المحتوى الرئيسى

مبارك.. الشيطان يعظ – (بروفايل)

05/04 23:39

رصاصه تخترق جسد الرئيس، فيفارق الحياه، فيما تدُب روحًا اخري في جسدٍ اخر، متفوهًا بقسمٍ اقسم عليه سابقيه عام 1981 ''اقسم بالله العظيم ان احافظ مُخلصًا علي النظام الجمهوري.. وان احترم الدستور والقانون.. وان ارعي مصالح الشعب رعايه كامله وان احافظ علي استقلال الوطن وسلامه اراضيه''.

ماذا فعل مبارك كي يُحاكم، كي يظل حبيسًا كابناء شعبه، ظلّ حرًا فيما كان شعبه حبيسًا، وصار شعبه حُرًا وقتما اصبح سجينًا، براته ساحات القضاء، وكيف تُبرا ساحات القضاء سجينًا هو اساس المُلك !.

الجبال تحلف بحياته، ورضخت لاوامره، يتذكر ذلك جيدًا، كان يومًا من ايام شهر رمضان من عام 2006، وتحديدًا يوم 6 سبتمبر، شرخٌ في جبل الدويقه، اعقبه انهيار، لم يصرخ احد، فلم يكن هناك وقتًا للصُراخ، احتبست الانفاس، دُقت الرؤوس، سحل الصخر الاجساد، ارتقت الارواح، ولم ياتي الرئيس مبارك ليُلقي نظره اخيره، هو لا يُحبُ نظرات الوداع.

حوكم في قضايا عِده، قالت عنه محكمه جنايات القاهره في قضيه القصور الرئاسيه "الله منّ علي مبارك وبواه حكم مصر واقسم علي احترام الدستور والقانون وبات نائبا عن شعبه في اداره شؤونه وقائما علي امواله، لكنه لم يكبح جماح نفسه واولاده وغيرهم عن المال العام، واستباح منه دون وجه حق، وكان عليه ان يعدل بالمساواه بين ابعد الناس واقربهم في قضاء الحقوق، ولكنه لم يفعل ولم يسر علي نهج السلف الصالح مثل عمر بن الخطاب الذي سوي بين ابنائه وسائر المسلمين"، هذا علاوه علي قضايا تصدير الغاز، قتل المتظاهرين والكسب غير المشروع، نقوه من الذنوب كما ينقي الثوب الابيض من الدنس.. كيف تنظر في عيني ام مكلومه تدمع عيناها دمًا علي وليدها المقتول؟، كيف تنظر في عيناها وهي تعرف جيدًا انك قاتلُ رضيعها.

نصح كثيرًا وصار واعظًا، فكيف يتهمونه بالفساد وخراب الذمم، نصح الرئيس العراقي صدام حسين قبل اعوام بضروره الرحيل لانه افسد، طالب العمال بالصبر علي علاوتهم، والفلاحين بالتجلد علي بوار ارضهم، والمصريين بتكبد مشقه الاغذيه المسرطنه، والطلاب بالجد في مناهج مُغيبه، ونصح الشعب بضروره اجراء انتخابات رئاسيه، ولكنهم لم يثقوا في كلماته، لم يثقوا في خطاباته، اعتقدوا لبُرهه انه شيطانٌ يعظ.

كان مبارك مُحصنًا من وراء جُدران تحميه، وحاشيه تُحيطه، وبدله واقيه تقيه شر الحاقدين والقاتلين، وسياره تُقلُه، لم يفعل كسائر الرعيه، يتنقل في المواصلات العامة، يقف في طابور ''العيش''، يُقاتل من اجل ''انبوبه'' بوتاجاز، كعوبه قدميه لم تذبل من اجل الجري وراء موافقه وزير الصحه علي علاج احدًا من ذويه علي نفقه الدوله، انه لم يركب حتي القطار.

وقت الفرح دومًا يتحول بفعل حُكمه الي حُزن، منذ فبراير من عام 1992، وحتي نهايه حُكمه اجتزت القطارات ارواح اكثر من 600 مواطنًا.

ان تكون مُسافرًا عبر القطار، تحسب كل دقيقه مُتبقه في رحلتك لرؤيه اهلك في الصعيد، تحتضن بين ذراعيك ابنتك، وتغفو زوجتك، وتُصارع انت النوم لحمايتهما، ويُخاطبك الاهل تليفونيًا وتُطمئنهم، ثم بعد دقائق قليله يستلموك جُثه مُتفحمه، والجاني صار طليقًا.. اذن فانت احد شهداء حادث قطار الصعيد من ضمن اكثر من 400 ضحيه، تعرفوا عليك من تحليل الـ DNA.

هل تستطيع السباحه؟، وحتي ان كنت تستطيع فماذا ستفعل وانت في عرض البحر عوامٌ، وانت تشاهد والدتك تلفظ انفاسها الاخيره، تتشبثُ يداها بالماء، فتفشل فينقشع وجهها من اعلي السطح الي قاعه، هذا مصيرك قريبًا، حاول وجازف وصارع الموج، اشرب من ماء البحر كثيرًا حتي يمتلئ جوفك، فُقدت السيطره علي اناملك، الي متي ستستمر الاقدام في الرفس، املا في النجاه، وكم راسًا ستنقشع وتختفي من علي ظهر البحر، وكم روحًا ستفيئ الي بارئها، رويدًا رويدًا سينقشع راسك ايضًا وانت تُصارع، متذكرًا اولادك وزوجتك، تدعو لهم بالستر والنجاه، حتي وان لم يُنجيك، اتبكي والدتك، ام تبكي حال اسرتك التي صارت وحيده، ينقشع راسك ويُغطيه الماء، يبدو انك احد الضحايا الـ 440 الذين ابتلعتهم المياه، وملات جوفهم، في حوادث العبارات العديده 25 مايو 1983، 15 ديسمبر 1991، 17 اكتوبر 2005 و 3 فبراير 2006.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل