المحتوى الرئيسى

عصام حمزة يكتب: حين أجاب الخيال عن أسئلة الواقع الكبرى: أهلًا بكم في عالم الأنيمي | ساسة بوست

05/09 08:39

منذ 20 دقيقه، 9 مايو,2015

رغم اصطفاف اليابان في مقدمه الدول التي وظفت الواقع للاستفاده القصوي منه، الا ان اول احتكاك بالادب والثقافة اليابانيه سيجعلك تدرك فورًا الحقيقه الاكبر هناك. هذه دوله لازالت تعيش بالمجاز.

واحده من تلك الماثر التي نحسبها لهذا الكوكب الصغير، انه تمسك بشرقيته وروحانيته رغم طغيان ماده التكنولوجيا بين اركانه. فجعل للخيال والميتافيزيقيا صناعات قائمه بحد ذاتها، وربما كان اهمها صناعات الانيمي (افلام الرسوم المتحركة) والمانجا (القصص المصوره)، والتي وظفها اليابانيون بقدر جعلها تقفز من مجرد وسائل ترفيه، الي ان تصبح حوامل كبري للثقافه اليابانيه في العصر الحديث.

بدات الصناعه في اليابان في بدايات القرن العشرين مع بدايات ظهور الرسوم المتحركه حول العالم ثم في خمسينيات نفس القرن ظهر الرسام اسامو تازوكي ليصبغ هذه الصناعه بصبغه يابانيه خاصه في الرسم والاخراج استطاع من خلالها اضفاء الخصوصيه اليابانيه علي هذه الصناعه الغربيه بالاساس.

مع ازدياد شعبيه الانيمي في الثمانينيات والتسعينيات واجتذابها طبقات عديده من المجتمع الياباني حيث لم تعد مقصوره علي الاطفال فقط، اصبح الكتاب والرسامون والمنتجون اكثر ميلًا الي تحميله بافكار وفلسفات واسئله وصراعات اكثر عمقًا تناسب كافه المستويات العمريه والفكريه.

وفي اليابان وحدها، لا تتعجب اطلاقًا ان اكتشفت كيف توغل حجم هذه الصناعه حتي شكل 40% من حجم صناعه الترفيه هناك. ولا تتعجب ايضًا ان رايت صراع شركات واستديوهات ورؤوس اموال ضخمه هناك، وحول ماذا؟ ربما تظن انه حول رسوم علي ورق. ولكن احذر، ففي حضره اليابان، هذه الرسوم وصلت من التطور حتي صارت لها ابعاد اخري، لربما يقبع في ابعدها الترفيه نفسه.

والانيمي وان كان فنًا يابانيًا خاصًا معدًا بالاساس للاستهلاك المحلي الا انه اصبح ذا شعبيه عالميه وتاثير ثقافي متجاوز لحدود الجزر اليابانيه واصبحت نادرًا ما تجد احدًا من جيل التسعينيات وما بعدها حول العالم افلت من التاثير الثقافي لهذا الفن.

في السطور القادمه، نحاول سبر اغوار بعض ملامح تلك الصناعه اليابانيه، عبر اربع تجارب لمسلسلات (انيمي) مشهوره، حملت من الافكار والفلسفات قدرًا لا نبالغ ان قلنا، لم تحمل اغلبه افلام سينمائيه بعد. فالخيال هنا جامح، والصناع هم رواد ماده التكنولوجيا، فلا تتوقع نتيجه اقل مما ستقراه في السطور التاليه.

“انك لا تستطيع تغيير العالم برفضه ولكن بقبوله” علي عزت بيجوفيتش

هذه العباره الاستثنائيه هي المحور الذي تدور حوله قصه المسلسل الشهير “ناروتو”.

ملحمه متواصله من الصراعات في عالم النينجا – المجازي – والذي خرج لتوه من حربين عظيمتين، محملًا بالالم والحطام والثار المتبادل. في اسقاط واضح للحروب العالميه في العالم الحقيقي. حيث شكل القوه والسلطه وتوزيعها لا يختلف ايضًا عن العالم الواقعي. فهناك خمس دول عظمي تحتكر شكلًا خاصًا من الاسلحه الاسثتنائيه لضمان توازن القوي بين هذه الدول.

في هذا العالم تتولد الدراما وتتطور، تتفرع حينًا وتعاود التمركز حينًا. ومحورها الدائم هو شخصيه البطل الذي قدر له ان يحمل جزءًا كبيرًا من الم هذا العالم، ولكنه يتعامل معه بسمو يمنعه عن الكره وعن الثار. ووسيلته في ذلك هو تطويره المستمر لذاته وقدراته ومحاولته المستمره لنيل الاعتراف في عالم وجد نفسه مرفوضًا فيه.

يقابل البطل في مسيرته خصومًا ولدوا من نفس الالم. ولكنهم – علي العكس – قد قرروا ان يحولوا المهم لقوه ترفض الواقع وتسعي لتدميره واستبداله، ولا يدرون انها في الواقع تدفعهم لتوليد المزيد من الالم والمزيد من الثار والدمار.

وفي سبيل هذا الصراع بين الطريقين، تُسكب الدماء وتُشحذ الهمم وتُقوي الروابط وتُطلب القيم، تموت شخصيات لتولد اخري، تتبدل ارواح من الخير الي الشر ومن الشر الي الخير. حتي النهايه في ملحمه لا تقل روعه عن تلك الملاحم اليونانيه او الاسلاميه او الغربيه القديمه. ولكن اهم ما يميزها انها تمثل الروح الخالصه لليابان بعد الحرب العالميه الثانيه وطريقه نظرتها للعالم وتفاعلها معه.

سلطه الحق ام سلطه القوه؟ سؤال يطرحه المسلسل الشهير “كود جياس”

يجد ابن الامبراطور البريطاني الذي استطاع توسيع امبراطوريته لتشمل معظم العالم في خضم صراع عائلي علي السلطه، فقد علي اثره امه وبيته ووجد نفسه منفيًا في اليابان مع اخته الصغري التي فقدت بصرها وقدرتها علي الحركه وهو مضطر لاخفاء هويته حتي لا يجده اخوته او منافسوه علي العرش. حيث تتلخص نظريه الامبراطور في ان علي ابنائه ان يخوضوا صراعًا فيما بينهم ليثبتوا احقيتهم في العرش لان السلطه تمنح فقط للقوي القادر علي الانتصار.

يضطر البطل لخوض هذا الصراع ليحمي اخته، وينتقم من قاتل امه، ويستعيد اسمه واحقيته في العرش. وهنا تطرح الحبكه سؤالًا اخر ينافس السؤال الاول في مركزيته هو مدي التنازل المبادئي الذي يجب علي المرء ان يقدمه ليصل الي اهدافه المشروعه.

يخوض البطل في القتل والدماء والصراع وتتلوث مبادئه بادران الواقع، ويجد نفسه وقد انطلق من اهداف مشروعه، الا وقد ارتكب الفظائع ومارس القتل والاحتيال والخداع حتي اصبح نسخه من ابيه الامبراطور.

هل من عوده اذًا وهل هناك طريق غير الذي اتخذه؟! تابع بنفسك لتعرف كيف يجيب عن هذه الاسئله.

كيف نشات نظريات السلطه والاقتصاد والامن وغيرها؟

يحاول مسلسل (log horizon) الاجابه عن هذا السؤال في سرد جميل، عن قصه مجموعه من لاعبي العاب “الاون لاين” وجدوا انفسهم محبوسين في العالم الافتراضي الذي كانوا يلعبون فيه.

ومع الوقت وعدم قدرتهم علي الخروج من هذا العالم، تنشا الحاجه لتنظيم انفسهم والحفاظ علي الامن فيما بينهم. ثم تنشا حاجتهم لانشاء قوانين واسسًا تقوم عليها علاقاتهم الاقتصاديه وعلاقاتهم مع سكان العالم الاصليين ومع مجتمعات اللاعبين المجاوره لهم، وصولًا لحاجتهم لانشاء جيش يحمي مصالحهم.

لا يتغافل هذا المسلسل ايضًا عن الفروق الطبقيه بين اللاعبين سواء في القوه او الثروه، وعن تاثيراتها في شكل ادوات السلطه والتنظيم التي يتبعونها.

يعيب المسلسل فقط انه يغرق احيانًا في دراما طفوليه لا تناسب سرديته الكبري، لكنه بالتاكيد مسلسل قادر علي التاثير في الوعي السياسي لمتابعيه، وفي قدرتهم علي فهم اسس النظريات السياسيه والاجتماعيه الواقعيه.

المقاومه العنيفه ام التغيير من الداخل؟

سؤال يطرحه مسلسل (اجنحه الجاندام) الذي يحكي قصه الاستبداد الذي تمارسه حكومه الارض علي سكان القري الفضائيه وعلي سكان الارض انفسهم، ممن رفضوا مشروعها ومشروعيتها معًا.

يُلقي المسلسل الضوء علي الالاعيب السياسيه التي يمارسها اصحاب الثروه والسلطه، وكيف يستغلون الحروب لتنميه ثروتهم ومكانتهم. وفي خضم كل ذلك، يطرح لك ثلاث مسارات للتغيير.

الاول، وهو مقاومه هذا الاستبداد بالقوه المسلحه. ولكن علي هذه القوه ان تكون رشيده فلا تستهدف الا الاهداف المؤثره وتعوض النقص الكمي بالتفوق النوعي. يتسامي ابطال المسلسل الذين سلكوا هذا الطريق عن ممارسه الالاعيب السياسيه او الخوض فيها، ويحتفظون بمنظومه مبادئيه صلبه لا تتغير مهما تغيرت الظروف سواء ضدهم او معهم.

الثاني، وهو التغيير من الداخل بالتماهي مع النظام ومجاراته ومحاوله الوصول لراس السلطه فيه. ولا يتغافل المسلسل عن خطر هذا الطريق علي الذات ومبادئها، وكيف يقود سالكيه الي التغير والتبدل حتي يعادوا اهدافهم التي انطلقوا منها.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل