المحتوى الرئيسى

خالد الغمرى: للدول "جيوش إلكترونية" تحميها

05/11 12:06

اكثر من 3 مليارات مستخدم للانترنت في العالم، منهم حوالي 48 مليوناً في مصر، واكثر من 2 مليار مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي، منهم حوالي 22 مليون مصري علي الـ«فيس بوك وتويتر»، ما جعل لمستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي دور كبير في الضغط علي الحكومه، وعلي صناع القرار في الدوله، واصبح لديهم عالمهم الخاص واعلامهم البديل، ما جعل مهمه ممارسه الحكومه للتعتيم او حجب القرار شبه مستحيله.

هذا ما نناقشه في حوارنا مع خالد الغمري، الخبير المعلوماتي، واستاذ اللغويات الحاسوبية بكليه الالسن، جامعه عين شمس، ومؤلف كتاب «نبوءه امون.. الانترنت من الحرب البارده الي حروب الجيل الرابع».

■ كيف تصف العلاقه بين الحكومه ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي؟

- اعتقد ان هناك ازمه ثقه تحكم العلاقه بين مستخدمي هذه المواقع والحكومه، فلسبب ما الحكومه في حاله عداء وتخوين غير مفهومه لمعظم مستخدمي هذه المواقع، وعدد كبير من مستخدمي هذه المواقع في حاله رفض للنظام وتشكيك دائم في قراراته ونواياه، وللاسف لا يبدو ان هناك رغبه من الطرفين للتفاهم.

■ كيف تتعامل الحكومه بعد ان اصبح التعتيم علي بعض القضايا شبه مستحيل في ظل «السوشيال ميديا»؟

- العالم يعيش الان حاله غير مسبوقه من الاتاحه، حيث اصبح شبه مستحيل التعتيم علي شيء، ومن الاخطاء القاتله ان تلجا الدوله الي التعتيم او التجاهل او الارتجال في قضيه من القضايا التي تمس الحياه اليوميه للمصريين، لان ذلك سيفتح الباب واسعاً امام الشائعات، كما حدث في قضيه «فوسفات النيل»، حيث لم تكن هناك معلومات رسميه واضحه ودقيقه عما حدث او كيفيه التعامل معه، فما كان من مستخدمي هذه المواقع الا ان لجاوا الي متخصصين من خارج الحكومه لمعرفه الحقيقه منهم، وعموماً مستخدمو هذه المواقع يثقون في هؤلاء الخبراء اكثر من ثقتهم في المتحدثين الرسميين، وفي اوقات الازمات تزيد ازمه الثقه اكثر من الاوقات الاخري.

■ هل يمكن ان تضطر الدوله في بعض الاحيان الي غلق بعض مواقع التواصل الاجتماعي، وهل هناك امثله عن بعض البلدان التي منعت «السوشيال ميديا»؟

- هناك عدد من الدول التي تتبني مبدا الحجب عموماً في التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، مثل تركيا وايران وباكستان وفيتنام وكوريا الشماليه، وهناك ايضاً دول تفكر في الحجب المؤقت، وغالباً ما يكون ذلك خلال او بعد ازمه كبيره تمر بها هذه الدول، كما حدث في فرنسا عندما وقعت مذبحه «شارلي ايبدو». واعتقد ان الحكومات عموماً تبحث ان اسباب للحجب، لم يكن احد جاهزاً للتعامل مع هذا الطوفان من الاعلام الشعبي الذي لا سيطره للحكومات عليه.

■ كيف يمكن التاكد من صحه المعلومات التي تتدفق علي «السوشيال ميديا»، وهل يتم بث معلومات مضلله لبث غضب مجتمعي او التحريض؟

- الاشاعات تكثر عندما تغيب المعلومه، واذا زادت فتره غياب المعلومات انتشرت الاشاعات اكثر، فكل دقيقه تغيب فيها المعلومه تحتل الاشاعات ارضاً جديده يصعب استرجاعها، نعم هناك اليات للتاكد من صحه المعلومات طبعاً اذا توافرت النيه لذلك، فمثلا، الصور من اكثر الوسائل التي تستخدم في هذه المواقع لتضليل الراي العالم وبث الغضب والتحريض، وهناك خدمه تقدمها «جوجل» تساعد في معرفه اصل صوره ما والتاريخ الاصلي لنشرها، والموقع الذي نشرها وظروفها، لا يجب ان ننسي ان العالم الان يعيش حروب المعلومات وان الاشاعات والتحريض والبلبله اسلحه اساسيه في هذه الحروب، وان مواقع التواصل الاجتماعي جبهه اساسيه في هذه الحروب، وان التعامل الامني فقط مع هذا النوع من الحروب ليس كافياً، ولا بد ان تصاحبه بصوره واضحه ومدروسه حملات منظمه لرفع الوعي العام لدي المواطنين. وهذا ليس اختياراً او رفاهيه، بل ضروره تفرضها طبيعه الظروف.

■ هل ساهمت «السوشيال ميديا» في هدم مفهوم احترام الشخصيات العامه، مثل السخريه من الرؤساء والرموز الشهيره علي مواقع التواصل الاجتماعي؟

- الي حد كبير، وخاصه في بعض الدول العربية، وغالباً ما تتم السخريه بشكل صادم، لان العالم لم يعد يلتفت الي العنف التقليدي والقتل التقليدي والسباب التقليدي او الالام التقليديه للاخرين، فلا بد ان تكون هناك صدمه حتي يهتم الاخرون بما تقول او تفعل، وهو ما يفعله ايضاً تنظيم «داعش».

■ هل فرضت «السوشيال ميديا» مساحه اكبر للابداع والتمرد؟

- مواقع التواصل الاجتماعي في المنطقه العربيه اعطت مساحه اكبر للتمرد اكثر من الابداع، وهو امر مفهوم وطبيعي نظراً لعدم توافر مساحه معقوله خارج الاعلام التقليدي - الحكومي والخاص - للتعبير عن الراي قبل ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، فمثلاً في تقرير المحتوي العربي علي الانترنت لاحظنا ان بدايات هذا المحتوي علي المدونات ومواقع التواصل في السنوات الاولي من القرن الواحد والعشرين كان يسيطر عليها الصراخ السياسي والجراه في مناقشه كثير من المسكوت عنه دينياً وثقافياً، وما زلنا حتي الان نعيش في مرحله التمرد بعد كبت، اما في عالم الابداع، فطبعاً قد اعطت هذه المواقع مساحه تقريباً غير محدوده لمن يريد ان يقدم شيئاً، قد يراه البعض ابداعاً او غير ذلك، وعرفنا اسماء جديده من خلال هذه المواقع، منها علي سبيل المثال «باسم يوسف»، الذي عرفه الجمهور من خلال موقع يوتيوب، وبعض المدونين والشباب الذين تحولت مدوناتهم وانتاجهم الرقمي الي كتب ورقيه ناجحه، وعرفنا ايضاً بعض الفرق الموسيقيه والشعراء وغيرهم، ما يجعل صوت التمرد السياسي والاجتماعي والثقافي يطغي علي غيره.

■ ما مدي تاثير مواقع التواصل الاجتماعي علي صانعي القرار؟

- مدي التاثير يتوقف علي متي واين، فالتاثير يختلف باختلاف الدول واختلاف الظروف، الدول التي ترتفع فيها نسبه مستخدمي هذه المواقع مثل مصر يزداد فيها احتمال وصول القضايا المثاره عليها الي عدد معقول من صانعي القرار، ولكن هناك نقطه مهمه في هذا السياق، فبصرف النظر عن عدد مستخدمي هذه المواقع لا بد ان يصل وجود احدي القضايا علي هذه المواقع الي ما اطلق عليه «الكتله الحرجه الافتراضيه» من الحضور حتي تخرج من الفضاء الافتراضي الي الواقع وحتي يصبح لهذه المواقع تاثير علي صانعي القرار فيما يتعلق بهذه القضيه. وفي غالب الاحيان يتم ذلك بوساطه غير مقصوده من الاعلام التقليدي الذي ينتبه الي وجود القضيه علي هذه المواقع، فيناقشها وبالتالي تصل الي الجمهور الذي لا يتعامل مع هذه المواقع، وهو ما يخلق راياً عاماً يلفت انتباه صانعي القرار.

■ هل هناك قضايا شهيره تم فيها حشد حملات ضغط من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، لاجبار صانعي القرار علي التحرك، ونجحت فعلاً في دورها؟

- المثل الاشهر والاقوي كان خلال اداره الاحتجاج والصدام مع النظام السياسي القائم خلال ثوره تونس وثوره 25 يناير في مصر. وهناك حاله مذيعه الراديو التي فصلت لتعبيرها عن موقفها او رايها، ثم عادت الي عملها بعد تدخل رئاسي نتيجه لحمله تشكلت وتطورت في ساعات من خلال هذه المواقع. هناك ايضاً حمله «ثوره الانترنت»، وهي حمله مهمه هدفها الضغط علي شركات خدمات الانترنت لتعديل سرعات الانترنت واسعار الاشتراك لتقترب من المعدلات العالميه، وقد لاقت هذه الحمله استجابه ملحوظه من وزاره الاتصالات، وهناك محاولات لايجاد حلول لهذه المشكله، وكان هناك ايضاً بعض الحالات الانسانيه المتعلقه ببعض رموز النشاط السياسي في مصر من الشباب والضغط للافراج عن المعتقلين صغار السن، واثيرت ايضاً بعض القضايا التي لم تلق اهتماماً يذكر من صانعي القرار، مثل قضيه اهمال الاثار والمواقع الاثريه، وقضيه التهجير في سيناء، واثيرت اخيراً قضيه الاعلام الخاص وكيف انه «لا يليق بمصر» وتزامنت معها حمله تطالب صانعي القرار بالتدخل للحد من الارتجال الاعلامي، الذي يري اصحاب الحمله انه لا يعمل لصالح البلد، وعموماً حملات الضغط من خلال هذه المواقع تتعلق في كثير من الاوقات بقضايا ذات صله مباشره باهتمامات مستخدمي هذه المواقع، وقليلاً ما تثار قضايا لها علاقه بالحياه اليوميه للمصريين.

■ هل اصبح لـ«السوشيال ميديا» دور اقوي من دور وسائل الاعلام الخاصه والحكوميه في الكشف عن الحقائق؟

- في بعض الاحيان ومع بعض القضايا التي تراها وسائل الاعلام الخاصه حساسه سياسياً، وقد ينتج عن الكشف عن تفاصيلها خسائر سياسيه واقتصاديه لمالكيها، فـ«السوشيال ميديا» لديها مساحه اكبر من الحريه للكشف عن اي شيء وفي اي وقت دون ادني خوف من حسابات المكاسب والخسائر السياسيه والاقتصاديه، فمثلاً نجد الكثير من الرسائل والحملات علي مواقع التواصل الاجتماعي عن قضايا فساد مختلفه ولا نجدها في وسائل الاعلام الخاصه او الحكوميه.

■ هل يمكن استغلال بيانات المواطن علي السوشيال ميديا كدليل اتهام ضده؟

- هذا سؤال في القانون ومن الافضل ان يوجه الي متخصص، لكن هناك بعض السوابق في هذا السياق تعطي فكره عن كيفيه تعامل بعض الدول مع هذا الامر، فمثلاً ادانت محكمه بريطانيه احد الاشخاص علي نكته كتبها في حسابه علي «تويتر» هدد فيها بانه سيفجر المطار بسبب خيبه الامل التي اصابته بعد الغاء رحلته، وبعد الاستئناف الغي الحكم، والصين اصدرت قانوناً في سبتمبر عام 2013 يقضي بعقوبه كل من ينشر اشاعات ومعلومات خاطئه بالحبس لمده قد تصل الي 3 سنوات مع حرمانه من حقوقه السياسيه، لكن الوصول الي قوانين تضع حدوداً معقوله للحريات القانونيه علي مواقع التواصل الاجتماعي من الامور الصعبه، من ناحيه، لان هذه المواقع ظاهره حديثه لم تتضح معالمها ولم تنضج معاييرها بعد، ومن ناحيه اخري، حتي في حاله الاتفاق علي مجموعه من القوانين المنظمه، فاي سلطه ستضع هذه القوانين موضع التنفيذ؟ فالخوف دائماً من ان تتحول هذه القوانين الي اسلحه قانونيه في ايدي الحكومات تستخدمها ضد معارضيها عند كل ضروره! خاصه وان كثيراً من الدول كما راينا -كبيرها وصغيرها- تفعل ما يفعله بعض مستخدمي الانترنت من مواطنيها، وعلي نطاق اكبر واكثر تاثيراً.

■ هل كان لـ«السوشيال ميديا» دور في صناعه الارهاب وتدبير العمليات الارهابيه، واستقطاب الشباب في الاونه الاخيره؟

- استخدام الانترنت عموماً في هذا المجال ظهر مع تنظيم القاعده منذ ما يقرب من 20 عاماً، حيث كانت تستخدم المنتديات وبعض المواقع غير المشهوره مثل «بالتوك» في التجنيد والتعبئه وتبادل المعلومات والتجهيز لبعض العمليات، ولهذا السبب كان هذا الموقع من المواقع التي تراقبها الاجهزه الامنيه والمخابراتيه الامريكيه بشكل مستمر، ومع ظهور تنظيم داعش اصبح استخدام الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي سلاحاً اساسياً في منظومه الحرب النفسيه والمعنويه التي يتبعها هذا التنظيم، فحسب دراسه حديثه لشركه «ريكوردد فيوتشر» الامريكيه هناك حوالي 60 الف حساب علي تويتر فقط بين مؤيد ومتعاطف مع داعش، قد تتباين الارقام، ولكن الثابت ان استخدام هذا التنظيم لهذه المواقع اصبح مؤثراً للدرجه التي جعلت كثيراً من الحكومات تؤمن بان الانتصار علي «داعش» في جبهه العالم الافتراضي امر ضروري في حربها ضد الارهاب علي ارض الواقع. وبالفعل قامت بعض الحكومات بالضغط علي بعض مواقع التواصل الاجتماعي لوقف الحسابات المؤيده لهذا التنظيم، واوقفت وعطلت عشرات الالاف منها.

وداعش عموماً تستخدم اسلوبين اساسيين في ادارتها للحرب النفسيه علي مواقع التواصل الاجتماعي، الاول هو الاغراق المعلوماتي لخلق انطباع بالكثره والحضور الكثيف، والثاني هو الصدمه حيث يعتمد هذا الاغراق علي صور وفيديوهات تتسم بالعنف الزائد لتحقيق حضور دائم وصادم يخيف الاعداء وينال اعجاب المؤيدين، ويرسخ مكانه التنظيم بين جماعات العنف الاخري، فبعد استخدام السيارات المفخخه لجاوا الي الذبح، ثم الي الحرق.

■ كيف اثرت «السوشيال ميديا» في الانتخابات الرئاسيه، وكيف تؤثر الان علي شعبيه الرئيس عبدالفتاح السيسي؟

- انتخابات الرئاسه المصريه في 2014 تمت ادارتها اعلامياً بصوره اساسيه من خلال الاعلام التقليدي، وبشكل اكبر بكثير من الاعلام البديل الذي غلبت عليه دعوات الي مقاطعه الانتخابات من الاساس خاصه علي تويتر، اما فيما يخص شعبيه الرئيس فقد بدات في الظهور علي مواقع التواصل الاجتماعي بالتزامن مع تعاظم دوره في ازاحه نظام الاخوان، وقد مرت بمراحل من الصعود والهبوط بعد ذلك ارتبطت بدايه باعلانه نيته الترشح للرئاسه ثم في مرحله الحمله الرئاسيه فمرحله التسلم الرسمي للسلطه، ثم بعض التذبذب في الشعبيه خلال بعض الازمات خاصه ما يخص اداره الازمه في سيناء، وعموماً هناك كتله كبيره الان علي هذه المواقع دائمه الدفاع عن الرئيس، وكتله تؤيد الرئيس عموماً، لكنها احياناً تعبر عن عدم تاييدها لبعض القرارات والمواقف الرئاسيه، خاصه فيما يخص الجوانب الاقتصاديه من حياه المواطن والمرافق والخدمات، وهناك كتله رافضه بصرف النظر عما يحدث علي الارض، وهذه الكتله اختلافها مع الرئيس اختلاف سياسي في المقام الاول واعتقد انها لن تغير موقفها مهما حدث.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل