المحتوى الرئيسى

عالم .. ما بعد أمريكا!

05/11 23:47

منذ عده سنوات استوقفني كتاب «عالم ما بعد امريكا» للكاتب فريد زكريا رئيس تحرير «نيوزويك» السابق، خاصه انه نال قدرا لا باس به من الدعايه في الخارج، ليس لاهميه الكتاب والقدره التحليليه الفائقه لكاتبه،ولكن لصوره ملتقطه للرئيس «اوباما» من احد المدونين الجمهوريين حاملا الكتاب، ونشرت علي «تويتر» وكما هو المعتاد في شبكات التواصل الاجتماعي (العمل من الحبه قبه) اتهم اوباما والمؤلف بالعمل علي التخطيط لاسقاط الولايات المتحده، رغم ان النظره الواقعيه للصوره في صف الرئيس كونه قارئا متابعا لما يقال عن سلبيات لامريكا لتصبح بمثابه الخطوه الاولي لانقاذها.

وبعيدا عن تلك الاطروحه وجدتني اعود لهذا الكتاب مؤخرا نتيجه لحاله تشابك الاحداث السياسيه والاقتصاديه في العالم في الاونه الاخيره،فكما راي «فريد زكريا» فثمه نجوماً عديده بدات انوارها تبدو في سموات الافق العالمي. فالجميع يري ان ثمه توافق روسي-صيني اقتصاديًا وعسكريًا، واسقاط مجالات التعاون علي ارضيه واقعيه وتحديد القوالب التنظيميه التي تواجدت فيها. ولان (المصالح تتصالح) فبعد عداوه سنوات بين الجانبين اتفقت المصالح الصينيه - الروسيه علي نقاط اساسيه يتم تكرارها وتاكيدها كلما سنحت الفرصه لذلك، ياتي علي راسها تدعيم قوّتهما مقابل الولايات المتّحده الامريكيه، سواءٌ من القياده الروسيه التي تعرف انها في موقف اضعف مما كان عليه الاتحاد السوڤييتي، او من قبل القياده الصينيه التي تري انّها مؤهّله لان تكون القوّه العظمي في ما بعد.

انّ كلا الطرفين قلقٌ جدًا من مساله عدم الاستقرار ومستعدٌ للجوء الي اجراءات سلطويه في الداخل والخارج من اجل تثبيت سلطتهما. فعلي الصعيد الداخلي، يواجه الطرفان مشكله في التعامل مع الاقليات. اما علي الصعيد الخارجي، فكلا الطرفين يرفض التدخّل الخارجي في اسيا الوسطي ويخشي من سقوط هذه المنطقه في النفوذ الغربي. انّ كلا الطرفين يرفض المظلّه الدفاعيه الصاروخيه الامريكيه ويخشي من انتشار اسلحه الدمار الشامل ومن استخدامها ضدّهما سواءٌ عبر دول اخري او جماعات ..وعلي الجانب الاخر وكما يري فريد زكريا نشاهد نمواً عالمياً حقيقياً والذي يؤدي بدوره الي خلق نظام دولي تكف فيه اجزاء العالم عن اداء دور «المتفرج» السلبي بل وتشرع في اداء دور «اللاعب» المشارك الايجابي،ولعل ظهور مجموعه «البريكس» خير دليل علي ذلك فهي بمثابه الانطلاقه الاولي لتغيير الانماط القديمه في ممارسه السياسه الماليه العالميه. هذه المجموعه المؤلّفه من البرازيل، روسيا، الهند، الصين وافريقيا الجنوبيه هي اسرع دول العالم نموًا حاليًا واقلّها تاثّرًا بازمته، ويعوّل علي النموّ في اقتصاديات هذه الدول لخلق الامل في رفع مستويات النشاط الاقتصادي العالمي بعد الازمه الاقتصاديه.

و انجازات هذه المجموعه تعود بالنفع علي نصف سكان العالم، وهذ ما يدعمه بقوه قرار انشاء بنك مشترك للتنميه يعبّئ الموارد الماليه بهدف تمويل مشروعات البنيه التحتيه والتنميه المستدامه في هذه الدول، وكذلك لتقديم التمويل المناسب لغيرها من الدول الناشئه والناميه في العالم.. وهذا ما يدعمه بالراي «فريد زكريا» من تغيير نوع القوه التقليديه علي المستوي الدولي، فعندما كانت القوه الدوليه التقليديه هي القوه الامبرياليه، بعد الحرب العالمية الثانية، مهد هذا الطريق لصعود الولايات المتحده والاتحاد السوڤييتي بمشروعين اقتصاديين هما «خطه مارشال» و«معاهده وارسو» لتصبح القوه الاقتصاديه هي القوه الاساسيه في اللعبه السياسيه. ثم استطاعت امريكا من خلال سياسه «الاحتواء» التفرد بالقوه لتصبح هي القوه الاساسيه. وبالتالي وبنظريه التوافيق والتباديل من الممكن سقوط الولايات المتحده كقوه عظمي و صعود دوله (او دول) اخري، خاصه ان العالم وبعد سلسله من الاخفاقات الامريكيه، السياسيه والعسكريه، في افغانستان والعراق، والازمه الاقتصاديه العالميه والانكماش والركود في الولايات المتحده واوروبا، بدا يفتّش عن بدائل ووسائل جديده لقياده العالم بطريقه اكثر استقرارًا وامنًا، واقل تفرّدًا وهيمنه احاديه. لذلك وجد بعض الدول الكبري انه من الممكن الصعود الي المسرح العالمي من بابه الواسع، ومشاركه الولايات المتحده لاعاده ايقاف العالم علي ركائز صلبه فيصبح اكثر توازنًا واستقرارًا.وتكمن الازمه الامريكيه في حاله الشعور بالتفرد والتميز علي الشعوب التي يعيشها قادتها والعديد من الامريكيين وعلي الاخص «المحافظين الجدد، وهو نفس النهج الذي اضاع امبراطوريات وامم من قبل وليست الامبراطورايه العثمانيه وانهيار المانيا وتقسيمها ببعيد، وللاسف ان تلك القناعات تتبناها القاعده الشعبيه الامريكيه نتيجه لما تراه من القياده السياسيه وما ينشر لها من مراكز الابحاث والاعلام وغيرها من المؤثرات الاجتماعيه. كما يؤكده فريد زكريا مشيرا الي ما حدث في امريكا بعد انتهاء الحرب البارده من انتشار لفكره ان الولايات المتحده اخر الامبراطوريات.

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل