّلت بغداد الي ساحه انتقام طائفي، وقتل في تلك الموجه الالاف. وفي المقابل كثف تنظيم «القاعده في بلاد الرافدين» من هجماته علي المدنيين قاتلا الالاف بدوره. توقيت اعدام صدام جاء مثيراً للريبه، اذ انه توافق مع يوم عيد الاضحي، الامر الذي فتح مجالاً كبيراً للتعاطف مع الرئيس المخلوع، الذي تحوّل بفعل توقيت اعدامه، والمشهد الذي بث لاحقاً للعمليه الي بطل قومي وطائفي. اشتعلت الفتنه الطائفيه اكثر، وتخطت حدود العراق، لتصبح سمه غالبه علي الوطن العربى من المحيط الي الخليج.

لعبت سياسات رئيس الحكومه العراقيه السابق نوري المالكي دوراً كبيرا في تعميق السعار الطائفي في العراق، رغم ان الرجل يوم بدا لم يفرق بين سنّي وشيعي في الملاحقه، فكانت عده عمليات ضد تنظيمات شيعيه وسنيه بالتساوي ثم كانت «صوله الفرسان» في البصره في العام 2008 ضد التيار الصدري وقائده السيد مقتدي الصدر. يومها قيل ان المالكي يريد ان يضرب مثلا في التساوي بين الجميع امام القانون. وربما من المجحف القول ان المالكي وحيداً قرر تغيير الاتجاه، فهو وتحت ضغط سياسي طائفي، بدا بتغليب المنطق الطائفي، وهو ما انعكس لاحقا في قرارات كبري منها كيفيه التعامل مع الميليشيات علي اختلافها الفئوي، وتوسّع من السياسه والامن ليضرب عصب البلاد الاقتصادي والتجاري والتنموي.

لم يقتصر الفساد الضارب في العراق علي مستوي السلطات العسكريه والامنيه، بل هو ضرب عميقاً في بنيه الدوله وسياستها الاقتصاديه والماليه وتعاملاتها النفطيه وخطتها في ما يتعلق بالصناعات المحليه والعسكريه.

بعد سقوط صدام كان العراق يعاني من حظر قاس لم يوفر الحجر والبشر. اليوم وبعد احد عشر عاما علي نهايه عهد صدام، واربعه اعوام علي انسحاب الولايات المتحده وحلفائها، لا يزال الاقتصاد العراقي غير واضح المعالم، ولا زالت المعامل التي ورثها نظام ما بعد صدام مغلقه. هذه المعامل والمصانع يقدّر عددها رئيس اتحاد الصناعات العراقيه هاشم ذنون في حديث صحفي بـ «72 شركه حكوميه تتالف من 195 معملاً ومنشاه، 75 في المئه منها معطله حالياً» مضيفاً ان القطاع الخاص فيه 40 الف معمل، 95 في المئه منها لا يعمل، بينما في القطاع المختلط هناك 21 الف مشروع، 90 في المئه منها معطل.

المثير للاهتمام والاستغراب ان معظم موظفي القطاع العام لا يزالون حتي لحظه كتابه هذا التقرير يتقاضون رواتبهم بانتظام!

وبحسب ارقام البنك الدولي فان العراق في العام 2014 انفق ما يزيد عن 51 مليار دولار علي مشتريات للحكومه، وهو ما يفوق بـ 20 في المئه الناتج القومي للبلاد.

الامر لم يتوقف عند هذا الحد، فبالرغم من ان العراق ينتج نحو 2.5 مليون برميل من النفط يومياً، مع توقعات بزياده الانتاج الي 4 ملايين برميل يومياً، فان نسبه غير قليله من شعبه تواجه شبح الفقر. واعلنت الحكومه العراقيه في اكثر من مناسبه رغبتها في مواجهه الفقر من خلال استراتيجيه وطنيه اطلقتها في العام 2009، وذلك من اجل خفض المستوي من 23 الي 16 في المئه.

وكانت هيئه النزاهه، وهي اعلي سلطه رقابيه في البلاد، قد تحدثت في تقرير لها عن قضايا الفساد التي تورّط فيها مسؤولون كبار في الحكومه، ومن بينهم سته وزراء و53 مديراً عاماً، او من هم بدرجات خاصه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل