المحتوى الرئيسى

إريتريا.. بوابة إيران بعد السودان

05/07 10:38

كانت وما زالت فوضي الانهيار التي اعقبت سقوط نظام الحكم في اليمن محفزه للالتفات الي الجهه الاخري من البحر الأحمر. يقابل اليمن بموقعه الهام، منطقه القرن الأفريقي بما تمثله من اهميه استراتيجيه متعلقه بانشطه النقل البحري، وخصوصا نقل صادرات النفط، فضلا عن اهميتها الامنيه المتصله بامكانيه التحكم في الممرات المائيه في هذه المنطقه.

لم تتميز اريتريا الدولة الحديثة نسبيا بعد انفصالها عن اثيوبيا عام 1974 بحكم اداري ذاتي، بقوه سياسيه او اقتصاديه بالرغم من اطلالها المباشره علي البحر الاحمر وضمها لميناءين من اهم الموانئ في افريقيا هما ميناءا عصب ومصوع اللذان فقدتهما اثيوبيا فاصبحت مغلقه دون حدود بحرية. وكانت اريتريا قد اُجبرت من قبل علي الدخول في اتحاد فدرالي مع اثيوبيا عام 1952.

وقد عارضت اثيوبيا استقلال اريتريا معتمده علي احد بنود ميثاق منظمه الوحده الافريقيه في الماده (4) باحترام الحدود السياسيه القائمه والموروثه من الاستعمار. وكان اكثر ما يهز عقيده تطور اثيوبيا الاشتراكيه لبلد غالبيته من المسيحيين هو ان يمكن حصول اريتريا علي الميناءين وسيطرتها علي ساحل البحر الاحمر مع السودان ومصر وتحويله الي بحر عربي دون ان تكون لها اطلاله عليه.

تتحدث بعض القوميات الاريتريه اللغه العربيه، ويمثل نحو 36% منهم وحده ذاتيه تدين بالاسلام، وهناك 63% يدينون بالمسيحيه بالاضافه الي1% لديهم ديانات افريقيه روحانيه، وتتخوف اثيوبيا من زياده دعم الدول العربيه لاريتريا، والضغط علي اثيوبيا لقطع علاقاتها مع اسرائيل.

بدات القوي الكبري خاصه الولايات المتحده الاميركيه الاهتمام بالمنطقه واضفت بُعدا دوليا علي الصراع الاقليمي هناك، بعد ان خاضت الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا بالتضامن مع الجبهه الاثيوبيه الموحده معارك ضد نظام الرئيس الاثيوبي منغستو هايلي ماريام، وانتصرت عليه ففر الي زيمبابوي لتسيطر الجبهه الشعبيه لتحرير اريتريا علي البلاد والعاصمه اسمرا في يوم 25 مايو/ ايار 1991.

عقدت الولايات المتحده مؤتمرا في لندن في 27 مايو/ايار 1991 بالاضافه الي مؤتمر لجبهه التحرير في الخرطوم كان من ضمن ما اشتمل عليه التخلص من الانظمه المعارضه للولايات المتحده الاميركيه في منطقه القرن الافريقي.

اعلنت الحكومه الاثيوبيه الجديده اعترافها بحق تقرير المصير لاريتريا، وحصلت اريتريا علي الاستقلال في 25 ابريل/نيسان 1993 باستفتاء شعبي اصبحت علي اثره دوله ذات سياده والعضو رقم 183 في الامم المتحده.

وبالرغم من احتلال اريتريا لموقع جيواستراتيجي في منطقه القرن الافريقي فانها لا تحظي باي تاثير علي مستوي الامن الاقليمي. فهذا الموقع كان مصدر اطماع دوليه كبيره لاشرافه المباشر علي هذا الجزء الهام من افريقيا، كما يطل من الضفه الاخري علي المملكه العربيه السعوديه واليمن، ومنه يمكن التحكم في مسارات النفط والتجاره بين قارات العالم.

كما ان موقع اريتريا يربط بين اقرب واقصر طرق الملاحه بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط مما يجعل اريتريا مشرفه علي نقطه الوصل بين القارات الكبري الثلاث اسيا وافريقيا واوروبا. وفي مضيق "باب المندب" علي المدخل الجنوبي للبحر الاحمر، يمر ما يقرب من 3.2 ملايين برميل نفط يوميا.

جاءت استعانه ايران باريتريا في هذا الوقت الذي خسرت فيه حليفها الاستراتيجي من افريقيا جنوب الصحراء حتي القرن الافريقي وهو السودان. وبدا تلك الخساره مبكره بانفصال الجنوب، ورغم ان الجنوب لم يكن ذا اهميه بالنسبه لايران فان تقلص مساحه السودان افقدها مستوي من الاهميه.

في الناحيه الاخري من البحر الاحمر كانت تعتمل بوادر تدخلات ايران في اليمن مستغله الفوضي التي خلفتها ثوره فبراير/شباط 2011. ففي هذا العام تجددت المحاولات الايرانيه لاختراق اليمن. حاولت ايران تصدير الثوره الي اليمن بعد نجاح الثوره الاسلاميه، بسبب دعمه لنظام صدام حسين في حربه معها خلال الفتره الممتده بين 1980 و1988، ولكن تلك المحاولات فشلت.

اعادت ايران المحاوله من 1994 الي 2004 حيث استطاعت التنازل عن التبشير بمذهبها "الاثني عشري" لصالح المذهب الزيدي ففتح لها شيعه اليمن صدورهم لتتوج تلك العلاقه بعسكره جماعه الحوثي الذين اعتمدوا احد شعارات الثوره الايرانيه "الموت لاميركا"، ومنذ ذلك الوقت وحتي عام 2010 قامت الجماعه بست مواجهات مسلحه مع قوات النظام اليمني في محافظه صعده بشمال البلاد المتاخمه للحدود السعوديه.

قبل ان يقطع السودان علاقته مع ايران كانت الاخيره تستخدم ميناء عصب الارتيري ومضيق باب المندب، حيث قامت ايران من خلالهما بارسال المساعدات والاسلحه لتزويد المتمردين الحوثيين في اليمن كما قامت من خلال خليج عدن بالقرب من القرن الافريقي بتزويد الاسلاميين "المتشددين" في الصومال بالسلاح والعتاد العسكري.

ورغم ان الاختراق الايراني لليمن بدعم متمرديها وتمددها حتي السواحل الصوماليه لم يتم الا بقبول من اريتريا، وان اريتريا ليست بالقوه والتاثير الذي يجعلها لاعبا فعالا في مسار العلاقات الدوليه ودخولها في صراعات، بسبب حجمها وتاريخها وموقعها الذي يفرض عليها السعي للتواؤم مع اقليمها، فان هناك عوامل اخري جعلتها تبدو مرحبه اكثر مما هي متفاديه لما يمكن ان تجلبه عليها هذه الصراعات المفترضه من متاعب في علاقاتها الاقليميه، ومن ضمن هذه العوامل تصاعد حركات المعارضه الداخليه ذات الصبغه الاسلاميه السنيه بعد تبني نظام الحكم للتوجه العلماني.

تمثل الدعم العسكري الايراني للحوثيين في مدهم بالسلاح وتدريبهم في ثلاثه معسكرات تقع علي الاراضي الارتيريه باشراف وخبرات وتمويل ايراني، واحد هذه المعسكرات يوجد بالقرب من ميناء "عصب" قباله معسكر كبير للجيش الارتيري يسمي "ويعا"، والمعسكر الثاني في منطقه "ساوي" وهو احدث المعسكرات التي اقامها الحرس الثوري الايراني لتدريب الحوثيين، وهو قريب من الحدود السودانيه، والمعسكر الثالث يقع في احدي الجزر الثلاث التي استاجرتها ايران -ومنها جزيره "دهلك" وهي تابعه لاريتريا- لتزويد الحوثيين بالسلاح والدبابات عبر ميناء ميدي.

اتخذت ايران هذه الجزر الارتيريه نقاط ارتكاز لتدريب القوي العسكريه والزج بها في الصراع الاقليمي داخل دول المنطقه، تقويه لنفوذها، ولكي تفرض من خلالها سيطرتها علي المنطقه.

كان للسياسه الاميركيه والاسرائيليه دور بارز في تحفيز ايران علي مد نفوذها وفي وضع قضيه تمدد النفوذ الايراني وملفها النووي في اعلي مستويات الخطر، ولكن حتي ذلك الوقت الذي دخلت فيه اميركا وسيطا بين اثيوبيا واريتريا قبيل وبعد الانفصال، ثم خلال نزاعاتهما المستمره الي عام 2000 لم ترتقِ مخاوف المد الايراني في تلك المنطقه الي مستوي التهديد، لان اهتمام اميركا حتي ذلك الوقت كان يتركز حول اسرائيل وليس ايران.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل