المحتوى الرئيسى

كيف تتكون إفرازات العين لدينا؟ - BBC Arabic

05/11 07:37

تمتلئ اعيننا بماده لزجه اثناء النوم، فما هي؟ يحاول "جيسن غولدمان" في هذا التقرير كشف النقاب عن هذه الماده، اذ ان وظيفتها اهمّ بكثير مما نتصور.

اول شيء اقوم به عندما استيقظ صباح كل يوم هو القاء نظره علي القائمه الطويله من الرسائل التي تراكمت في هاتفي المحمول وانا نائم دون ان اسمعها، والامر الثاني الذي اقوم به هو ان ازيل الماده اللزجه التي تراكمت في زوايا عيني طوال الليل. ايا كان اسمها، مخاط العينين، رمل الخ، فانك تعرف تماماً ما اعنيه. كنت دوما اتساءل عن مكوناتها وكيف تشكلت، ولذا سعيت لاستقصاء الامر.

تبدا المساله كلها من الدموع –وبتعبير ادقّ، غشاء الدموع الذي يغطي العينين. عيون الثدييات التي تعيش علي سطح الأرض، سواء كانت لوجوه البشر او الكلاب او القنافذ او الفيله مغطاه جميعها بغشاء للدموع من ثلاث طبقات تسمح للعين القيام بوظفيتها علي احسن ما يرام. (تختلف وظيفه الدموع في الثدييات البحريه مثل حوت الدولفين واسد البحر.)

تسمي الطبقه الملاصقه للعين "الكنان السكّري"، والتي تتالف معظمها من ماده مخاطيه. تغطي هذه الطبقه القرنيه وتجذب اليها الماء، مما يتيح انتشاراً متساوياً للطبقه الثانيه: وهي محلول الدمع الذي يتكون في الاساس من الماء. ربما لا يتجاوز سمكها اربعه ميكرومتر فقط، وهو يعادل تقريبا سمك خيط رفيع من حرير العنكبوت، الا ان هذه الطبقه مهمه جداً، اذ انها تحافظ علي زيوت العين وتقي من الالتهابات المحتمله. واخيراً، هناك طبقه خارجيه تتالف من ماده دهنيه تسمي "ميبيوم"، والتي تتكون من شحوم كالاحماض الدهنيه والكوليسترول.

تطورت ماده "ميبيوم" هذه لتلائم تماما جسم الثدييات، وعند درجات الحراره الطبيعيه للجسم البشري، تصبح هذه الماده سائلا دهنيا شفافا. واذا انخفضت حراره الجسم لدرجه واحده فقط، فانها تتحول الي ماده صلبه شمعيه بيضاء اللون، ماده العين اللزجه المالوفه لدينا.

تتشكل رقائق كبيره من هذه الماده الصلبه خلال النوم لسببين. اولهما هو ان حراره الجسم تنخفض قليلاً خلال الليل بشكل عام. ولذا، فان بعضاً من ماده "ميبيوم" يبرد بما يكفي ليتحول من حالته السائله الي حالته الصلبه.

اما السبب الثاني، بحسب طبيب العيون الاسترالي "روبرت جي لينتن" وزملائه، هو ان "النوم يهدئ النشاط العضلي لقنوات غده الجفن (المسؤوله عن افراز ماده ’ميبيوم‘) بشكل يكفي لافراز كميات اكثر من المعتاد تخرج الي الجفنين وجذور الرموش اثناء النوم." بعباره اخري، تُغطي عيوننا بكميات من ماده "ميبيوم" بصوره اكثر من الطبيعي اثناء الليل، وبالتالي، فعندما تبرد نحصل علي كميات كبيره من ماده العين اللزجه.

طبعاً، ليس مزعجاً ان نزيل هذه الماده اللزجه من اعيننا عندما نستيقظ. لكن، لماذا تتشكل ماده "ميبيوم" في اجسامنا في المقام الاول؟ حسناً! لسبب واحد، وهو ان هذه الماده تمنع الدموع من ان تنهمر باستمرار خارج العين لتسيل علي الخدين. فالمهام اليوميه الاعتياديه تصبح اصعب بكثير اذا انهمرت الدموع من العينين باستمرار، ويمكن للمصابين بما يعرف بالتهاب الانف الارجي ان يدركوا هذا الموقف.

ومن خلال الحفاظ علي الدموع في اعيننا، تقوم ماده "ميبيوم" بوظيفه اخري: اذ انها تساعد علي ترطيب العين. في واقع الامر توصلت احدي الدراسات الي انه عندما يمنع تكون هذه الماده في عيون الارانب، تفقد عيونهم الماء عن طريق التبخّر بما يعادل 17 مره ضعف المعدل الطبيعي.

"ميبيوم" ليست العامل الوحيد الذي يمنع جفاف اعيننا، اذ ان غضّ الطرف (ومضه الاجفان) مهم ايضاً. فعندما نومض اجفاننا نقوم عملياً بعصر غده الجفن، مما يتسبب في افراز القليل من ماده "ميبيوم" الي العين اضافه الي السيل الطبيعي الذي يُفرز باستمرار. كما تساعد ومضه الاجفان علي خلط ماده "ميبيوم" الدهنيه مع ماء الدموع سويه لتشكل مستحلباً يسمي طبقه الدمع.

واذا لم تومض عينيك لفتره طويله، تتفتت هذه الطبقه الحساسه (المستحلب)، فالدهن والماء لا يمتزجان. وعندها، يمكن للقرنيه ان تتعرض للهواء. في احسن الاحوال، ستشعر بضيق، وفي اسوا الاحوال، يمكن للتدهور المزمن لطبقه الدموع ان يؤدي الي الاصابه بحاله تدعي "جفاف العين"، او بتعبير علمي ادق، "التهاب القرنيه والملتحمه الجاف".

يري طبيب العيون الياباني "ايكي غوتو" ان حاله العين الجافه هو عباره عن "اضطراب كبير في نقص الدموع" يصيب الملايين من البشر في انحاء العالم. بالاضافه الي جفاف العين، فان هذه الحاله تؤدي الي اجهاد العينين، احمرار العين وتهيجها، والاحساس بان العينين اثقل من الطبيعي.

وفي اشد حالات العين الجافه، وهو امر نادر الحدوث، يمكن ان يصاب الشخص بضعف الابصار. وبالرغم من حاله السخط والاحباط المرتبطه بهذه الحاله وتاثيراتها علي الحياه اليوميه، فانها لم تعتبر تاريخيا مرضا بصريا خطيرا.

لكن "غوتو" لا يتفق مع ذلك الراي. ومن خلال الاستعانه بتقنيه متطوره لفحص حده الابصار، اكتشف غوتو ان العين تفقد سطحها الاملس عندما يجف غطاؤها السائل. وتصبح حينها الحالات البصريه الشاذه اكثر شيوعاً، لان شعاع الضوء علي الارجح ينعكس في اتجاهات مختلفه من سطح خشن، وهو ما يجعل من الصعب تكوين صوره واضحه المعالم علي الشبكيه.

ويمكن لهذا ان يفسر احد النتائج التي توصل اليها "غوتو". فقد لاحظ الطبيب الياباني ان المرضي المصابين بحاله جفاف العين يومضون اعينهم تقريبا ضعف المرات بالنسبه للاشخاص الذين يتمتعون بترطيب طبيعي للعين، ومن المحتمل ان يكون السبب في ذلك هو حرصهم بصوره لا شعوريه علي حده بصرهم.

لعلك قد تتصور ان النتائج التي توصلت اليها هذه التجربه تقترح حلا سهلا لمرض جفاف العين: ان تومض العين باكبر قدر ممكن. ولسوء الحظ، فان ذلك امر صعب من الناحيه العمليه في عالمنا المعاصر، اذ ان العديد من المهام اليوميه مثل القراءه وقياده السياره وكتابه الرسائل النصيه القصيره علي الهواتف المحموله، والعمل علي شاشه الكمبيوتر، تحثنا علي النظر بدون ان ترفّ اجفاننا. وتبعاً لذلك، نقلل غريزياً من عدد المرات التي ترفّ فيها اجفاننا اثناء قيامنها بتلك المهام.

وعلي سبيل المثال، حينما نقود السياره بسرعه، وخاصه عندما تتجاوز هذه السرعه 100 كم/ساعه (62 ميلاً/ساعه)، فاننا نومض اجفاننا بمعدل اقل. بالنسبه لمرضي جفاف العين، يعني ذلك ان حده بصرهم العمليه اثناء قيادتهم لسياره عند سرعات عاليه ستنخفض اقل من الحد الادني المطلوب ليحصلوا علي رخصه القياده.

في دراسه اخري للدكتور "غوتو"، ظهر ان معدل حده البصر العمليه لدي المصابين بجفاف العين هي 0.3، وهذا اقل من حده البصر المطلوبه للحصول علي رخصه قياده سياره وهي في اليابان 0.7 وفي الولايات المتحده 0.5. وقال وتو : "يدل هذا علي ان حده البصر العمليه، اثناء القياده، قد لا تكون كافيه عند مجموعات معينه من المرضي."

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل