المحتوى الرئيسى

لماذا اهتمت القاعدة باليمن؟ وكيف نشأت فيها؟

05/10 22:24

" احس اسامه ان نقص هذه المعلومات امر مخجل فضلًا عن انه خطا اداري مبدئي. من هنا قرر اسامه ترتيب سجلات للاخوه المجاهدين العرب. ووسعت فكره السجلات لتشمل التفاصيل الكامله عن كل من وصل افغانستان بترتيب من مجموعه الشيخ، وهنا اتفق اسامه مع معاونيه ان يسموها سجل القاعده، علي اساس ان القاعده تتضمن كل التركيبه المؤلفه من بيت الانصار ومعسكرات التدريب والجبهات "[1].

هكذا ظهر اسم تنظيم "القاعده" علي الساحه الدوليه، والذي وضعته الولايات المتحده علي رإس إلتنظيمات الارهابيه طوال السنوات الماضيه، والذي اتخذته الولايات المتحده فيما بعد ذريعه للتدخل العسكري في افغانستان واحتلال العراق. وبالنظر الي تواجد تنظيم القاعدة نجد نظريتين[2] حول ماهيه التنظيم التي ال اليها الان: تري النظريه الاولي ان "قاعده الجهاد" هي تنظيم عالمي ينتشر في بقاع مختلفه في الكره الارضيه، ويضم عشرات الخلايا التي تتلقي توجيهات مباشره احيانًا وغير مباشره في احيان اُخر، وتتمتع في الوقت ذاته بمبدا اللامركزيه في القياده، مما يتيح لها التحرك دون العوده للقيادات العليا للتنظيم، وتتبني الولايات المتحده هذه النظريه، وتخوض حربًا معلنه ضد هذا التنظيم، تحت شعار "مكافحه الارهاب".

 علي الجانب الاخر نجد نظريه اخري، تعتقد بان "القاعده" صارت مجرد فكره تتبناها مجموعات وافراد، وتنشط بمبادرات ذاتيه، وقد تشكل احيانًا ما يُسمي بـ"الخلايا النائمه".

 عرّف بن لادن التنظيم الذي تزعمه منذ نشاته الي ان مات بانه "جبهه عالميه لمقاتله اليهود والصليبيين، وانه يسعي الي تطبيق حُكم الله في الارض، وتخليص المستضعفين من الظلم"[3]، وذلك في البيان الاول الذي اعلنه في نوفمبر 1998، ووسَّع ابو مصعب الزرقاوي تعريف القاعده بانها "جبهه عالميه لمقاتله اليهود والصليبيين والمرتدين"، فاضاف البند الاخير كشرط اساسي لمبايعته اسامه بن لادن اميرًا.

  نستطيع ان نوصّف تطور تنظيم قاعدة الجهاد علي مرحلتين، الاولي في الفتره من عام 1984 حتي عام 1992، حيث انتقل اسامه بن لادن وعبدالله عزام الي افغانستان للمشاركه في الجهاد ضد الروس، وترتبط المرحله الثانيه بتواجد خلايا فاعله واخري نائمه في عده بقاع حول العالم، وترتبط كذلك بموالاه جماعات وتنظيمات اسلاميه لتنظيم القاعده كحركه شباب المجاهدين في الصومال، وقاعده الجهاد في بلاد الرافدين، والجماعه الاسلاميه المقاتله في ليبيا.

نعرض في التقرير التالي تطور التنظيم في اليمن، وما هي ابرز العمليات التي قام بها، ومن ابرز قادته، وما هي طبيعه العلاقات بين التنظيم والاطراف الاخري في الداخل اليمني، واخيرًا ما هو موقفه من عاصفه الحزم.

المرحله الاولي: كانت خطه بن لادن تسعي الي اعلان الجهاد في جنوب اليمن واقناع كل من الاخوان والسلفيين بمشاركته في مشروعه، الا ان الوحده بين شطري اليمن عام 1990 حالت دون تحقق ذلك علي ارض الواقع، وفي ظل الصراع بين جنوب اليمن وشماله درّب بن لادن مجموعات من الشباب اليمني ليشارك في الجهاد في اليمن، الا ان علي عبد الله صالح استطاع استمالتهم الي صفه كما فعل مع طارق الفضلي الذي انضم الي حزب صالح فيما بعد.

المرحله الثانيه: تمتد هذه الفتره بعد انتهاء الحرب بين الشمال والجنوب عام 1994 حتي عام 2006، نشط خلالها مشروع القاعده في اليمن مع عوده من عرفوا بـ "الافغان العرب"، وكان التركيز علي توجيه ضربات للولايات المتحدة الأمريكية بالاساس وليس النظام اليمني.

وجه ابن لادن رساله بعنوان "اخرجوا المشركين من جزيره العرب" في عام 1995، وصف فيها الولايات المتحدة الأمريكية بانها العدو الاساسي للتنظيم، وصرح ان المملكه العربيه السعوديه اصبحت محتله من القوات الاجنبيه بعد حرب الخليج.

ظهر في عام 1997 جيش "عدن ابين" والذي اسسه ابو الحسن المحضار، فقام بتجنيد الشباب وتدريبهم علي مختلف انواع السلاح في منطقه المراقشه بمحافظتي شبوه وابين، وقاموا باختطاف 16 سائحًا غربيًا مطالبين الحكومه باطلاق سراح بعض الجهاديين، الا ان الحكومه اليمنيه رفضت، واصرت علي تخليص الرهائن بالقوه، مما ادي الي مقتل اربعه منهم قبل اطلاق سراح الباقي، وقٌبض علي ابي الحسن المحضار ونُفذ عليه حكم بالاعدام.

في الثاني عشر من اكتوبر عام 2000 اصطدم قارب صغير بالمدمره الامريكيه Uss cole في ميناء عدن، فانفجرت المدمره وقُتل في هذه العمليه - التي تبناها تنظيم القاعده - 17 بحارًا امريكيًا واصيب 19 بجروح.

الجدير بالذكر ان اليمن اصبحت ملاذًا امنًا لتنظيم القاعده بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر حيث هاجر اليها مقاتلي التنظيم في افغانستان وكذلك من السعوديه، بعد الضربات الامنيه التي وجهها النظام السعودي لهم.

المرحله الثالثه: وتبدا مع هروب 23 من اعضاء تنظيم القاعده من سجن الامن السياسي في صنعاء عام 2006، بعد ان قضوا قرابه الشهرين في حفر نفق صغير قادهم لخارج السجن بالعاصمه اليمنيه.

 بويع ناصر الوحيشي[5] اميرًا للتنظيم الجديد في اليمن والذي عمل علي انشاء معسكرات للتدريب، وبدا في التواصل مع فروع القاعده حول العالم. وفي نوفمبر 2008 القي الرجل الثاني في تنظيم القاعده ايمن الظواهري وقتها كلمه زكّي فيها فرع القاعده الجديد في اليمن، وعلي اثر ذلك قامت العناصر المتواجده في اليمن والمواليه للقياده المركزيه في افغانستان بمبايعه الوحيشي.

 اُعلن في يناير 2009 عن انضمام تنظيمي القاعده في اليمن والمملكه العربيه السعوديه تحت اسم "قاعده الجهاد في جزيره العرب"، واعلن التنظيم عن ثلاثه اهداف لحربه الجديده وهم: الولايات المتحده الامريكيه، والعائله السعوديه الحاكمه، ونظام علي عبد الله صالح المتعاون معهما.

اهتمت الاماره الجديده بالانتشار الافقي في اوساط المجتمع اليمني، ونفذت عمليات قليله في ثلاث سنوات (اربع عمليات) ابرزها اقتحام السفاره الامريكيه في صنعاء سبتمبر 2008، واغتيال قيادات امنيه هامه في مكافحه الارهاب، كما حدث مع الضابطين حمود قصيله ومحمد ربيش. وقد استكمل التنظيم بناء هيكلته بانشاء اللجنه الشرعيه، وفريق التصنيع، وفريق التنظيم والتدريب[6]، بالاضافه الي انشاء مؤسسه اعلاميه باسم "الملاحم" عُنيت بالجانب الدعائي للتنظيم فاصدرت مجله دوريه بعنوان "صدي الملاحم".

 ثمه حادثه مهمه قام بها التنظيم في اليمن، وينبغي الوقوف عندها وهي محاوله اغتيال الامير محمد بن نايف - تولي مؤخرًا ولايه العهد في السعوديه - في عام 2008 وقتما كان يشغل منصب مساعد وزير الداخليه للشؤون الامنيه، والذي وكل له والده - وزير الداخليه وقتها - ملف القاعده في المملكه، حيث تلقي الامير مكالمه هاتفيه من عبد الله العسيري، الذي طالب فيها بلقائه وانه يريد تسليم نفسه، ورغم التفتيش الدقيق الذي تعرض له العسيري قبل ان يتمكن من مقابله الامير، الا انه نجح في الدخول عليه وهو يحمل هاتفًا محمولا بشريحتين انفجرتا محدثتان اصابات طفيفه بجسد الامير السعودي، فيما بين قدره القاعده علي اختراق الاجهزه الامنيه والنيل من الاسره الحاكمه في المملكه.

المرحله الرابعه[7]: وهي المرحله الحاليه؛ وهي مرحله الاستعصاء، وتخوض فيها القاعده حربًا كُبري مع القوي العالميه تقول القاعده: انها معركه استنزاف لاميركا في اليمن الي جانب العراق وافغانستان والصومال وسوريا، وقد ظهر تنظيم انصار الشريعه بزعامه جلال بلعيدي كفرع محلي للقاعده في اليمن بعد اندلاع الثوره اليمنيه في فبراير 2011.

ابو علي الحارثي: اسمه قائد بن سالم بن سنيان الحارثي، من قبيله بلحارث احدي قبائل محافظه شبوه، شرق اليمن، وهي قبيله مشهوره معروفه، ولد عام 1955 في اسره محبه للدين، سافر الي افغانستان اثناء الاحتلال السوفيتي، والتحق بمعسكرات المجاهدين، وهناك قابل ابن لادن للمره الاولي، وتعمقت العلاقه بينهما، بعد سفر بن لادن للسودان واستقراره بها، عاد الحارثي الي اليمن، وقام بانشاء معسكرات تدريب في صعده ومارب.

 اثناء تواجده في السودان لزياره ابن لادن اصيب بطلقات في فخذه منع فيها محاوله لاغتيال ابن لادن. عاد الي اليمن وشارك في الحرب التي اندلعت عام 1994 ضد المعسكر الجنوبي، سافر الي دوله الامارات بغرض التجاره وقُبض عليه في 1997، وسُجن لمده ثلاثه اشهر، عاد بعدها الي اليمن ثمّ سافر الي افغانستان حيث التقي بابن لادن، وعاد الي اليمن حتي قُتل ومعه اربعه من مساعديه في نوفمبر 2002 اثر غاره قامت بها طائره امريكيه بدون طيار، كان الحارثي الرجل الاول للقاعده في اليمن حتي وفاته، وهو المسؤول عن تنظيم عده عمليات ابرزها عمليه المدمره كول.

انور العولقي: اسمه انور ناصر العولقي، ولد في ولايه نيو ميكسيكو عام 1971، لابويين يمنيين، حصل والده علي درجه الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد الزراعي من الولايات المتحده الامريكيه، قبل ان تعود الاسره الي اليمن ويتولي الاب منصب وزير الزراعه في اليمن.

عاد انور الي الولايات المتحده عام 1991، بعد حصوله علي منحه لدراسه الهندسه المدنيه، وحصل علي ماجستير القياده التربويه. انتقل الي سان دييجو عام 1996، حيث عمل امامًا في احد المساجد، بعد الحادي عشر من سبتمبر 2011 غادر العولقي الولايات المتحده - بعد تعرضه لمضايقات امنيه - متوجهًا الي بريطانيا، ثم استقر به الحال في اليمن.

ثمه رايان للاجابه علي سؤال متي بدا الارتباط بين العولقي وتاييد الاعمال العسكريه ضد الولايات المتحده، الاجابه الاولي اجابه العولقي نفسه، وهي انه بدا تاييد الضربات الموجهه لامريكا بعد هجومها علي العراق وافغانستان، واستهدافها للمسلمين في تلك الاراضي، في حين توجد اجابه اخري تقول ان العولقي كان مؤيدًا لافكار القاعده من قبل الحادي عشر من سبتمبر، الا انه لم يكن يفصح عن ارائه، حيث التقي باثنين من المشاركين في تفجير مبني التجاره العالمي وهما نواف الحازمي وخالد المحضار.

يمكن اعتبار اليمني انور العولقي ابرز رموز النظريه القائله بان تنظيم القاعده اصبح مجرد فكره، يتبناها مجموعات وافراد في مناطق مختلفه، فلم يكن العولقي عضوًا في التنظيم، ولا مؤسسًا، بقدر ما كان يحرض علي قتال امريكا وحلفائها.

 قُتل العولقي في اواخر 2011 من قبل طائره امريكيه بدون طائره اصابت سيارته بثلاث صواريخ اودت بحياته بعد محاولتين فاشلتين، وكان العولقي قد اكد علي علاقته بالضابط الامريكي نضال مالك حسن الذي قتل 13 مجندًا من زملائه بقاعدة عسكرية بولايه تكساس الامريكيه، وكذلك علاقته بالشاب عمر فاروق الذي حاول تفجير طائره ركاب مدنيه فوق ولايه ديترويت في سبتمبر 2009، واخيرًا فيصل شاه زاده الباكستاني الذي حاول تفجير شاحنه مفخخه بميدان التاميز في ولايه نيويورك في مايو 2010.

مثّلَ مقتل العولقي -والذي كان اسمه في قائمه المدعوين الي البيت الابيض عقب احداث سبتمبر  كاحد قاده الجاليه المسلمه في محاوله من الاميركيين للتخاطب مع رموز الجاليه المسلمه ايام الرئيس بوش الابن - خساره كبيره لتنظيم القاعده في اليمن حيث كان واجهتها في الغرب نظرًا لاتقانه اللغه الانجليزيه.

سعيد الشهري[8]: ولد سعيد علي جابر الشهري يوم 12 سبتمبر 1973 بالسعوديه، وكنيته ابو سفيان الازدي الشهري، كان يعمل ضابطًا بالامن الداخلي السعودي قبل ان يسافر الي افغانستان قبل احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، اعتقلته القوات الامريكيه في باكستان في ديسمبر من العام ذاته، وتم نقله الي معتقل جوانتاناموا حيث قضي فيه خمس سنوات، تم تسليمه بعدها للسعوديه، حيث التحق ببرنامج "المناصحه" الذي تنظمه وزاره الداخليه السعوديه، من اجل مراجعه الافكار والتخلي عن العمل المسلح.

 بعد الانتهاء من برنامج المناصحه غادر الشهري السعوديه متجهًا الي اليمن، حيث اصبح الرجل الثاني في التنظيم بعد ناصر الوحيشي، كان يحث الشعب السعودي علي الثوره ضد العائله الحاكمه، واعتبر ان تغيير النظام السعوي ضروري للتخلص من الهيمنه الاميركيه علي العالم الاسلامي، واتهم بالعديد من العمليات، من ابرزها اختطاف نائب القنصل السعوي في عدن عبد الله الخالدي سنه 2012.

  تعرض الشهري لثلاث محاولات لاغتياله قبل ان يعلن احد قيادات التنظيم في 17 يوليو 2013 عن مقتله في غاره امريكيه بدون طيار.

جلال بلعيدي[9]: جلال محسن بلعيدي المرقشي، من قبائل المراقشه في محافظه ابين جنوبي اليمن، بدا الاهتمام بحفظ القران الكريم عندما بلغ عمره 13 عاما، لعب كره القدم باحد الانديه اليمنيه في مرحله الناشئين قبل تصعيده للفريق الاول، درس الكيمياء باحدي جامعات حضرموت، انضم الي تنظيم القاعده الي ان اصبح اميرًا لتنظيم "انصار الشريعه" وهو من فروع القاعده في اليمن، والذي تبني عده عمليات ضد الجيش اليمني.

ناصر الوحيشي: كنيته ابو بصير، تسلم قياده التنظيم بعد مقتل ابي علي الحارثي، وهو احد الفارين من سجن الامن السياسي بصنعاء في 2006، كان يشغل منصب السكرتير الخاص لابن لادن قبل ان يرحل عن افغانستان في 2001، اصبح الرجل الاول للقاعده في اليمن، ثم اصبح زعيما للقاعده في جزيره العرب في 2009، وقد اعلن ولاءه للظواهري بعد مقتل ابن لادن، ويعد هو الرجل الثاني حاليًا في التنظيم العالمي بعد الظواهري.

 اصبحت اليمن مركزًا لتنظيم القاعده في الجزيره العربيه، وكان من المقرر ان تهيا لاستقبال زعيم التنظيم اسامه بن لادن، وتمتلك اليمن عده عوامل جعلت القاعده تختارها كمركز للتنظيم، ومن هذا العوامل ما يلي:

1- تساعد كل من الطبعيتين الجعرافيه والسكانيه علي تواجد بيئات تمرد في الداخل اليمني، فلا يقتصر الامر علي تنظيم القاعده، فهناك الحراك الجنوبي، وهناك التمرد الحوثي الذي دخل معه نظام علي عبد الله صالح سته حروب في صعده من 2004 حتي 2010، وقد ساعدت الاوضاع الجديده في اليمن منذ اندلاع الثوره في فبراير 2011 الي الان علي امتداد نفوذ التنظيم مستغلًا حاله الفوضي الامنيه والاجتماعيه التي تمر بها البلاد.

2- النزاع الحاصل بين الحراك الجنوبي والسلطه ابان حكم علي عبد الله صالح وفّر بيئه ملائمه لتوسع القاعده في المحافظات الجنوبيه.

3- وجود درجه من القبول الاجتماعي للقاعده في عده مناطق، كما هو الحال في محافظه "ابين" بالنسبه الي تنظيم انصار الشريعه - احد اذرع القاعده في اليمن - بعد اماره جلال بلعيدي لها، وكذلك ما تقيمه القاعده الان من تحالفات مع قبائل ضد الحوثيين.

4- موقع اليمن الجغرافي والذي يتيح للقاعده توجيه ضربات للاعداء الثلاثه، النظامين اليمني والسعودي، بالاضافه الي الولايات المتحده ومصالحها الاقتصاديه في المنطقه.

5- سهل العامل القَبلي امداد تنظيم القاعده بالمزيد من الانصار، وكذلك امكانات التسلح، فاغلب انصار القاعده في اليمن من اليمنيين والسعوديين، مما قد يؤدي الي تغلغل القاعده من جديد في الداخل السعودي.

  وضعت القاعده رؤيه لاهميه تواجد قوي ومكثف للتنظيم في اليمن، لا سيما بعد الضربات التي وجهتها السلطات الامنيه في السعوديه، والتي دفعت اعضاء القاعده في المملكه للتحرك نحو اليمن، نبينها في النقاط التاليه:

  في نوفمبر من العام الماضي اعلن تنظيم القاعده في جزيره العرب رفضه لاعلان ابي بكر البغدادي خليفه للمسلمين، حيث اعلن القيادي بالقاعده حارث النظاري ان تنظيم الدوله احدي الجماعات المجاهده، وان اعلان الخلافه لم يستوف الشروط اللازمه، ومن ثمّ فان هذا الاعلان لا يبطل شرعيه الجماعات الاسلاميه الاخري التي تعمل في الساحه.

  حاول التنظيم تاخير اعلان موقفه من الخلاف الذي حدث بين ايمن الظواهري الرجل الاول في تنظيم القاعده وتنظيم الدوله الاسلاميه الذي اعلن الخلافه، الا انه اعلن مؤخرًا عن موقفه بتجديد البيعه للظواهري ورفض خلافه البغدادي، وبدا ان خطاب القاعده موجهًا بشكل اساسي لانصاره في اليمن قبل ان يكون ردًا علي اعلان البغدادي، الا ان هناك من بايع تنظيم الدوله من انصار القاعده في اليمن، مما قد يؤدي الي حدوث انشقاقات بشكل اكبر في الفتره المقبله.

  لعل ما حدث في مارس الماضي دليل علي اشتداد وتيره الخلافات بين التنظيمين في اليمن، قد اعلن ما يعرف بولايه صنعاء - التابعه لتنظيم الدوله -مسؤوليتها عن تفجيرات صنعاء الاخيره، حيث فجر اربعه انتحاريين انفسهم في مسجدين تابعين للحوثيين، مما اسفر عن مقتل 142 شخصًا، في حين تبرات القاعده من العمليه، واتهمت تنظيم الدوله بالتساهل في سفك الدماء.

يمكننا ان نفهم طبيعه العلاقه بين تنظيم القاعده وكل هذه الاطراف اذا نظرنا الي الحرب التي تشنها القاعده علي الولايات المتحده باعتبارها العدو الاول لها، ومن ثمّ فالعلاقه بين القاعده واي طرف ينبني علي شكل تعامل الاخير مع الولايات المتحده، فمن حيّد نفسه عن المعركه فينبغي تحييده، واما من تحالف مع امريكا فلابد من قتاله كائنًا من كان[12].

كان صالح دائما يتذرع بوجود القاعده في البلاد ليحصل علي الدعم الامريكي خلال سنوات حكمه، فقد امدته الولايات المتحده باحدث التقنيات التّدريبيه الخاصّه بمكافحه الارهاب؛ وفي المقابل منح صالح الفرصه لقوات امريكيه للتواجد في اليمن وتوجيه ضربات عسكريه الي القاعده.

  لم تكن القاعده تري صالحًا الا رجل الولايات المتحده في اليمن والذي يعمل علي تنفيذ مصالحها السياسيه والاقتصاديه مقابل ان تقبل بوجوده علي راس السلطه في اليمن، وقد استغل التنظيم فشل صالح السياسي وانشغاله بحروبه مع الحوثيين للتمدد في جنوب اليمن، وقامت بعده اغتيالات لقيادات امنيه داخل اليمن.

  ولم تتوقف ضربات القاعده بعد رحيل صالح وتولي عبد ربه منصور هادي رئاسه البلاد، بل قامت بالسيطره علي بعض مديريات محافظتي "ابين" و"شبوه" الجنوبيتين، كما وجهت عده للضربات تجاه الجيش اليمني، كان ابرزها استهداف عرض عسكري في احتفال بالذكري الثانيه والعشرين للوحده اليمنيه في مايو 2012، مما اسفر عن مقتل اكثر من تسعين شخصًا.

  اما عن تعامل القاعده مع الاسلاميين الذين يقبلون العمليه الديموقراطيه، وينخرطون في التحالفات مع العلمانيين، ومنهم الاخوان المسلمين داخل اليمن، المتمثلين في حزب التجمع اليمني من اجل الاصلاح، فيصعب علي القاعده التحالف مع هذا النوع او التحرك في اطاره، ولعل مواقف حزب الاصلاح جعلته مرمي للاتهامات من طرفين متناقضين، فتاره تتهمه القاعده اذا حاول الدخول في مفاوضات مع الحوثي، وتاره يتهمه الحوثي بانه حليف للقاعده.

بالنسبه للحوثيين فقد رات القاعده منذ سنوات ان الحوثيين قد تحولوا عن الفكره الزيديه وصاروا اقرب للشيعه الاثني عشريه لديهم اطماع توسعيه في اليمن، في حين يصف الحوثيون انصار القاعده انهم تكفيريون ووهابيون، ويقدمون انفسهم منذ ان بدؤوا تمددهم المسلح مؤخرًا انهم شركاء الولايات المتحده في الحرب علي الارهاب.

  شهدت مناطق "صعده" و"عمران" و"البيضاء" عمليات لتنظيم القاعده ضد الحوثيين، كما قام التنظيم بتفجير انتحاري في التاسع من اكتوبر 2014، في ميدان التحرير في صنعاء، مما اسفر عن مقتل خمسين من الحوثيين، كما تحالفت القاعده مع بعض القبائل لمواجهه التمدد الحوثي، واستفادت تلك القبائل من الخبرات القتاليه العاليه للتنظيم.

موقف القاعده[13] من عاصفه الحزم

  نستطيع القول بان تنظيم القاعده استفاد بشكل كبير حتي الان من عاصفه الحزم، والذي قادته المملكه العربيه السعوديه، فالحوثيون اصبحوا العدو الاكبر للتنظيم داخل البلاد، ومن ثمّ يشكل اضعافه مكسبًا مهمًا، كما انها ستتيح الفرصه لتمدد القاعده من خلال تجنيد عناصر جديده، والاستيلاء علي بعض اسلحه الجيش اليمني مستغلًا حاله الفوضي التي تعيشها البلاد، علاوه علي التحالف مع قبائل في مناطق مختلفه مما يساعد علي اخراج التنظيم من عزلته.

[1] دراسات في السلفيه الجهاديه، اكرم حجازي، مدارات للابحاث والنشر، صـ 56، نقلاً عن مقاله بعنوان "سيره الشيخ اسامه ابن لادن".

[2] دراسات في السلفيه الجهاديه، مصدر سابق .

[3] تنظيم القاعده في اليمن، من المحلي الي الاقليمي والدولي، عبد الإله حيدر شايع، مركز الجزيره للدراسات.

[4] تاريخ القاعده في اليمن، نبيل البكيري، للمزيد انظر http://www.saowt.com/forum/showthread.php?t=37632

[5]  مسيره تنظيم القاعده في اليمن، عبد الاله حيدر شايع.

[6] مسيره تنظيم القاعده في اليمن، عبد الاله حيدر شايع.

[7] تنظيم القاعده في اليمن: من المحلي الي الاقليمي والدولي، عبد الإله حيدر شائع.

[8] سعيد الشهري، موسوعه الجزيره، انظر http://www.aljazeera.net/encyclopedia/icons/2014/10/8/%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A

[9] جلال بلعيدي .. حارس المرمي الذي تحوّل لراس حربه "القاعده" في اليمن، نون بوست، انظر http://www.noonpost.net/content/3429

[10] اليمن والقاعده، تقدير موقف، وحده السياسات بالمركز العربي للابحاث ودراسه السياسات.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل