المحتوى الرئيسى

المساعدات العسكرية لمصر.. من التجميد إلى الإفراج

05/08 10:11

لم يكن قرار الرئيس الامريكي باراك اوباما بانهاء تعليق المساعدات الامريكيه لبلاده الي مصر مفاجئا لمتابعي تطور العلاقات المصريه - الامريكيه في الشهور الماضيه، فقد اخبر بهذا التحول في السياسه الامريكيه تجاه مصر الكثير من المسئولين الامريكيين الذين زاروا مصر في الاشهر القليله الماضيه.

سواء من الاداره الامريكيه امثال وزير الخارجية جون كيري او من رجال الكونجرس، حيث اكد الجميع قرب انهاء تجميد المساعدات العسكريه لمصر بعد ان تبين للاداره الامريكيه والكونجرس مدي حرص وتصميم النظام الجديد في مصر الذي نتج عنه ثوره 30 يونيه علي محاربه الارهاب وقطع دابره في سيناء، وما تبذله مصر من جهد من اجل تحقيق هذا الهدف.. ‎حيث تستنفد قدراتها السياسيه والعسكريه في هذا السبيل، وهو ما يفرض علي الولايات المتحده ان تدعم مصر لانه يتفق ومتطلبات السياسه الاستراتيجيه الامريكيه لمكافحه الارهاب علي مستوي العالم، وانه من العار علي الاداره الامريكيه التي يراسها اوباما ان تستمر في تجميد صفقات اسلحه متفق عليها بين البلدين، بل مدفوع ثمنها منذ عام 2010، ولاسيما انها تتضمن انظمه تسليح تعتبر حيويه في قتال العناصر الارهابيه.. ‎مثل المروحيات اباتشي، وهي التي افرجت الاداره عن عشر طائرات منها منذ عده شهور بعد ان ازدادت الانتقادات والضغوط التي مارسها الكونجرس ضد اوباما بسبب انحيازه لجماعه الاخوان التي ما فتئت تطالب بايقاف تعاملها مع الرئيس السيسي، بل الضغط عليه من خلال وقف المساعدات العسكريه والاقتصاديه لمصر، بل منع امداد الجيش المصرى باحتياجاته الاساسيه من قطع الغيار والذخائر وعمرات الطائرات والسفن الحربيه حتي يتصالح مع الاخوان ويشركهم في الحكم، وهو ما استجاب له اوباما طوال عامي 2013، 2014 حتي تبين له وتاكد من فشل رهانه الخاسر علي جماعه الاخوان، ورفض مصر شعبا وحكومه وجيشا فكره التصالح مع الاخوان، بل ايضا فشل رهانه في الاعتماد علي المساعدات العسكريه كوسيله للضغط علي السيسي لتغيير موقفه، والاستجابه للمطالب الامريكيه..‎ حيث نجح السيسي في الحصول علي بدائل تمثلت في مساعدات عربيه وصفقات سلاح ابرمها مع روسيا وفرنسا والصين جعلته يستغني الي حد ما عن المساعدات الامريكيه، بل يتحدي ويقاوم الضغوط الامريكيه عليه، ثم جاء نجاح المؤتمر الاقتصادي العالمي الذي عقد في منتصف مارس الماضي، وما ظهر فيه من مسانده معظم دول العالم لمصر في موقفها من محاربه الارهاب، والرغبه في مساعدتها علي تخطي ازمتها الاقتصاديه، وما تلي ذلك من نجاح القمه العربيه السادسه والعشرين التي عقدت مباشره في شرم الشيخ عقب المؤتمر الاقتصادي في اثبات دور مصر الفاعل في العمل العربي، خاصه فيما يتعلق بالحرب في اليمن او في موافقه معظم الدول العربيه علي الاقتراح المصري بانشاء قوه عسكريه عربيه مشتركه لمواجهه التهديدات التي يتعرض لها الامن القومي العربي، ولاسيما من قبل المنظمات الارهابيه وايضا ايران، ناهيك عن دور مصر في تفشيل المخططات الامريكيه بشان الشرق الاوسط الجديد، فرغم نجاح هذه المخططات في بلدان عربيه اخري، مثل العراق وسوريا ولبنان وليبيا والصومال واليمن تمزقت عرقيا وسياسيا، وعمتها اعمال العنف والفوضي والتي وصلت الي حد الحرب الاهليه، الا انها استعصت علي مصر بسبب قوه تماسك جيشها وشعبها خلف قياده الرئيس السيسي، وهو الوضع الذي يفرض علي امريكا حسن التعامل مع مصر ونظام حكم السيسي حرصا علي المصالح الامريكيه في المنطقه، فليس من السهل معاداه دوله ذات ثقل اقليمي مثل مصر.

‎- من المعروف ان المساعدات العسكريه والاقتصاديه الامريكيه لمصر جزء من عمليه السلام التي تمت مع اسرائيل وبرعايه امريكيه وانتهت بالانسحاب من سيناء نهائيا في ابريل 1982 وذلك بقيمه 1.3 مليار دولار عسكريه سنويا، وقد بدات قصه المساعدات الامريكيه في عام 1975 بصدور قانون المساعدات الخارجيه، وكان نصيب مصر منه 250 مليون دولار بعد ان اعيدت العلاقات بين البلدين رسميا، وفي عام 1979 اعتمدت المعونه العسكريه لاول مره، ثم توسعت مع توقيع اتفاقيه كامب ديفيد، واصبحت مصر ثاني اكبر دوله تستفيد من المساعدات العسكريه الامريكيه بعد اسرائيل، وقد استتبع ذلك في عام 1980 بدايه مناورات «النجم الساطع» التي اشتركت فيها القوات المسلحه المصريه مع الامريكيه، وذلك في الفتره بين اغسطس واكتوبر كل عامين منذ عام 1983.‬

‎وقد شهد عقد الثمانينات ذروه المعونه الامريكيه التي بلغت 2.1 مليار دولار منها 1.3 مليار معونه عسكريه، و800 مليون دولار معونه اقتصاديه. وعندما شرعت الولايات المتحده في 1999 في تقليص برنامجها للمعونات، تقلصت المعونه الاقتصاديه لتصبح 250 مليون دولار بدلا من 800 مليون، بينما بقيت المعونه العسكريه ثابته تقريبا، ثم استمر تقديم المعونه العسكريه بقيمه 1.3 مليار دولار، وكان ترتيب مصر خامسا في ميزانيه المعونات الخارجيه الامريكيه بمبلغ 1.563 مليار دولار، وذلك طوال الفتره من عام 2002 حتي عام 2010، وكانت اداره اوباما في هذا العام قد اعتمدت سياسه اقل حده بعد ان اشاد اوباما بدور مصر في المنطقه ونص علي منحها 1.55 مليار دولار منها 1.3 مساعدات عسكريه ولكن بعد قيام ثوره 25 يناير 2011 اعلن عن الغاء مناوره «النجم الساطع» في ضوء التطورات والوضع الانتقالي الذي مرت به مصر في هذه الثوره، وعندما اعتقلت السلطات المصريه 12 امريكيا في عام 2012 وعدداً اخر من المصريين العاملين في مكاتب المنظمات الحقوقيه الامريكيه غير الحكوميه في مصر، اوقفت واشنطن تنفيذ صفقات الاسلحه المتعاقد عليها ومدفوع ثمنها وتشمل 12 مقاتله اف16، 125 دبابه ابرامز، 12 مروحيه اباتشي، و20 صاروخ هاربون، 125 مجموعه قطع غيار لانظمه تسليح امريكيه تستخدمها القوات المصرية، وفي ذلك قال اعضاء في لجنه القوات المسلحه بـ «مجلس الشيوخ الامريكي» ان المعونه العسكريه الامريكيه السنويه لمصر «في خطر حقيقي بسبب تحرش السلطات المصريه بالمنظمات الحقوقيه الامريكيه غير الحكوميه في مصر» وخلال عام 2013 وبعد سقوط نظام حكم الاخوان في مصر اوقفت واشنطن تسليم المروحيات الاباتشي وعددها 12 طائره رغم شده حاجه القوات المصريه لهذه الطائرات في محاربه المنظمات الارهابيه في سيناء، وبعد ضغوط كثيره افرجت عنها في عام 2014.

‎‫وفي يونيو من العام الماضي وفي اطار ممارسه امريكا ضغوطا علي نظام حكم الرئيس السيسي الذي برز عقب الثوره الشعبيه التي وقعت في 30 يونيو، قدم مجلس الشيوخ الامريكي مقترحاً لخفض المعونه العسكريه لمصر من 1.3 مليار دولار سنويا الي مليا دولار فقط، واوقفت الاداره الامريكيه توريد 4 مقاتلات افـ16 كان متفقا عليها ومدفوع ثمنها، وقد ارسلت شركه لوكهيد المنتجه للمقاتلات افـ16 خطابا الي البنتاجون تهدد فيه بتسريح الاف العمال ان لم يتم تنفيذ الصفقه وحصول الشركه علي مستحقاتها، وقد تكرر نفس الامر مع شركه جنرال ديناميكي المنتجه الدبابات (ابرامز م-1) وفي ابريل 2015 اعلن البيت الابيض ان الرئيس الامريكي باراك اوباما ابلغ الرئيس السيسي في اتصال هاتفي بقراره رفع الحظر عن توريد الاسلحه لمصر، وبذلك تكون الولايات المتحده قد امدت مصر خلال الفتره من 1984 وحتي 2011 بما قيمته 71.6 مليار دولار من المساعدات متعدده الاوجه (تشمل الحصول علي انظمه تسليح وذخائر وقطع الغيار الخاصه بها، واجراء عمرات واعمال صيانه واصلاح لهذه الاسلحه، والتدريب والبعثات.. الخ‬)

‎- وتتلقي مصر معظم تمويلات المعونه العسكريه الامريكيه من ثلاث حسابات: الاول‬:

صندوق التمويل العسكري الاجنبي المعروف بـFMF، والثاني: صناديق دعم الاقتصاد‬ SF، والثالث: المشروع الدولي للتعليم والتدريب‬IMET، وفي المقابل تقدم مصر تسهيلات للقوات الامريكيه في مجال عبور الاجواء المصريه ‬

- ورغم ايجابيه القرار الامريكي برفع الحظر المفروض علي تصدير السلاح لمصر، واستئناف تقديم المساعدات العسكريه، الا انه لم يخل من ضغوط علي مصر، برزت في حديث اوباما عن الافراج عن المساجين، وايقاف ما اطلق عليه «احكام الاعدام الجماعيه»، والغاء قانون التظاهر، والافراج عن المعتقلين من شباب 6 ابريل الذين تتبناهم امريكا بعد ان انفقت قرابه 3 مليارات دولار علي تدريبهم واعدادهم لتغيير نظام الحكم في مصر وتسليم السلطه الي البرادعي والاخوان المسلمين، وقال البيت الابيض عقب قرار استئناف المساعدات العسكريه لمصر: «انه لن يصدر شهاده بان مصر حققت تقدما نحو الديمقراطيه، ولكن بدلا عن ذلك تري الولايات المتحده ان تقديم المساعدات يصب في مصلحه الامن القومي الامريكي‬».

- ‎‫ومن التناقضات التي برزت في هذا القرار الامريكي ما ذكره اوباما من ان الولايات المتحده ستقدم مساعدات امنيه مشروطه لمصر اعتبارا من العام المالي 2018، وستخصص لاربع فئات وهي: مكافحه الارهاب، وامن الحدود، وامن سيناء، والامن البحري، وصيانه الانظمه العسكريه الموجوده بالترسانه المصريه، موضحا ان تلك المساعدات وغيرها من الخطوات ستساعد في رفع مستوي المساعدات العسكريه الامريكيه لتكون في وضع افضل لمعالجه التحديات التي تواجه مصالح مصر والولايات المتحده في المنطقه التي تواجه عدم استقرار، وتمشيا مع الشراكه الاستراتيجيه طويله الامد بين البلدين، وهو ما يعني في المحصله النهائيه ان الاداره الامريكيه تحاول ان تفرض شروطا لاستئناف هذه المساعدات، تشمل اصلاحات سياسيه، وهو ما عبر عنه اوباما في حديثه مع السيسي عندما اشار خلال المكالمه الي قلق بلاده «ازاء سجن ناشطين سلمين والمحاكمات الجماعيه، داعيا الي احترام حريه التعبير والتجمع».

‎- وفضلا عما تعنيه هذه الانتقادات الامريكيه لمصر بشان حقوق الانسان من تدخل في شئونها الداخليه، فان واشنطن اقرنت رفعها الحظر علي تقديم المساعدات العسكريه لمصر، بعدم السماح لها بشراء المعدات العسكريه بنظام الائتمان، وتعديل قواعد صرف هذه المساعدات اعتبارا من عام 2018 لفرض دور اكبر للاداره الامريكيه في تحديد نوعيه الاسلحه المشموله ببرنامج المساعدات، وذلك بوقف استخدام اليه التمويل النقدي للمعدات العسكريه التي تسمح لمصر بشراء المعدات والاسلحه التي تراها مناسبه لاولوياتها اعتمادا علي التدفق المتوقع للمساعدات ومن ثم فانه اعتبارا من عام 2018 وبعد تمزيق واشنطن (بطاقه الائتمان) الخاصه بمصر لدي الولايات المتحده لن تكون مصر مؤهله للحصول علي تمويل الاعتمادات النقديه، وهي الاليه التي تسمح لواشنطن بتخصيص مئات الملايين من الدولارات لطلبات المعدات العسكريه الامريكيه (تحت الصنع) في ظل افتراض ان الكونجرس سيواصل تخفيض نحو 1.3 مليار دولار مساعدات عسكريه سنويه‬.

‎وتعقيبا علي هذا التغيير في الموقف الامريكي من المساعدات العسكريه لمصر ذكرت صحيفه نيويورك تايمز ان «هذا التغير سيجعل من الاسهل علي الحكومه الامريكيه في المستقبل الوقف او الحد او اشراط المساعدات اذا اختارت ذلك»، واوضحت الصحيفه انه «بدايه من عام 2018 سيكون المسئولون الامريكيون قادرين ايضا علي ممارسه قدر اكبر من السيطره علي نوعيه السلاح الذي ستحصل عليه مصر بما يسمح للولايات المتحده بتركيز مساعداتها علي قدرات مكافحه الارهاب، والاستثمارات في مجال الامن البحري والحدود»، وقد ارجعت الصحيفه هذا التغيير الي «انعدام الانضباط موقف الولايات المتحده ازاء مصر منذ عام 2001، وما تلاه من ارتداد البلاد الي الاستبداد، ما يزيد من عدم احتماليه تاثير هذه الانتقادات المتعلقه بحقوق الانسان»، واضافت النيويورك تايمز ان «لدي اداره اوباما اسبابا قويه تدفعها للابقاء علي تحالف وثيق مع مصر، لما يوفره ذلك من دور السفن الحربيه الامريكيه عبر قناه السويس، فضلا عن السماح بتحليق الطائرات الامريكيه الحربيه بحريه داخل المجال الجوي المصري» علي حد قولها، وقد حددت الصحيفه مغزي التغيير في نظام حصول مصر علي المساعدات الامريكيه في قولها: «ان المسئولين الامريكيين بهذا التغير يمكنهم استخدام المساعدات كاداه نفوذ علي مصر في مجال حقوق الانسان والحكم الديمقراطي».. ‎اما الواشنطن بوست فقد ذكرت انه «علي الرغم من رفع التعليق عن المساعدات فان قرار واشنطن بعدم شراء مصر مساعدات عسكريه من الاعتمادات الماليه في المستقبل، علامه علي تشديد الولايات المتحده قبضتها علي المساعدات ردا علي المعامله القاسيه مع المعارضين في مصر»، ونقلت الصحيفه عن مسئول كبير في الاداره الامريكيه «ان جهود الولايات المتحده لتحفيز الاصلاحات من خلال حجب المساعدات لم تنجح كما كان يامل المسئولون»، واضاف: «ان التحرك لوضع حد لتمويل الائتمان المالي العسكري لمصر من شانه ان يضع الولايات المتحده في وضع اقوي بكثير ازاء ضبط المساعدات لمصر في المستقبل».

وعن مغزي توقيت قرار رفع الحظر علي المساعدات العسكريه الامريكيه لمصر، يعتقد الكثير من المحللين انه يرتبط بتزايد اعمال الارهاب والعنف بالمنطقه في الاونه الاخيره، كما يتزامن مع الحملة العسكرية التي تشنها مصر ضد الحوثيين في اليمن مع اشقائها دول الخليج ودول اخري عربيه والتي عرفت بـ«عاصفه الحسم» رغم نفي اوباما وجود ارتباط بين هذا القرار والحرب الدائره في اليمن، والتفاوض بين مجموعه دول 5+1 (دائمي العضويه في مجلس الامن والمانيا) وايران حول برنامجها النووي، وما تردد حول ارتباط هذه المساعدات باثبات الرئيس السيسي تنفيذه الاصلاحات الديمقراطيه المنشوده في البلاد، الا انه لم يكن بعيدا عن اذهان صناع القرار في واشنطن ازدهار العلاقات مؤخرا بين مصر وفرنسا، خاصه بعد ابرام القاهره اتفاقا مع باريس لشراء 24 طائره مقاتله (رافال) كجزء من صفقه قيمتها 5.9 مليار دولار.

‎- وقد اجملت شبكه (بلومبرج) الامريكيه المغزي من وراء قرار الرئيس الامريكي برفع حظر السلاح عن مصر بقولها: «ان تسليح مصر بات شرا لابد منه، وربما يكون الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يمارس بعض الصلاحيات الديكتاتوريه ويعارض الحقوق المدنيه، ولكن لم يعد هناك معني لوقف المساعدات في ظل التطورات المتعدده للازمات في الشرق الاوسط وشمال افريقيا».‬

‎- رغم الخلافات السابقه واللاحقه بين مصر والاداره الامريكيه، ولاسيما فيما يتعلق بشان التعامل مع جماعه الاخوان الارهابيه التي تتبناها واشنطن، ولا تزال تراهن عليها وتطالب باشراكها في السلطه والحكم، وهو ما يرفضه الشعب المصري قبل الحكومة المصرية، الا ان ادراك اداره اوباما متاخرا لخطا حساباتها طوال السنتين الماضيتين في التعامل مع مصر عندما اتخذت من المساعدات العسكريه وسيله للضغط علي الحكومه المصريه، هو الذي دفع اوباما الي تصحيح هذا الوضع الخطا بعد ما تبين له مدي تاثيره السلبي علي المصالح الامريكيه في المنطقه، وعلي شركات السلاح الامريكيه التي تلعب دورا مهما في الانتخابات الامريكيه.. وقد واجه الرئيس السيسي هذه الخطوه الامريكيه بايجابيه ايضا عندما اكد ان استمرار المساعدات العسكريه الامريكيه لمصر، انما يصب في صالح تحقيق الاهداف الاستراتيجيه المشتركه للبلدين لاسيما فيما يتعلق بجهود مكافحه التطرف والارهاب، وحفظ الامن، خاصه في سيناء، وعندما تجاوب السيسي مع هذه الخطوه الامريكيه كان يضع في اعتباره المصالح العليا للقوات المسلحه التي تعتمد في تسليحها بنسبه 60% علي الاسلحه والمعدات الامريكيه، وضروره تامين الحصول المستمر علي قطع الغيار، واجراء عمرات انظمه التسليح الرئيسيه، فضلا عن استعواض ما يتم استهلاكه من ذخائر جويه وبريه في العمليات الدائره في سيناء، واثناء التدريب، وذلك من اجل استمرار المحافظه علي الكفاءه القتاليه للقوات المسلحه، لذلك تجاهل السيسي مؤقتا القيود التي اشار اليها اوباما بتغير تركيبه المساعدات العسكريه ابتداء من عام 2018، وتحويل معظمها باتجاه محاربه الارهاب والامن البحري، وعدم السماح لمصر بالحصول علي تمويل الاعتمادات النقديه، فضلا عن الامتناع عن تصدير انظمه تسليح رئيسيه لمصر.. كل ذلك تجاهله السيسي في رد فعله علي القرار الامريكي، مؤجلا ذلك لمناقشته في المستقبل عندما تاتي اداره امريكيه جديده بعد رحيل اوباما بعد عامين وتكون الظروف السياسيه ملائمه لكي تطالب مصر برفع هذه القيود‬.

‎- واذا كانت واشنطن قد تخلت مؤقتا عن رهاناتها علي جماعه الاخوان واعادتها للحكم في مصر بعد ان ثبت لها انها رهانات خاسره بجميع المقاييس، الا ان المعارك المشتعله حاليا علي اكثر من جبهه في منطقه الشرق الاوسط، دفعها الي التراجع عن مواقف صلبت فيها رايها دون دواع قويه، وذلك من اجل هدف اكثر استراتيجيه واكثر حساسيه في مجال مكافحه الارهاب في الشرق الاوسط، وقد ذكر مسئول امريكي انه «اذا كانت المعارك المشتعله حاليا علي اكثر من جبهه في منطقه الشرق الاوسط، تقضي بتحالف حتي الاعداء، فما بالنا بحلفاء استراتيجيين شهدت علاقتهما فتورا بسبب وجهات سياسيه لا ترقي الي مرتبه الجفاء المعلن، خاصه ان الاحداث اثبتت ان القاهره وواشنطن في مركب واحد، والعالم باكمله يواجه خطراً ويخشي من تبعاته، ويجب ان يترفع الطرفان عن اي خلاف مهما كانت حدته».

‎- ‫ومما لا شك فيه ان القرار الامريكي برفع الحظر عن المساعدات العسكريه لمصر، هو اعتراف امريكي باستعاده مصر دورها الاقليمي – وهو ما تمثل في المشاركه المصريه الايجابيه في عمليه الحزم في اليمن –كما ان هذا القرار يعد شهاده امام العالم، واقرارها بشرعيه السيسي، وان امريكا تشعر بخطا تقديرها لثوره 30 يونيو، واحترامها رغبه الشعب تحت قياده السيسي، بل واعتراف امريكي بان الشعب المصري يؤيد سياسه السيسي وخطواته لاسيما في مجالي مكافحه الارهاب، والتنميه الاقتصاديه، وهو ما تمثل في نجاح عمليات تطهير سيناء من المنظمات الارهابيه، وايضا نجاح مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي ودخول مصر في مشروعات قويه ضخمه، وان امريكا تري ان الشعب يؤيد هذه الانجازات، ما كان له اثر في رفع الحظر عن المساعدات الامريكيه‬.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل