المحتوى الرئيسى

التعليم بوصفه قضية أمنية

05/05 11:35

في نوفمبر/تشرين الثاني (الماضي) تحدثت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للمره الاولي منذ ثلاثه عشر عاما. وقد لفت انتباهي مدي اختلاف المزاج الان، ففي سبتمبر/ايلول من عام 2000، كان العالم يبدو مختلفا تمام الاختلاف، فانذاك، كنا نحاول تبيان وتفصيل النظام الامني الجديد في العقد التالي لسقوط سور برلين.

ولم يخل الامر من التحديات بكل تاكيد، ولكن الاجواء كانت خفيفه وايجابيه حتي عندما كنا نناقش القضاء علي الفقر في العالم النامي.

بيد ان المزاج هذه المره كان كئيبا، ثم جاءت الايام الاولي من عام 2014 لتجعله اكثر كابه.

وما عليك الا ان تستعرض ملخص احداث اي يوم وسوف تجد قصصا عن ارهاب واعمال عنف ترتكبها جهات فاعله لا تنتمي لدوله بعينها، فضلا عن تلك التي تنفذها دول، ولكن جميعها تُرتَكب في سياق من الانقسام والصراع بسبب اختلافات مرتبطه بالعقيده الدينيه.

هذا هو الصراع الجديد في القرن الحادي والعشرين، ولن يتسني لنا الفوز الا اذا حاربنا اسبابه الجذريه وكذلك عواقبه المروعه.

واليوم، في قوس يمتد من الشرق الاقصي عبر الشرق الاوسط الي شوارع ومدن في اوروبا والولايات المتحده، نواجه افه حصدت ارواح الابرياء وشوهت المجتمعات، وزعزعت استقرار الكثير من البلدان. وهو تهديد يتطور وينمو باستمرار ويتحور في مواجهه كفاحنا ضده.

ويعمل المتطرفون الذين ينشرون هذا العنف من خلال شبكات قادره علي الوصول الي الشباب وتعرف بقوه التعليم، سواء الرسمي او غير الرسمي.

ويعبئ المتطرفون العقول الشابه باعتقاد مفاده ان كل من يخالفهم في الراي عدو وليس مجرد عدو، بل عدو الله.

ومن المفهوم ان تركز المناقشات الامنيه غالبا علي العواقب، فبعد وقوع اي هجوم، تفكر الدول في تدابير امنيه فوريه، فتطارد الارهابيين وتتصيدهم، ثم نعود الي حياتنا اليوميه الي ان يقع الهجوم التالي.

ولكن التغيير الدائم لهذا الواقع يعتمد علي التعامل مع الاسباب الجذريه للتطرف. وبطبيعه الحال، تلعب السياسه دورها، والمتطرفون بارعون في استغلال المظالم السياسيه، ولكن التربه التي يغرسون فيها بذور الكراهيه يخصبها الجهل.

وهذا هو السبب الذي يجعلنا في احتياج الي التفكير في التعليم باعتباره قضيه امنيه.

ان المتطرفين يبررون القتل باسم الرب، وهو انحراف فاحش عن الايمان الديني السليم. وهو امر بالغ الخطوره بسبب الاضرار التي تترتب عليه بشكل مباشر والانقسام المدمر والطائفيه التي تتغذي عليه بشكل غير مباشر.

وكل قتل يخلف ماساه انسانيه، ولكنه يتسبب ايضا في تفاعل متسلسل من المراره والكراهيه. وهناك خوف حقيقي في المجتمعات المبتلاه بمثل هذا التطرف، خوف يشل الحياه الطبيعيه ويدفع الناس بعيدا عن بعضهم البعض.

وتعمل العولمه علي مضاعفه هذا التطرف وزياده حدته، فالتطرف الذي لا تحده حدود من الممكن ان ينشا في اي مكان الان، بعد ان اصبحنا اكثر ارتباطا من اي وقت مضي في التاريخ البشري، وبعد ان اصبح بوسع المزيد والمزيد من الناس التواصل مع اولئك الذين يختلفون عنهم.

وبالتالي فان الحاجه الي احترام الجار المختلف عنك باتت اعظم اهميه، ولكن نطاق تحديد هويته بوصفه عدوا يشكل ايضا امرا بالغ الاهميه.

والامر لا يتعلق بالتطرف الاسلامي فحسب. فهناك اعمال تطرف تُرتَكَب ضد مسلمين بسبب دينهم، واليوم هناك متعصبون مسيحيون ويهود وهندوس وبوذيون يشوهون الطبيعه الحقيقيه لعقيدتهم الايمانيه.

ولهذا السبب فان التعليم في القرن الحادي والعشرين يشكل قضيه امنيه بالنسبه لنا جميعا. ويكمن التحدي في اقناع الشباب المعرضين لخطر الاستجابه لنداءات الارهابيين بان هناك طريقا افضل لجعل اصواتهم مسموعه وسبيلا اكثر جدوي للمشاركه في العالم.

النبا السار هنا هو اننا نعرف كيف نفعل هذا. وانا استخدم مؤسسه الايمان التي قمت بانشائها كمثال واحد هنا، فبرامجنا المدرسيه تشجع الحوار عبر الثقافات بين الطلاب الذين تتراوح اعمارهم بين 12 و17 سنه من مختلف انحاء العالم. ويعمل برنامجنا الذي يصل الي طلاب في اكثر من عشرين دوله علي الربط بين الطلاب من خلال موقع امن علي شبكه الانترنت، حيث يتفاعلون فيما بينهم من داخل حجرات الدرس بتوجيه من معلمين مدربين.

ومن خلال مؤتمرات الفيديو الميسره، يناقش الطلاب قضايا عالميه من مجموعه متنوعه من اكثر من منظور عَقَدي وايماني، ويكتسبون مهارات الحوار المطلوبه لمنع الصراع من خلال كسر القوالب النمطيه الدينيه والثقافيه.

وبالنسبه للمدارس في اكثر المناطق فقرا، فنحن نستخدم ترتيبات خاصه لانها لا تستطيع الوصول الي الانترنت.

ومن المؤكد اننا مجرد قطره في بحر. ولكننا الان لدينا الخبره في اكثر من الف مدرسه، وقد علمنا اكثر من خمسين الف طالب، كما نعمل في بلدان متنوعه بتنوع باكستان والهند والولايات المتحده والاردن ومصر وكندا وايطاليا والفلبين واندونيسيا.

ويسرني ويشرفني ان اشهد هؤلاء الطلاب وهم يشعرون بالارتياح ازاء ثقافاتهم ومعتقداتهم الدينيه والايمانيه التي تلهم العديد من الناس في مختلف انحاء العالم.

وهناك العديد من الامثله الرائعه الاخري لهذا النوع من العمل. ولكنها تفتقر الي الموارد والثِقَل وما تحتاج اليه من اعتراف.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل