المحتوى الرئيسى

بالصور| "بيت مدكور" يستغيث.. عمره 600 عام وأصحابه يريدون تسويته بالأرض

05/06 18:57

شكاوي واستغاثات كثيره اطلقها سكان "بيت مدكور"، احد البيوت الاثريه بمنطقه الدرب الأحمر، لانقاذه من معاول الهدم التي نجحت في تخريب جزء منه، ويقف الجزء الباقي قابضاً علي تاريخه الممتد الي 600 عام ومستعصياً علي الهدم، في السابق نجحت معاول الهدم في تدمير بيت "المهندس" التاريخي ووكاله "قوصون" بالدرب الاحمر، والان تحاول ان تمتد يدها الي بيت "مدكور" لتسويته بالارض، وترفع علي انقاضه عمارات خرسانيه شاهقه.

بقايا حجاره متناثره علي المدخل يتخللها عوارض خشبيه نخرها السوس واخري فحمتها النار، يتبعها فناء مكشوف تتناثر في ارجائه بعض الاشجار، وتطل عليه المشربيات، وتحيط به اعمده بزخارف منمقه متربه، وزوايا تسكنها العنكبوت، وبقايا زجاج نادر يملا فتحات نوافذ خاليه، وفي الداخل اسقف مزينه بتابلوهات باهره رسمت بعنايه، وشخشيخه اثريه سرقت مؤخراً، وبقايا اشخاص يعيشون بالمكان.

هذا كل ما تبقي من "بيت مدكور" الذي يعد احد اكبر البيوت التاريخيه بشارع التبانه بالدرب الاحمر، وهو الشارع الذي كان يمر به السلاطين والامراء منذ العصر المملوكي البحري، ويواجه البيت جامع الطنبغا المارداني الذي يعد من اهم الجوامع في مصر والعالم، ويجاوره ضريح محمد ابو النور، وزاويه جاويش باشا وتربه كتبغا، وسبيل ابو اليوسفين.

يقول احمد بدران 55 سنه احد السكان، انه ولد في بيت "مدكور"، ويحتفظ بالكثير من ذكريات حياته داخل هذا البيت، وسيقف بالمرصاد لاي محاولات لهدمه او اخراجه منه، ويوضح انه قبل ثوره يناير في 2010 جاءت لجنه ثلاثيه من وزاره الاثار الي البيت وقاموا بتسجيله كاثر معماري مميز، واُدرج في قرار التسجيل ان اهم ما يميز البيت هو الطابع المعماري في الواجهه والمدخل.

واضاف بدران ان اصحاب البيت كانوا يسكنون في الطابقين اللذين يطلان علي الشارع حيث الواجهه، وعندما انتقلوا الي بيت اخر ارادوا ان يهدموه ويخرجوا السكان لكي يبيعوا الارض، وتيقنوا ان ما يوقف هدم البيت وبيعه هو دخوله في التراث المعماري، وان ما ادخله في التراث المعماري هو الواجهه والمدخل فقاموا بهدم الاثنين، كما هدموا سقف الطابق الثالث وتركوا بقايا الهدم علي سقف الطابق الثاني، وقاموا بفتح المياه وتركها علي البقايا الموجوده علي سقف الطابق الثاني فانهار الجزء المطل علي الشارع والذي يمثل حسب تقدير اللجنه الثلاثيه التي ادخلته كطراز معماري مميز 20% من المنزل، وباقي المنزل 80% مازال سليماً.

ويضيف انه لذلك قامت وريثه البيت "ل.ا" باستئجار مقاول لكي يخرب بقيه المنزل فقاموا بازاله النوافذ والابواب بالاضافه الي شخشيخه اثريه، من الاجزاء التي هجرها السكان خوفاً من صاحبه البيت التي استصدرت قرارا باخلاء البيت وحاولت تنفيذه بمساعده الشرطه اكثر من مره، واخرها كانت منذ اسبوع.

ويلفت بدران الانتباه الي انه تصدي لمحاولات اخلاء البيت بالقوه، وتم القبض عليه من قبل شرطه الدرب الاحمر، لمعارضته تنفيذ حكم قضائي باخلاء البيت وهدمه، ولم يتم الافراج عنه الا بعد كتابته تعهدا بمسؤوليته عند وقوع اي انهيار في البيت.

ويشير ان البيت صورت به عده افلام سينمائيه قديمه منها فيلم "سونيا والمجنون"، وكانت توجد به نافوره مياه في وسط الفناء ولكنها دمرت، وانه كان يسكن في البيت نحو 36 اسره ونحو 8 ورش، لم يتبق من الاسر المقيمه بالبيت سوي 4 اسر فقط، لارتباطهم بالبيت وجدانياً، والباقي ترك البيت لخوفه من مواجهه الحكومه، وهو ما دفع العمارات الشاهقه المبنيه علي جانبي المنزل ان تاخذ الكهرباء من الكابل المغذي للبيت دون وجه حق، ولعدم وجود احد من السكان يتصدي لهم، ويقول بدران انه اكتشف في البيت مجموعه من السراديب التي ترجع للعصر المملوكي والتي كانت تستعمل كخزانات للمياه، وتصل الي مجري العيون عند القلعه.

ويلتقط محمد هاشم الرجل الستيني طرف الحديث منه قائلاً "انا فتحت عيني لقيت نفسي عايش هنا، وفوجئنا في الايام الاخيره ان اصحاب البيت عاوزين يخرجونا بالقوه واحنا مالناش ماوي غير البيت ده، ولما رفضنا اصحاب البيت بداوا يخوفونا باساليب ملتويه زي حرق واجهه البيت وهدمها، وتخريب الاجزاء الفاضيه اللي الناس سابوها".

ويضيف ان مساحه البيت تبلغ نحو 2200 متر يمتد من مسجد المارداني بشارع التبانه الي مسجد فاطمه النبويه، وانه كان قطعه واحده ولكن اصحاب المنزل عندما ارادوا ان يدر البيت عليهم دخلاً، قاموا بتحويل الطابق الارضي الذي كان يستعمله اصحاب البيت من المماليك كاسطبلات، الي غرف واماكن منفصله وتاجيرها للورش المختلفه.

ويقول محمد نسيم 45 سنه احد سكان البيت، انهم تقدموا بالكثير من الشكاوي والاستغاثات لوزاره الاثار ومحافظه القاهره لانقاذ البيت ولكن لم يستجب احد، ويتمني نسيم ان تلقي دعوتهم صداها لدي المسؤولين ويهموا لانقاذ البيت.

وتقول الدكتوره امنيه عبدالبر عضو حمله انقذوا القاهره التاريخيه والمتخصصه في ترميم الاثار، ان الاهميه الاثريه والمعماريه لبيت مدكور، ترجع لكونه يتميز بطابع معماري متميز لا وجود له في بقيه المنازل الاخري، وان واجهته كانت تتكون من طابقين لكن تم تخريبها واشعال الحرائق بها الي ان دمرت بالكامل، كما ترجع اهميته الي مساحته الكبيره في قلب القاهره التاريخيه، ولانه يتميز بالعديد من العناصر التاريخيه التي تنتمي للقرن التاسع عشر.

وتشير امنيه ان البيت علي الرغم من يد التخريب التي تعبث به مازال يحتفظ في الداخل بالعديد من العناصر المعماريه المتميزه التي اندثرت في غيره من البيوت الاثريه، وبيت مدكور كان مسجلا بالفعل علي لائحه البيوت التراثيه في 2010، وكان ايضاً مقترحاً في نفس قرار تسجيله اخطار المجلس الاعلي للاثار لادارجه ضمن الاثار، الا انه تم اخراجه من علي لائحه البيوت التراثيه بقرار لرئيس الوزراء رقم 960 لسنه 2011، ثم صدر قرار يقضي بهدمه حتي سطح الأرض في نفس السنه، ما اثار الكثير من التساؤلات حول توقيت صدور هذه القرارات، ولكونها تتعارض مع قرارات تسجيل البيت التي تمت في 2010.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل